كتاب وادباء

السنوات العجاف

بقلم الكاتب والمحلل السياسى والقانونى

حاتم غريب k

حاتم غريبِ

ليست نظرة تشاؤم او يأس لكن واقع الحال الذى نعيشه يدفعنا الى ذلك دفعا فقد عشنا ردحا من الزمن نعانى ومازلنا حتى ذادت المعاناة ووصلت بنا الى مرحلة خطيرة فى حياتنا فاذا عدنا الى الوراء قليلا لوجدنا اننا لم نحقق شيئا هاما يمكن ان يكون نواة لحياة أكثر هدوءا واستقرارا بل اننا للاسف الشديد نتراجع الى الوراء وسط عالم يخطو الى الامام عشرات الخطوات كل يوم لانهم جادون فى السعى نحو تحقيق الافضل بسبب تمتعهم باستقرار سياسى واقتصادى ومن ثم اجتماعى لذلك فهم يعملون أكثر مما يتكلمون اما نحن فعلى العكس تماما من كل ذلك وكأن الاستقرار فى كل مجالات الحياة لدينا قد غادرنا الى الابد وأصبحنا نتكلم ونكثر الحديث فى توافه الامور دون ان نعمل ونكد ونجتهد ونحطم الانظمة الاستبدادية التى جثمت على صدورنا دهورا ووقفت حجر عثرة فى سبيل تقدمنا وعرقلة خطواتنا نحو المستقبل.

temp

لاشك ان مصر وفى ظل النظام الاستبدادى الديكتاتورى الذى يحكمها الان مقبلة على جدب وفقر ومعاناة أكثر مما كانت عليه وهناك مؤشرات عدة تدلل على ذلك واهم هذه المؤشرات بل اهمها على الاطلاق هى مشكلة المياة والتى تعد اساس الحياة لاى كائن حى فبدونها ينهار ويموت والنظام يقف منها موقفا سلبيا لايتفق وجسامة الحدث ولايخرج علينا سوى بتصريحات جوفاء خاوية من وضع اية حلول على المدى القصير او الطويل بل انه ساهم بشكل كبير فى استفحال المشكلة عندما قام بتوقيع اتفاقية جديدة مع دول حوض النيل وعلى الاخص السودان واثيوبيا أصل المشكلة والتى بموجبها وافق على بناء السد وبالشروط الاثيوبية مع عدم المساس بحصة مصر لكن هيهات ان تسطيع اثيوبيا التحكم فى ذلك وهو امر سوف يخرج عن ارادتها عند اكتمال السد وملأ الخزان الذى ربما يستغرق ثلاث سنوات وخلال هذه المدة سوف تتأثر حصة مصر تأثرا شديدا ستظهر نتائجه خلال تلك الفترة على الثروة الزراعية والصناعية لمصر وسيتم خلال ذلك مضطرين الى خفض زراعة بعض المحاصيل المستهلكة للمياة مثل الارز والقمح وهو ماسوف يؤدى الى ذيادة الاستيراد من هذه المحاصيل وغيرها مما يحمل الدولة والخزينة العامة عبئا ثقيلا على عبئها والامر لن ينتهى عند هذا الحد بل ان ذلك سيترتب عليه ارتفاع اسعار هذه المنتجات فى السوق سيعانى منها الفئة العريضة من الشعب التى تعانى الفقر والحاجة.

كان من المفترض ان تتخذ الدولة تدابير وقائية للخروج من هذه الازمة تتمثل فى اتخاذ موقف حاسم مع اثيوبيا ولو كلف الامر الالتجاء للقوة المسلحة فالامر ليس هين كما يتصور البعض فهى مسألة حياة او موت وقبل ذلك يمكن اللجوء الى المحاكم الدولية ومقاضتها والاحتكام الى اتفاقية مياة النيل الموقعة عام 1959 والزام اثيوبيا بتنفيذ بنودها وعدم الخروج عنها لكن الحاصل على ارض الواقع ان الانقلابيين لم يفكروا فى اى من ذلك وكأن الامر لايعنيهم ولايعنى شعب بأكمله مقبل على الهلاك عطشا وجوعا وهذا بالطبع يعود فى المقام الاول الى قلة خبرتهم السياسية وانعدامها وعدم توافر الكفاءة القتالية للتصدى لمثل هذه الكوارث الخطيرة.

المؤشر الاخر وهو يعد خطيرا كذلك بعد مشكلة المياة هو ان مصر مقبلة كذلك على فقر سياسى ان جاز التعبير فمصر الان تتعرض لاخطر عملية مسح للعقل البشرى وافراغه من مضمونه وذاكرته وفرض امر واقع عليها دون ارادة او اختيار حقيقيين فالساحة المصرية تعتبر خالية الان من أصحاب الرأى والفكر الحر الصادق وأصبحت مرتعا للسفهاء والجهلاء والاغبياء وعديمى الضمير الفاسدين المفسدين فهم من يسيطرون ويتحكمون فى المشهد الان ويحتلون مكان الصدارة فى كل المواقع والمؤسسات القيادية وغيرها وهم من يقودون الدفة الى الهلاك والغرق بعد ان القوا اصحاب الضمائر والعلم والكفاءة والقيم والاخلاق والدين من سفينة الوطن ليبقى لهم الوطن خالصا من دونهم . وطالما تحدثنا عن المؤشر السياسى فلابد بالتالى ان نتطرق للمؤشر الاقتصادى الذى لايقل خطورة عن سابقيه بعد ان وصل الى منحدر خطير يصل بمصر الى حد الافلاس بعد ان قل عجز الموازنة لعدم وجود موارد مالية فنحن منذ زمن طويل نعتمد على ثوابت تمد الدولة بالموارد دون احداث تطوير او تغيير والعمل على خلق موارد اخرى غير تلك الموارد التى تتمثل فى قناة السويس والسياحة والجمارك والضرائب وهى بالطبع موارد هامشية هشه لانها لاتستقر على حال وتتاثر تاثرا كبيرا بالتقلبات العالمية فليس لدينا قاعدة صناعية او زراعية قوية يمكن الاعتماد عليها كأحد اهم مصادر الدخل وتحقيق النمو وقد وصل بنا الحال الى مد يدنا للتسول من دول العالم لكن هذا الوضع لن يستمر طويلا فسوف ياتى يوما عله قريب ستنزع هذه الدول يدها من تلك المساعدات خاصة فى ظل عجز الموازنة الذى يزواجه بعضها.

سيترتب على كل ماتقدم ذيادة معدلات الفقر والحاجة والحرمان وستعجز الدولة عن القيام بواجبها فى اداء الخدمات التى من المفترض ان تقدمها للمواطنين وستتاثر كل مجالات الحياة وربما تقف عاجزة عن اداء واجبها مثل الخدمات التعليمية والطبية والاجتماعية سيعانى المواطن اكثر مما يعانيه الان وسترتفع اسعار المنتجات سواء زراعية او صناعية او دوائية او خدمية.

…..

فمصر بالفعل مقبلة على جفاف ليس فى المياة فقط انما فى كل شرايين الحياة وعلينا الان ان نستعد لذلك شئنا ام ابينا.

…….

حاتم غريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى