تقارير وملفات إضافية

هل وصل الوضع في سوريا بين تركيا وروسيا إلى طريق مسدود؟ المناورة الأخيرة لتفادي الصدام

تضيق نافذة الفرص للوصول إلى
حل سياسي بين تركيا وروسيا حول إدلب في سوريا في ضوء شن قوات النظام السوري حملة
لاستعادة السيطرة على آخر معاقل المعارضة أسفرت عن مقتل 13 جندياً تركياً في غضون
7 أيام.

وفي هذه الأثناء، عقدت تركيا
العزم على إبقاء قواتها على الأرض مهما كان الثمن، حتى عقب هجوم النظام السوري في
10 فبراير/شباط الذي أودى بحياة 5 جنود أتراك وأصاب 5 آخرين.

وتواصل القوات الموالية لبشار
الأسد، مدعومة بغطاء جوي قوي من المقاتلات الروسية والسورية، تقدمها نحو وسط مدينة
إدلب عبر مدينة سراقب الاستراتيجية، التي استطاع النظام استعادة
السيطرة عليها بالكامل في الأسبوع الماضي. وبالضغط من اتجاه الشمال، تتحرك
الميليشيات الموالية لإيران نحو المحافظة من غرب حلب.

لكن ثمة سؤال هام: لماذا كل
هذا التصعيد نحو إدلب؟ ولماذا تصر تركيا على عدم سقوطها فيما يقاتل النظام السوري
وحلفاؤه لاستعادة السيطرة عليها، وكيف الخروج من هذا النفق؟

تقرير لموقع Al-Monitor الأمريكي يجيب عن هذه الأسئلة ويحدد أهداف كل طرف من اللاعبين
الأساسيين في سوريا.

من جانبها، تُكثِف تركيا
باستمرار من أعداد جنودها المنتشرين على الأرض. فاعتباراً من 10 فبراير/شباط،
أرسلت أكثر من 100 قافلة عسكرية إلى المنطقة. وفي محاولة لتحصين دفاعات إدلب من
الجبهتين الجنوبية والشرقية، أصبح ذلك يمثل أكبر حشد عسكري تركي في المنطقة منذ عام
2011. إذ وصل عدد الجنود الأتراك في المنطقة حالياً إلى نحو 9000 جندي، مع لواء
واحد مدرع، ولواءين مشاة آليين، وفريق من القوات الخاصة مجهز بالعديد من مدافع
الهاوتزر وقاذفات الصواريخ.

ورداً على النشاط التركي
المتزايد في المنطقة، قصفت قوات الأسد موقعاً عسكرياً تركياً بالقرب من بلدة
تفتناز بشمال غربي سوريا يوم 10 فبراير/شباط؛ ما أسفر عن مقتل خمسة جنود أتراك
وجرح خمسة آخرين. وبهذه الضربة، تكون الخسائر التركية من جراء هجمات النظام السوري
قد وصلت إلى 13 جندياً، بما في ذلك 8 أتراك قتلوا في 3 فبراير/شباط بالقرب من سراقب.

إلى جانب ذلك، ارتفع عدد نقاط
المراقبة التركية التي تتصادم مع النظام السوري إلى 7 مراكز. وأقامت تركيا 12 نقطة
مراقبة عسكرية في إدلب وما حولها في إطار اتفاق خفض التصعيد الموقَّع بين أنقرة وموسكو
في عام 2018.

بالرغم من بعض هذه المواجهات
الصعبة، لماذا تصر تركيا على إبقاء جنودها في المنطقة؟ وبحسب الموقع الأمريكي فإن
استراتيجية تركيا بسيطة جداً وهي أن تُكَثِف من وجودها العسكري في إدلب والمناطق
المحيطة كنوع من دبلوماسية الإكراه لإجبار روسيا على الرد على عدوان النظام
السوري.

فتركيا على يقين من أنَّ
مشكلة إدلب ستُحل في النهاية من خلال المفاوضات. ومن ثم، في محاولة لحماية مصالحها
في الأجزاء الأخرى من سوريا، ترفع أنقرة رهاناتها على الأرض من خلال نشر المزيد من
الجنود في منطقة لا تمتلك فيها سيطرة جوية.

وتأمل تركيا من هذه
الاستراتيجية تحقيق هدفين: أولاً، تحاول إجبار موسكو على إنشاء طاولة تفاوض جديدة
للهدنة في إدلب. وثانياً، ما إن يتم تحديد هذه الطاولة، تخطط أنقرة لطلب ضمانات
روسية بأن يسمح النظام السوري لتركيا بالحفاظ على وجودها العسكري في عفرين
بالإضافة إلى جيب جرابلس والراعي والباب.

أما السيناريو السيئ بالنسبة
لتركيا فهو خسارة المناطق الشمالية التي سيطرت عليها من خلال عملية درع الفرات في عام 2017 وعملية غصن الزيتون في عام 2018. وقد يتحول النظام السوري بالفعل إلى
استعادة عفرين ومنطقة درع الفرات التي تسيطر عليها المعارضة بعد تأمين مركز إدلب،
بحسب الموقع الأمريكي.

ولإقناع روسيا بالجلوس إلى
طاولة مفاوضات للوصول لاتفاق حول وقف إطلاق النار، ليس أمام تركيا أي خيار سوى
زيادة وجودها العسكري في إدلب للضغط على موسكو.

وتصاعدت التوترات بين تركيا
وروسيا الأسبوع الماضي بعدما أسفر انفجار قنبلة على جانب الطريق عن مقتل أربعة جنود روس في 1 فبراير/شباط في شمالي
إدلب، الذي يسيطر عليه الجيش السوري الحر المدعوم من تركيا. علاوةً على ذلك، قُتِل
ثمانية أفراد عسكريين أتراك في قصف للنظام السوري في 3
فبراير/شباط.

وفي 8 فبراير/شباط، وصل وفد
روسي إلى العاصمة التركية لخوض مباحثات حول التهدئة، لكن الهجوم على نقطة المراقبة
التركية في مدينة تفتناز، شمال شرقي سوريا، وقع في اليوم الثاني من المفاوضات؛ ما
حطَّم آمال الاتفاق على هدنة على الأقل في المدى القريب.

في الجولة الأولى من
المحادثات التركية الروسية في 8 فبراير/شباط، جدّد الجانب التركي تأكيده على الإصرار
على إجبار قتال قوات النظام السوري على التراجع إذا رفضت الانسحاب من منطقة
خفض التصعيد في إدلب بنهاية فبراير/شباط الحالي، وهي المهلة الزمنية التي أعلنها
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 5 فبراير/شباط.

إلى جانب ذلك، تختبر أنقرة
الأجواء لتبين ما إذا يمكن عقد قمة جديدة بين روسيا وإيران وتركيا لتسريع العملية
السياسية قبل وصول قوات الأسد إلى مركز إدلب. وفي هذا الصدد، قال المتحدث باسم
الرئاسة التركية إبراهيم قالين: “قد تُعقَد جولة جديدة من محادثات أستانا في
مارس/آذار”، في إشارة إلى المحادثات السورية التي بدأت في العاصمة الكازاخستانية
قبل ثلاث سنوات.

لكن من غير الواضح كيف سيكون
رد فعل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على التطورات الأخيرة.

ويبقى السؤال حول ما إذا كان
بوتين جاهزاً للقاء نظيره التركي وجهاً لوجه أم لا من دون إجابة.

وإذا التقى بوتين وأردوغان
فسيطالب الرئيس التركي على الأرجح باستمرار السيطرة التركية على درع الفرات وعفرين
في شمالي سوريا في مقابل انسحاب القوات التركية من الطريقين الاستراتيجيين
“إم 5” و “إم 4”.

وتبحث أنقرة أيضاً عن طرق
لإبقاء مركز إدلب تحت سيطرة المعارضة السورية، غير أنَّ قوات الأسد لا تبعد سوى 10
كيلومترات (نحو 6 أميال) عن هدفها، وهي أقرب مسافة تصل إليها منذ عام 2012. ومن
المستبعد أن تُعَد طاولة المفاوضات إلى أن تصل دمشق إلى هدفها، في ضوء محاولة
موسكو اكتساب بعض الوقت نيابة عنها.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى