لايف ستايل

المنظمة العالمية للأرصاد الجوية: فيروس كورونا كشف إمكانية هزيمة الاحتباس الحراري

على الخطوط الأمامية لمواجهة الاحتباس الحراري، تعمل المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO)، ومقرها جنيف، بسويسرا، وهي الوكالة التابعة للأمم المتحدة. تقيس درجات الحرارة باستمرار وترصد الأمطار والعواصف ومستوى سطح البحر والغطاء الجليدي وانبعاثات الغاز. 

وأصدرت المنظمة أحدث تقاريرها بعنوان “المناخ العالمي” في الفترة 2015-2019، في مايو/أيار 2020، والذي كشف إمكانية استغلال جهود التعافي من جائحة الكورونا لمحاربة الاحتباس الحراري.

حالة المناخ العالمي

بدوره قال الأمين العام للمنظمة بيتري تالاس، في ملخص عن التقرير: “حتى الآن، شهدنا ارتفاعاً في درجة الحرارة مقداره درجة واحدة (مئوية). وخلال السنوات العشرين الماضية شهدنا أشد 19 عاماً حرارة على الإطلاق. وكان العام الماضي ثاني أكثر الأعوام حرارة منذ عام 1850 [منذ بدء أخذ سجلات درجات الحرارة بشكل ثابت]”.

وأضاف تالاس لمجلة New Scientist: “لقد كسرنا، مرة أخرى، أرقاماً قياسية في انبعاثات الغازات الدفيئة: ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز. ويعتبر ثاني أكسيد الكربون هو الأكثر أهمية. فقد ساهم بثلثي الاحترار حتى الآن، وهو يبقى في الغلاف الجوي لعدة مئات من السنين. وفي الآونة الأخيرة، لاحظنا تركيزات تصل إلى 415 جزءاً في المليون. وقد كان في السابق يُنظر إلى 400 جزء في المليون على أنه مستوى حرج”.

واستطرد: “لدينا مناطق من العالم، حيث أصبح الجفاف أكثر تكراراً، وضمن ذلك منطقة الأمازون، والتي قد تكون أخباراً سيئة للغابات المطيرة، ومناطق أخرى تشهد زيادة كميات الأمطار وهطول الثلوج”.

أما خلال السنوات الأخيرة، فشهد مستوى البحر ارتفاعاً يتراوح بين 4 و 5 مليمترات سنوياً.

فضلاً عن زيادة ذوبان الجليد في غرينلاند والقطب الجنوبي 3 أضعاف خلال الأعوام الـ20 الماضية.

العديد من آثار الاحتباس الحراري والكوارث الناجمة عنه تظهر من خلال المياه: مشاكل المياه الجوفية والفيضانات وارتفاع مستوى سطح البحر وما إلى ذلك. فهذه لها تأثيرات على القدرة العالمية لإنتاج الغذاء ورفاهية الإنسان، خاصة في البلدان الأقل نمواً.

وأوضح تالاس أنه خلال السنوات العشرين الماضية، شهدت البشرية تطوراً إيجابياً فيما يخص مشكلة الجوع، ولكن خلال السنوات الخمس الماضية، تفاقمت المشكلة مرة أخرى. 

فمقارنة بعام 2015، أصبح هناك 36 مليون شخص إضافيين يعانون من الجوع، وأكثر من 800 مليون شخص في المجموع. وهناك ما يقرب من 30 ألف ضحية يومية للجوع.

من النتائج الأخرى التي توصل لها التقرير، وجود عدد متزايد من الأشخاص المعرضين لموجات الحر. 

فقبل عشرين عاماً، كان هناك نحو 20 مليون شخص يتعرضون لموجات الحر سنوياً. وخلال السنوات الثلاث الماضية، تجاوز الرقم 200 مليون شخص سنوياً. 

وفي موجة الحر الأوروبية لعام 2010، سقط 50 ألف ضحية، معظمهم بروسيا. وفي عام 2003، خسرت أوروبا 75 ألف ضحية.

ولأن مصائب قوم عند قوم فوائد، توقع تالاس أن تغير جائحة الكورونا العالم. 

وقال إن التغيير سيبدأ في عقلية الناس والحكومات، و”هي العقلية التي قد نكون بحاجة لها لحل مشكلة المناخ”، حسب تعبيره.

واعتبر أن حدوث تحولات في أنظمة الطاقة والنقل والصناعة سيحصل بشكل تدريجي، وليس بشكل كبير مفاجئ كما رأينا خلال معالجة الأزمة الحالية. 

وقال إن الحكومات ستستثمر من أجل تعافيها، وهناك فرصة لمعالجة المناخ كجزء من برنامج التعافي هذا. 

توقعت منظمة الأرصاد الجوية العالمية حدوث انخفاض في انبعاثات الكربون، بسبب هذه الأزمة الوبائية وتأثيرها على الصناعة وحركة المرور وما إلى ذلك. 

لكن هذا لن يكون مؤثراً بشكل كبير على المناخ، بسبب العمر الطويل جداً لثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، حسب ما أكده تالاس.

وقال: “هناك كثير من الناس الذين لا يفهمون أنَّ عمر هذه الغازات طويل جداً، خاصةً ثاني أكسيد الكربون. ولكن بمجرد التمكن من خفض الانبعاثات، فإن السؤال هو ما إذا كان بإمكاننا الاستمرار على الخط نفسه في المستقبل”.

ولفت تالاس إلى إيجابيات اكتشاف العمل عن بعد (من الاجتماعات الدولية إلى الوظائف العادية)، وكيف سيقلل ذلك من الانبعاثات الناتجة عن حركة المرور بمجرد عدم الاضطرار إلى التوجه يومياً إلى المكتب. 

كما لفت إلى تراجع نسبة الاستهلاك بصورة عامة، وهو ما سيؤثر بطبيعة الحال على المناخ.

واعتبر تالاس أن نجاح جهود بلده فنلندا في التعامل مع الوباء وأزمة المناخ تعود إلى أن الأمور ببعض الأحيان تكون أسهل في بلد صغير من بلد كبير. 

ولفت إلى أن فنلندا بلد يسهل فيه غالباً إيجاد نوع من التوافق، بسبب وجود 3 أو 4 أحزاب كبرى تشكل الحكومات الائتلافية، تعمل على إيجاد الحلول الوسط. 

وأشار في المقابل إلى جهود دولتي الولايات المتحدة الأمريكية أو المملكة المتحدة في التعامل مع أزمة الوباء، وقال: “حيث يوجد حزبان في بعض الأحيان بالسلطة، تكون الأشياء سوداء وبيضاء إلى حدٍّ ما. في فنلندا، قد يكون نهج التوافق هذا أحد الأشياء الإيجابية”.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى