آخر الأخبار

تطبيقات أربكت السعوديين.. المملكة أطلقت برامج لتتبُّع مرضى كورونا، لكنها خلقت الفوضى

في إطار مساعيها لمواجهة فيروس كورونا، طرحت المملكة العربية السعودية ستة تطبيقات مختلفة وموقعاً إلكترونياً لتقديم خدمات للمواطنين، لكن ذلك صنع حالةً من الفوضى والارتباك بين السعوديين مع تعدد المنصات التي تتعامل مع الجائحة.

حيث تتنافس التطبيقات التي طورتها وزارة الصحة والهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (SDAIA) وشركة خاصة واحدة على الأقل، على مساحة في الهواتف الذكية للمواطنين.

من ناحية أخرى فقد اشتكى المواطنون الذين تحدثوا إلى موقع Middle East Eye البريطاني شريطة عدم الكشف عن هوياتهم، من نقص التكامل الضروري للبيانات، وانتقد البعض الاستجابة التكنولوجية المتأخرة للمملكة.

انتشار تطبيق “توكلنا”: فمن بين التطبيقات الستة، يعتبر تطبيق “توكلنا” التطبيق الوحيد الذي يبدو أن السعوديين يقبلونه على نطاق واسع. 

والتطبيق، الذي طوَّرته الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي، يحظى بشعبية بفضل فائدته في أثناء حظر التجول. فمن خلال تطبيق “توكلنا”، بإمكان السكان طلب تصريح للتنقل ومتابعة تصاريحهم، وينبِّههم أيضاً إذا كانوا قريبين من المناطق المصابة أو المعزولة.

ومع ذلك، قال أحد العاملين في المؤسسات الخيرية بالرياض، إن الحكومة تأخرت في إطلاق “توكلنا”، الذي طُرح في 5 مايو/أيار 2020، أي في منتصف شهر رمضان، بعد تخفيف مرحلتين من الإغلاق.

كذلك قال العامل الخيري: “عندما كان الناس يعانون من نقص الطعام، وكان العاملون بالمؤسسات الخيرية يجاهدون لإحضار الطعام  لهم، لم يكن التطبيق موجوداً”.

أضاف : “في ذلك الوقت، حاولت الحكومة حل هذه المشكلة من خلال إصدار أوراق تصاريح للمؤسسات”.

وكان على المؤسسات الخيرية التقدم بطلب للحصول على مثل هذه التصاريح لإرسال الطعام إلى الأشخاص العالقين في الإغلاق. واضطرت سفارة أجنبية في الرياض إلى الاستعانة بمصادر خارجية لتوزيع المواد الغذائية على سلسلة هايبر ماركت؛ بعد أن حوصر آلاف من مواطنيها في المملكة أو تُركوا دون طعام.

ظهور تطبيق تباعد: وفي حين يعطي تطبيق “توكلنا” انطباعاً بأنه يمكن استخدامه لتتبُّع المخالطة على نطاق واسع، طرحت هيئة البيانات والذكاء الاصطناعي تطبيق “تباعد“، وهو تطبيق مخصص حصراً لتتبُّع المخالطة، بعد شهرين.

وفي الفترة بين إصدار التطبيقين، خرجت وزارة الصحة بتطبيق “تِطَّمن“، الذي يتمثل دوره الرئيسي في متابعة حالات الأشخاص المعزولين.

حيث يساعد تطبيق “تطمن”، السعوديين في حجز “موعد لإجراء فحص كوفيد-19، ومعرفة نتائج الفحوصات، والتواصل مع 937 وطلب المساعدة، والاستبيان اليومي للحالة الصحية، وتحديث بيانات المخالطين لحالة إيجابية”، وفقاً لصفحة المعلومات الخاصة بالتطبيق.

هذا وقد أُطلقَ تطبيق “تباعد” يوم 14 يونيو/حزيران 2020. وقالت هيئة البيانات والذكاء الاصطناعي، إن التطبيق تم تطويره “بالتعاون الوثيق مع وزارة الصحة باعتباره التطبيق الرسمي لتتبُّع المخالطة في المملكة العربية السعودية”.

إصدار تطبيقين آخرين: وبعد يومين من تقديم “تباعد”، أشار المتحدث باسم وزارة الصحة، الدكتور محمد العبدالعالي، إلى تطبيقين إضافيين.

إذ دعا العبدالعالي “الناس إلى الخضوع لفحص التقييم الذاتي على تطبيق (موعد)، واستخدام تطبيق (صحتي) لمن لا يعانون من أعراض”.

من جانبها طورت وزارة الصحة تطبيق “موعد” عام 2017، ويستخدمه المرضى لحجز أو إلغاء أو تغيير المواعيد في مراكز الرعاية الصحية الأولية ولتنظيم مواعيد إحالتهم.

تطوير تطبيق “صحتي”: تحت إشراف وزارة الصحة، طورت شركة “لين لخدمات الأعمال” تطبيق “صحتي”، وهي شركة خاصة مقرها الرياض، تعمل في تطوير المواقع والمراقبة الأمنية والمراقبة بالفيديو.

وقد أثار العبدالعالي ارتباكاً بين أفراد الشعب السعودي حين ذكر “صحتي”، لأنه يحمل الاسم نفسه الذي يحمله موقع إلكتروني يتناول الفحص الموسع لـ”كوفيد-19″، ومشابه لتطبيق يسمى “صحة” أطلقته وزارة الصحة قبل ثلاث سنوات؛ لتقديم المشورة الطبية للناس.

تم تطوير تطبيق “صحتي” قبل 10 أشهر، قبل تفشي فيروس كورونا العالمي، وكان يقدم للمستخدمين الاستشارات الصحية والخدمات الإلكترونية الطبية ونتائج الفحص المدرسي وحصص الإجازات المرضية وغيرها من الخدمات.

وفي شهر مايو/أيار 2020، تداخل هذا التطبيق مع “موعد” و”صحة” بتوفيره خيارات حجز المواعيد للخضوع لفحص كوفيد-19 وفحوصات التقييم الذاتي.

يقول مهندس برمجيات يعمل مع وزارة الداخلية القطرية وشارك في تطوير تطبيق تتبُّع المخالطين القطري “احتراز”: “حين لا تكون لدى الحكومات رؤية سليمة لإدارة تكنولوجيا المعلومات أو على الأقل مرسوم في المستويات العليا، تحاول الشركات الخاصة بيع منتجاتها غير المتطورة”. 

وقال لموقع Middle East Eye: “وبدلاً من تطبيق يحل مشكلة واحدة بدمج وظائف مختلفة، يجري إغراق المواطنين بكثير من التطبيقات”.

عيوب تطبيق “صحتي”: قال موظف بإحدى السفارات الأجنبية في ،الرياض إنَّه جرَّب تطبيقي “صحة” و”صحتي”، لكن لم يتمكَّن من إدخال بياناته في تطبيق “صحتي”، لأنَّه لم يتلقَّ كلمة المرور التي تُستخدَم مرة واحدة، في حين كان تطبيق صحة “مضيعة للوقت”.

كذلك قال رجل أعمال ظلَّ بالرياض فترة طويلة، وهو عالق الآن في جدة بسبب حالة الإغلاق، إنَّه حذف بالفعل ثلاثة تطبيقات من بين تطبيقات كثيرة كان قد ثبَّتها على هاتفه؛ كي يوفر مساحة.

وقال رجل الأعمال، إنَّ نجله حين أُصيب بالحمّى، استغرق الأمر من أحد التطبيقات ثمانية أيام لتحديد موعد في إحدى المنشآت الصحية.

فيما جرى تناقل رسالة نصية تحث الناس على تحميل تطبيق “صحة”، التطبيق الذي يعود إلى ثلاث سنوات ويبلغ حجمه 116 ميغابايت. ووجد البعض أنَّه من الغريب اقتراح استخدام تطبيق “صحتي”، وهو تطبيق تجاري، في حين تملك وزارته بالفعل تطبيقاً يحمل اسماً رناناً شبيهاً.

قال أب سعودي إنَّه يعتقد أنَّ تطبيق “صحتي” هو التطبيق القديم الذي استخدمه لتحديد لقاحات أبنائه، وليس تطبيق “صحة”. وقال أيضاً إنَّه حاول حجز اختبار، لكن لم تكن هناك اختبارات متوافرة.

في الوقت نفسه، قال رجل أعمال مقيم بالدمام، إنَّ التطبيق الوحيد الذي يستخدمه هو “Tawakkalna” (توكلنا) حين يرغب في مغادرة منزله خلال حظر التجوال.

وقال: “تحدد الشرطة الغرامة بعد حسابات تستند إلى التطبيق”، مضيفاً أنَّه يعتقد أنَّ كل التطبيقات التي طُرِحَت “مُحرِجة”. وأضاف: “يسألون عن موقع السكن. ويعرفون حين نخرج وحين نعود”.

فيما تواصَل موقع Middle East Eye البريطاني مع وزارة الصحة؛ من أجل التعليق على المسألة، لكن لم يتلقَّ أي ردٍّ بحلول وقت نشر هذا المقال.

ومثلما أشار كلاوديو غوارنيري، رئيس مختبر الأمن التابع لمنظمة العفو الدولية، في مايو/أيار 2020، “إن كان يُراد للتكنولوجيا أن تضطلع بدور فعّال في التصدي للفيروس”، فإنَّ هناك مشكلة ثقة.

غياب المعلومات الواضحة: في حالة السعودية، المشكلة ليست ثقة الناس وحسب، بل هناك أيضاً مجموعة من العوامل الأخرى، من ضمنها الافتقار إلى المعلومات الواضحة، وغياب الرؤية الحكومية، وعدم وجود مساحات في هواتف الناس، وخبراتهم السابقة مع التطبيقات الموجودة.

حيث نقل مصدر يعمل في بنك بمنطقة قلعة بيشة الواقعة بمنطقة عسير جنوب غربي المملكة، زميله بالغرفة إلى المستشفى بعد مكالمة هاتفية أبلغته أنَّ اختباره لفيروس كورونا جاء إيجابياً.

كذلك قال: “لم يطلب منا المستشفى تحميل أي تطبيق قط. وحين كانت الأعراض موجودة لدى صديق آخر، الأسبوع الماضي، قال المستشفى إنَّه سيجري إخطاره من خلال تطبيق (توكلنا) الذي ثبَّته، لكنَّ ذلك لم يحدث. هذه الحوادث منحتني انطباعاً بأنَّ التطبيقات هي للاستعراض فقط”.

وقال مهندس برمجيات يعمل مع وزارة الصحة العُمانية، إنَّ الارتباك المحيط بالتطبيقات يمثل حالة من سوء البنية التحتية لإدارة تكنولوجيا المعلومات والميل إلى الاستعانة بمصادر خارجية لتوفير الخدمات.

أضاف: “إنَّ فكرة وجود هذا العدد الكبير من التطبيقات المستقلة سخيفة بحد ذاتها. فكثير من تلك التطبيقات بها خاصيات متداخلة. وإذا كانت وزارة لا تملك قسماً لتكنولوجيا المعلومات وأنشطة البرمجة، فإنَّها ببساطة تشتري (التطبيقات) وتُثبِّتها”.  

نتيجة لذلك، “لن يكون هناك أي تكامل بين تلك التطبيقات وقواعد البيانات المستقلة. وربما هذا ما تشهده السعودية الآن”.

كما قال: “تتم تغذية التطبيق… بكل عامل خطر. وبحسب درجة الخطر، تُصنِّف وزارات الصحة إيَّاها إلى مجموعات عالية أو منخفضة الخطورة”، مضيفاً أنَّه من المفترض التواصل مع الأشخاص ذوي المستويات العالية من الخطر دون تأخير.

واستدرك: “لكن لا يحدث هذا في كثير من الأحيان، بسبب نقص الموارد البشرية. فيتوقف الناس عن الثقة بالتطبيقات”.

إلى ذلك وبعدما انتقد كثير من المغتربين إحجام السعودية في البداية عن تسجيل المتطوعين، وعدت المملكة بإطلاق تطبيق آخر، يُسمَّى “Thadawwu” (تداووا)، لتسجيل المتطوعين.

لكنَّ هذا التطبيق السابع لم يتحقق حتى الآن.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى