آخر الأخبار

“السيسي يشن هجوماً على النظام القضائي الأمريكي”.. أعضاء بالكونغرس يكشفون تدخُّل القاهرة بقضايا تعذيب

حصلت مجلة Foreign Policy الأمريكية على رسالة تفيد باتهام أعضاء بمجلس النواب الأمريكي، الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بشن هجوم على النظام القضائي الأمريكي، بعدما ألقت السلطات المصرية القبض على أفراد بعائلة الناشط المصري-الأمريكي محمد سلطان.

حالات الاعتقال يُنظَر إليها، حسب مجلة Foreign Policy الأمريكية، باعتبارها محاولة لعرقلة الدعوى الأمريكية ضد مسؤولين رفيعين.    

تحرُّك برلمانيين أمريكيين جزء من جهود ضغط علنية وسرية من جانب مشرعين أمريكيين؛ لإجبار مصر على إطلاق سراح والد وأبناء عمومة محمد سلطان، الناشط بمجال حقوق الإنسان الذي قضى عامين في السجن بمصر. واحتُجِز أفراد عائلته بعدما رفع سلطان دعوى قضائية في يونيو/حزيران الماضي، يتهم فيها رئيس الوزراء الأسبق حازم الببلاوي بإصدار الأمر باعتقاله عام 2013 والحكم عليه بالمؤبد. (أُطلِق سراحه بعد ذلك وعاد إلى الولايات المتحدة).

يدعو المشرعون، بقيادة النائب توم مالينوسكي، في الرسالة، السيسي والسفير المصري لدى الولايات المتحدة ياسر رضا، إلى إطلاق سراح أفراد أسرة سلطان، وإعادة تأكيد حق محمد سلطان في مقاضاة الببلاوي بموجب القانون الأمريكي. ويعتبر المشرعون أنَّ الاعتقالات “محاولة واضحة للتدخل وتقويض عملية قضائية في الولايات المتحدة”. 

الانتقام المصري الواضح جاء بعد أيام فقط من رفع سلطان دعوى قضائية في محكمة مقاطعة كولومبيا الجزئية بالولايات المتحدة. ويتهم سلطان مسؤولين مصريين، بينهم الببلاوي، بـ”محاولة القتل خارج نطاق القضاء”، مشيراً إلى التعذيب وسوء المعاملة خلال فترة الأشهر الـ21 التي احتُجِز خلالها داخل أحد السجون المصرية.

متحدث باسم السيناتور كريس كون صرَّح لمجلة Foreign Policy بأنَّ السيناتور كونز والسيناتور ماركو روبيو أرسلا رسالة خاصة إلى السفير رضا، يحثَّان فيها مصر على “وقف تحرشها بأسرة سلطان”.

كيف تمكن سلطان من رفع الدعوى؟ وفي حين أنَّ القادة الأجانب محصَّنون من الدعاوى المدنية بالمحاكم الأمريكية في معظم الظروف، انتقل الببلاوي مؤخراً إلى مدينة ماكلين بولاية فرجينيا الأمريكية بعد انضمامه إلى المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي. وسمح هذا لسلطان برفع دعوى قضائية ضده بموجب “قانون حماية ضحايا التعذيب”، وهو قانون يسمح بمقاضاة المسؤولين الأجانب المتهمين بالتعذيب أو القتل خارج نطاق القضاء في الولايات المتحدة.

قاومت مصر، واستعانت بمحامين أمريكيين، وطلبت من وزارة الخارجية الأمريكية منح الببلاوي الحصانة الدبلوماسية باعتباره ممثلاً لصندوق النقد الدولي، لأنَّ المزاعم حدثت خلال فترته كرئيس لوزراء مصر. وتذكر الدعوى أيضاً اسم السيسي ومدير المخابرات المصري الحالي، عباس كامل، باعتبارهما عُرضة للمقاضاة في حال سافرا إلى الولايات المتحدة، إلى جانب 3 من القادة السابقين بالأمن ووزارة الداخلية.

ماذا قال محامي سلطان؟ إريك لويس، محامي سلطان، قال للمجلة: “من المشين أنَّهم قد يحاولون حماية مسؤول حكومي سابق من مسؤوليته عن التعذيب. التعذيب ليس عملاً مشروعاً أبداً لدى أي حكومة ذات سيادة. وإذا جاز التعبير، فهم يقولون: (لقد عذَّبنا، وقد كان رئيساً للوزراء؛ ومن ثم كان ذلك جائزاً). لا يمكنكم إجازة التعذيب، هذا انتهاك للقانون الدولي. وهذه بالأساس محاولة من جانب المصريين لطلب معروف سياسي ودفع الولايات المتحدة إلى تقديم تصريح بالتعذيب. هذا مناقض للقانون ومناقض لقِيمنا”. وقال لويس إنَّه وموكله لم يتواصلا مع ممثلين من مصر بعيداً عن الدعوى القضائية الرسمية.

كان سلطان قد أصيب بطلقات نارية في ذراعه عام 2013، ثُمَّ أُلقي القبض عليه بعد تفويض الببلاوي القوى الأمنية بحملة ضد أنصار الرئيس المصري الراحل المرتبط بالإخوان المسلمين، محمد مرسي. وكان سلطان واحداً من عشرات آلاف السجناء السياسيين الذين اعتُقِلوا نتيجة لحملة الببلاوي. وقد أُطلِق سراحه في نهاية المطاف عام 2015، بعد مناشدة من إدارة الرئيس أوباما.

على الرغم من حصول مصر على 1.3 مليار دولار من المساعدة العسكرية الأمريكية سنوياً، أصبحت مشهورة بانتهاكاتها المتكررة لحقوق الإنسان. ووجد تقرير لوزارة الخارجية الأمريكية بشأن ظروف حقوق الإنسان في مصر عام 2019، أنَّ البلاد ارتكبت بصورة متكررة انتهاكات، من ضمنها القتل التعسفي من جانب حكومتها والإخفاءات القسرية.

في حين أدَّى اعتقال مصر لمواطنين أمريكيين إلى توتر العلاقات الأمريكية المصرية مؤخراً، تجنَّبت إدارة ترامب مراراً مواجهة القاهرة بشأن ما يُنظَر إليها باعتبارها انتهاكات حقوق الإنسان. وأشاد أيضاً الرئيس ترامب مراراً بالسيسي، ووصف الرئيس المصري بـ”ديكتاتوري المفضل”.

لكن مع استمرار انتشار فيروس كورونا، دعا أعضاء بالكونغرس وزير الخارجية مايك بومبيو مراراً، إلى الحض على إطلاق سراح المواطنين الأمريكيين المسجونين في مصر، وسط مخاوف من تردّي الأوضاع الصحية داخل السجون المصرية. وأفادت منظمة مصرية لحقوق الإنسان بوفاة 245 معتقلاً في السجون عام 2018، نتيجة الإهمال الطبي.

موقف إدارة ترامب: مع ذلك، لم يتمثل رد فعل إدارة ترامب على اعتقال أسرة محمد سلطان في الإدانة الصريحة. فردّاً على الاعتقالات بصفوف أسرة سلطان، غرَّد مكتب شؤون الشرق الأدنى بالخارجية الأمريكية على تويتر، قائلاً: “نشعر بالقلق بشأن التقارير التي تفيد بمواجهة أقارب المواطن الأمريكي والمُحتَجَز السابق محمد سلطان، أعمال تخويف في مصر. سنواصل مراقبة الوضع وأخذ المزاعم كافة بشأن التحرش والتخويف على محمل الجد”. وقال المحامي لويس إنَّه يتحدث حالياً مع الخارجية الأمريكية؛ لمحاولة تأمين الإفراج عن أسرة سلطان.

أليسون ماكمانوس، وهي زميلة أولى بمركز السياسة الدولية، وهو مركز أبحاث في واشنطن، قالت: “الاتساق الوحيد الآتي من الإدارة هو أنَّهم يحبون السيسي وليسوا مهتمين كثيراً بالتورط في قضايا حقوقية أخرى باستثناء إعادة المواطنين الأمريكيين إلى البلاد”.

وأضافت: “هذه هي سياسة الإدارة في الشرق الأوسط: عدم إثارة المشكلات مع الحلفاء، على الرغم من سلوكهم. إن لم تكن إيران، فلا بأس”.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى