آخر الأخبارتحليلات

كيف يؤثر الدعم الأمريكي لإسرائيل على مصالح واشنطن في القارة السمراء؟

متابعات عالمية إعداد

هشام محمود

عضو مجلس الإدارة

أحد التحديات الدبلوماسية الكثيرة التي تواجه الولايات المتحدة في معارضة الدول الأفريقية موقفها من الحرب، حيث باتت ترى نفاقاً واضحاً في الدعم الأمريكي والغربي لإسرائيل في عدوانها على غزة، كما يقول تقرير لموقع Responsible Statecraft الأمريكي.
أفريقيا ترفض النفاق الأمريكي والغربي بخصوص غزة
يصعب التعميم على الرأي العام الأفريقي، خاصة في غياب بيانات استطلاعات الرأي على مستوى القارة بخصوص الحرب الحالية. لكن بعد ردود أفعال الحكومات الأفريقية التي كانت منقسمة في البداية الحرب، تكثر الدلائل الآن على أن معظم الحكومات الأفريقية، والأحزاب والفصائل السياسية الأفريقية الرئيسية، وقطاعات كبيرة من الجماهير الأفريقية متعاطفة مع القضية الفلسطينية ومصدومة من الحرب الإسرائيلية الحالية على غزة والنفاق الأمريكي في التعاطي مع الأمر.

والكثير من الحكومات الأفريقية كانت تدعم قيام دولة فلسطينية مستقلة. ولكن في العقود الأخيرة، زادت إسرائيل من حضورها الدبلوماسي في القارة، وإن لم يكن منتظماً دائماً. فمثلاً، اعترفت موريتانيا بإسرائيل عام 1999 قبل أن تعلّق العلاقات معها عام 2009. ولكن في الأزمة الحالية، تعارض جميع الحكومات الأفريقية تقريباً القصف الإسرائيلي واجتياح غزة.

وفي 23 أكتوبر/تشرين الأول، مُرر مقترح أردني يدعو إلى “هدنة إنسانية فورية ودائمة ومستدامة تؤدي إلى وقف الاشتباكات” في الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية 120 صوتاً مقابل 14 صوتاً وامتناع 44 عن التصويت. وصوتت 35 دولة أفريقية (من ضمنها دول شمال أفريقيا) لصالح القرار، بما في ذلك المغرب والسودان، الموقّعان على اتفاقيات أبراهام أواخر عام 2020. ولم تصوت أي دولة أفريقية ضد القرار، في حين امتنعت مجموعة من الدول الأخرى، مثل الكاميرون وإثيوبيا، عن التصويت. ودعم هذه القرارات يتعارض صراحة مع الرغبات الأمريكية.

وعلى المستوى الدبلوماسي، يواصل الاتحاد الأفريقي دعم حل الدولتين، وفي 15 أكتوبر/تشرين الأول، انضم إلى جامعة الدول العربية في بيان يدعو إلى السلام ويندد بـ “العقاب الجماعي” الذي تتعرض له غزة.

دول أفريقية تعاقب إسرائيل

وفي الوقت نفسه، استدعت دولتان أفريقيتان دبلوماسييهما من إسرائيل: جنوب أفريقيا وتشاد. كان حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم في جنوب أفريقيا، حتى قبل وصوله إلى السلطة عام 1994، داعماً قوياً للقضية الفلسطينية، وخاصة منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات، الذي وصفه نيلسون مانديلا زعيم حزب المؤتمر الوطني الإفريقي بـ”المناضل في سبيل الحرية”.

وفي 6 نوفمبر/تشرين الثاني، استدعت بريتوريا سفيرها من إسرائيل، معللة قرارها بقتل إسرائيل للمدنيين في غزة وما سمته وزيرة الخارجية ناليدي باندور “العقاب الجماعي، والإبادة الجماعية”.

وقبلها بيومين، استدعت تشاد القائم بالأعمال من تل أبيب، داعية إلى “وقف إطلاق النار يؤدي إلى حل دائم للقضية الفلسطينية”. وكان لخطوة تشاد أهمية خاصة؛ لأنها رفعت مؤخراً فقط مستوى علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل وافتتحت سفارة في فبراير/شباط الماضي.

وبعض الدول الأفريقية التي بدت في البداية شديدة الدعم لإسرائيل بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول مباشرة، تبنت بعد ذلك مواقف مختلفة مع تزايد عدد القتلى جراء الهجوم الإسرائيلي: فكينيا، مثلاً، أدلت في البداية ببيان قوي عن “تضامنها” مع إسرائيل، لكنها بعد ذلك دعت إلى خفض التصعيد.

وفي شمال أفريقيا، كانت الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين أقوى مما كانت عليه في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، حتى إن المغرب- أحد الموقعين على اتفاقيات التطبيع والشريك ذا الأهمية المتزايدة لإسرائيل- سمح باحتجاجات ضخمة.

ومن ناحية أخرى، في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، أحجمت حتى حكومات بعض البلدان ذات الأغلبية المسلمة عن السماح بمواصلة الاحتجاجات: في 28 أكتوبر/تشرين الأول، مثلاً، رفضت السنغال السماح للتحالف الوطني لدعم القضية الفلسطينية في السنغال بتنظيم احتجاجات، وإن مضى احتجاج في نهاية المطاف في داكار. وفي الوقت نفسه، شهدت جنوب أفريقيا بعضاً من أكبر الاحتجاجات في منطقة جنوب الصحراء الكبرى، وهذا ليس مستغرباً بالنظر إلى تضامنها التاريخي المعروف مع القضية الفلسطينية، فضلاً عن وجود حزب المقاتلين من أجل الحرية الاقتصادية اليساري. وساحة احتجاج آخر مهمة كانت نيجيريا، بين المسلمين السنة أو الشيعة على السواء.

أمريكا تفشل في القارة السمراء مجدداً

وتأتي عبارات الإدانة للسياسة الإسرائيلية في أجزاء مختلفة من القارة الأفريقية على خلفية حملة فاشلة إلى حد كبير من جانب الولايات المتحدة لإقناع الحكومات الأفريقية بالانحياز إلى جانبها في الحرب الأوكرانية. فقبل وبعد قمة الولايات المتحدة مع القادة الأفارقة في واشنطن في ديسمبر/كانون الأول عام 2022، وجد مسؤولو إدارة بايدن أن حتى الحلفاء القدامى، مثل الرئيس الأوغندي يوويري موسيفيني، غير راغبين في الانفصال التام عن روسيا.

ونظراً للدعم المالي والدبلوماسي والعسكري الهائل الذي تقدمه واشنطن حالياً لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والجيش الإسرائيلي، فاصطفاف الحكومات الأفريقية ضد روسيا قد يزداد صعوبة.

وفي الجنوب العالمي، تبدو فكرة “النظام الدولي القائم على القواعد” جوفاء لكثير من الحكومات وشعوبها

، حيث تقدم الحكومات الغربية (مع استثناءات قليلة، مثل أيرلندا) دعماً غير مشروط تقريباً للهجوم العسكري الإسرائيلي. وهذه الإجراءات انتهاك واضح للقوانين الدولية ضد العقاب الجماعي، واستهداف المدنيين، واستهداف الصحفيين، وقطع الغذاء والماء والكهرباء، وفقاً للمنظمات الحقوقية الدولية الكبرى، مثل منظمة العفو الدولية، والمجموعات الكبرى المعنية بحرية الإعلام، مثل منظمة مراسلون بلا حدود.
أفريقيا تكره الحروب وقتل الأطفال
وفي مجلة The Continent، وهي مجلة مؤثرة في جنوب أفريقيا، اتهم أحد المعلقين البارزين الولايات المتحدة (وألمانيا، ودول أخرى) بالنفاق الشديد في التعامل مع فلسطين، ومثّل لذلك بالاعتذار العلني الذي قدمه الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير في تنزانيا مطلع هذا الشهر عن الإبادة الجماعية تحت حكم الاستعمار. وأعرب أحد الكتاب الكينيين عن أسفه لأن الأمم المتحدة أصبحت بلا سلطة، وأن حكومة الولايات المتحدة تبدو “لامبالية” بالضحايا الفلسطينيين، و”وسائل الإعلام الغربية.. أصبحت ناطقاً باسم الدعاية الأمريكية والإسرائيلية على ما يبدو”.
وفي الوقت نفسه، في خضم الحرب الأوكرانية والأزمة في غزة، يشعر بعض الأفارقة أن الصراعات والمآسي التي تشهدها القارة (في السودان، وإثيوبيا، وأماكن أخرى) تلقى تجاهلاً غربياً واضحاً، وهي ديناميكية حذر منها مراقبون مخضرمون أيضاً. وبذلك قد تجد واشنطن صعوبة متزايدة في إقناع الأفارقة بأن الولايات المتحدة تمثل مجموعة معينة من “القيم العالمية”.
وفي أفريقيا، يثير الوضع في فلسطين العديد من أشكال التضامن العرقية والدينية والسياسية وغيرها. وهذه الأشكال من التضامن تنمو وسط الصراع الحالي، وهذا قد يؤدي إلى تراجع بعض المكاسب الدبلوماسية لإسرائيل وتشكُّل تحديات طويلة المدى للنفوذ الدبلوماسي الأمريكي.
بعض التفاصيل لمشاركة الولايات المتحدة الأمريكية في الحرب ضد غزة
منذ بداية الحرب 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، قدمت الولايات المتحدة الأمريكية دعماً كبيراً للاحتلال من خلال تبني روايته ورفض وقف الحرب على غزة، وتبرير قتل الأطفال، وتقديم تمويل ضخم لتل أبيب.
ونرصد فى هذا التقرير أوجه الدعم المختلفة، التي تعكس مشاركة أمريكا في حرب غزة، وانخراطها فيها بشكل معلن.


المشاركة في الحرب

دخلت أمريكا في حرب غزة بشكل مباشر من خلال 3 خطوات قامت عليها مؤخراً، خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2023، بعد أكثر من 20 يوماً على بدء الحرب.
مسيّرات أمريكية
قامت أمريكا بإطلاق مسيّرات فوق غزة؛ لمحاولة معرفة أماكن الرهائن الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية.

صحيفة نيويورك تايمز

وأوردت صحيفة “نيويورك تايمز” أن رحلات الاستطلاع التي تقوم بها الطائرات الأمريكية من دون طيار في قطاع غزة، تهدف إلى المساعدة في تحديد مكان الرهائن والبحث عن “علامات الحياة” ونقل المعلومات إلى الجيش الإسرائيلي.
وأفادت بأن عملها تركز بشكل رئيسي على جنوب قطاع غزة، في حين أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يعمل على الأرض في الشمال.
وأكد مسؤولو البنتاغون أن هذه هي المرة الأولى التي تعمل فيها طائرات أمريكية من دون طيار فوق غزة، مشددين على أن الطائرات من دون طيار ليست مسلحة، ولا تدعم الأنشطة الهجومية للجيش الإسرائيلي في المنطقة.
وقال باحث طيران يتابع الرحلات الجوية للصحيفة، إنه يبدو أن هناك ما لا يقل عن 6 طائرات من دون طيار من طراز MQ-9 تشارك في عمليات تحديد مواقع الرهائن.


14.3 مليار دولار لدعم إسرائيل

قام الكونغرس بالمصادقة 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، على ميزانية “عاجلة وغير مسبوقة” بقيمة 14.3 مليار دولار لدعم الاحتلال الإسرائيلي.
تأتي موافقة مجلس النواب، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، في وقت يؤكد فيه الديمقراطيون أنه لن يتم المصادقة عليه في مجلس الشيوخ.
جاء التصويت بأغلبية 226 صوتاً مقابل 196، وهو ما يتماشى إلى حد كبير مع التقسيم الحزبي للمقاعد.
وصول وحدة استكشافية من مشاة البحرية و2000 جندي إلى إسرائيل.
تنوع الدعم العسكري الأمريكي إلى إسرائيل منذ بداية الحرب في غزة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي.
إذ قامت واشنطن بتزويد إسرائيل بخلية من قوات العمليات الخاصة، إلى جانب خبراء عسكريين.
وقامت أمريكا أيضاً بتحويل مسار حاملة الطائرات “يو إس إس جيرالد آر. فورد” الأقوى في العالم، باتجاه فلسطين، في خطوة لإبداء الدعم للاحتلال، بطاقمها المكون من نحو 5000 فرد.
كذلك، فإنها قامت بإرسال حاملة الطائرات الهجومية “يو إس إس أيزنهاور” إلى البحر الأبيض.
يضاف إلى ذلك تحريك واشنطن 75 طائرة مقاتلة باتجاه إسرائيل، ولكن دون انخراطها في الحرب بشكل مباشر.
ونشرت الصحافة الأمريكية أن وزارة الدفاع الأمريكية، قامت بإرسال اثنين من أنظمة الدفاع الصاروخية إلى إسرائيل.

الدعم السياسي

لطالما أعلنت أمريكا دعمها المطلق لإسرائيل في حروبها المتكررة على قطاع غزة، ولم يختلف الأمر في هذه الحرب، إلا أنه كان لافتاً تبني الرئيس الأمريكي جو بايدن الرواية الإسرائيلية بحذافيرها، الأمر الذي تسبب له بإحراج بسبب كذب روايات إسرائيلية بشأن قطع رؤوس أطفال في مستوطنات غلاف غزة حين دخلتها المقاومة في 7 أكتوبر/تشرين الأول، الأمر الذي قال عنه البيت الأبيض لاحقاً إنه لا دليل على صحته.
بالإضافة إلى التشكيك الأمريكي الرسمي، وفي وسائل إعلامه المختلفة، في أعداد شهداء القصف على قطاع غزة، رغم توثيقها من وزارة الصحة الفلسطينية في القطاع.
وكان من أبرز خطوات الدعم الأمريكي السياسي للاحتلال، رفضه وقف العدوان على غزة.
إذ قال متحدث مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي، إن “وقف الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة المحاصَر لن يكون الحل الصحيح، وأن هذا سيفيد (حركة) حماس حالياً”.
كذلك، فإن البيانات الرسمية الصادرة عن المسؤولين الأمريكيين من ضمنهم بايدن ووزراؤه، وصفها الفلسطينيون بأنها تبرر قتل الأطفال والمدنيين، بحجة أن ما يجري حرب: “إنها حرب، ومن حق إسرائيل الدفاع عن نفسها”.
وحرصوا كذلك على إبداء الدعم السياسي من خلال زيارات مكثفة لكل من الرئيس الأمريكي جو بايدن ووزير الدفاع لويد أوستن، و3 زيارات لوزير الخارجية أنتوني بلينكن.
ومنذ 31 يوماً، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي عدواناً على قطاع غزة، أسفر عن استشهاد أعداد غزة تتجاوز 11 ألفا والاحتلال ألقى 32 ألف طن من المتفجرات شخصاً، معظمهم مدنيون، وتسبب بوضع إنساني كارثي، وفق تحذيرات أطلقتها مؤسسات دولية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 تاريخ بدء حرب طوفان الأقصى.
أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، اليوم الاثنين، ارتفاع حصيلة الشهداء والمصابين نتيجة العدوان المتواصل منذ السابع من أكتوبر الماضي وحتى مساء أمس الأحد في قطاع غزة، إذ وصل عدد الشهداء إلى 11180، بينما وصل عدد المصابين إلى 28200 جريح.
وبيّنت أن من بين الشهداء 4609 أطفال، و3100 امرأة، و678 مسنًا بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا”.
وفي الضفة الغربية ارتفع عدد الشهداء إلى 180 شهيدًا والمصابين إلى 2700، حتى عصر اليوم الاثنين.
وأوضحت في تقريرها اليومي، الذي يغطي الفترة من السابع من أكتوبر وحتى مساء أمس الأحد، نظرًا لصعوبة جمع المعلومات مع فقدان الاتصال، أن 3250 مواطنًا لا زالوا مفقودين أو تحت الأنقاض، بينهم 1700 طفل.
وقالت إن 6 أطفال خدج و9 مرضى في مستشفى الشفاء استشهدوا بسبب نفاد الوقود وخروج أقسام المستشفى عن الخدمة نتيجة استهدافه المباشر ومحاصرته.
وسجلت الصحة استشهاد 202 من الكوادر الصحية، و36 من الدفاع المدني، وإصابة أكثر من 130، بينما تضررت 60 سيارة إسعاف بينها 53 تعطلت عن العمل بشكل كامل.
وقال المتحدث باسم الوزارة أشرف القدرة، في مؤتمر صحفي، إن وزارة الصحة رصدت 16 مجزرة خلال الساعات الماضية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى