منوعات

حطام سفينة أبحرت بين مصر وإسطنبول تكشف زمن “مولد العولمة”.. فكرة المجتمع الراقي والكياسة لم تبدأ بالغرب

استطاع فريق علماء آثار بريطاني إعلان اكتشاف مذهل: أسطول من حطام السفن الهلنستية والرومانية والإسلامية والعثمانية التي فُقدت على عمق كيلومترين تحت أمواج حوض الشام بين القرنين الثالث قبل الميلاد والتاسع عشر، وفق تقرير صحيفة The Guardian البريطانية.

هذا الاكتشاف جاء بعد 7عقود تقريباً، من بدء علماء الآثار البحث في شرق البحر الأبيض المتوسط عن حطام سفن الشحن القديمة العظيمة التي غرقت عبر التاريخ.

شون كينجسلي، مدير مركز Centre for East-West Maritime Exploration، وعالم الآثار بمشروع Enigma Shipwrecks Project -مشروع (ESP)- لاكتشاف حطام السفن الغارقة، قال لصحيفة The Observer: “هذا الاكتشاف رائد، وهو من أروع الاكتشافات تحت سطح البحر المتوسط”.

استخدمت أعمال التنقيب الطموحة بالمشروع تقنية روبوتية متطورة للغاية تعمل عن بُعد، لبحث الاكتشافات وتسجيلها. ويعتقد الخبراء المشاركون في المشروع أن بعض تلك الاكتشافات قد تُعيد كتابة التاريخ.  

يرجع حطامٌ مُكتشَف لسفينة عثمانية تجارية من القرن السابع عشر وُصفت بأنها “عملاقة”، إذ كانت كبيرة بحيث يسع سطحها سفينتين من الحجم الطبيعي. وقد ضمت حمولتها مئات التحف التي تنتمي إلى 14 ثقافة وحضارة مختلفة، وضمن ذلك أقدم خزف صيني يُعثر عليه في حطام بالبحر المتوسط، وأباريق مطليَّة من إيطاليا، والفلفل الحصى من الهند. بحسب مشروع “ESP”، فإن السفينة تكشف طريقاً بحرياً لم يكن معروفاً سابقاً لتجارة الحرير والبهارات من الهند إلى بلاد فارس عن طريق البحر الأحمر وصولاً إلى شرق البحر المتوسط.

تُعدُّ تلك السفينة -التي يُعتقد أنها غرقت نحو عام 1630 في أثناء إبحارها بين مصر وإسنطبول- بمثابة كبسولة زمنية تحكي قصة بداية العولمة في العالم. قال كينجسلي: “البضائع والممتلكات المكتشفة التي تعود إلى 14 ثقافة وحضارة تتراوح بين الصين والهند والخليج والبحر الأحمر، وشمال غرب إفريقيا وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال وبلجيكا، هي بضائع كوزموبوليتانية إلى حدٍّ كبير بالنسبة إلى الشحن البحري قبل الحديث في أي فترة”.

أضاف: “هذه السفينة التي يبلغ طولها 43 متراً وتبلغ حمولتها 1000 طن هي أحد أروع الأمثلة على التقانة البحرية وعلى التجارة في جميع المحيطات. فحجمها يتناسب مع قدر حمولتها”.

يضم الخزف الصيني 360 كوباً وطبقاً مزخرفاً، بالإضافة إلى زجاجة مصنوعة بأفران جينغدتشن في عهد تشونغزين، آخر إمبراطور في سلالة مينغ الحاكمة. كانت تلك الزجاجات مصممة لاحتساء الشاي، ولكن العثمانيين استخدموها لشرب القهوة، لينتشر هذا التقليد عبر الشرق. أيضاً، كانت هناك غليونات التبغ الطينية العثمانية مخبّأة في قاع المخزن، وهي الأقدم التي يُعثر عليها في البر أو البحر. ربما كان الاتجار فيها غير مشروع، لأنه كان هناك حظر شديد على تدخين التبغ.

قال كينجسلي: “من خلال تدخين التبغ وشرب القهوة بالمقاهي العثمانية، ظهرت فكرة الاستجمام والمجتمع الراقي بالعالم. قد يظن الأوروبيون أنهم من أوجدوا مفاهيم الكياسة، ولكن أكواب القهوة والأواني المحطمة تبرهن على أن (الشرق) كان رائداً وليس راكداً. وقد فتح أول مقهى في لندن أبوابه عام 1652 فقط، أي بعد قرن من ظهور المقاهي بالمشرق”.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى