تقارير وملفات إضافية

ليست سوى مناورة إماراتية مصرية لإنقاذه.. كواليس دعوة حفتر لإسقاط العملية السياسية، بينما ينادي برلمانه بالحوار

يبدو أن اللواء المتقاعد خليفة حفتر أصبح في وضع صعب حالياً، خصوصاً وأنه يواجه ضغوطاً داخلية وخارجية كبيرة في أعقاب الهزائم الكبيرة التي تكبدها وتقدم قوات حكومة الوفاق الوطني.

فمن ناحية، يواجه حفتر ضغوطاً من حلفائه الخارجيين للذهاب إلى الحل السياسي، ومن ناحية أخرى بدأت تظهر بوادر الانشقاق وسط القبائل المؤيدة له، بعد تأكدها من تقهقر حفتر عسكرياً وعدم إمكانية دخوله لطرابلس.

من هنا، تأتي مبادرة رئيس مجلس نواب طبرق التابع لحفتر الأقل تشدداً، للحل السياسي، والتي تتكامل مع مبادرة حفتر الأكثر تشدداً، بإسقاط اتفاق الصخيرات. هذا التكامل هو ما تعكسه الخطة البديلة التي تسعى من خلالها الدولة الداعمة إلى إنقاذ حفتر وإبقائه بالواجهة.

وذكر مصدر عسكري ليبي لـ “عربي بوست” أن فرنسا وروسيا تمارسان ضغوطاً على اللواء المتقاعد خليفة حفتر ورئيس مجلس نواب طبرق عقيلة صالح للقبول بوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب والذهاب إلى الحل السياسي.

ويأتي هذا عبر تطبيق “خطة إماراتية بديلة أشرف عليها مستشارون مصريون” لضمان بقاء حفتر في المشهد الجديد، بعد أن بدأ عسكرياً يخسر مواقعه التي كان قد سيطر عليها غرب ليبيا.

وكانت فرنسا قد منحت حفتر مهلة حتى نهاية شهر أبريل/نيسان الجاري لدخول طرابلس، وذلك في أعقاب رفض خليفة حفتر دعوة الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون إلى قصر الإليزيه، في مارس/آذار 2020، من أجل تطبيق وقف إطلاق النار، وهو ما كان قد رفضه خليفة حفتر في برلين، وقبل ذلك في موسكو.

بينما انعكست الضغوط الروسية في إعلان المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، الخميس 23 أبريل/نيسان، أن الهدنة التي أعلنت في يناير/كانون الثاني 2020 في ليبيا لم تعد تحترمها الأطراف المتحاربة، وأن الأحداث الأخيرة “تثير قلقاً كبيراً”.

وأضاف: “في هذه الحالة أكثر من أي وقت مضى، هناك حاجة ملحة إلى تكثيف جهود المجتمع الدولي لتعزيز تسوية سياسية للأزمة الليبية التي طال أمدها”.

من جانب آخر، يتعرض خليفة حفتر لمزيد من الضغوط الداخلية مع تقدم قوات حكومة الوفاق الوطني، المعترف بها دولياً.

وذكر مصدر عسكري بمناطق شرق ليبيا، أن بوادر تمرد بدأت تظهر في المنطقة الشرقية بعد بداية انهيار مشروع حفتر العسكري غرب ليبيا.

وأوضح المصدر أنه بعد الهجوم الأخير الذي تشنه حكومة الوفاق الوطني على مدينة ترهونة، (المعقل الأكبر لحفتر غرب طرابلس)، قامت بعض القيادات الاجتماعية للقبائل في المنطقة الشرقية بالتواصل مع قيادات مماثلة في الغرب الليبي.

وقال المصدر إن مجموعة من الضباط التابعين لقوات حفتر سربت بالفعل معلومات عسكرية لضباط من الجيش الليبي التابع لحكومة الوفاق، كبادرة للانشقاق عن خليفة حفتر، كان آخرها تسريب معلومات عن قيام مجموعة من القوات المصرية بعملية نوعية لوجستية في محور الخلة جنوب طرابلس.

انعكست هذه الضغوط بشكل واضح على حفتر والقيادات السياسية في الشرق الليبي. فبعد خسائره في الغرب الليبي واضطراره إلى العودة من حيث بدأ، خرج خليفة حفتر يوم الخميس 23 أبريل/نيسان، داعياً لإسقاط اتفاق الصخيرات السياسي والمجلس الرئاسي المعترف به دولياً.

وطالب حفتر الليبيين في كلمة متلفزة “بالخروج وإسقاط الاتفاق السياسي واختيار الجهة التي يرونها مناسبة لقيادة المرحلة والقوات المسلحة ستكون الضامن في حماية اختياراتهم”، متهماً المجلس الرئاسي بقيادة فائز السراج بارتكاب عدد من الجرائم التي ترتقي إلى الخيانة، على حد تعبيره.

جاء هذا بعد وقت قصير من طرح رئيس مجلس النواب الليبي في طبرق التابع لحفتر، عقيلة صالح، خارطة طريق لحل الأزمة الليبية.

وبحسب المصادر فإن هذه الخارطة جاءت من خلال الخطة الإماراتية البديلة التي أشرف عليها مستشارون مصريون.

وأوضحت المصادر أيضاً أن داعمي حفتر، الإمارات ومصر وروسيا وفرنسا، يعرفون أن استمرار التقدم العسكري لحكومة طرابلس سيعني انهياراً سريعاً لقوات حفتر وهو ما يعني سقوط الأخير.

وتضمنت الخارطة أن يتولى كل إقليم من أقاليم ليبيا الثلاثة على حدة، اختيار من يمثله بالمجلس الرئاسي بالتوافق، أو بطريقة الاختيار السري تحت إشراف الأمم المتحدة.

وأضاف صالح أن المجلس الرئاسي يقوم بعد اعتماده بتسمية رئيس الوزراء ونواب له يمثلون الأقاليم الثلاثة، لتشكيل الحكومة، ويتم عرضها على مجلس النواب لنيل الثقة، ويكون رئيس الوزراء ونائباه شركاء في اعتماد قرارات مجلس الوزراء.

وأشار صالح إلى أن من مهام المجلس تشكيل لجنة من الخبراء والمثقفين، لوضع وصياغة دستور للبلاد بالتوافق، يتم بعدها تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية، تنبثق عن الدستور المعتمد الذي سيحدد شكل الدولة ونظامها السياسي.

ويرى مراقبون أن فرضية التنسيق بين حفتر الذي يطرح دعوته العسكرية الأكثر تشدداً، وعقيلة صالح الذي يطرح مبادرة سياسية أقل ضرراً، هي الرؤية التي يراها داعمو حفتر كخطة بديلة لمنع سقوط حفتر.

وستفتح هذه الخطة أفق الحل السياسي وتضمن بقاء حفتر في قيادة الجيش، وله حق اختيار وزير الدفاع في الحكومة المقبلة.

لكن هذا يتنافى مع رؤية حكومة الوفاق الوطني في التعاطي مع المبادرتين، كما جاء على لسان وزير داخلية حكومة الوفاق فتحي باشاغا الذي صرح في مؤتمر صحفي، قائلاً: “لن يكون هناك سلم أو أي حوار مع حفتر ولن نسمح بأن يكون هناك نظام عسكري ديكتاتوري”.

واعتبر المحلل السياسي عمر التهامي، أن دعوة خليفة حفتر لتفويضه شعبياً ليست أمراً جديداً، فالكل في شرق ليبيا يتحدث عن تغيير السلطة في المجلس الرئاسي وإعادة النظر في الاتفاق السياسي كمرجعية دستورية وحيدة في هذه المرحلة، وضرورة التوجه نحو دستور جديد عن طريق المسودة التي قدمت لمجلس النواب في يوليو/تموز 2017، أو من خلال أي وثيقة دستورية جديدة تدفع ليبيا لمرحلة انتقالية أخرى، وانتخاب سلطات جديدة تمنح الليبيين فرصة اتخاذ قراراتهم وأن تكون السلطات الجديدة ممثلة لكافة الشعب الليبي.

وأضاف الهامي لـ “عربي بوست” أن دعوة خليفة حفتر هي طرح مكمل لمبادرة رئيس مجلس نواب طبرق عقيلة صالح، معتبراً أن المبادرة حددت ملامح التغيير بشكل واضح للسلطة الجديدة وذلك بتشكيل مجلس رئاسي جديد، مع الاحتفاظ بصلاحيات مجلس النواب في طبرق برعاية الأمم المتحدة.

وقال المحلل السياسي محمد فؤاد إن المبادرة التي طرحها عقيلة صالح ليست جديدة بل هي ذات المبادرة التي قدمها المبعوث السابق للأمم المتحدة في ليبيا غسان سلامة.

واعتبر في حديثه لـ “عربي بوست” أن خروج عقيلة وحفتر بمبادرتين في ذات اليوم لا يوحي بوجود خلاف بين الاثنين، بل يعطي انطباعاً بوجود تنسيق أو على الأقل أن من يدير المشهد هو من يقوم بالتنسيق في موقف الاثنين.

وأضاف “لا شك بأن داعمي حفتر يعلمون جيداً ان مشروعه قد يكون على وشك الانهيار، وأن السيطرة على العاصمة أصبحت من شبه المستحيل، خصوصاً بعد التدخل التركي الذي لن يمحى بسقوط طرابلس.

ويشغل هذا القرار التركي والعمليات العسكرية الأخيرة التي يقوم بها الجيش الليبي التابع لحكومة الوفاق الوطني، داعمي حفتر كثيراً وعلى رأسهم الإمارات ويجعلهم على ثقة تامة بأن المشروع العسكري شبه منته ولابد لهم من الانتقال للخطة “ب”، وتقديم مشروع سياسي.

وأوضح فؤاد أن الحديث الآن على وقف إطلاق النار والرجوع للمفاوضات لن يتحقق إلا بانسحاب حفتر نهائياً إلى المنطقة الشرقية.

هذا يعني أنه لن يحصل على الأموال الكافية التي يطالب بها مؤيدو حفتر في المنطقة الشرقية عبر توحيد المصرف المركزي في الشرق والغرب واتخاذ مقر جديد له في البيضاء.

هذا الأمر سيضع حفتر في مشاكل حقيقية أمام تلك القبائل التي دعمته وستكون نهاية مشروع حفتر حتى في المنطقة الشرقية.

وأكد محمد فؤاد أن الدور المصري في الملف الليبي “متخبط”، وهذا ما جعل القاهرة في خلاف مع أبوظبي التي كانت تعمل على إقحام الجيش المصري بشكل علني وواضح في المعارك التي تدور في ليبيا لمقارعة التدخل التركي بالرغم من وجود مجموعات من القوات الخاصة المصرية في صفوف حفتر بالفعل.

لكن هذه العلنية تتنافى مع الرؤية المصرية للملف الليبي بالرغم من تأثير الإمارات والسعودية على الدبلوماسية المصرية.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى