آخر الأخبارتحليلات

خفض الجنيه ورفع سعر الفائدة.. المصريون يكتوون بنار الأسعار مع رمضان

تحليل بقلم رئيس التحرير

سمير يوسف

رئيس منظمة “إعلاميون حول العالم”

الأمر جل خطير، ويصل إلى حد الفجيعة، لكن المدهش أن نظام الحكم فى مصر يتعامل مع هذه القضية الكارثية ببرود أعصاب عجيب، وعدم اهتمام ولم ترتعد فرائصه، ولم تهتز له شعرة خوف، وكأن ما يحدث لا يعنيه.

اللافت أن كل محن المجاعات اجتاحت مصر نتيجة جفاف نهر النيل كان العامل المشترك فيه أمرين، جفاف نهر النيل والمدة الزمنية التى استغرقتها 7 سنوات، وبقراءة النتائج السيئة التى ستنتج عن بناء سد النهضة الإثيوبى، يتبين أن تخزين المياه خلفه يحتاج ما بين 4 إلى 6 سنوات، وأن الخبراء يحذرون من النتائج الوخيمة على مصر، وأنها ستعانى الجفاف وستفقد مصر جزءا مهما من أجود أراضيها.

إرتفاع الأسعار الطريق إلى المجاعة القادمة

مع ارتفاع الأسعار جراء حرب أوكرانيا وغيرها من الأسباب، بات معظم المصريين يعانون من ارتفاع أسعار المواد الغذائية والأساسية ويخشون أن يؤدي رفع سعر الفائدة إلى موجات من زيادة الأسعار مع انخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار.

وقد ارتفعت أسعار المواد الغذائية في مصر حتى قبل غزو روسيا لأوكرانيا، فيما أفاد جهاز الإحصاء المصري بارتفاع معدل التضخم السنوي ليبلغ 10 في المائة لشهر فبراير/ شباط، مسجلا النسبة الأعلى منذ منتصف عام 2019 حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية والمشروبات بنسبة 20,1 في المائة.

سيطرة المؤسسة العسكرية على الإقتصاد المصرى بدون دفع ضرائب

تسير المؤسسة العسكرية المصرية في مسار توسعي كبير منذ استيلائها على السلطة في تموز/يوليو 2013. فبعد أن كانت تتحصّن في حيِّز اقتصادي محصور نسبيًا، عملت القوات المسلحة المصرية وغيرها من الهيئات العسكرية كرأس حربة لاستراتيجية الاستثمار الهائلة التي تقودها الدولة، والتي اتّبعها عبد الفتاح السيسي منذ توليه منصبه في العام 2014.

تسيطر المؤسسة العسكرية الآن على محفظة اقتصادية ضخمة. فهي تدير حصة كبيرة من إجمالي الأشغال العامة في مجالَي البنية التحتية والإسكان. وهي تبني مناطق صناعية وتنتج السلع الرأسمالية (أي معدات ومدخلات إنتاج السلع) والسلع الاستهلاكية المعمرة (كالأجهزة المنزلية والأدوات) ومركبات النقل والشحن الثقيل ومعدات تكنولوجيا المعلومات.

كما أنها تقوم بمبيعات التجزئة المرتبطة بكل ذلك، وتمتلك شركات إعلامية تجارية وفنادق، وتزيد حصتها بسرعة في مجال الزراعة والاستزراع السمكي واستخراج المعادن. بل منذ أيلول/سبتمبر 2021، احتكرت المؤسسة العسكرية إنتاج الوجبات المدرسية، وسيطرت وزارة الدفاع رسميًا على استخدام أراضي الدولة من قبل أي فرد أو كيان مدني، سواء كان خاصًا أو عامًا، منذ العام 2001. تُعد وزارة الإنتاج الحربي الآن إحدى الهيئتين اللتين توافقان على استيراد البضائع أو الخدمات الأجنبية من قبل الجهات الحكومية. كذلك، يشارك ممثلون عسكريون في عضوية عددٍ من المجالس القومية، بما في ذلك مجال التخطيط والتنمية المستدامة؛ ويساهمون في توجيه السياسات في قطاعات عدة، بما في ذلك الصناعة التحويلية والاتصالات والتحول الرقمي وتطوير سوق السيارات الكهربائية والتنمية الريفية؛ ويرأسون مبادرات رئاسية كبرى، بما في ذلك صندوق تحيا مصر التنموي والشركة المسؤولة عن بناء العاصمة الإدارية الجديدة لمصر. ثمة أيضًا خطط جارية لزيادة رسملة الشركات العسكرية من خلال دعوة الاستثمار الخاص عبر صندوق الثروة السيادي المصري.

 “جمهورية الضباطالتي تضم الآلاف من كبار المتقاعدين من القوات المسلحة المنتشرين في الوزارات والأجهزة الحكومية، والهيئات الاقتصادية التنظيمية والتشغيلية، والحكم المحلي، والشركات المملوكة للدولةهو المكمّل لكيان الاقتصاد العسكري الرسمي.1

وخفضت مصر قيمة عملتها المحلية أمام الدولار الأمريكي بنسبة 14 بالمائة تقريبا في محاولة للحد من تبعات أزمة الحرب الروسية-الأوكرانية ليسجل عند منتصف ليل الاثنين الثلاثاء (21-22 مارس/ آذار 2022)  18,7 جنيه مقابل الدولار مقارنة بـ 15,6 جنيها مصريا حتى ليل الأحد.

وفي هذا السياق، يرى أن “غياب الرقابة الحكومية وإيمان الحكومة بالرأسمالية المتوحشة أكثر من صانعي هذه السياسة في أوروبا وأمريكا، حيث الرأسمالية لها ضوابط، لكن في مصر الرأسمالية تأخذ فقط من جيوب الفقراء لصالح الأغنياء، فضلا عن هشاشة الصادرات المصرية، بمعنى ارتفاع فاتورة الاستيراد بمعدل ضعفي الواردات“.

وأعلن البنك المركزي المصري أنه تقرر زيادة سعر العائد على الإقراض والودائع بنسبة 1 بالمائة، مضيفا أن الصراع الروسي-الأوكراني أدى إلى “ضغوط تضخمية محلية وزيادة الضغط على الميزان الخارجي“.

ارتفعت أسعار منتجات البقالة في كل أحد الأسواق المُدعَّمة من الحكومة في حيِّها بالقاهرة، حيث انطلق صوت مكبر صوت يعِد ببيع السلع الأساسية لشهر رمضان بأسعار رخيصة.

وعندما تراجع اسعار علب التمر- الذي عادةً ما يتناوله المصريون للإفطار خلال الشهر المبارك لدى المسلمين.سعر العلبة كان السعر 20 جنيهاً، وهو ما يزيد على دولار واحد بقليل. وهو سعر مقارب لسعر كل شيء آخر تقريباً.

وحل شهر رمضان في الثاني من أبريل/نيسان 2022، وهو موسم احتفالي عادةً ما يتطلَّع فيه الناس في مختلف أرجاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى التجمُّع مع الأصدقاء والعائلة، وشراء ملابس جديدة، وإقامة مآدب طعام بعد المغرب وتمتد حتى وقت متأخر من الليل.

لكن هذا العام، ارتفعت أسعار المواد الغذائية مثل الزيت والسكر والدقيق والأرز، في عموم المنطقة نتيجة ارتباك سلاسل التوريد العالمية والحرب بين روسيا وأوكرانيا، اللتين تُصدِّران كثيراً من السلع الأساسية والغذاء، وضمن ذلك القمح والأسمدة والغاز.

ويهدد هذا الواقع بسحق ميزانيات الأسر والحكومات على حدٍّ سواء، في بلدان لم يكن لديها ما تدخره، الأمر الذي يزيد احتمالية حدوث اضطرابات شعبية جماعية من النوع الذي لم نشهده منذ احتجاجات الربيع العربي قبل عقد من الزمن، وهي التي نبعت جزئياً من ارتفاع أسعار الغذاء.

وكانت هذه النقطة تحديداً حجر الأساس في تحليل نشرته الصحيفة الأمريكية بعنوان “الشرق الأوسط على الحافة من جديد”، رصد الأوضاع في المنطقة بعد ما يزيد على عقد من الربيع العربي، الذي أطاح بالعديد من النظم السلطوية في الشرق الأوسط، وأدخل أخرى في فوضى، وكيف بدأ نظامٌ سلطوي جديد يتشكل في المنطقة.

هشتاج إرحل ياسيسى

وفي مصر، يتصدر هاشتاغا “ثورة الجوع” و”ارحل يا سيسي” وسائل التواصل الاجتماعي منذ بضعة أيام في ظل ارتفاع أسعار الخبز.

ومع انتشار السخط في مصر، دعَّمت الحكومة أصحاب المتاجر المحليين من أجل افتتاح أكشاك مُخيَّمة بجوانب الشوارع لبيع مواد غذائية وزينة رمضان إلى جانب اللحم والسلع الأساسية بأسعار أرخص.

إنَّ الحكومة أهدرت الفرص السابقة لوضع الاقتصاد المصري على أرضية صلبة بعد حزمة إنقاذ بقيمة 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي عام 2016. وبدلاً من بناء صناعات يمكنها خلق فرص عمل مستدامة وجيدة الرواتب مثل التصنيع أو البحوث والتنمية، أنفقت الحكومة بدون حساب على التنمية العقارية، وضمن ذلك مشروعات عملاقة مثل العاصمة الجديدة التي يبنيها السيسي في الصحراء.

وقال تيموثي كالداس، محلل الاقتصاد السياسي بمعهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط في واشنطن، إنَّه مع أنَّ اتفاق 2016 قد كلَّف مصر بالقيام بإصلاحات تهدف إلى تنمية القطاع الخاص وخفض الفقر، تقلَّص القطاع الخاص في كل شهر تقريباً منذ الاتفاق، جزئياً لأنَّ الشركات المملوكة للجيش التي تتمتع بإعفاءات ضريبية وامتيازات أخرى، تزاحم منافسة القطاع الخاص.

وكانت سياسات التقشف قد قلَّصت بالفعل القدرة الشرائية للمصريين بصورة كبيرة قبل جائحة فيروس كورونا والحرب الأوكرانية.

أنَّ دعم صندوق النقد الدولي على الأرجح سيساعد مصر في مواجهة هذه الأزمة على وجه التحديد، “لكنَّ التحدي الرئيسي هو الوصول إلى مسار نموٍ أكثر استقراراً“.

تستعرض “جريدة المال” قائمة أسعار المواد الغذائية فى الأسواق لشهر مارس 2022، والتي شهدت ارتفاعات في أغلب أصناف المواد الغذائية خلال الفترة الحالية نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية والمستمرة حتي الآن منذ 24 فبراير الماضي، ويختلف سعر كل سلعة من السلع الأساسية في الأسواق حسب النوع والمنطقة السكنية التي يتم طرح السلع بها.

أسعار المواد الغذائية الاستراتيجية في الأسواق

الأرز 1 كيلو من 11 جنيها إلي 14 جنيهًا.

الزيت الخليط 1 لتر من 28 جنيها إلي 35 جنيها.

السكر 1 كيلو من 10 جنيهات إلي 15 جنيهًا.

المكرونة 400 جرام من 3.5 جنيه إلي 6.5 جنيه.

المكرونة 1 كيلو من 11 جنيها إلي 20 جنيهًا.

الدقيق 1 كيلو من 10 جنيهات إلي 13 جنيهًا.

العدس 1 كيلو من 20 جنيها إلي 25 جنيها.

الألبان 1 لتر من 16 إلي 19 جنيهًا.

المسلي 700 جرام من 25 جنيها إلي 30 جنيها.

المسلي 1.5 كيلو من 55 جنيه إلي 115 جنيه حسب النوع.

تزايدت شكاوى المصريين في الأيام الأخيرة من ارتفاعات حادة في أسعار السلع والمواد الغذائية الأساسية، فيما تحاول الحكومة طمأنة الناس بأن ذلك “أمر مؤقت”، وتتهم التجار بـ”الجشع“.

فبداية من الخبز وحتى اللحوم، ارتفعت الأسعار ما بين 20 إلى 50 في المئة في أيام معدودة بحسب ما تم رصده، في ظل تقارير تحذر من ارتفاعات جديدة خلال الأيام المقبلة.

وقال تجار إن الغزو الروسي لأوكرانيا تسبب في اضطراب واردات مصر من القمح مع توقف شحنتين اشترتهما هيئة السلع التموينية في الموانئ الأوكرانية، بينما تعرضت شحنات أخرى للخطر فضلا عن ارتفاعات متوقعة في الأسعار.

 ارتفع سعر القمح بالسوق المحلي بنحو ألف جنيه للطن، ليتراوح بين ستة آلاف إلى 6500 جنيه مصري (نحو 420 دولارا).

 أن يشهد السوق رفع أسعار أنواع من الخبز قريبًا.

وغالبا ما تعد مصر أكبر مستورد للقمح في العالم، وقال تجار إن نحو 50 في المئة و30 في المئة من واردات القطاعين العام والخاص، على الترتيب، جاءت من روسيا وأوكرانيا.

غضب وسخرية

وعلى منصات التواصل الاجتماعي، أثار قرار البنك المركزي رفع سعر الفائدة موجة من الغضب خاصة وأنه تزامن مع ارتفاع الأسعار ما أدى إلى توجيه رواد التواصل الاجتماعي انتقادات لاذعة للحكومة.

ولم يقتصر الأمر على انتقاد الحكومة بل امتد إلى اتهامها بانتهاج سياسات تضر بالمجتمع المصري في بلد يبلغ معدل الفقر فيه أكثر 30 بالمائة، بحسب البيانات الرسمية.

وجه آخر للمجاعة

إذا كانت المجاعات التي عرفها العالم خلال فترات محددة تتمثل في نقص في الغذاء إما بسبب الحروب او الكوارث الطبيعية، فإن خصوصية الأزمة التي تعاني منها بعض البلدان اليوم تتمثل في توفر الغذاء بكثرة ولكن بأسعار لا يقدر على دفعها عدد كبير من الناس. وهذا ما دفع الناطقة باسم برنامج الغذاء العالمي في جنيف كريستيان بيرتيوم الى القول “إن المجاعة اليوم اتخذت وجها آخر“.

واعتبرت المتحدثة أن برنامج الغذاء العالمي، وهي المنظمة الأممية المكلفة بتقديم المساعدات الغذائية إلى أكثر من 73 مليون شخص يعانون من نقص في الغذاء في 80 بلدا، “تجد نفسها اليوم أمام خيارات مؤلمة إذا لم تتجند الدول وتوفي بوعودها لمواجهة ارتفاع أسعار شراء المواد الغذائية”. وتضيف كريستيان بيرتيوم “إما أن نوقف برامج توزيع الغذاء في بعض المناطق أو أن نخفض من قيمة السعرات الحرارية للوجبات الغذائية التي نوزعها“.
يضاف الى ذلك أن النداء الإضافي المقدر بحوالي 500 مليون دولار الذي وجهه برنامج الغذاء العالمي إلى المانحين لمواجهة الارتفاع المسجل في أسعار المواد الغذائية الأساسية لم يجلب سوى 14 مليون دولار لحد الآن.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى