تكنولوجيا

تتبع أنشطة الهاتف ساعد في دراسة انتشار كورونا.. لكن إلى أي حد يُمكن للشركات أن تعرف أموراً خاصة عنك؟

ساعدت بيانات موقع الهاتف في فهم ودراسة معدل وطريقة انتشار فيروس كورونا في دول كثيرة، عبر إلقاء نظرة فاحصة على حركة ملايين البشر، ولكن جمع تلك المعلومات يثير الكثير من التساؤلات حول الخصوصية، ومخاوف من أن الهواتف تراقب وتتبع أنشطة الملايين.

في بعض الدول مثل أمريكا، استخدمت بيانات ملايين المواطنين لدراسة معدل انتشار فيروس كورونا، لكن ليس تتبع الأنشطة بشكل فردي لكل شخص، بل بشكلٍ عام. لكن كيف يتم ذلك بالضبط؟

بعض هذه البيانات استخدمتها صحيفة The New York Times، إذ استخدمت بيانات المواقع التي تقدمها شركة Cuebiq، التي تحلل البيانات للمعلنين والمسوقين. تأتي هذه البيانات من الهواتف الذكية للمستخدمين الذين يوافقون على مشاركة بيانات مواقعهم مع تطبيقات معينة، مثل تطبيق إشعارات الطقس أو التطبيق الذي يقدم معلومات عن محطات الوقود المحلية

تساعد شركة Cuebiq صنّاع التطبيقات على استخدام تقنية مثل نظام تحديد المواقع (GPS) من أجل تحديد مواقع هواتف الأشخاص، وفي المقابل يقدم صنّاع التطبيقات بيانات إلى شركة Cuebiq من أجل تحليلها.

البيانات التي حصلت عليها صحيفة The New York Times مجهولة الهوية ومجمعة ما يعني أن الصحفيين يرون إحصائيات مجمعة حسب المنطقة الجغرافية، مثل متوسط المسافة المقطوعة يومياً بواسطة أجهزة الهواتف الذكية في منطقة معينة. فيما لم تحصل الصحيفة على معلومات بخصوص هواتف فردية بعينها ولم ترَ مسار أي هاتف على وجه التحديد.

وفي أمريكا، يستخدم حوالي 15 مليون شخص تلك التطبيقات المعنية التي تجمع البيانات ويسمح لها بتتبع موقعه بانتظام. وتقدم البيانات المجمعة عينة تمثيلية للسكان، وفقاً للأوراق البحثية التي درست بيانات شركة Cuebiq في مختلف المناطق الحضرية.

على الرغم من أن البيانات تستبعد الأسماء وأرقام الهواتف وغيرها من المعلومات التي تحدد الهوية، يظل من الممكن الكشف عن معلومات الموقع مجهولة الهوية. وكشفت الصحفية الأمريكية من قبل عن مدى تطفل تلك البيانات، والتي يمكن أن تكشف عن بعض التفاصيل الحميمية مثل زيادة عيادات الأطباء أو الخروج في موعد غرامي.

حقيقة أن الشركات تجمع وتخزن وتبيع معلومات مواقع الأفراد تمثّل مخاطر جمّة. بإمكان المخترقين أو بعض الأفراد الوصول إلى بيانات المواقع لتحديد هوية الأفراد أو مراقبتهم دون علمهم أو موافقتهم، من خلال متابعة بيانات الموقع بانتظام ومعرفة منزل الشخص من خلال الوقت الذي يقضيه بانتظام في منزله.

وتختلف الطرق التي تتبعها الشركات في معالجة تلك البيانات والمعلومات بشكل كبير، مثل حذف مجموعة كبيرة من البيانات لأسباب تتعلق بالخصوصية أو بيع البيانات كما هي دون توفير أي حماية لصاحبها. 

وعموماً، تستخدم بيانات مواقع الأفراد لأغراض مثل التسويق والتحليل لصالح صناديق الاستثمار وهيئات إنفاذ القانون. ولا يوجد قوانين تمنع جمع تلك البيانات، ففي الولايات المتحدة يقيد قانون فيدرالي مسألة استخدام معلومات الموقع بتلك الطريقة، لكن بعض شركات تتبع البيانات تقول إنها تجمع بيانات الموقع ولكن لا تبيعها.

تستخدم بيانات الموقع من الهواتف الذكية في العديد من الأغراض، أبرزها الإعلانات الموجهة. على سبيل المثال، تعرض الشركات إعلانات عن الأحذية الرياضية للأشخاص الذين يذهبون كثيراً إلى صالة الألعاب الرياضية. 

فيما تستخدم شركات مثل أبل وجوجل معلومات مماثلة لتتبع حالة المرور وتوجيه مستخدمي تطبيق الخرائط، أو إخبار المستخدمين بالمتاجر التي من المرجح أن تكون مزدحمة. ويقول صنّاع التطبيقات التي تبيع تلك البيانات إنها تسمح لهم بتقديم خدماتهم إلى المستخدمين مجاناً بدون أي رسوم.

كما كان بالإمكان استخدام البيانات في أشياء أكثر إفادة. فخلال أزمة جائحة كورونا، أظهرت معلومات الموقع ما هي المناطق التي يتبع فيها الناس قواعد التباعد الاجتماعي، وإلى أين سافروا، ما أتاح القدرة على تحليل نقاط انتشار المرض المحتملة. 

وبخصوص المعلومات التي استخدمتها صحيفة The New York Times السابق الإشارة لها، فقد استخدمت لإظهار أن الأشخاص في الأماكن منخفضة الدخل أقل قدرة على البقاء في المنزل من الأشخاص في المناطق الأعلى دخلاً، ولتوضيح كيف خرج الفيروس عن السيطرة في الولايات المتحدة، وكلها أمور تساعد على فهم الجائحة وطبيعة تعامل البشر معها.

من الصعب أن يتمكن الأشخاص من متابعة كيفية جمع بياناتهم. هناك تطبيقات على أجهزة أندرويد وآبل تطلب من المستخدمين تمكين خدمات الموقع قبل جمع المعلومات، ولكن التفسيرات التي يراها المستخدمون عندما تُطلب منهم تلك الأذون غالباً ما تكون غير كاملة أو مضللة. 

قد يقول التطبيق إن منح الأذن لمعلومات الموقع سوف يساعد المستخدم في الحصول على إشعارات دقيقة لحالة الطقس، ولكن دون أي ذكر لإمكانية بيع تلك البيانات لاحقاً. غالباً ما يُدفن هذا التنويه في حشايا سياسة الخصوصية الضخمة.

وحتى مع الإفصاح عن الغرض من جمع المعلومات، قد لا يكون واضحاً للمستخدمين مدى تكرار جمع معلومات شخص ما، وما يمكن أن تُظهره تلك المعلومات. في أوروبا وكاليفورنيا، بإمكان المستخدمين أن يطلبوا الاطلاع على بياناتهم. ولكن في كل مكان آخر، تختلف السياسات حسب الشركات.

بعض الشركات قد تمكنك من الاطلاع على بياناتك وإمكانية أن تطلب من الشركة حذف بياناتك بغض النظر عن مكان إقامتك، لكن البعض الآخر قد يفعل ما هو أكثر مما يذكره في سياسة الاستخدام.  

إذ أردت تجنب جمع بيانات موقعك، فإن أفضل حل هو تقييم كل تطبيق على هاتفك على حدة لترى إن كان يجمع عنك أكثر مما قد تريد. وعموماً، يمكنك منع كل التطبيقات من الوصول إلى بياناتك، باستثناء التطبيقات الأهم بالنسبة لك، ويمكنك أيضاً أن تسمح لهم بالوصول إلى بياناتك عند استخدام التطبيق فقط.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى