الأرشيف

القصص القرآني وواقعنا المعاصر (3) – غزوة الأحزاب وحرب غزة (الجزء الثاني)

القصص القرآني وواقعنا المعاصر 

بقلم الدكتور

جمال محمد k

جمال محمد
==================

كما ذكرنا في حلقات سابقة , ونكرر للأهمية , أن القصص يمثل جزءا من ثلاثة أجزاء يتكون منها الاسلام ,كدين سماوي وحيد , منه الثابت والمتغير , العقيدة والتشريع والقصص . وأن للقصص أهميتها القصوي في الدين (ثلث القرآن ) ولها مقاصد كثيرة ذكرناها في المقال السابق , موجهة لأهل الإيمان وأولي الألباب , و أن عدم الأعتبار بها و الفهم الواعي المتجدد لمقاصدها يضع قارئها في نفس الخندق مع من قال ” و قالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملي عليه بكرة و أصيلا .” , نعم تساوينا معهم في عدم معايشة قصص القرآن , فهمه و وعيه , و الإنتقال بعد ذلك الي درجة إيمانية أعلي , متجردة لله , تغير واقع القلوب , علي درجة أعلي من الإيمان , يشع ضوؤه لينعكس علي الأفعال و القناعات , بل و الإرتباط بالواقع المحيط من أحداث و فتن , فتجعل من أخذ العبرة يري الأمور كما لا يراها غيره , فقد أصبح موصول بحبل من الله , لا تغيره المتغيرات ,و لا تفاقم أو تطور الأحداث , تزداد قناعته يوما بعد يوم من صدق موعود الله , حتي وسط هزائم و انكسارات , فقد وقر اليقين في القلب الذي ملئ نورا ربانيا, و وعي الدرس الرباني من القصة , اذن ليست قصص فقط ولكنها أحسن القصص .
*** و حتي يتأتي ذلك بطريق سليم , لا يجب علينا فقط قراءة القصص ,…….. بل نعيش القصص , وكأننا داخله
——————————————————————————————- .
إستكمالا لموضوع حرب غزة وتشابهها مع أحداث غزوة الخندق نؤكد علي عدة أشياء أتت بالنصر علي النهج والهدي الربانيين , لنري و نتيقن كيف أن فئة مؤمنة وعيت الدرس , عاشت و فكرت من خلال القرآن ,و قصصه الكريم المبارك الهادي , رسخ في قلوبهم رسوخا إيمانيا عالي المقام , اتخذته إتخاذا عمليا مطبقا , نبراسا و منهاجا , بداية من إرساء مبادئ عقيدة سوية تناطح الجبال و لا تحركها الأعاصير و لا الفتن و لا الأحداث , أرسي رسولنا الكريم عليه الصلاة و السلام قواعدها علي مدي ثلاث عشرة عاما بمكة , يعلم صحابته الكرام حقيقة العقيدة والتوحيد , الذي يبني عليه الدين كله , فبدأوا بدأ صحيحا مباركا , و من خلال فهمهم للقصص المبارك , رسائل موجهة إلي قيام الساعه من رب العزة , إلي أولي الألباب , محققين شروط إنصلاح الحال , و النصر المبين من رب العالمين ( وكان حقا علينا نصر المؤمنين ) , محققين سننا ربانية من شروط قبول العمل و إستحقاق النصر , وفهموا الآية الموجهة أنها للمؤمنين , فكانت خطوة أولي تحقيق شروط الايمان , ثم مقارعة شروط قبول العمل , من موافقته للشرع و الأمر الرباني , متجردين من أهواء شخصية , الا لله , ثم تصحيح النية لله وإعمال أعمال القلوب , ليصل تعلقها مع الله فقط , فالأمر منه و إليه , مع دوام تجديد النية , يشحذها طاعات و عبادات , من قيام ليل إلي صلاة و تهجد يتضرعون ( رأيناهم و سمعناهم يعيشون بالقرآن يحفظونه جميعا , حفظا في القلوب قبل العقول ) , فلا ينفك نورالقرآن ينير لهم طريقهم , يلهمهم كيفية الأخذ بالأسباب , يكشفها لهم مولاهم , كل سبب في حينه , غير آبهين بمتغيرات دولية , و لاحصار غاشم , ( فقد تم حصار رسولهم الكريم عليه الصلاة و السلام ثلاث سنوات في شعب أبي طالب , ما منع ذلك انتشار الإسلام ), و لا معاداة ( العالم أجمع لهم ) , لم يكن لهم الا الله , نعم عاشوا القصص القرآني , فاستحقوا الجائزة .
بل أكاد أجزم و الله أعلم , أن فكرة الأنفاق في حرب غزة , ما كانت إلا من وحي حفر الخندق .
ملخصا للنهج الرباني الذي إتخذوه و حققوا شروطه أولا ليستحقوا العزة و النصر علي العالم أجمع ما ضرهم من خالفهم … رسموا طريقا يحتذي به لتحرير الأقصي , بل و لتحرير المسلمين :
:
1 – العقيدة السليمة من توحيد , تهدف الي رفع راية لا اله الا الله فقط لا غير, وإعلاء كلمة الله , مع تحقيق الولاء والبراء لأهل الحق , مقابل أهل النفاق والكفر.
2 – تنفيذ أوامر الله المطالب بها , ” وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ……الآيات “
3 – أخذ العبرة من القصص من أهم عناصر التثبيت والثقة في موعود الله عز و جل , و بل ورسم طريق وخطط النصر , من وحي القصص الكريم . .
4 – صدق التوكل علي الله , ولنا هنا وقفة قصيرة . التوكل يأتي قبل و بعد الأخذ بالأسباب حتي لا يكون تواكلا لا يحبه الله , فكثير من يظنون أن التوكل علي الله معناه إهمال الأسباب والأخذ بها. و لا يتأتي ذلك , إلا بفهم واع . لكل اسم من أسماء المولي عز و جل , فهو سلاح ماض , أمرنا الله باستعماله ( ولله الأسماء الحسني فادعوه بها و ذروا الذين يلحدون في أسمائه , سيجزون ما كانوا يعملون )
ولذلك ندعو فنقول : ( اللهم دبر لنا فاننا لا نحسن التدبير ) , و هنا أقول أن هذا الدعاء , بمفهومه الإيماني , هو أعلي درجات التوكل علي الله , إذا حقق الشروط الإيمانية السابق ذكرها , من فهم إيماني واع بمعانيه , وإيماني فقط , محققين شرط قبول الدعاء .
.
حسبنا الله و نعم الوكيلسلاح الأنبياء والرسل ومن بعدهم من عباد الله المؤمنين ..فما معني اسم الله الوكيل. الوكيل ) = الذي يكمل النقص في الأمور كلها من إستعداد وخلافه, فيكمل ” القصور ” البشري في التفكير و التدبير , , فيأتي نصر الله ” الرباني” من حيث لم يحتسب أحد , كالنار لم تحرق سيدنا إبراهيم , وشق البحر لسيدنا موسي , ونصرة الله للرسول عليه الصلاة والسلام في الغار , والريح في غزوة الخندق….حيث يأتي النصر و أكرر, بحول الله من حيث لا يحتسب أحد , وسيكون هذا حال الإنقلاب الغاشم بحول الله وقوته , وسنسأل فقط عن صدق النية والثبات .
غزوة الخندق و كيف أتي الوكيل بالنصر ؟؟
=========================
1- نعيم بن مسعود وقصته معروفة.
2 – الريح .
كما لم ينشغل الرسول عليه الصلاة و السلام , و لا الصحابة الكرام بأسباب , و انشغلوا برب الأسباب , حتي بعد أن زلزلوا زلزالا شدبدا , وصلت الرسالة صحيحة خفاقة مرفرفة , عبر أربعة عشر عاما من الزمان , الي أهل غزة , قرءوها , و فهمومها و طبقوها , فاستحقوا أن ينصرهم الله ….الوكيل , ووعوا استعمال سلاحه الماضي الي يوم الدين : ( حسبنا الله و نعم الوكيل ).
كلمة هامة للغاية بقيت نقولها هنا:
صدق التوكل علي الله يستوجب عدم امعان التفكير في توقيت و لا كيفية النصر بعد الأخذ بالأسباب , فالله الوكيل هنا يخلق أسبابا في حينها , شرط تحقق امر ذكرناه آنفا ..دوام التمسك بحبل الله , و عدم انشغال بموعد أو كيفية النصر , فيقطع ذلك الحبل الموصول مع رب الأرباب .
حياكم الله أبطال غزة , علمتم المسلمين والعالم معني آية : ” من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه , فمنهم من قضي نحبه و منهم من ينتظر , و ما بدلوا تبديلا .” و لكن عفوا , المسلمون مشغولون في إعداد موائد الطعام , هدي الله الجميع لما اختلف فيه من الحق , وندعو لهم و نقول معذرة الي ربهم و لعلهم يتقون. أثناء تناول طعامكم رسم لكم أبطال غزة النهج و الطريق لتحرير بيت المقدس .
ربنا أفرغ علينا صبرا و توفنا مسلمين .
ربنا افتح بيننا و بين قومنا بالحق و أنت خير الفاتحين .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى