لايف ستايل

تعجز عن الكف عن التسويف وتأجيل تنفيذ المهام؟ اكسر الدائرة بسؤال واحد

نعرف جميعاً هذا الشعور بالرهبة الوجودية من مهمة عمل مملة، أو من موعد تسليم نهائي يلوح في الأفق، أو عرض مهم. في بعض الأحيان، بغض النظر عن جهدك المبذول، يكون من المستحيل إتمام المهام، لذلك نلجأ إلى التسويف وتأجيل تنفيذ المهام لمواجهة الضغط الذي يشل حركتنا في بعض الأحيان، حتى مع علمنا بأنه ستكون هناك عواقب كارثية.

إذن ما هو السبب الحقيقي وراء تسويف البشر لمهامهم؟ يقول تيموثي بيشيل، عالم النفس الاجتماعي الذي درس علم السلوك لمدة 26 عاماً، إن الأمر لا علاقة له بقلة الانضباط أو ضيق الوقت، لكنه في واقع الأمر، يتعلق بالتنظيم العاطفي.

في حواره مع مجلة Inverse يقول تيموثي: “إن المماطلة ليست مسألة متعلقة بإدارة الوقت؛ إنها مشكلة في إدارة المشاعر”، هذا لأن تجنب مهمة صعبة، ومملة ومثيرة للقلق يمكن أن يخفف من وطأة تلك المشاعر السلبية مؤقتاً.

وفي حين أن معظم المقالات المعنية بتقديم نصائح للإنتاجية تجادل بأن حل التسويف هو إعادة هيكلة الوقت أو تقسيم المشروع إلى أجزاء يسهل التحكم بها، فإن تيموثي يقدم بديلاً بسيطاً. اسأل نفسك سؤالاً واحداً قادراً على تغيير حياتك: “ما هو الإجراء التالي؟”. 

يقول تيموثي: “إن الشروع في العمل أمر سحري، إذ إن التحفيز تابع للفعل، وليس العكس”. فتشعر بالحماسة بعدما تبدأ في تنفيذ المهمة، ولا تشعر بالحماسة من أجل البدء في تنفيذ المهمة.

هذه هي الاستراتيجية؛ لذلك قدمت المجلة سلسلة من النصائح القابلة للتنفيذ لمساعدتك على تحقيق أقصى استفادة من حياتك المهنية وحياتك المالية.

تأجيل شيء لأنك تعلم أنك ستتمكن من إنهائه لاحقاً ليس بتسويف. أما عندما تنوي القيام بشيء ما، ثم تقرر تأخيره عن عمد على حساب مصلحتك، فهذا هو التسويف.

يوضح تيموثي أن “التسويف هو التأخير الطوعي لعمل مزمع برغم معرفة أن يصبح الوضع أسوأ مع التأخير. ويعد هذا السلوك هو الهزيمة الذاتية بالتعريف”.

لكن إذا علمنا أن تأخير إجراء ما قد يؤدي إلى نتائج كارثية، فلماذا نفعل ذلك؟ اتضح أن البشر غالباً ما يقعون في فخ التسويف لأنه ببساطة يشعرهم بالرضا اللحظي، لأن الحاضر يفوز.

وفقاً لدراسة أجريت عام 2016 وحللت العلاقة بين التصورات الذهنية والتسويف، يميل الناس إلى رؤية أنفسهم في المستقبل كما لو كانوا أغراباً عن ذواتهم، وهذا هو محرك فكرة أنه يمكن للمرء أن يؤخر عملاً لأنه سيصبح “مشكلة الغد” التي يمكن لذواتهم المستقبلية توليها.

على المدى القصير، يمكن لهذه الاستراتيجية أن تنجح. ويرى تيموثي أن “كثيراً من الأشخاص المسوّفين بشكل مزمن لا يزالون ينجحون بشكل جيد في الحياة”. 

في حين قد لا تدمر دائرة التسويف حياتك المهنية، إلا أنها قد تؤثر سلباً على سلامتك النفسية. يوضح تيموثي أنه عندما يفوتنا الهدف بسبب التأخير المتعمد، فإننا بذلك نأثم في حق أنفسنا. يمكن أن يحفز هذا التعدي حدوث نوبات من لوم الذات، والكراهية، والشعور بالذنب. 

يقول: “يعد هذا الحوار الداخلي مدمراً حقاً ويمكن أن يحطمنا فيما يتعلق بصحتنا”. 

يمكن أن يؤدي التسويف المتكرر إلى القلق وقلة النشاط البدني والتوتر المزمن. في نهاية المطاف، تظهر الأبحاث أن هذه الضغوط يمكن أن تتجلى حتى في هيئة مشاكل صحية مثل أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم. 

يشرح تيموثي أن بعض الأشخاص بالتحديد من المحتمل أن يصبحوا مسوِّفين مزمنين: أولئك شديدو الاندفاع والأقل وعياً هم عرضة بشكل خاص لهذا السلوك. تظهر الأبحاث الإضافية أن الأشخاص الذين يميلون إلى التأمل في الأفكار القلقة، أو من لديهم تعاطف محدود مع الذات، يكونون هم أيضاً أكثر عرضة للتسويف.

تلتقي بجميع أنواع الأشخاص الذين يقولون: “لماذا أستمر في فعل ذلك بنفسي؟” ينجحون في إتمام مهامهم لكن يقتلهم التسويف، ويعدون بألا يفعلونها مرة أخرى، ثم يفعلونها من جديد، لذلك يكون الحل في التفكير في الإجراء التالي حال اتخاذ قرار التسويف.

تعد نصيحة تيموثي للتغلب على أنماط التسويف هي الاعتراف أولاً بأنك تواجه مشاعر صعبة، بعد ذلك، يمكنك تحويل تركيزك بعيداً عنها باستخدام تقنيات اليقظة غير الحُكمية.

يقول تيموثي: اعترف “أكره هذه المهمة، وأفضل أن أخرق عيني بشوكة على القيام بها، إما لأنها مملة للغاية وإما لأنني مستاء منها كثيراً”.

بعدها، اسأل نفسك ببساطة: إذا كنت سأقوم بهذا المشروع، فما هو الإجراء التالي الذي سأتخذه؟

يوصي تيموثي بإبقاء هذا الإجراء صغيراً، ليس من المفيد تفصيل كل خطوة متضمنة في المشروع، إذ يمكن أن تكون هذه العملية مربكة. بالاكتفاء بالسؤال عن الخطوة التالية، يمكنك منع المشاعر السلبية من التضخم.

في الأيام السيئة، قد تضطر إلى طرح سؤال “ما الإجراء التالي؟” 10 مرات في اليوم. ولكن، في النهاية، شيء ما سيعمل بفاعلية وستنجح الطريقة.

بعد دراسة المئات من طلاب الجامعات، حدد تيموثي إجراءً آخر يساعد في التسويف: الغفران للذات.

يشرح قائلاً: “إن الأشخاص الذين يسوفون ويغفرون لأنفسهم مماطلتهم، مارسوا التسويف بمعدل أقل في المستقبل. نحتاج إلى بعض التعاطف الذاتي والغفران للذات وإلا سنصبح نضيف فقط عبئاً آخر من الشعور بالذنب وكره الذات”.

يذكرنا تيموثي بأن ارتكاب الأخطاء لهو أمر بشري. في بعض الأحيان سوف نقوم بالتسويف، وسوف يرتد علينا إعطاء الأولوية للمدى القصير بنتائج عكسية في المستقبل. ولا بأس بذلك.

يختم كلامه قائلاً: “في الواقع، فإن التسويف هو سمة إنسانية للغاية. من منا لا يريد مكافآت قصيرة المدى؟ ولكن إذا لم نغفر لأنفسنا، فلن نقوم أبداً بتغيير الذات الذي نبتغيه”. 

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى