تقارير وملفات إضافية

“لا مشكلة في موت بعض مواطنينا بكورونا”.. كيف قسّم ترامب أمريكا لمناطق متعادية للفوز بالانتخابات؟

هناك أشياء أهم من الحياة، و”فيروس كورونا مشكلة نيويورك وليس مشكلتنا”.. أصبح الخلاف حول إغلاقات كورونا في أمريكا يقسّم البلاد بشكل يهدد بحدوث توترات في الشارع، يغذّيه التحريض الذي يقوم به الرئيس دونالد ترامب.

انقسمت الولايات المتحدة يوماً لشطرين، بسبب الخلاف حول إلغاء العبودية في بداية النصف الثاني للقرن التاسع عشر، ولأكثر من قرن تالٍ ظلّ الخلاف حول العنصرية تحديداً يقسم البلاد بين ولاية ليبرالية ومحافظة.

وأصبح الخلاف حول إغلاقات كورونا يكرر بتكرار الانقسام القديم بين الولايات الليبرالية والمحافظة.

فبينما تعتبر نيويورك الليبرالية واحدة من أكبر بقاع الأرض تضرراً من فيروس كورونا، فإن هناك مناطق أمريكية أغلبها محافظة تكاد تكون خالية من الفيروس تقريباً.

في هذه المناطق يتساءل المواطنون المحافظون لماذا نفقد وظائفنا بسبب مشكلة توجد أساساً في نيويورك.

ولكن ما يؤجج الخلاف حول إغلاقات كورونا أنه خلاف مناطقي وسياسي في نفس الوقت، ولكن الأسوأ أن الرجل الذي يفترض أن يوحد الأمة في الأزمات يستغل منصته على تويتر لتأجيج الخلافات.

وأصبحت مسألة وقت إعادة فتح اقتصاد الدولة سياسية بشكل متزايد، ما يضع دونالد ترامب في بعض الأحيان على خلاف مع كبار مسؤولي الصحة العامة والمبادئ التوجيهية الفيدرالية.

فقد ضغط ترامب من أجل رفع سريع للقيود المفروضة على الأنشطة الاجتماعية والتجارية في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وتحدّث الأسبوع الماضي عن المتظاهرين المدعومين من الجناح اليميني ضد أوامر الإقامة في المنزل، باعتبارهم “أشخاصاً مسؤولين”، في خطوة غير عادية للغاية، لتشجيع العصيان المدني على انتهاك المبادئ التوجيهية الحكومية، وسط حالة الطوارئ الوطنية.

ترفض كريستي نواك، حاكمة ولاية داكوتا الجنوبية، فرض أمر البقاء في المنزل. هو موقف يدعمه الكثيرون من سكان ولايتها ومنطقة الغرب الأوسط الأمريكية المشهورة بمزارع القمح والذرة الشاسعة.

نويم من المؤيدين المتحمسين للرئيس ترامب، وهي تؤكد التزامها بعدم السماح لوباء فيروس كورونا بالتدخل في الحريات الأمريكية.

وقالت لشبكة فوكس نيوز: “لقد أقسمت عندما كنت في الكونغرس على دعم دستور الولايات المتحدة”. “أنا أؤمن بحرياتنا. ما رأيته في جميع أنحاء البلاد هو أن الكثير من الناس يتخلون عن حرياتهم من أجل القليل من الأمن، وليس عليهم القيام بذلك”.

في هذه المناطق الأمريكية التي أسسها مهاجرون بقوة السلاح، وكان القانون والحكومة مجرد وسيط لتنظيم الخلاف بين حاملي البنادق، فإن هناك عقيدة راسخة تتخوف من تعدي الحكومة على الحريات.

ما يزيد من حدة رفض الإغلاقات في ولاية داكوتا الجنوبية ومناطق أخرى في الغرب الأوسط تزايُد البطالة، مع الشعور بأن الوباء هو أكثر مشكلة خاصة بمدينة نيويورك.

وتجاوزت حالات الإصابة بكورونا المؤكدة في الولاية 1600 حالة في نهاية الأسبوع، لكن 85% تركزت في مقاطعة مينهاها، موطن مصنع سميثفيلد للحوم وهو مغلق الآن. المصنع وحده مسؤول عن 777 حالة إصابة معروفة وواحدة من سبع وفيات في الولاية.

ورغم دعوة قادة جمهوريين للإغلاق، فقد رفضت حاكمة الولاية ذلك.

تنقل صحيفة The Guardian البريطانية عن البروفيسور جون شاف، عالم السياسة في جامعة نورثرن ستيت، أن موقف نويم كان مدفوعاً في الغالب بالتزام أيديولوجي تدعمه غالبية سكان ساوث داكوتا.

قال شاف: “هناك أيديولوجية حاكمة تنص على أن الناس أحرار في اتخاذ قراراتهم بأنفسهم، وإذا أراد الناس المشاركة في بعض السلوكيات التي سيتم تقييدها في أجزاء أخرى من البلاد، فلن يتم تقييدهم هنا”.

ولكن الجغرافيا هنا لها دور في عدم تفشي كورونا بشكل كبير وشعور الناس بالأمان النسبي.

فعلى عكس نيويورك، التي تعد أكثر مناطق أمريكا كثافة، فإن كثيراً من مناطق الغرب الأوسط تتسم بكثافة سكانية متدنية للغاية، وهو ما يجعل انتشار المرض فيها بطيئاً نسبياً.

تحديداً ولاية داكوتا الجنوبية تعد نموذجاً متطرفاً للكثافة السكانية المتدنية للغرب الأوسط الأمريكي.

تبلغ مساحة الولاية نحو 200 ألف كيلومتر مربع، أي مساحتها أكبر من بنغلاديش، أو ما يعادل ربع مساحة مصر، بينما عدد سكانها 884 ألفاً، أي بكثافة سكانية 4.42 نسمة في الكيلومتر المربع.

البروفيسور جون شاف يعيش في أبردين، ثالث أكبر مدينة في الولاية، ويبلغ عدد سكانها 26000 نسمة فقط.

يقول: “عليك القيادة لمسافة 100 ميل للوصول إلى مدينة أخرى يسكنها 25000 شخص. أقرب جار لنا على بعد خمسة أميال، ولدينا مقاطعات بأكملها لا تحتوي على أي حالات إصابة بكورونا. أعتقد أن هذا هو حقاً ما يدفع حاكمة الولاية لهذا الموقف.

بينما تواجه مقاطعة مينهاها المزيد من الإصابات، فإن ثلث مقاطعات داكوتا الجنوبية البالغ عددها 66 ليس لديها حالات على الإطلاق. قال مايكل كارد، عالم السياسة في جامعة ساوث داكوتا: “أعتقد أن هناك تساؤلات متزايدة حول مدى خطورة الفيروس ومدى فتكه”. “في ولايتنا، قمنا بخفض نصف التقديرات التي توقعت ذروة دخول المستشفيات في منتصف يونيو/حزيران 2020”.

وهذا يعكس تساؤلات أوسع في مناطق الغرب الأوسط كلها. هناك تشكك في الإغلاقات في أجزاء من المنطقة لم تتضرر بشدة من الإصابات والوفيات، ولكنها تتحمل تكلفة اقتصادية شديدة، بما في ذلك أعداد كبيرة من الأشخاص الذين أصبحوا عاطلين عن العمل.

ليس هناك بالضرورة تشكيك في العلم، لكن ولايات مثل أيوا وكانساس ونبراسكا بالغرب الأوسط يمكن أن تحصي العشرات من الأرواح المفقودة بسبب كوفيد 19، بينما ارتفعت البطالة إلى الملايين.

وفي داكوتا الجنوبية تحديداً تعرّضت أكبر صناعتين لها، وهما الزراعة والسياحة، لضربة شديدة ولا يبدو من المرجح أن تتعافى لأشهر.

يتزامن موقف حاكمة الولاية أيضاً مع دعمها الثابت لترامب، الذي لن يسبب لها أي ضرر سياسي في داكوتا الجنوبية، حيث لا يزال الرئيس يتمتع بشعبية.

لكن شاف قال إن نويم سيحكم عليه في نهاية المطاف بناء على مدى تضرر داكوتا الجنوبية من الفيروس. وقال: “كون أنه ليس لدينا تفش كبير في معظم داكوتا الجنوبية لا يعني أنه لا يمكن أن يحدث تفشٍّ مفاجئ وبسرعة كبيرة”.

وحتى في الولايات الديمقراطية فإن الساسة الجمهوريين يحاولون فرض وجهة نظر ترامب على الحكام الديمقراطيين.

ففي ولاية ويسكونسن رفع قادة الولاية الجمهوريون دعوى قضائية ضد الحاكم الديمقراطي توني إيفرز، متحدين أمره بالبقاء في المنزل لاحتواء تفشي الفيروس التاجي.

يأتي ذلك رغم أن مسؤولي الصحة في ولاية ويسكونسن قالوا إنهم حددوا سبعة أشخاص على الأقل ربما أصيبوا بالفيروس التاجي جراء المشاركة في انتخابات 7 أبريل/نيسان.

وهذه هي الحالات الأولى من نوعها بعد قرار ويسكونسن المثير للجدل بالمضي قدماً في التصويت الشخصي وسط وباء، على الرغم من القلق الواسع الانتشار بشأن مخاطر الصحة العامة.

ولا يزال مسؤولو مدينة ميلووكي بالولاية يجمعون المعلومات من حوالي 70% من الأشخاص الذين أثبتت نتائجهم الإيجابية منذ الانتخابات.

جرت الانتخابات التي شملت الانتخابات التمهيدية الرئاسية، وكذلك السباق أمام المحاكم العليا في الولاية والمكاتب المحلية، بعد صراع قانوني بين الديمقراطيين والجمهوريين.

بقي الآلاف من ناخبي ولاية ويسكونسن في منازلهم غير راغبين في المخاطرة بصحتهم، وغير قادرين على الاعتماد لأن بطاقات الاقتراع الغيابية المطلوبة لم تصل أبداً.

أما في تكساس التي تعد ثاني أكبر ولايات أمريكا من حيث السكان، وأكبر ولاية ديمقراطية، ومعقل المحافظين وثقافة رعاة البقر، كان موقف حاكم الولاية الجمهوري صادماً.

فقد دعا حاكم ولاية تكساس دان باتريك إلى إعادة فتح ولايته والبلاد في وقت متأخر، قائلاً إن هناك “أشياء أكثر أهمية من الحياة”، وأضاف أن “كل حياة لها قيمة”، ولكن لا ينبغي إغلاق تكساس، لأن نسبة صغيرة من السكان يموتون”.

وقال باتريك لقناة فوكس نيوز اليمينية، يوم الإثنين الماضي “هناك أشياء أكثر أهمية من العيش، وهذا ينقذ هذا البلد لأطفالي وأحفادي، وينقذ هذا البلد لنا جميعاً”.

وقال: “أعتقد فقط أن هناك الكثير من الأجداد في هذا البلد مثلي -لدي ستة أحفاد- ما نهتم به جميعاً وما نحبه أكثر من أي شيء آخر هو هؤلاء الأطفال وإنقاذ البلد”.

وأضاف: “لا أريد أن أموت. لا أحد يريد أن يموت، ولكن يجب أن نتحمل بعض المخاطر والعودة إلى العمل وإعادة هذا البلد إلى المضمار.”

وأشار إلى أنه سبق أن قال إن الدولة “لم يكن ينبغي إغلاقها على الإطلاق”.

وقال باتريك: “أنا ممتن لأننا بدأنا الآن في فتح ولاية تكساس وغيرها من الولايات لأن القرار تأخر كثيراً”.

وأضاف: “لا يمكننا تحمل هذا لفترة أطول”. “كل شهر نبقى مغلقين، سيستغرق الأمر شهرين إلى ثلاثة أشهر لإعادة البناء”.

وبلغ عدد سكان ولاية تكساس لعام 2019 حوالي 29 مليون شخص. وقد أصاب فيروس كورونا 19458 شخصاً، ما أدى إلى 495 حالة وفاة، وفقاً لإدارة الصحة بالولاية.

وقدم ما لا يقل عن 22 مليون شخص في الولايات المتحدة طلبات للحصول على إعانات البطالة في الأسابيع الأربعة الماضية، وفقاً لوزارة العمل، حيث أدت الجهود المبذولة لوقف انتشار الفيروس التاجي إلى إغلاق الشركات أو خفض العمليات في جميع أنحاء البلاد.

وفي المقابل، قال رئيس حزب تكساس الديمقراطي جيلبرتو هينوخوسا في بيان إن المسؤولين “سيعرضون سكان الولاية للخطر لإثراء أنفسهم ومحافظ أسهمهم”.

وقال هنوجوسا “إنهم سيرون أفراد عائلتنا يموتون لإنقاذ وول ستريت”، “حياة عائلاتنا وأصدقائنا ومجتمعاتنا ليس لها مبلغ بالدولار. لم يعد بإمكان الجمهوريين في تكساس أن يدّعوا أنهم الحزب المؤيد للحياة بعد الآن.

لكن الأمر لم يعد يقتصر على الخلاف السياسي والقضائي.

إذ يبدو أن اليمين الأمريكي وترامب يلجآن للشارع للترويج لوجهة نظر الرئيس بضرورة فتح البلاد.

ويستعد آلاف الأشخاص لحضور الاحتجاجات في جميع أنحاء الولايات المتحدة في الأيام القادمة، حيث تستمر حركة يمينية ضد أوامر البقاء في المنزل، بدعم من الجماعات المحافظة الثرية، والتي يروج لها دونالد ترامب.

ويطالب النشطاء المحافظون برفع الأوامر المصممة لوقف انتشار الفيروس التاجي، على الرغم من توصيات مسؤولي الصحة العامة.

وقام ترامب، الذي اشتبك مع حكام ديمقراطيين حول موعد إعادة فتح الاقتصاد الأمريكي، بالتغريد دعماً لهذه الاحتجاجات يوم الجمعة، في تأييد غير مسبوق للعصيان المدني من قبل رئيس موجود في الحكم.

وقد استوحى العديد من المسيرات المخطط لها من احتجاج في مبنى الكابيتول بولاية ميشيغان يوم الأربعاء الماضي، والذي حضره الآلاف.

ويبدو المشهد الذي حدث في ميتشيغان أشبه بالفوضى التي تحدث في أفلام هوليوود، التي تتناول كوارث متخيلة، حيث تفقد الحكومة السيطرة على مثيري الشغب.

ولكن ما لم تتخيله أفلام هوليوود أن أعمال الشغب تحدث بتشجيع من الرئيس نفسه.

ومع ذلك، في حين يدعي المنظمون أن الاحتجاجات هي مدفوعة من القاعدة الشعبية والناس، فإن المجموعتين اللتين تقفان وراءها ترتبط بعلاقات مع الحزب الجمهوري وإدارة ترامب.

إذ إن نظرة فاحصة تكشف أن وراءها حركة مدفوعة بمجموعات يمينية تقليدية، بما في ذلك حركة تمولها عائلة وزيرة التعليم، بيتسي ديفوس، حسب صحيفة The Guardian.

وغالبية الأمريكيين يؤيدون عمليات الإغلاق، حيث وجد استطلاع مركز بيو للأبحاث أن 66% قلقون من أن حكومات الولايات سترفع القيود على النشاط العام بسرعة كبيرة، لكن الاحتجاجات، بمساعدة التغطية الإعلامية، انتشرت في جميع أنحاء البلاد.

ولكن هناك محاولة منظمة لإبراز مظاهرة ميتشغان.

إذ تلقى صندوق ميشيغان للحرية، الذي قال إنه كان أحد المشاركين في استضافة المسيرة، أكثر من 500 ألف دولار من عائلة ديفوس، وهي جهة مانحة منتظمة للمجموعات اليمينية.

واشترى صندوق الحرية ميشيغان إعلانات على Facebook للترويج لهذا التجمع. قام المتظاهرون الذين يلوحون كثيراً بعلامات حملة ترامب، بقرع أبواقهم، وهتفوا للحاكم جريتشين ويتمان لإنهاء قواعد البقاء في المنزل.

وتم تغطية الاحتجاج بشكل كبير من قبل وسائل الإعلام اليمينية.

وقامت قناة فوكس نيوز بتغطية مواتية لسباق ميشيغان، وأيّد المضيفون بمن فيهم لورا إنغراهام وجينين بيرو الاحتجاج، الذي تظاهر فيه نشطاء يمينيون حاملين أسلحتهم.

وهناك حركة أخرى في ولاية ميريلاند تسمى “في حين أن ReOpen Maryland” مرتبطة بأربع منظمات يمينية أخرى.

وقالت حركة ReOpen Maryland “إن الحكومة التي تفرض على المرضى البقاء في منازلهم تسمى بالحجر الصحي”. “ومع ذلك، فإن الحكومة التي تفرض على المواطنين الأصحاء البقاء في منازلهم، وتجبر الشركات والكنائس على الإغلاق، فإن ذلك يسمى الاستبداد”.

هذا النص مطابق للنص الموجود على صفحات Facebook التي تدعو إلى التجمعات في ولايات ويسكونسن وبنسلفانيا وفرجينيا.

وتهدف ReOpen Virginia إلى تنظيم مسيرة خاصة بها، مستوحاة مرة أخرى من حدث ميشيغان الممول من المحافظين.

وقالت كانديس أوينز، وهي ناشطة يمينية ومفضلة لترامب، على اتصال لمناقشة الحدث، إن تغريدة الرئيس عن “تحرير” فرجينيا كانت “رائعة”.

لا يعد ولع ترامب ومؤيديه بفتح البلاد ناتجاً فقط عن خوفهم على الاقتصاد، أو أن مناطق النفوذ اليميني الأمريكي، خاصة الريفية، أقل تضرراً من الفيروس، ولا لأنهم يتشككون بالعلم ويعتقدون أن الخبراء يبالغون.

ولكن يبدو أن ترامب يعتبر أن الحملة على فيروس كورونا هي حملة ليبرالية الهوى.

والأهم أن التركيز على محاربة الفيروس يجعل المعيار الأساسي في الانتخابات مواجهة الحكومة للجائحة، وهي مسألة كان أداء ترامب فيها محل انتقادات كبيرة، بل إن هناك استطلاعات بأن الأمريكيين لا يثقون في أدائه في مسألة مكافحة كورونا تحديداً.

والمفارقة في هذا الإطار أن استطلاعات الرأي تشير إلى أن أغلب الأمريكيين يقولون إنهم يثقون في ترامب أكثر من منافسه بايدن في إدارة أزمة فيروس كورونا، ولكنهم يرون أن الرئيس السابق باراك أوباما كان سيكون أكفاً من ترامب في إدارة الأزمة.

وبالتالي فإن رغبة ترامب الجامحة في إنهاء الإغلاقات ليست نابعة فقط من رغبته في حماية إنجازه الرئيسي، وهو النجاح الاقتصادي، قبل أن يعاني من مزيد من التآكل بسبب استمرار الإغلاقات، ولكن أيضاً لأنه لا يريد أن يجعل كورونا موضوع الانتخابات الرئيسي، لأنه يمثل نقطة ضعف كبيرة له أمام قطاع الناخبين.

وفي مواجهة الرفض الشعبي في العديد من الولايات لنيته تخفيف الإغلاقات المشوب بتحفظ الخبراء، قرر ترامب اللجوء إلى ظهيره اليميني المتطرف لمساعدته في مواجهة انتقادات الإعلام الليبرالي.

والأهم أن ترامب خاطب مشاعر الإحباط والارتباك الموجودة لدى قطاع كبير من سكان ولايات الغرب الأوسط والجنوب الأقل تضرراً من المرض، ولكن الأكثر معاناة من تداعياته الاقتصادية، معرضاً الأمة الأمريكية للانقسام في وقت خطير.

والأخطر يبدو أن ترامب يريد المضي قدماً والسعي لإطلاق حملات انتخابية رغم ما فيها من مخاطر صحية جراء التجمعات.

إذ يبدو أن الرئيس يسعى إلى إعادة فتح الاقتصاد وتمهيد الطريق لاستئناف جهود حملته، وخلق معضلة لخصمه المفترض، نائب الرئيس السابق جو بايدن.

وبهذا يكسب نقطتين.

الأولى: الاستفادة من زخم الحملات الانتخابية لاستعادة شعبيته والتركيز على استجابته للجائحة.

الثانية: في حالة ردّ منافسه بايدن بحملات مماثلة، فإن هذا سيُمثل أزمةً أخلاقية للديمقراطيين، لأنهم ينتقدون استهتار ترامب بقواعد التباعد الاجتماعي، وفي حال التزموا بها فإن غياب الحملات الانتخابية أو ضعفها سيُضعف فرص بايدن في مواجهة رئيس لا يتوقف عن الترويج لنفسه في ذروة الأزمة.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى