تقارير وملفات إضافية

أحدهم سيحذف دولة من الخريطة والآخر يخطط لاجتياح جارته الغنية.. ماذا سيفعل حلفاء ترامب بالشرق الأوسط قبل رحيله المحتمل؟

بدأت ملامح إدراكٍ عام تتشكّل بأن دونالد ترامب قد يخسر رهانه الجامح على الفوز بإعادة انتخابه رئيساً للولايات المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وهو أمر يدفع حلفاء ترامب بالشرق الأوسط للتحرك بسرعة.

ففي الشرق الأوسط، أخذ هذا الاحتمال يدفع بتسريع العمل على جميع أنواع الأنشطة الفتاكة بالمنطقة، حيث يتسابق حلفاء ترامب لإنجاز الأشياء المتهورة التي قد تفضل إدارةٌ مستقبلية بقيادة الديمقراطي جو بايدن التراجعَ عنها، حسبما ورد في تقرير لصحيفة Financial Times البريطانية.

أبرزُ تلك الأشياء المتهورة هو الضوء الأخضر الممنوح لإسرائيل بضم أراضي أكثر من 100 مستوطنة يهودية تقع في الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية، وكلها غير قانونية بموجب القانون الدولي.

وذلك بعد أن بذل بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، الوعود على مدار ثلاث جولات انتخابية متتالية، بالاستيلاء على نحو ثلث أراضي الضفة الغربية وقتل فكرة حل الدولتين.

ومع أن نتنياهو مقيدٌ حتى الآن بجدالات واختلافات تعوقه عن المضي قدماً في إجراءات الضم، فإن ترامب وغاريد كوشنر، صهر ترامب الذي يعمل مستشاراً أساسياً له، قد استجابا بالفعل لغواية الإسرائيليين المتعصبين وفتحاا لهم الطريق من خلال الاعتراف بالضم غير القانوني للقدس الشرقية العربية المحتلة ومرتفعات الجولان في سوريا، وهما منطقتان استولت عليهما إسرائيل، مثل الضفة الغربية، خلال حرب 1967.

على الجانب الآخر، فإن نتنياهو المحاصر بالانتقادات، بسبب طريقة تعامله مع وباء كورونا وفي المحاكم بثلاث تهم فساد، يحاصره أيضاً رفقاؤه اليمنيون وحلفاؤهم من المستوطنين. وعلى الرغم من أنه على الأرجح سيُعقّد الموقف بضم جزئي ولكن استراتيجي يقتل أي احتمال لدولة فلسطينية، فإن ذلك، وبطريقة سحرية ما، سيجعله يبدو معتدلاً ورجل دولة رصيناً.

كما يبدو، فإن داعمي ترامب الآخرين في المنطقة، من الخليج إلى مصر، حريصون أيضاً على إنجاز أمورهم وهو لا يزال موجوداً.

ففي السعودية، وحتى قبل دخول الملك سلمان إلى المستشفى مؤخراً، تزايدت التكهنات بأن محمد بن سلمان، ولي العهد القاسي الذي يتمتع بالقدرة على توحيد جانبي الكونغرس ضده، سيخلف والده في الحكم هذا العام.

وفي ليبيا، اشتدت وطأة الحرب الأهلية مع دعم تركيا لحكومة الوفاق الوطني المعترف بها أممياً ودحر قوات ما يُعرف بالجيش الوطني الليبي بقيادة اللواء المنشق خليفة حفتر، الذي تدعمه مصر والإمارات وروسيا وفرنسا.

والآن بدا الأمر كما لو أن مصر قد تجتاح شرق ليبيا، حسب تعبير الصحيفة البريطانية.

أما روسيا، التي يبدو أنها تسعى إلى غنيمة لها في جنوب البحر المتوسط لتزيد من مكاسبها بشرق المتوسط، الذي كان يشار إليه حتى وقت قريب بأنه بحيرة تابعة للناتو.

ونقلت موسكو، الشهر الماضي، مقاتلات نفاثة روسية من قاعدة جوية تسيطر عليها في شمال غربي سوريا، لتستقر في شرق ليبيا.

ولا حاجة إلى القول بأن مواجهة روسية و/أو مصرية مع تركيا تمثل خطراً حقيقياً.

وثمة فتيل آخر قابل للاشتعال يتمثل في إيران، التي تواجه ما يشبه حملة تخريبية منظَّمة دُمر خلالها مصنع تجميع لأجهزة طرد مركزي لتخصيب اليورانيوم في منشأة نطنز النووية. كما وقعت بها عدة انفجارات في منشآت لتصنيع الصواريخ والطاقة والبتروكيماويات، واشتعلت النيران في سبع سفن بميناء بوشهر المطل على الخليج.

لا تنكر إسرائيل على نحو كامل، وقوفها خلف تلك الحملة. وفي وقت قريب، نفذت ضربات جوية ضد قوات تابعة للحرس الثوري الإيراني ووكلائه من الميليشيات في سوريا، واغتالت علماء نوويين إيرانيين، واستخدمت فيروس “ستكنست” لشن هجوم إلكتروني على محطة نطنز الإيرانية لتخصيب اليورانيوم في عام 2010. والهجوم الحالي ليس إلا خطوة تصعيدية تنسج على المنوال ذاته.

مثل هذا النشاط، الذي حظي بالترحيب بتواطؤ من واشنطن إلى الرياض، على الأغلب لن يمضي دون رد. 

ففي سبتمبر/أيلول الماضي، رداً على العقوبات الأمريكية بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي التاريخي الذي وقَّعته إيران في عام 2015 مع ست قوى عالمية، على رأسهم الولايات المتحدة بقيادة باراك أوباما، دمَّر هجوم شمل طائرات مسيَّرة إيرانية وصواريخ، منشأتين تابعتين لشركة أرامكو السعودية.

آخر شيء ينقص الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والخليج، المناطق التي تشهد بالفعل حروباً لا هوادة فيها في سوريا وليبيا واليمن، هو مزيد من سياسات حافة الهاوية. إذا فاز بايدن في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني، فثمة احتمال معقول بأنه سيتبنى بدرجة ما تهدئة أوباما الدبلوماسية مع إيران، وهذه هي الطريقة الأسلم لاحتواء طموحات إيران النووية دون حرب.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى