آخر الأخباركتاب وادباء

الوضع الراهن وتداعياته على المشكل الليبي المتأزم

بقلم الباحث المتخصص الليبى

فرج كُندي

عضو مؤسس فى منظمة “إعلاميون حول العالم”

من الأهمية بمكان أن نفتتح النقاش بسؤال يكون مدخلًا مباشرًا للموضوع وبدون مقدمات:
هل ما يحدث الآن في ليبيا هو في صالح حلحلة الانسداد السياسي والمناطقي القائم؟ 

إن ما يحدث في ليبيا الآن هو نتيجة طبيعية للانسداد الكبير الذي حدث مع انطلاق ما يعرف بعملية الكرامة “العسكرية” في فبراير 2014؛ التي انقسم فيها الليبيون إلى فسطاطين متنافسين.
الأول: يتبنى فكرة الدولة المدنية والاحتكام إلى صناديق الاقتراع.
الثاني: يتبنى فكرة الحسم العسكري ويؤيد الجنرال حفتر لحكم ليبيا.
ولكل تيار من هذين التيارين واجهته السياسية متمثلة في رئيس مجلس النواب عقيلة صالح المؤيد لتيار العسكرة، وخالد المشري المؤيد لتيار ما يعرف بتيار الدولة المدنية.
وهذين التيارين كفرسي رهان أو كثورين في حلبة مصارعة، لا يمكن أن يصلا إلى حل لبعد الشقة بينهما من حيث المنطلقات والأهداف، ولا توجد قواسم مشتركة بين التيارين.
من هذه المعطيات يمكن الجزم بأنه لا يوجد حل في الأفق القريب وأن الانسداد يزداد عمقًا وكل المؤشرات تقول الكل يراهن على إطالته.  


– تقدير الموقف والدور الذي يلعبه كل من المشري وعقيلة على المرحلة القادمة.
لكل من عقيلة والمشري دور مرسوم له لا يمكن له الخروج عنه بسهولة فكلا الرجلين مرتهن لخط محدد من الصعوبة أن يخرج عنه ولا يملك إلا مساحة محددة للمناورة، وإن كان المشري يحاول الخروج قليلا ولكن الضغوطات التي مورست عليه جعلته يتراجع في موقفه من القاعدة الدستورية للانتخابات التي أطلقها عقيلة صالح مؤخرا.
فالمشري يتحكم فيه بعدان ليس من السهولة أن يتجاوزهما أو يحيد عنهما إلا لو قرر أن يحرق جميع سفنه ويرتمي في أحضان معسكر عسكرة الدولة كما فعل السيد فتحي باشاغا الذي قرر أن يمد يده لخليفة حفتر.
البُعد الأول: –
ـــــــــــــــــ
هو منطلقات المشري والقاعدة التي أوصلته إلى المؤتمر الوطني ثم رئاسة مجلس الدولة وهو انتماؤه لثورة فبراير ومبادئها التي على رأسها “مدنية الدولة”.
البعد الثاني: ـ
ــــــــــــــــــ
هو النطاق الجغرافي المناطقي الذي يوجد فيه مجلس الدولة الذي على رأسه المشري؛ وهذا النطاق المتمثل في الغرب الليبي الذي يرفض مشروع عسكرة الدولة؛ بل يرفض وجود خليفة حفتر في المشهد السياسي الليبي من حيث الأصل، ويرعى هذا التوجه قوى مدنية وعسكرية نافذة ومؤثرة تحول دون إبرام أي اتفاق مع خليفة حفتر، وتتحسس حتى من وجود تمثيل له ولو بصورة مستترة.  
في حين عقيلة مرتهن بتحالف مع خليفة حفتر، وكلا الاثنين يعملان بتخطيط وتوجيه مصري معلن، ولا يمكن للرجلين تجاوزه قيد أنملة وقرارهما ليس في أيديهم، بل لدى المخابرات المصرية وحدها.
ورغم طموح عقيلة صالح للوصول إلى كرسي الرئاسة بأي صورة أو وسيلة كانت بمنهجية ميكافيلية – الغاية تبرر الوسيلة – إلا أن تحركاته مرتهنة للمساحة التي يمنحها له لواء المخابرات المصرية ومسؤول الملف الليبي.
هذا بالإضافة إلى الحذر الشديد مع حليفه والمدعوم أيضا من مصر “خليفة حفتر” وهو الأكثر طموحا للسلطة والأكثر نفوذا في الشرق الليبي، وإن كان عقيلة يعتمد على نقطتي رئاسة مجلس النواب، والخلفية الاجتماعية، قوة تميزه عن حفتر بكونه يترأس مجلس النواب المتمركز في طبرق، التي تمثل له خلفية اجتماعية يفتقدها خليفة حفتر الذي أصوله تنتمي إلى الغرب الليبي.
يتعمّد كلا الرجلين ألا يظهرا هذه المنافسة المكتومة وظهرت في بعض الأحيان، والمؤكد أنها منافسة محتومة والمسألة مسألة وقت أو فرص سياسية تظهرها للعيان. وخلاصة هذه العلاقة أن الرجلين كلاهما محتاج إلى الآخر في الوقت الراهن والأيام سوف تبدي ما كان متوقع.
فالمشري وعقيلة ليس لديهم مساحات كافية للقيود سابقة الذكر تمكنهم من إيجاد حلول للمشكلة السياسية في ليبيا للتأثيرات الداخلية والخارجية في الرجلين، وإن كان عقيلة قد أثبت قدرة على المناورة السياسية التي يحقق بها بعض المكاسب المحدودة على المشري بتمرير بعض القرارات التي كان يصدرها بمفرده في بيته بمدينة القبة وتصبح سارية المفعول. في حين أن المشري لا يملك إلا ردود الفعل المحدودة ويفتقد إلى امتلاك زمام المبادرة الحقيقية.
– ما هي ردود فعل المجتمع الدولي والإقليمي مما يحدث في الرباط؟

لقاء الرباط ظاهره محاولة جمع فرسي الرهان عقيلة والمشري، رغبة الاثنين في تقاسم المناصب السيادية ينتج عنه ضمان استمرارهما في المشهد السياسي. في حين أن المجتمع الدولي لم يعول كثيرا على هذا اللقاء إلا بالدعوة لعقد انتخابات رئاسية وبرلمانية وهو تكرار لما يقال، إن الشيء المهم في هذا اللقاء من الناحية الدولية والإقليمية هو محاولة مناكفة من المغرب لخصمها الجزائر التي استقبلت السيد عبدالحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية؛ إذًا يمكن القول إن هذا اللقاء من الناحية الدولية مجرد مناكفة سياسية بين المغرب والجزائر ليس إلا ولن يتمخض عنه شيء ذو بال.
– ما هي ردود الفعل الداخلية لمراكز القوى من حكومة الدبيبة والمركزي وكذلك الأحزاب بالشأن الداخلي مما يحدث في المغرب؟
كانت ردة فعل تيار مدنية الدولة رافضة لما أعلنه المشري حول الاتفاق على مناقشة المناصب السيادية، وخاصة المصرف المركزي الذي تخشى الأطراف النافذة في طرابلس من تمكن حفتر من السيطرة عليه لحل أزمته المالية ولسداد ديونه في الحرب على طرابلس.
ومن المعروف أنه يوجد قرار حاسم من أغلب القوى السياسية في طرابلس بالحيلولة وعدم تمكين حفتر من السيطرة على مصرف ليبيا المركزي بأي شكل من الأشكال.  
 
– أيّ تساؤلات أخرى يمكن أن تقدم في هذه الورقة؟
إن التساؤل الكبير والملح هو إلى متى يستمر هذا الانسداد، وما هو الحل؟ وإلى متى يصبر الشعب الليبي على هذه الحالة المتردية على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية؟
التوقعات:
استمرار الأزمة والانسداد ولا وجود لحل في الأفق رغم وجود ممثل أممي جديد.
– تتميز المرحلة القادمة بهدوء نسبي مقارنة بالفترات السابقة لوجود توافق أممي حول الممثل الجديد للأمم المتحدة.
– انشغال العالم بالحرب الروسية الأوكرانية، يبعد ليبيا عن مركز الاهتمام الدولي.
– صعوبة العودة للحرب بسبب الوجود التركي الروسي على ضفتي الصراع.
– رغبة مصر في استخدام الصراع في ليبيا وتوظيفه كورقة سياسية كما تستخدم الخلاف الفلسطيني (غزة والضفة). يساهم في استمرار الخلاف الذي يحقق المصالح المصرية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى