منوعات

ناغورو، قرية الأشباح اليابانية التي استبدلت البشر الأموات بالدمى الضخمة، فما قصتها؟

بدأت قرية ناغورو اليابانية الصغيرة تصبح موحشةً أكثر فأكثر، فبعد موت معظم عجائزها وسفر معظم شبابها للعمل في المدينة، باتت ناغورو قرية أشباح، إلى أن خطرت فكرة غريبة بل ومجنونة قليلاً لامرأة من سكان القرية، التي قررت صنع دمى بحجم البشر تشبه أولئك الذين رحلوا إلى المدينة أو خطفهم الموت، وذلك لإزالة الوحشة عن القرية وإعادة إحيائها من جديد.

وفعلاً، صنعت  تسوكيمي أيانو ما يقارب 400 دمية ووزعتها في كل أنحاء ناغورو، وعلى ما يبدو لم تذهب جهودها سُدى، فقد ساهم ذلك بجعل قريتها مصدر جذب سياحي مثير للاهتمام في اليابان.

فلنتعرف أكثر على هذه القرية وسكانها الفريدين من نوعهم:

إذا أردت الحصول على تجربة فريدة أثناء زيارتك لليابان، فمن الممكن أن تفكر بزيارة قرية ناغورو الواقعة في منطقة شيكوكو للابتعاد عن صخب المدينة.

لكنك لن تحظى هناك برفقة طيبة من أهالي القرية الودودين، إنما ستمضي وقتك برفقة دمى مصنوعة بحجم البشر تملأ أنحاء القرية. 

إذا كنت تعلم مسبقاً بوجود هذه الدمى فلن يصيبك الرعب أو الذهول بالتأكيد، لكن أولئك الذين زاروا القرية دون معرفتهم بطبيعة سكانها فقد أصابهم الذعر أو الدهشة على الأقل عندما لاحظوا انتشار الدمى بشكل غريب في كل مكان.. فما هي قصتهم؟

بحسب ما ورد في موقع All That’s Interesting الأمريكي، تشكل الدمى غالبية سكان قرية ناغورو، إذ تفوق الدمى أعداد البشر بنسبة تزيد على 10 إلى 1.

وقد تم صنع هذا العدد الكبير من الدمى من قبل سيدة مُسنّة، في محاولة للتخلص من حالة الوحشة التي غزت القرية بعد موت معظم عجائزها وهجرة شبابها إلى المدن.

إذ بلغت درجة العزلة التي وصلت إليها القرية عدم وجود محل بقالة واحد مفتوح هناك، بسبب قلة عدد السكان وعدم ازدهار أي نوع من أنواع التجارة فيها، ومع مرور الوقت تصبح هذه القرية خالية من البشر أكثر فأكثر.

وبالرغم من تفرد ناغورو بفكرة استبدال البشر بالدمى، فإن حالها لا يختلف كثيراً عن حال المناطق الريفية الأخرى في اليابان التي تواجه هذا الاتجاه في نزوح السكان.

فمنذ عام 2010، فقدت اليابان حوالي 1.4 مليون من سكانها، ويؤثر ذلك كثيراً على كل من الاقتصاد والمجتمع.

لكن وحدها قرية ناغورو التي تُسمى أيضاً كاكاشي نو ساتو، أو قرية الفزاعات، من عوضت غياب البشر بطريقة فريدة وغريبة بنفس الوقت، فإذا زرت القرية سيبدو لك أن أحداً من سكانها لم يرحل عنها يوماً.

والفريد أن هذه الدمى قد أضيفت إلى سجلات التعداد السكني الخاصة بالقرية، مع أوصاف تفصيلية لكل منها.

وبهذه الطريقة، يبدو حقاً أن وجود هذه الدمى له أهمية كبيرة في قرية ناغورو.

في عام 2001، عادت تسوكيمي أيانو إلى ناغورو حيث كانت تقيم سابقاً، وذلك بعد قضاء معظم حياتها في أوساكا التي تعد ثالث أكبر مدينة في اليابان.

وجدت تسوكيمي القرية ذات الـ300 نسمة، التي نشأت فيها وقد تضاءل عدد سكانها إلى 30 شخصاً فقط. فشعرت المرأة بالأسى لأن العديد من سكان القرية قد رحلوا أو ماتوا.

راودتها بمحض الصدفة فكرة صنع دمى بحجم البشر لملء البلدة.

وفي البداية، صممت أيانو فزاعة لحديقتها التي تُزرع فيها الخضراوات، وعلى سبيل المزاح، جعلتها على هيئة والدها.

تقول أيانو إنه لم يمانع ذلك، “ولكن لأن الفزاعة كانت ترتدي ملابسه وكانت تشبهه، ظن جميع الجيران أنه كان خارج المنزل يعمل بالزراعة في وقت مبكر جداً من الصباح”.

وقالت: “كانوا في بعض الأحيان يقولون: (صباح الخير، أنت مستيقظ وتعمل في وقت مبكر للغاية)، لقد أنشأ ذلك محادثة بين الفزاعة والجيران”. 

استمتع سكان القرية بالفكرة الغريبة لفزّاعتها، لذا قررت صنع المزيد من الدمى وتعلُّم مهارات أكثر أثناء ذلك.

وإزاء نقص عدد السكان الذي عانت منه البلدة، قرَّرت أيانو صنع الدمى على هيئة القرويين الذين رحلوا أو ماتوا.

وقد صنعت حتى الآن أكثر من 400 دمية.

تستخدم أيانو لصنع الدمى القش والقماش وأوراق الجرائد والملابس القديمة.

وهي تصنع طيلة الوقت دمى جديدة لكي تستبدل بها الدمى القديمة التي تبلى جرّاء تعرضها للعوامل الجوية.

تقول أيانو إن الأفواه تعد الجزء الأصعب؛ إذ إن الشفتين هما العنصر الأساسي لجعل العديد من تعابير الوجه تبدو واقعية.

يمكن العثور على الدمى في جميع أنحاء البلدة تقريباً. يمكن رؤيتها منتظرةً في محطات الحافلات أو أثناء ممارسة أعمال الزراعة أو وهي تتجول فحسب.

بل يحضر بعضها أيضاً حفل زفاف زوجين من الدمى في زيٍّ تقليدي.

ومع ذلك، توجد معظمها على جانبي الطريق حيث تساعد على جذب الزوار.

وبفضل برنامج Google Earth، يمكنك بالفعل أخذ جولة افتراضية عبر طريق ناغورو الرئيسي ورؤية هذه الدمى بنفسك.

توجد حالياً المئات من هذه الدمى المصنوعة يدوياً، لتعيد ملء زوايا وأركان ناغورو بالسكان.

فقد أصبحت الدمى عوامل جذب سياحي، وأعادت إحياء المدينة بطريقتها الخاصة.

لكن ليست جميعها مرئية من الطريق.

أُغلقت المدرسة الابتدائية المحلية في عام 2012، لذلك ملأتها أيانو بالدمى التي تشبه الأطفال والعاملين أيضاً.

في أحد فصول المدرسة، ستجد دميتين وحيدتين تجلسان إلى جانب بعضهما في أحد المقاعد الدراسية، وتمثلان آخر طالبين درسا في المدرسة قبل إغلاقها.

قالت أيانو: “هاتان الدميتان الصغيرتان، صنعهما الطفلان بنفسيهما خلال حصص الاقتصاد المنزلي”. وتابعت: “ثم استخدما الملابس التي كانا يرتديانها للدميتين قبل مغادرتهما المدرسة”.

يستمتع السكان الحاليون بالدمى ويبدو أنهم مستاؤون قليلاً لأن بعض الزوار يعتقدون أحياناً أنها مخيفة.

وهذا منطقي تماماً إذا تذكرت أن الكثير من هذه الدمى تمثِّل سكاناً حقيقيين.

غير أن أي شيء مخيف يتعلق بها ينبع أساساً من الطريقة التي تبدو بها الدمى وهي تتولى دور السكان في الصمت المخيم على قرية ناغورو المهجورة إلى حد كبير.

بكل الأحوال، اكتسبت ناغورو شهرة كبيرة بسبب هذه الدمى الغريبة، وبالرغم من أنها لا تزال خالية تقريباً من السكان لحد الآن إلا أنها تعج بالسياح في مواسم معينة من السنة.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى