آخر الأخبار

لقاء المصارحة.. تفاصيل ما دار في لقاء ميشال عون ووليد جنبلاط

لم يكن لقاء المصارحة الذي جمع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط مع رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون مفاجئاً للمطَّلعين على كواليس لقاءات سبقت الاجتماع، على خلفية التوتر السياسي الذي شهدته البلاد من خلال التصعيد بين الحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الوطني الحر.

جنبلاط صاحب السقف المرتفع بالمواجهة في عهد عون وصهره جبران باسيل، هو صاحب دعوة الحوار، والذي يرغب في ترتيب الخلاف مع التيار الوطني الحر.

تتحدث مصادر مقربة من جنبلاط لـ”عربي بوست”، أنه وقبل اللقاء أجرى سلسلة اتصالات مع حلفائه الممتعضين من ممارسات الحكومة والتيار الوطني الحر، وهم رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة السابق سعد الحريري ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، أخبرهم بأنه سيلتقي عون؛ لتخفيف الاحتقان الذي قد يؤدي إلى انفجار في الشارع، خاصةً أن أيادي خفية تعبث في الشارع اللبناني منذ فترة، حسب اعتقاده.

يؤكد المصدر أن جنبلاط وخلال لقائه، قال لعون: “لا أطلب أي مطلب سياسي، وكفانا الحديث عما جرى في الماضي، لأن الزمن قد تغيَّر وتحوَّل، ولبنان على شفا الانهيار، ولا مجال للدخول في مناكفات قروية بمنطقة الشوف”.

وشدد جنبلاط على رفض التوتر والحفاظ على المصالحة، في المقابل أبدى عون حرصه على التواصل مع جنبلاط ومع الجميع.

في نهاية اللقاء، أقرّ جنبلاط بـ”وجود خلاف مع ​التيار الوطني الحر​، لكنه طالب بتنظيم هذا الخلاف وتحسين العلاقة” .

وأضاف: “لست ساعياً لتغيير الحكومة، وقد شهدنا في التجارب الماضية الوقت الهائل الضائع في عملية تشكيل الحكومة. واليوم، الوضع ليس مناسباً”.

ولفت جنبلاط إلى أن “الأمر الإيجابي أننا سنتوجه إلى صندوق النقد الدولي، على أن نتفاوض بجدية، وأن نخفف من وطأة الأزمة الاقتصادية الاجتماعية”.

يؤكد المصدر أن جنبلاط أبلغ عون أن مجموعة في التيار الوطني الحر الذي يقوده الوزير السابق غسان عطا الله وآخرون، يصرّون على استمرار الاحتقان في المشهد السياسي، وهذه الممارسات تتم بعلم الوزير جبران باسيل، الذي لم يوقف هذه الأعمال التي أثارت غضب شريحة كبيرة من أهالي جبل لبنان ومنهم مطارنة الطائفة المارونية الذين باتوا يخشون على مصير المصالحة، في حال استمرت ممارسات المتهورين بتيار باسيل.

وعد عون بإيقاف كل أشكال الاستفزاز والخطابات التحريضية، وأنه سيعمل على إجراء تطمينات للمواطنين في البلد.

يبرع وليد جنبلاط دائماً في مقاربة الملفات اللبنانية بذكاء، إذ يمتلك الرجل معلومات تغيب عن بقةي الأفرقاء، بسبب شبكة ممتدة في العلاقات سواء بالعالم العربي، أو روسيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية.

ويُظهر الرجل مقدرةً على استشراف التحديات والصعاب التي تعيشها الطائفة الدرزية، فتبدو خطواته مفاجئة للحلفاء قبل الخصوم.

قبل 15 يوماً تقريباً وبعد تصريح جنبلاط التصعيدي تجاه الحكومة ورئيسها حسان دياب، اجتمع السفير الفرنسي في بيروت برونو فوشيه، الذي تقف حكومته موقفاً إيجابياً من حكومة حسان دياب، مع جنبلاط في منزل الأخير.

استمع الرجل من جنبلاط إلى رؤيته للواقع الحكومي والسياسي، وبرر الرجل لفوشيه موقفه التصعيدي من الحكومة، ووعد فوشيه بأنه سيتابع الملف مع بقية الفرقاء، ودعا جنبلاط إلى تخفيف حدة مواقفه؛ كي لا تتكرر أحداث جبل لبنان وتؤدي إلى مزيد من الاحتدام.

بعدها زارت نائبة رئيس الحكومة ووزيرة الدفاع زينة عكر، جنبلاط بمنزله في بيروت؛ للوقوف على رأيه فيما هو مطلوب من الحكومة، فأجابهم جنبلاط: “ما بدّي شي، سبق وأخذت قراراً بالمعارضة. وأنتم تسألونني عن رأيي وتعملون عكسه. كفوني شرّكم وأنا كافي العالم شرّي”.

وتابع: “البلد راح من أيدينا، والناس راح تنفجر بوجهكم، والأمر بدّو شغل، والشغل لا يكون بتعطيل التشكيلات القضائية والتعيينات المالية”. 

خرج الوفد باتفاق على استمرار التواصل، وقبل أيام قليلة حضر لزيارة جنبلاط رئيس غرفة الأوضاع في القصر الرئاسي العميد المتقاعد ويلسون نجيم، للحديث عن التوتر الحاصل في الجبل والشوف، ووجوب “معالجة الحساسيات الموجودة، وأن الرئيس عون لا يقبل أجواء الشحن القائمة، ويجب ضبط الخطاب وانعكاسه على الشارع من خلال تواصل مباشر وليس من خلال الإعلام”.

فأجاب جنبلاط: “لست أنا من بدأ التراشق الإعلامي ولا أنا من فتح إذاعة وصار يبث فيديوهات وأحاديث تحريضية”.

من يعرف ميشال عون ووليد جنبلاط يصل إلى نتيجة حتمية وهي أن الرجلين من الصعب أن يكونا يوماً في خط سياسي متشابه، تمتد الخصومة منذ عام 1988، حين أعلن عون انقلاباً وشكَّل حكومة عسكرية، وخاض حرب الإلغاء في جبل لبنان، يومها كان جنبلاط خصماً شديداً لعون حتى خروجه من لبنان.

عاد ميشال عون في عام 2005 إلى بيروت، وكان أول خطابات الرجل عند وصوله يتضمن أنه من أخرج النظام السوري من لبنان.

رد جنبلاط على عون بأن دماء رفيق الحريري هي التي طردت قوات الأسد من لبنان، ومن لحظتها كان الفراق السياسي بينهما سيد الموقف.

اختار عون، التحالف مع حزب الله؛ لتسهيل وصوله للرئاسة، واختار جنبلاط أن يتزعم فريق “14 آذار” الذي خرج منه جنبلاط عام 2009.

كان جنبلاط يفضّل خيار انتخاب سليمان فرنجية على ميشال عون، وكان البعض يتنبأ بأن باسيل هو من سيكون رئيس الظل لخلافة عمه ميشال عون.

سار جنبلاط مرغماً بخيار عون، وسبقه حليفاه سعد الحريري وسمير جعجع إلى الميدان، ولم يعد هنالك أمل بالتراجع، واستمر الصراع حتى عقب وصول عون، إلى أن انفجرت صيف العام الماضي، بأحداث منطقة قبرشمون والتي تسببت بزيارات جبران باسيل لمناطق نفوذ جنبلاط واستفزاز مناصريه بخطابات الهجوم عليه؛ وهو ما تسبب حينها في سقوط ضحايا من الجانبين.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى