منوعات

أبطاله من الجن والمحجبات.. كيف استقبل الغرب أدب الخيال العلمي الذي كتبته نساء مسلمات؟

حين سألت المُدوِّنة عميرة حسين قرَّاءها إذا كانوا يرغبون في الانضمام إلى نادٍ لقراءة روايات الخيال العلمي والروايات الخيالية لمؤلِّفين مسلمين، غَمَرَها قرَّاؤها باستجاباتٍ مُتحمِّسة، وكذلك اقتراحات بكتبٍ يمكن قراءتها في نادي الكتاب. 

لكن كان هناك شيء غير معتادٍ في قائمة القراءة التي أدرجتها عميرة وتضم حوالي 24 مؤلِّفاً، بما في ذلك مؤلِّفو سلسلتها المُفضَّلة، ألا وهي ثلاثية “An Ember in the Ashes and the Daevabad”. 

قالت عميرة، المولعة بروايات الخيال العلمي والتي تكتب في مدونتها التي تحمل اسم “Sereadipity”: “جميع الكتب تقريباً كتبتها في الواقع نساءٌ في السنوات القليلة الماضية”. 

في السنوات القليلة الماضية، ولجت النساء المسلمات بهدوءٍ إلى مجال نشر روايات الخيال العلمي، وحصلن على تقييماتٍ بالغة الإعجاب بروايات الخيال العلمي التي عالَجَت الافتقار التقليدي لهذا النوع من الأدب إلى التنوُّع، وكذلك التصوُّرات الشعبية عن النساء والإسلام، حسبما ورد في تقرير لصحيفة Washington Post الأمريكية. 

وفي العام الماضي وحده، أصدرت دور النشر على الأقل 13 كتاباً في الخيال العلمي بتأليفٍ من نساءٍ مسلمات باللغة الإنجليزية، بما في ذلك كتاب فرح ناز ريشي الذي حمل عنوان “I Hope You Get This Message“. 

ويتضمَّن هذه الكتاب رواية حفصة فيصل، الأعلى مبيعاً في قائمة صحيفة New York Times الأمريكية بعنوان “We Hunt the Flame“، علاوة على كتاب سمية داود الحاصل على عددٍ من الجوائز “Mirage“. وقال ناشر كتب سمية أن كتابها “Court of Lions” من المقرر نشره في 4 أغسطس/آب. 

يُعَدُّ هذا تغييراً عمَّا كان سائداً في الماضي، حين كان الخيال العلمي تحت هيمنة قصصٍ مستقاةٍ من الأساطير النرويجية القديمة والمسيحية والآرثرية. 

تقول المؤلِّفة أوسما زينات خان، التي من المُقرَّر أن يصدر كتابها “The Bladebone“، وهو الجزء الأخير من سلسلة “Khorasan Archives” الخيالية، في أكتوبر/تشرين الأول: “دائماً تسمع كلاماً مثل: هذا المجال وصل إلى منتهاه. ماذا يتبقَّى فيه إذاً؟”. وتضيف: “حسناً، ها نحن ذا”. 

حصلت الكثير من الكتب على استحسان النقَّاد، واستحسنها كذلك الكثير من مُحبِّي الخيال والفنون على منصة تويتر. 

قالت نور هاشم، المُحاضِرة بجماعة بوسطن التي تقدِّم دوراتٍ تدريبية في الخيال العلمي المسلم وتعمل على مخطوطتها الخاصة حول الإيمان في الخيال المسلم المعاصر: “إحساسي هو أن قدرة الأصوات المسلمة على شقِّ طريقها بهذه القوة هي جزءٌ من الحركة التقاطعية الجديدة الجارية حالياً”. 

وقالت نور إن التصاعد في نشر روايات الخيال المسلم “تتوافق مع الاتجاه العام في نشر روايات الخيال، والتي تعطي فرصاً جادة لإسهاماتٍ من كُتَّابٍ من أقلياتٍ ومجتمعاتٍ عرقية، بالأخص بعد الانتقادات المُوجَّهة لهيمنة البِيض على هذا النوع من الأدب”. 

بدأ صعود الخيال العلمي وأدب الخيال بمؤلَّفات نساءٍ مسلمات، في الولايات المتحدة ودولٍ أخرى تتحدَّث الإنجليزية، بقطرةٍ صغيرة منذ أكثر من عقدٍ مضى. 

في العام 2007، نشرت جي ويلو ويلسون -التي كانت آنذاك صحفيةً تكتب في شؤون الشرق الأوسط والشؤون الدينية، وهي الآن مؤلِّفة قصص مُصوَّرة عُرِفَت بمشاركتها في خلق شخصية كامالا خان، أول شخصية مسلمة في مارفل، روايتها الواقعية السحرية “Cairo“. 

استخدَمَ الخيال الحضري المُكثَّف في هذه الرواية الأساطير الإسلامية والعربية، من الجن إلى البساط السحري الطائر إلى الليالي العربية (ألف ليلة وليلة)، بينما تتخلَّل ذلك تعليقاتٌ على السياسات العربية-الإسرائيلية. 

وحصلت الرواية المُصوَّرة على لقب الأفضل مبيعاً من مجلتيّ Publishers Weekly وSchool Library Journal، علاوة على جمعية المكتبات الأمريكية. 

وفي العام 2012، تلقَّت رواية جي ويلو ويلسون “Alif the Unseen” على مراجعاتٍ تنم عن الإطراء والإعجاب، وفازت بجائزة World Fantasy لأفضل رواية، علاوة على جائزة Middle East Book لأدب الشباب. 

وفي العام 2015، أصبحت رواية “An Ember in the Ashes“، للمُحرِّرة السابقة بصحيفة Washington Post، سبعة طاهر، الرواية الأكثر مبيعاً على قوائم صحيفة New York Times. 

ولَّدَت رواية الخيال البائس، المُستلهَمة من روما القديمة، رواية مُصوَّرة بحدِّ ذاتها، وسلسلة خيال مشهود لها ستنتهي حلقاتها في ديسمبر/كانون الأول مع نشر الجزء الذي يحمل عنوان “A Sky Beyond the Storm“، واشترت شركة باراماونت حقوق عرض السلسلة في فيلم، في صفقةٍ بملايين الدولارات. 

قالت نور إن مثل هذه النجاحات المُبكِّرة -إضافةً إلى رواية “Throne of the Crescent Moon” التي حصلت على جائزة Locus عام 2012، لمؤلِّفها صلاح الدين، الذي يُعَدُّ أحد الرجال المسلمين القليلين الذي يكتبون في أدب الخيال- “فتحت شهية الناشرين والمُحرِّرين”، وساعدت في تمهيد الطريق للمؤلِّفين اللاحقين. 

وبحلول العام 2019، حين عادت ويلسون مجدَّداً برواية “The Bird King“، التي نالت استحسان النقَّاد، وتتناول الأيام الأخيرة لحكم المسلمين في غرناطة، انضمَّ إليها ما لا يقل عن عشر مؤلِّفات مسلمات في إصدار رواياتٍ من خلال دور نشر بارزة. 

تقول مُحرِّرة الخيال العلمي خليدة محمد علي إن مأساتها الكبرى هي أن ترى قصصاً عن عوالم مُتخيَّلة حيث يكون الناس فيها بِيضاً فقط. 

وقالت: “يزعجني حقاً أن أقرأ قصةً تتحدَّث عن مستقبلٍ بعيد يكون فيه الجميع من البِيض، ويُفتَرَض أن يكون الجميع إما مسيحياً وإما يهودياً وإما ملحداً”. وأضافت: “يزعجني ذلك لأننا موجودون في هذا العالم. لا أعتقد أننا سننتهي من الوجود بعد 100 أو 200 أو 400 سنة في المستقبل -لكننا لا نظهر في القصص عن المستقبل”. 

حين بدأت خليدة، والمؤلِّفة انتصار خاناني، كتابة أعمالهما، كانتا عازمتين على تغيير هذا النموذج. 

قالت انتصار: “أصبح من المهم للغاية بالنسبة لي، بينما كنت أتعلَّم أن أكون كاتبةً، أن أكتب عن عوالم يكون فيها الناس الذين أحبهم والثقافات التي أجد جمالاً فيها موجودين وحقيقيين”. وأضافت: “لأننا لنا الحقُّ في شغل مساحةٍ في هذا العالم وفي عوالمنا المُتخيَّلة”. 

غالباً ما تُبرِز الموجة الجديدة من روايات الخيال نساءً مسلمات قويات في أدوار البطلات، وتدمج مواضيع من التراث الشعبي والتاريخ والدين الإسلامي. 

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى