تقارير وملفات إضافية

الفوز بالضربة القاضية.. لماذا يمثل السيناريو الأمثل، وأيهما أقرب إليه ترامب أم بايدن؟

النهاية الدرامية للانتخابات الأمريكية ربما تكون السيناريو الأوحد الذي يبدو أن عليه إجماعاً في الداخل والخارج، لكن هناك سيناريو ربما يُقلل من كارثية الأمر المتوقع، ويُبعد شبح الكابوس الذي يخشاه الجميع.

التصويت الشعبي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية انطلق بالفعل في بعض الولايات والسفارات حول العالم، لكن يوم التصويت العام أو آخر أيام التصويت كما هو معلوم، يوم 3 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وهو ما يعني أن ما تبقى أقل من ثلاثة أسابيع فقط.

وفي ضوء استطلاعات الرأي التي تشير إلى تقدم المرشح الديمقراطي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس، بفارق يتراوح بين 10 و16 نقطة على مستوى البلاد، يكثف الرئيس الجمهوري دونالد ترامب من جهوده الانتخابية لمحاولة تضييق الفارق والقفز إلى المقدمة، ومن ثم البقاء في البيت الأبيض لفترة ثانية، مدفوعاً ومناصروه بأنه كان تقريباً في نفس الموقف في الانتخابات الماضية، وفي الفترة نفسها أيضاً، لكنه حقق فوزاً صادماً على منافسته وقتها هيلاري كلينتون.

لكن الاستقطاب الحاد بين مناصري ترامب وكارهيه من جهة، والتشكيك المستمر من جانب الرئيس في نزاهة عملية التصويت هذه المرة، زاعماً أن التصويت عبر البريد الذي يتم اللجوء إليه بصورة غير مسبوقة في بعض الولايات بسبب تفشي وباء كورونا، يجعل من حسم نتيجة الانتخابات من خلال التصويت الشعبي والمجمع الانتخابي احتمالاً ضعيفاً، بل ويرجح البعض أن يمر يوم تنصيب الرئيس الجديد، وهو ظهيرة 20 يناير/كانون الثاني 2021، دون حسم الأمور التي قد تكون أمام المحكمة العليا وقتها، بحسب أسوأ السيناريوهات.

لكن بعض المراقبين يرون أن السيناريو الوحيد الذي ربما يجنّب البلاد الدخول في متاهات التأخير والقضايا وربما الحرب الأهلية أيضاً، هو أن يحصل أحد المرشحين على أغلبية واضحة من خلال التصويت الشعبي، قبل أن يتم حتى فرز جميع الأصوات، فكيف ذلك؟

مجلة Politico الأمريكية تناولت هذا السيناريو، في تقرير رصد من خلاله مراقبون ومحللون للانتخابات مدى واقعية حدوثه، وإلى أي المرشحين تميل كفة هذا السيناريو، والقصة هنا تتعلق بالخريطة الحالية لاتجاهات التصويت داخل الولايات الخمسين، كما تظهرها استطلاعات الرأي.

حالياً يظهر بايدن متقدماً في ولايات لا يتوقع أن تتأخر في فرز الأصوات كان ترامب قد حسمها لصالحه في الانتخابات الماضية، وأبرز تلك الولايات هي فلوريدا ونورث كارولينا، التي أكد مسؤولو العملية الانتخابية فيها أنهم قادرون على الانتهاء من فرز الأصوات في ليلة الانتخابات، أي ليلة 3 نوفمبر/تشرين الثاني، وهو ما قد يمثل تحولاً كبيراً في مسار العملية عما كان عليه الوضع في الانتخابات الماضية عندما فاز ترامب بالولايتين.

حالياً يظهر بايدن متقدماً في ولايات لا يتوقع أن تتأخر في فرز الأصوات كان ترامب قد حسمها لصالحه في الانتخابات الماضية، وأبرز تلك الولايات هي فلوريدا ونورث كارولينا، التي أكد مسؤولو العملية الانتخابية فيها أنهم قادرون على الانتهاء من فرز الأصوات في ليلة الانتخابات، أي ليلة 3 نوفمبر/تشرين الثاني، وهو ما قد يمثل تحولاً كبيراً في مسار العملية عما كان عليه الوضع في الانتخابات الماضية عندما فاز ترامب بالولايتين.

وفي السياق ذاته، ولايات مثل ميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسون، وجميعها صوتت لصالح ترامب ورجحت كفته في المجمع الانتخابي أمام هيلاري كلينتون، لا تسمح سوى بنسبة محدودة للغاية من التصويت المبكر أو التصويت عبر البريد، وهو ما يعني أنها قد تستغرق أياماً على أفضل تقدير كي تنتهي من عملية الفرز كاملة.

ماذا يعني ذلك إذن؟ يعني هذا وجود أكثر من احتمال مرجح لحصول بايدن على 270 صوتاً في المجمع الانتخابي، مقابل عدم وجود أي احتمال لأن يحدث ذلك لترامب، باستثناء حدوث مفاجأة من العيار الثقيل كأن يفوز في ولايات خسرها في الانتخابات الماضية، والنتيجة هنا هي أن الرئيس ترامب لا يمكنه الفوز بفترة ثانية دون الانتظار لأيام أو أسابيع حتى تكتمل عملية فرز الأصوات.

لكن هذا السيناريو ليس غائباً عن ترامب، فقد لمّح إلى أنه سوف يعلن فوزه ليلة الانتخابات دون انتظار فرز باقي الأصوات المرسلة عبر البريد، إذا ما كانت نتيجة الفرز لصالحه، خصوصاً أن كثيراً من الناخبين الديمقراطيين أعلنوا أنهم سيلجأون إلى التصويت عبر البريد خوفاً من عدوى الوباء، لكن لن يتمكن ترامب من إعلان الفوز إذا كان بايدن متقدماً ليلة الانتخابات، وسيضطر لانتظار فرز باقي الأصوات.

حالياً جميع استطلاعات الرأي في الولايات المتأرجحة تضع بايدن في المقدمة، وهو ما يعني أنه في طريقه للفوز في المجمع الانتخابي بعد أن يتم فرز جميع الأصوات، بغض النظر عما قد يحدث في ليلة 3 نوفمبر/تشرين أو ليلة الانتخابات، لكن المرشح الديمقراطي يمتلك هامش تقدم قليلاً في الولايات الحاسمة أو المتأرجحة، والتي لديها فرصة في إكمال الفرز وإعلان النتيجة ليلة الانتخابات، وفي الظروف العادية لا تمثل هذه النقطة مشكلة، لكن يخشى الديمقراطيون أن ترامب سيستغل التأخير في إعلان النتيجة بسبب طول مدة فرز الأصوات في بعض الولايات، كي يثير فوضى من خلال التشكيك في نتائج ولايات حسمت بالفعل لصالح بايدن، وهكذا تكون ضربة البداية للسيناريو الكابوسي.

وعبّر رئيس الحزب الديمقراطي في أوهايو ديفيد بيبر عن هذا التخوف بقوله: “في الماضي كانت نقطة الخلاف تنحصر في الولاية التي حسمت الفوز في المجمع الانتخابي، أما هذا العام وفي ضوء ما يفعله ترامب، فيعتقد الناس أنك لو استطعت جعل الحسم مبكراً قبل بداية الكابوس فعليك أن تفعل ذلك بالتحديد”.

لكن بعض الديمقراطيين يحذرون من مخاطر التعويل على سيناريو الضربة القاضية ليلة الانتخابات، ويفضلون مواصلة حملتهم بشكل طبيعي دون التفكير في مدى سرعة عملية فرز الأصوات، ومن هؤلاء غاي سيسيل، رئيس مجموعة أولويات الولايات المتحدة الداعمة لجو بايدن، حيث يرى أن “هدفنا هو الحصول على 270 صوتاً في المجمع الانتخابي، بغض النظر عن أي شيء آخر، نحن لا نضع تعديلات على حملتنا لنضمن تحقيق الفوز في إطار زمني محدد”.

الخريطة الحالية للولايات تعطي بايدن 226 صوتاً مضموناً في المجمع الانتخابي، حيث إن استطلاعات الرأي بعد التصويت وعملية فرز سريعة من المرجح أن تحسم الولاية لصالح بايدن ليلة الانتخابات، وتشمل هذه الولايات مينيسوتا ونيوهامبشاير، حيث يتقدم على ترامب بفارق 9 نقاط، وهذا السيناريو يجعل من حصول المرشح الديمقراطي على 270 صوتاً في المجمع الانتخابي قبل ظهور نتيجة ولايات ويسكونسون وميشيغان وبنسلفانيا أمراً محتملاً.

أما بالنسبة لترامب فإن الخريطة التي أهدته الفوز عام 2016 تبدو هشة هذه المرة، خصوصاً في الولايات الثلاثة (ويسكونسون وميشيغان وبنسلفانيا)، إضافة إلى أريزونا، حيث يبدو بايدن متقدماً بشكل واضح، كما أن فلوريدا تبدو أيضاً أقرب هذه المرة لمنافس الرئيس، وحتى ولايات جمهورية تقليدية مثل نورث كارولينا وجوروجيا وأوهايو وحتى تكساس تبدو غير محسومة لترامب.

ورغم أن الرئيس على الأرجح قد يفوز بولايات فلوريدا وأريزونا وأوهايو، ليس من المنتظر أن تتضح النتيجة هناك ليلة الانتخابات. صحيح أن أريزونا وفلوريدا تنتهي من عملية الفرز بسرعة معقولة، لكن كلتا الولايتين لديها بالفعل تجارب في الانتخابات، التي تكون النتيجة فيها هناك متقاربة، ما أخّر إعلان النتيجة، وقد سعى ترامب نفسه لإبطال عملية فرز الأصوات في الولايتين في انتخابات 2018 للتجديد النصفي للكونغرس.

وقد كتب ترامب على تويتر وقتها “لا بد من الانتهاء ليلة الانتخابات!”، وهي التغريدة التي لا تزال مطبوعة في أذهان الديمقراطيين حتى اليوم.

أما أوهايو فرغم أنها تسمح لمسؤولي الانتخابات بفرز بطاقات التصويت عبر البريد قبل يوم الانتخابات بمتسع من الوقت، فإنها تسمح باستقبال بطاقات التصويت حتى ما بعد التصويت بعشرة أيام، ما دامت مختومة قبل يوم الإثنين السابق على يوم الانتخابات، وهذا يعني أن نتيجة الفرز في الولاية قد تتأخر لأيام أو أسابيع حتى في حالة تقارب النتيجة.

وعن هذا كان وزير خارجية ولاية أوهايو الجمهوري فرانك لاروز قد قال في مقابلة، في سبتمبر/أيلول الماضي: “إذا كان أحد المرشحين متقدماً بفارق مليون صوت مثلاً في عملية الفرز، بينما بطاقات التصويت المتأخرة لا تزيد عن 200 ألف، تصبح النتيجة محسومة، صحيح؟ وأعتقد أن هذا السيناريو الرقمي واضح للغاية، لكن لو أن السباق متقارب لا يستطيع أحد إعلان النتيجة أو ادعاء الفوز قبل اكتمال عملية الفرز”.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى