آخر الأخبارتقارير وملفات

كيف توقع الصين معظم دول العالم الثالث في دبلوماسية «فخ الديون»؟

كيف تستخدم الصين القروض السرّية للسيطرة على الدول الفقيرة

تقرير بقلم الخبير السياسى والإقتصادى

د.صلاح الدوبى 

الأمين العام لمنظمة اعلاميون حول العالم

ورئيس فرع منظمة اعلاميون حول العالم 

رئيس حزب الشعب المصرى 

جنيف – سويسرا

تعهدت كل دول مجموعة العشرين في 15 أبريل/نيسان الماضي، بتعليق سداد تلك القروض حتى نهاية العام، ماعدا الصين التي وقّعت على تعهّد المجموعة لكنّها أضافت تحفّظات مثيرة للسخرية.

واستبعدت الصين من التعهد مئات القروض الكبيرة التي قدّمتها ضمن مبادرة “حزام واحد طريق واحد” لتطوير البنية التحتية، وأعلنت صحيفة “غلوبال تايمز” الموالية للحكومة الصينية بعد يوم من صدور بيان مجموعة العشرين، أن “القروض التفضيلية” -مثل تلك التي قدّمها بنك التصدير والاستيراد الصيني- لن تمتثل لما قرّرته المجموعة. 

ومنح بنك التصدير والاستيراد الصيني تمويلا لأكثر من 1800 مشروع ضمن مبادرة “حزام واحد طريق واحد” في عشرات البلدان. ومن خلال إصرارها على الحصول على فوائد القروض في وقتها، ستجبر الصين الدول المتعثرة اقتصاديا على الاختيار بين تسديد الديون أو استيراد السلع الأساسية، مثل المواد الغذائية والإمدادات الطبية.

 مازال محدود حاليا، لكن تسارع الخطوات يخلينا نقلق للمستقبل ونسأل أسئلة بديهية زي ليه الصين؟ وليه الشركات الصينية

** القروض الصينية للسيسى قبل ما تتحول لكابوس **

خلال الفترة اللي الماضية تم توقيع أكثر من اتفاقية لقروض صينية. الرئيس وافق على قرض في مايو اللي فات لاقتراض 1.2 مليار دولار علشان قطار العاصمة الإدارية – السلام – العاشر من رمضان، وهو قطار كهربائي سريع هتنفذه شركة افيك الصينية.
وفي نهاية إبريل كان في قرض ب 3 مليار دولار لإنشاء منطقة الأعمال المركزية في العاصمة الإدارية الجديدة، واللي هتنفذ شركة (cscec) الصينية الجزء الأكبر منه.
الاتفاقات دي جزء من أزمة تضخم الدين العام الكبير بالأساس، واللي وصل في ديسمبر ٢٠١٨ إلى ٤.١ تريليون جنيه تشمل ديون خارجية ٩٦.٦ مليار دولار.

رغم ان الاقتراض الصينيينية مش بتضخ استثمارات مباشرة في المشروعات وبتعمد على اقراض الجانب المصري؟ وايه خطورة الاقتراض من الصين؟ ولا هي مجرد قروض زي القروض الكتير اللي بناخدها.
*******
ماهى علاقة الصين بمشروع العاصمة الإدارية؟


علاقة الصين موجودة من بداية المشروع، كان المفترض أنه الصين تقدم قروض واستثمارات للمشروع بقيمة 20 مليار دولار، تقريبا حوالي نصف الاستثمار الكلي المطلوب.
لكن المشروع تعثر لأنه الحكومة المصرية رفضت شروط الصين واللي كانت بتتضمن تخفيض حصة الحكومة من أرباح المشروع، وتقليل سعر الأراضي.
استمرت الصين في تمويل المشروع، لكن المرة دي من خلال قروض مش استثمارات مباشرة، الفكرة ببساطة أن الحكومة المصرية تقترض من بنوك صينية، وتدفع لها معدلات فائدة، في حين أنه البنوك بتشترط أن الشركات المنفذة تكون شركات صينية، بالتالي الصين كسبانة من الناحتين.
النموذج دا هو المعتمد في الإقراض الصيني في العالم كله وتحديدا للدول النامية اللي زينا، في الفترة من 2014 ل 2017 بس اقرضت الصين حوالي 394 مليار دولار للدول النامية.
******
لماذا الصين ؟
– في الغالب معظم القروض اللي بتقدمها الصين بتكون بفوائد سنوية أقل حتى من القروض اللي بتقدمها مؤسسات التمويل، وشروط الحصول عليها أسهل لأنه الصين بتسعي أساسا أنها تزود نفوذها الاقتصادي والسياسي في العالم عن طريق القروض دي.
مثلا قرض القطار السريع بتاع مصر ده ب 1.8 ٪؜ فائدة سنوية، في حين أنه متوسطات فوائد القروض من الدول الأخرى بتكون من 5- 7 %، ولو من الصندوق أو البنك الدولي هتكون من 2- 3 % سنويا.
طيب يعني هي الصين بتخسر ؟ الحقيقة لا، لأنه الشركات الصينية هي اللي بتنفذ معظم المشروعات دي والفلوس دي بترجع أرباح كبيرة جدا للصين نفسها والشركات العاملة فيها.
ده متماشي جدا مع توسع الصين عالميا بمشاريع ضخمة زي مبادرة الحزام والطريق اللي من المفترض أنها تضخ أكتر من تريليون دولار استثمارات في البنية التحتية في دول كثير في العالم.
– طيب مهو ده كويس، قروض رخيصة، قلقانين ليه؟ الحقيقة انه الموضوع مش بالبساطة دي، وده اللي هنشرحه احنا ليه متخوفين من القروض الصينية.
*****
ليه لازم نخاف من القروض الصينية ؟
– الموضوع مش مجرد قروض بس، في دول كتير حوالين العالم الديون دي كانت مصيدة للسيطرة على مشروعات حيوية في فيها.

معاملة تفضيلية أو عدوانية؟


أنه استنادا إلى معلومات موثوقة من مصادر متعددة، فإن الصين أقرضت 67 دولة نامية أكثر من 120 مليار دولار بين عامي 2013 و2017، وجلّ هذه القروض كانت ضمن مبادرة “حزام واحد طريق واحد”.

كما أن الصين تفرض نسبة فائدة عالية على القروض التي تقدّمها، فعلى الرغم من أن بكين تصف نسب فوائدها بأنها “تفضيلية”، فإن بعض المشروعات التي تندرج ضمن مبادرة “حزام واحد طريق واحد” -وخاصة الكبيرة منها- تزيد نسبة فوائدها على ثلاث نقاط مئوية فوق تكلفة رأس المال لدى البنوك الصينية، أي بين 4% إلى 6%.

وعلى النقيض من ذلك، فإن قروض البنك الدولي بالدولار للبلدان الفقيرة تبلغ نسبة فوائدها أعلى بقليل من 1%. 

ونشر موقع أوراسيا تايمز الإخباري تحليلًا للكاتب يونس دار، تناول فيه بالتفصيل الدبلوماسية التي تنتهجها الصين مع معظم دول العالم الثالث عمومًا، ودول الحزام والطريق خصوصًا، والقائمة على تقديم قروض مُيسرة للغاية لهذه الدول لبناء مشروعات عملاقة وباهظة التكاليف؛ الأمر الذي أوقع عدة دول أسيوية فريسة لتقديم تنازلات سيادية إلى الصين نتيجة عجزها عن السداد، وينذر بوقوع المزيد من الضحايا.
الصين تسيطر على الأصول.. مقابل التسامح في الديون
يستهل الكاتب تحليله بالإشارة إلى أحدث ضحية لدبلوماسية فخ الديون الصينية، وهي: دولة لاوس الصغيرة الغنية بالموارد، والتي يُقال إنها تكافح لتجنب الوصول إلى مرحلة الإفلاس السيادي (فشل حكومة دولة سيادية في سداد دينها بالكامل، وقد يرافقه إعلان رسمي بعدم السداد لديونها المستحقة، ويطلق عليه أحيانًا التعثر القومي عندما يكون إجمالي الديون أكبر من إجمالي الأصول).
وذكرت وكالة «رويترز» مؤخرًا أن الدولة الواقعة في جنوب آسيا تُسلم حاليًا الجزء الأكبر من السيطرة على شبكة الطاقة الكهربائية الوطنية لشركة شبكة الطاقة الصينية الجنوبية (China Southern Power Grid Company)، وهي مؤسسة مملوكة للدولة الصينية ومقرها في مدينة قوانجتشو.
وبحسب ما ورد، انخفض احتياطي النقد الأجنبي لدولة لاوس إلى أقل من مليار دولار؛ مما يوفر فرصة مثالية للصين لإيقاع لاوس في مصيدة عروضها الاستثمارية المُغرية في البلاد.
وتعرضت دولة لاوس هذا العام أيضًا لتخفيض تصنيفها من جانب وكالة موديز للتصنيف (Moody) من بي 3 (B3) إلى درجة سي إيه إيه 2 (Caa2) الأقل، وتغير مؤشر توقعات الدول المثقلة بالديون من محايد إلى سلبي بسبب وجود «ضغوط سيولة نقدية شديدة».


وتصارع الدولة الصغيرة الواقعة في جنوب شرق آسيا من أجل سداد القروض الصينية، وانتهى بها الأمر بتسليم معظم السيطرة على شبكتها الكهربائية الوطنية إلى الصين، في ظل تفاقم ديون شركة الكهرباء المملوكة للدولة إلى 26٪ من ناتجها المحلي الإجمالي.
ويلفت الكاتب إلى إلقاء اللوم على الصين؛ لأنها أوقعت على نحو مماثل عددًا من الدول الفقيرة في هذه المصيدة من خلال تقديم حزم مالية مُغرية لدرء حالات التخلف عن السداد الفوري، وفي المقابل، اكتساب سيطرة إستراتيجية على الأصول الإستراتيجية للأمة.
وفي هذا الصدد أشار الكاتب إلى أن الصين أوقعت دول أخرى مثل: سريلانكا، وباكستان، في حلقة مفرغة من الحصول على قروض جديدة لسداد القروض القديمة مع إجبارها على التنازل عن أصولها الإستراتيجية.
هدف مبادرة الحزام والطريق توسيع نفوذ بكين
إن مشروع مبادرة الحزام والطريق الرائد في الصين، الذي اُعلن عنه في عام 2013، هو في الحقيقة محاولة لتوسيع نفوذ بكين في جميع أنحاء العالم من خلال وسائل عادلة وخبيثة في آن واحد.
وأصبحت المبادرة بمثابة مشروع السياسة الخارجية المميز للزعيم الصيني الأعلى شي جين بينج. وتفتخر مبادرة الحزام والطريق بمشاركة حوالي 138 دولة و30 منظمة دولية، في ظل استثمارات مقترحة لربط آسيا، وأفريقيا، وأوروبا، بقيمة هائلة تبلغ 8 تريليون دولار.
وأثار المشروع انتقادات هائلة؛ لأن العديد من الصفقات الثنائية والمتعددة الأطراف التي تجري بين الدول المشاركة تتم في سرية تامة. وحذر «مركز التنمية العالمية» البحثي ومقره واشنطن من أن 23 دولة من أصل 68 دولة تستفيد من استثمارات الحزام والطريق مُعرضة على نحو كبير أو شديد لضائقة الديون».
وسلط التقرير الضوء على حوالي ثماني دول – جيبوتي، وقيرغيزستان، ولاوس، ومنغوليا، والجبل الأسود، وجزر المالديف، وباكستان، وطاجيكستان – باعتبارها معرضة على نحو خاص لخطر ضائقة الديون.
الديون الصينية ومبادرة الحزام


 أن مبادرة الحزام والطريق، على الورق أو من الناحية النظرية، تهدف إلى دعم تمويل البنية التحتية في الدول الآسيوية، والأوروبية، والأفريقية، من خلال تقديم تريليونات الدولارات. ومع ذلك أعرب التقرير الذي أشرنا إليه أعلاه عن «القلق من أن مشاكل الديون ستخلق درجة مقلقة من الاعتماد على الصين كدائن. وأدى الدين المتزايد، ودور الصين في إدارة مشاكل الديون الثنائية، إلى تفاقم التوترات الداخلية والثنائية بالفعل في بعض بلدان مبادرة الحزام والطريق».
إن المخاوف من المصيدة التي تستخدمها الصين ضد الدول الأصغر لاستخلاص فوائد إستراتيجية منها ثبتت صحتها عندما أخفقت سريلانكا في تنفيذ عقد بناء ميناء هامبانتوتا؛ الأمر الذي أدى في المقابل إلى حصول شركة صينية على عقد إيجار لمدة 99 عامًا لهذا الميناء. واكتسب مصطلح «دبلوماسية فخ الديون» مصداقية مع تحول المخاطر النظرية إلى حقيقة واقعة، بعد أن أصبحت خطط بكين الإستراتيجية واضحة وضوح الشمس، ويراها الجميع.
ولاحظ المحلل الإستراتيجي الهندي براهما تشيلاني في مقال له في هذا الشأن «أن نقل إدارة ميناء هامبانتوتا إلى بكين اعتبر في سريلانكا بأنه أشبه بقيام مزارع مثقل بالديون بالتخلي عن ابنته لمقرض ماليّ قاسٍ».
باكستان تسقط في قبضة بكين


يلفت الكاتب إلى أنه في حالة باكستان، حصلت الصين على حقوق حصرية وإعفاء ضريبي لتشغيل ميناء جوادر الباكستاني على مدار الأربعين عامًا القادمة، واستحوذت فعليًا على 91٪ من الإيرادات الناتجة من تشغيل الميناء. ولدي الصين خططًا لبناء قاعدة إستراتيجية للبحرية الصينية بجوار ميناء جوادر.
وظلت باكستان قاصرة للغاية في خيارات سياستها الخارجية بعد أن نما اعتمادها على الاستثمارات الصينية إلى درجة يمكن أن يؤدي فيها سحب الأخيرة لأصولها المالية إلى إفلاس باكستان دون أن تجد من تلجأ إليه.
وفي إجابة له على سؤال من أحد الصحافيين، أشار رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان مؤخرًا إلى أن بلاده لم تكن حرة في اتخاذ خيارات السياسة الخارجية، وقال: «عندما تحقق الدولة الاكتفاء الذاتي، يكون للإعلام وقتها حرية استجوابه بشأن اتخاذه قرارات معينة».
فريسة جديدة للديون الصينية
يشير الكاتب إلى أن هناك بلدًا آخر يقع تحت براثن الديون الصينية وهو: طاجيكستان، التي استمرت منذ عام 2006 في الاقتراض من الدولة الغنية بالسيولة النقدية التي يحكمها الشيوعيون حتى اضطرت إلى التنازل عن أراضي مساحتها 1158 كيلومترًا مربعًا من جبال بامير إلى الصين.
وفي أعقاب ذلك حصلت الشركات الصينية على حقوق استخراج الذهب، والفضة، وخامات المعادن الأخرى من المنطقة.
كما اضطرت قيرغيزستان، الدولة المجاورة للصين، التي تعاني من الديون وسط حالة من عدم الاستقرار السياسي في البلاد، إلى مد يدها إلى بكين الشهر الماضي طلبًا للمساعدة. ويمتلك بنك التصدير والاستيراد الصيني (Eximbank) أكثر من خمسَيْ الدين الخارجي لقيرغيزستان الذي يبلغ ما يقارب 4 مليارات دولار، ومول البنك مشروعات النقل والطاقة الرئيسة في البلاد.
وتشكل الدول الأخرى، الممتدة من آسيا إلى أفريقيا، قائمة طويلة من الدول التي تقع في مصيدة الديون التي نصبتها الصين. وتركت جائحة فيروس كورونا المُستجد هذا العام عديد من البلدان تكافح لدفع ديونها على خلفية نشاط اقتصادي كئيب؛ مما أدى إلى زيادة الاعتماد على الصين، التي انتعشت اقتصاديًا بقوة بعد أن ضربت الجائحة منطقة ووهان.
 إن الولايات المتحدة وحلفاءها يحاولون طمأنة هذه الدول ماليًا لتقليل اعتمادها على الصين، وخصوصًا بعد أن أثارت المزايا الإستراتيجية التي جنتها الصين قلق الولايات المتحدة، التي تستخدم تجمع الرباعية (التي تشكّّلت عام 2017 وتتكون من اليابان، والهند، وأستراليا، والولايات المتحدة، وتُعنى بتعزيز نظام قائم على القواعد لمواجهة السلوك العدواني للصين) للسيطرة على نفوذ الصين المتزايد عبر المحيطين الهندي والهادئ.

وتعتمد الدول النامية المقترضة من الصين على الدولار واليورو والعملات الأجنبية الرئيسية الأخرى، لخلاص وارداتها وتسديد ديونها. لكن كثيرا من الدول تفتقر إلى احتياطات كافية لتغطية كل هذه النفقات، ومن المتوقع أن تستنزف الواردات والديون خلال العام المقبل كل احتياطات جنوب أفريقيا من النقد الأجنبي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى