كتاب وادباء

حين يَعِظُ إبليسُ في الأزهر

حين يَعِظُ إبليسُ في الأزهر

بقلم الأديب الكاتب الشاعر

 أحمد الحارون

أحمد الحارون

…..

إذا كان الفهم الصحيح للدين يستلزم معرفة فقه الأولويات والترجيح بين المصالح والمفاسد…فأكاد أجزم أن الطواغيتَ ومن في بوتقتهم فطرتهم منتكسة، ومن نعم الله عليك أن جعلك الله في غير صفهم، وكارهاً لأفعالهم ولو بأضعف الإيمان، وهم غالباً يختارون الشر وإن بدا لهم الخير واضحاً، فكأنما أُشربوا في قلوبهم كراهية الدين والمتدينين، ومن يتأمل حالهم يشعر أنهم يبصقون الطهارة ويمجون الحقَّ، وليس العاقل من عرف الخير من الشر، ولكن العاقل من يعلم خير الخيرين وشر الشرين، وإذا كان دورُ الجيشِ معروفاً في الدفاعِ عن البلادِ، فجيشُ العلماء دورهُم محصورٌ في الدفاعِ عن سوءِ الأخلاقِ لأهلِ البلادِ، وتجدُ للجنديِّ زيّاً وسلاحاً يُعرفُ بهما، وفي معناهما الموتُ الذي هو أحبُّ مِن الحياةِ، ولعالمِ الدينِ الجبةُ والقفطانُ لهما من المَهابةِ في النفوسِ الكثيرُ، ورمزا الطاعةِ والانقيادِ، فلا غرابة أنْ تجدَ العالمَ ابن الفقير لكنْ منزلتُه تربو على مكانةِ الملوكِ والأمراءِ، فقوتُهُ الروحية أجدى مِن سلاحِ الجنديِّ وأنفعُ للدينِ، أما العالمُ الذي يُقدمُ لذتَه على واجبِه ويقبلُ بالمنصبِ والمالِ في موضعِ الأخلاقِ يصبحُ غيرَ ذي دينٍ، فلا جرمَ أن يصليَ ويفجرَ ويقيمَ الليلَ مرةً ويخونَ ألفاً، ومَنْ يَخُنْ عهدَهُ مع اللهِ لا تستكثر عليه أن يخونَ ما سواه. أيها الطاغية… مهما تتجبر أو تتسلط بسلاحك، ومهما تختفي خلف قِناعك، ومهما تتترس في دبابتك، فأنت ومن معك في كون الله  كــــذراتِ الغبار، مهما تسبح في الفضاء حتماً ســـــ تُكْنَسُ حين تقعُ على الأرض، وعسى أن يكونَ قريباً. وأقول لمن استُضعفَ : لاتتعجلو لاتستبطئ نهاية المعركة ،واعلم طبيعتها وحقيقتها ،إنها قديمةٌ قِدم هذه الحياة، لكن تختلف الشخوصُ ،وتتجدد الابتلاءاتُ، وهي دائماً معركة من طرف واحد وإن بدا لها طرفان ،إنها يد القدرة التي تكتب النهاياتِ فلا تبتأس ،هي معركة الحق والباطل ،هي المعركة التي يبتسم فيها المقتول لقاتله ، وفيها يعشق المسجونُ قيوده ، وفيها يتنزل الصبرعلى أهلا لبلاء فينغص على الظالمين نومهم... فإنما هي الحكمة وراء الإمهال، الإمه القليلا . . وهو قليل حتى لو استغرق عمرالحياة الدنيا .. فما هوعمرالحياة الدنيا إلى جانب تلك الآباد المجهولة المدى؟ فصبرٌ جميلٌ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى