آخر الأخبار

الشرطة المصرية تعلن الحرب على الشعب وتحمى الحاكم وأسرته فقط والعقلية الأمنية تحكم مصر

بقلم الخبير الإقتصادى والسياسى

دكتور صلاح الدوبى
رئيس منظمة “إعلاميون حول العالم” فرع جنيف- سويسرا

عضو مجلس الإدارة
رئيس اتحاد الشعب المصرى
“عضو مؤسس في المجلس الثوري المصري”

تمت إقامة نظام شامل للتفتيش الإنجليزي، في إطار وزارة الداخلية، التي كانت تعبر عن البيروقراطية الجديدة المنظمة للشؤون الداخلية في مصر، فكان على تلك الشؤون الداخلية للحياة القروية المصرية أن تخضع للإشراف المستمر. وللمساعدة على ذلك رُتّبت لخفراء القرى المحليين، وعددهم 50 ألفا، مرتبات حكومية، فيما بعد، أُحضروا إلى المراكز الإقليمية لتلقي التدريب العسكري وزُوّدوا بالأسلحة.

وعُيّن الكولونيل كتشنر، أحد الضباط البريطانيين في الجيش المصري، مفتشا عاما للبوليس المصري، وقد حوّل الأساليب الحديثة للتفتيش والاتصال والانضباط إلى عملية متصلة بالسلطة السياسية.

وكان على هؤلاء الخفراء أن يعاونوا في المراقبة البوليسية للمجرمين والأشخاص المشتبه فيهم ولكل “الشخصيات السيئة المعروفة” أو المناوئة لسلطة الإنجليز (2)، وأخيرا تم إدخال سلسلة من اللوائح الحكومية بهدف قمع أي “اضطراب داخلي” بما في ذلك منع حمل السلاح على الجميع باستثناء “المسؤولين الحكوميين والمحليين، أو ملاك الأراضي والتجار ذوي الحيثية”. وكانت مناهج السيطرة الجديدة ناجحة جدا، فقد حطمت جماعات المقاومة الريفية، وقُتل زعماؤها بالرصاص أو اعتُقلوا، ووضعت نهاية للهجمات على ملكيات الإنجليز.

وبحلول عام 1895 أنشأ الإنجليز وزارة الداخلية في مصر، وفي عام 1911 ظهر ما يسمى القسم الخاص، وهو القسم المكلف بأعمال الرقابة الداخلية، الذي يُعد السلف الأول لجهاز مباحث أمن الدولة والمباحث العامة. وتحددت الجرائم السياسية في عام 1937، وعُرّفت بأنها أي تعبير يُقصد به إهانة الحكومة أو احتقارها.(3)

وفي الثلاثينيات من القرن العشرين توسعت السجون لتشمل معسكرات اعتقال في الصحراء وخارج المدن، منها طرة وأبو زعبل والقناطر والواحات، وفي أثناء الحرب العالمية الثانية أُودع 4000 معتقل في المعسكرات، وفي بداية الخمسينيات بلغ عدد المعتقلين 25 ألف معتقل، وهو العدد الذي سيبلغ مئة ألف في عهد عبد الناصر.

ذن كان السبب الأساسي لإنشاء جهاز الشرطة ليس هو إقامة العدالة أو حفظ الأمن، بل ضبط الريف والمدن المصرية لتتلاءم والسلطة الإنجليزية وأهدافها التجارية والرأسمالية، وكانت مهمة رجال الشرطة والخفراء هو تدمير وسحق أي حركة مقاومة ضد الاحتلال الإنجليزي، وما حدث في قسم شرطة الإسماعيلية 1952 كان هو الاستثناء نتيجة تنامي الشعور الوطني، بجانب ازدهار النخب السياسية والقانونية منذ ثورة 1919 وصعودها لقمة المناصب السياسية والوزارية في العهد الملكي.(6) وكان ما حدث بعد انقلاب يونيو/حزيران هو معاداة ذلك الاستثناء في تاريخ الشرطة وإعادة الأمور لأوضاعها العادية، وعودة جهاز الشرطة لممارسة مهمته الطبيعية منذ نشأته.

شرطة الدولة الناصرية.. وبزوغ فجر دولة البطش

قفز الضباط الأحرار على عرش الدولة المصرية كزرع شيطاني ليس له جذور، فلم يكن لحركة يوليو أي تنظيم سياسي جماهيري تحركه أيديولوجية سياسية واضحة لتتسلم به السلطة، مما دفع جمال عبد الناصر للاعتماد على المؤسسات القائمة، وهي المؤسسات ذات التصميم الإنجليزي القديم والتي عملت منذ عام 1882 على خدمة مصالح الإنجليز وخدمهم في مصر.

وفي ظل عدم وجود صراع سياسي بعدما نجح جمال عبد الناصر في هزيمة جميع خصومه بداية من محمد نجيب وعبد الرازق السنهوري وحتى الإخوان المسلمين والشيوعيين وبعض عمال المصانع، تحول جوهر سياسة “عبد الناصر” وجوهر ما ادّعاه من تطهير البلد من أذناب الاستعمار إلى مجرد مجموعة من المشكلات الإدارية، التي تحتاج فقط إلى إعادة ترتيب وتنظيم مع رفع مستوى الأداء، دون تطرق إلى الخيارات والأولويات نفسها.

على الجانب الآخر أصبحت تلك المؤسسات الإدارية وفي قلبها الشرطة تابعة سياسيا للنظام الناصري، وفي الوقت نفسه أصبح ممنوعا على أفراد الشرطة أن يكون لهم رأي سياسي، فعقيدتهم هي الولاء الكامل للنظام، “هذا الخوف من تسييس الجيش أو تسييس الشرطة والشارع هو ما أدّى إلى مصادرة المجال السياسي”. فأسس زكريا محيي الدين الأمن الداخلي (9) عبر إعادة ترميم جهاز الشرطة بالنظام نفسه الذي أسسه الإنجليز مع فصل كل العناصر المشكوك في ولائها، وحوّل القسم السري في الشرطة إلى إدارة المباحث العامة التي تحوّل اسمها في عام 1971 إلى مباحث أمن الدولة.

ويعد مدير المباحث مسؤولا أمام وزير الداخلية ونائب الوزير لشؤون أمن الدولة. أما إدارات الأقاليم في المباحث فمسؤولية مباشرة أمام القيادة في القاهرة، لا أمام أي سلطات محلية من أي نوع، وتجند تلك الإدارات شبكة واسعة من المخبرين، بعضهم يظهر في العلن، وبعضهم يتخفى لجمع الأسرار، والباقي يُوزّع بشكل سري داخل المؤسسات والجمعيات والشركات والقوى السياسية المختلفة.(9)

رافق هذا اتجاه متنامٍ لعسكرة الشرطة والقضاء على صفتها المدنية، حتى وإن لم تتبع الجيش رسميا. ضباط الشرطة في أكاديميتهم لا يتعلمون القانون؛ قدر ما يتلقون تدريبات ذات صبغة عسكرية، ويتعلمون التكتيكات العسكرية الخاصة بتشكيل الجموع (الأمن المركزي) ومواجهة المظاهرات. وهذا ما أفرز لاحقا واحدة من أكبر المشكلات والأزمات للشرطة وللشعب معا، وهو صدور القانون ١٢٧ لسنة ١٩٨٠، المعروف بقانون الخدمة العسكرية والوطنية. وهو القانون الذي أسس وقنن لمبدأ قضاء المواطنين المصريين لخدمتهم العسكرية ضمن قوات الأمن المركزي، فصار هناك عشرات الآلاف سنويا يدفعون من أعمارهم ثلاث سنوات لحماية النظام، لا حماية الدولة وحدودها. وصار العدو هو أبناء الوطن في الداخل، هؤلاء الآن هم من يواجههم المجند خلال خدمته العسكرية”.

ولم يترك الزعيم السلطة إلا محمولا على ظهره، تاركا خلفه إمبراطورية تحكمها المباحث العامة وأمن الدولة والمخابرات العامة، وأربعة عشر ألف أمر اعتقال مع مئة ألف مواطن مصري قد دخلوا المعتقلات بشكل عام، مع حصيلة غير معلومة من جرائم التعذيب والقتل الممنهج والاغتيالات السياسية ودولة تقبع تحت حكم الحديد والنار.

الشرطة تعلن الحرب على الشعب.. شروق شمس شرطة لحماية الحاكم

قبل أن تخرج روح الزعيم من جسده، وبعد نكسة 1967 والهزيمة المذلة للجيش المصري والمشروع الناصري، وتحديدا في 3 مارس/آذار 1969، ألقى عبد الناصر خطابا أعلن فيه سقوط دولة الاستخبارات، فتُرك المجال الداخلي لعمل أجهزة الأمن الداخلية والمباحث، بمعنى أن توجه أجهزة الاستخبارات عملها نحو الخارج، وتتسلم أجهزة مباحث أمن الدولة عملية الرقابة والتضييق على الحريات، وتقلص عدد الضباط في الحكومة من 66% في عام 1967 إلى 21% في عام 1970، وسيطر الاتحاد الاشتراكي العربي على التعيينات في 367 شركة عامة كان عبد الحكيم عامر يتحكم بها من خلال تعيين عسكريين في قمة هرمها.

وفي عام 1969، أُنشئت قوات الأمن المركزي لوضع قطاع من المجندين في الجيش تحت إمرة وزارة الداخلية، بهدف إبقاء الجيش في منأى عن مهمات قمع الشعب في الاحتجاجات، وبلغ عدد أفراد هذه القوات في عام 1970 عشرة آلاف جندي، تحولوا لجيش كامل العتاد ومستقل التسليح والإدارة بعد موت عبد الناصر. ومع تولي السادات لرئاسة مصر، تعزز نفوذ وزراء الداخلية وأجهزتهم الأمنية، وتعززت قوة المنصب بالنسبة للنظام السياسي، وبرز ممدوح سالم والنبوي إسماعيل اللذان تحوّلا من ضابطَيْ شرطة إلى وزيرَيْ داخلية، ومع أحداث الانتفاضة الشعبية في عام 1977، ورغم فشل الشرطة في احتواء الموقف واللجوء إلى الجيش لفرض حظر التجول، تحوّل وزير الداخلية بعد يناير/كانون الثاني 1977 إلى الرجل القوي في مصر بعد رئيس الدولة مباشرة، “أي إن الدولة تحوّلت إلى دولة أمن”.(11)

وتضاعف عدد الأمن المركزي ثلاث مرات، رغم أن تلك القوات كانت محدودة التكلفة، حيث لم يكن يتجاوز راتب المجند فيها ستة جنيهات شهريا.(11) ثم تصاعدت التوترات السياسية المصاحبة لسياسات الانفتاح الجديدة والسلام مع إسرائيل، حتى انتهت باغتيال السادات، تاركا خلفه جحافل الأمن المركزي وبلدا تغلي على صفيح ساخن، في تلك الأجواء تشكلت الدولة الأمنية في عهد مبارك والتي خرجت انتفاضة يناير مطالبة بسقوطها، بينما عاد الحكم العسكري ليرممها من جديد.

الشرطة المصرية مرتع الفساد والاستبداد

أدّت كل الأحداث السياسية السابقة والتغيرات في عقل الأمن وتحوّل الجهاز الأمني لملكية خاصة للنظام السياسي إلى تفشي الواسطة والمحسوبية، وسعى كل لواء أو رجل مهم إلى إلحاق نجله بكلية الشرطة بهدف قضاء فترة التجنيد أو لضمان وظيفة برعاية والده بعد التخرج، أو للعبور منها للالتحاق بسلك النيابة والقضاء.

أن جهاز الأمن المصري من أضخم أجهزة الأمن في العالم، من حيث الحجم والعدد، فقد زاد عدد أفراد وزارة الداخلية من 214 ألفا في عام 1970 إلى أكثر من 1.5 مليون بما فيهم من شبكات للتجسس والمرشدين والمخبرين عشية ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011. كما أن هذا الحجم الضخم لمؤسسة الأمن قد امتلأ بالفساد الإداري الذي يبدأ من الاختيار الفاسد لأغلب قيادات الوزارة ومناصبها المهمة مثل: “أمن الدولة – مصلحة السجون – مديريات الأمن”، ويمتد لصلات القرابة لقيادة الوزارة أو المتحلقين حولهم.

“كما استعمل الوزير الرخصة التي أتى بها بتعديلات قانون هيئة الشرطة في شأن التجديد للقيادات العليا والمتوسطة، بدءا من رتبة العقيد وحتى اللواء، وإقصاء كل من تُثار عليه الشكوك حول ولائه أو عدم انصياعه للأوامر.. فمثلا بالنسبة لوحدة مباحث القسم فكان يتم اختيار بعض رؤساء مباحث القسم بمواصفات محددة، منها أن لديه القدرة على تزوير الانتخابات وترويض البلطجية في دائرته لقمع المعارضين السياسيين وقمع الناخبين، وكذلك قدرته على عمل شبكة علاقات مع التجار والمقاولين في دائرته ليتكسب بطريقة غير مشروعة من شقق وأراض وب يزنس، وهذا لا يتم إلا بترضية قياداته حتى ينعم بهذا الفساد”.

كذلك يتم اختياره بناء على قدرته على الاهتمام ببلاغات الكبار والأثرياء، وهذا بفضل الإحصائية الشهرية التي تطلب من ضباط المباحث، هذا فضلا عن أمناء الشرطة أو الأفراد الذين تولوا أعمال بلوكامين المباحث، والذين أثروا من عملهم بفرض إتاوات على المجرمين والمتهمين، بالإضافة إلى تلقي رُشًى من سائقي الميكروباصات وسيارات النقل والأجرة في مزلقانات القطارات، ومواقف الميكروباصات نهارا جهارا بالطريق العام، نظير التغاضي عن تحرير المخالفات، أما مأمور المركز أو القسم فكان يتم اختياره بمواصفات القيادات نفسها، مطيع لقياداته في تنفيذ التعليمات ولو ضد القانون، وطالما له ملف يكون أداة في يد مدير الأمن ينفذ أي شيء من أجل البقاء والصعود للمناصب الأعلى”.

ولا يكتمل مستنقع الفساد الذي تغرق فيه مؤسسة الشرطة إلا بكشف تورط وزارة الداخلية بأكملها في أنشطة تجارية واقتصادية، تصل لتورط بعض كبار رجال الأمن في شبكات لتهريب الآثار وبيع المخدرات وغسيل الأموال، والاستيلاء على أراضٍ وأموال عامة. وتنفق الوزارة الملايين على شراء شاليهات ووحدات سكنية، واستخدم رجال الأمن نفوذهم في تأسيس مشروعات تجارية كبرى دون تكاليف وبتسهيلات حصلوا عليها بصفتهم الوظيفية، ثم تولي مناصب حكومية مثل منصب المحافظ بعد خروجهم على المعاش.

وأدّى تغول مباحث أمن الدولة المعروفة حاليا بـ “الأمن الوطني” في مفاصل الدولة لدرجة طلب كشوف بأسماء المتقدمين للوظائف الحكومية وبعض الشركات الكبرى خاصة شركات الطاقة والبترول، والكشف على سجلهم السياسي، وإبداء الموافقة أو الرفض بناء على رأي مباحث الأمن الوطني.

في ضوء كل ذلك، يتضح كيف أصبحت الشرطة تقف على الطرف النقيض لما حدث يوم 25 يناير/كانون الثاني 1952، ونفهم لماذا يصعب على رجال الشرطة أن يتخذوا موقفا سياسيا شجاعا أو أن يقفوا في صف العدالة أو حتى الضمير الإنساني، وننتهي إلى أن الشرطة تحتاج إلى تغييرات جذرية في هيكلها الإداري والبنيوي كي تعود لمهمة حفظ الأمن وإقامة العدل وليس أداة قمع في يد النظام الحاكم.

الشرطة المصرية ساندت كل الأنظمة، واستخدمت الرصاص الحي في كل العصور؛ فبدايةً من ثورة الغضب التي أسقطت فيها 800 ضحية، ومعارك محمد محمود ومجلس الوزراء في حكم المجلس العسكري، التي حصدت 400 ثائر مجهول، وعام الرئيس محمد مرسي الذي انتهى بمقتل 700 شخص، مرورًا بأحداث العنف الدموية التي شهدتها مصر منذ أحداث 30 يونيو (حزيران) والتي بدأت بقتل 3248  من المعارضة إلى ما قبل انتخاب الرئيس السيسي.

بعد ستة أعوام هي عُمر الثورة، ما زالت هناك اتهامات لوزارة الداخلية بأنها تستخدم العنف ضد المواطنين، إلا أن القضاء دائمًا كان يقول كلمته الأخيرة ببراءة رجال الشرطة من التهم الموجهة إليهم.

إخلاء سبيل الضابط المتهم بقتل طبيب الإسماعيلية

واقعة تعذيب أخرى انتهت بنفس الطريقة «ضرب حتى الموت»، وهي واقعة تعذيب الضابط «محمد إبراهيم» للدكتور عفيفي حسني، داخل إحدى الصيدليات في الإسماعيلية؛ ما أدى إلى وفاته.

ووجهت نيابة الإسماعيلية للمتهم أربع تهم، من بينها ضرب أفضى إلى موت، وقررت حبسه على ذمة التحقيقات، إلا أن قاضي المعارضات بمحكمة الإسماعيلية، قرر إخلاء سبيل الضابط المتهم بضمان وظيفته، ورفض طعن النيابة بتجديد حبسه.

إخلاء سبيل الضابط المتهم بقتل شيماء الصباغ

في الذكرى الثالثة للثورة 2014، قامت الشرطة باعتراض مسيرة سلمية لنشطاء من حزب التحالف الشعبي الاشتراكي مستخدمة قنابل الغاز وأعيرة الخرطوش؛ مما أدى إلى مقتل الناشطة شيماء الصبّاغ. وقامت النيابة بتوجيه اتهامات القتل العمد لضابط الأمن المركزي «ياسين صلاح» بعد سماع الشهود، وحكمت محكمة الجنايات بحبس المتهم 15 عامًا، قبل أن تقوم محكمة النقض بإلغاء الحكم الصادر، وإخلاء سبيله.

«سنة مع إيقاف التنفيذ»: عقوبة قضية عربة الترحيلات

قضت المحكمة بمعاقبة ضابط شرطة خمس سنوات، وسنة مع إيقاف التنفيذ لثلاثة ضباط آخرين، في القضية المعروفة إعلاميًّا بـ«عربة الترحيلات»، التي قُتل بها 37 شخصًا، بعد تركهم في السيارة لمدة تزيد على الساعتين، وإطلاق عدة قنابل غاز مسيلة للدموع عليهم؛ ما أدى لموتهم اختناقًا داخل العربة.

وكان النشطاء قد تداولوا تسريبًا يظهر صوت اللواء ممدوح شاهين، مساعد وزير الدفاع للشؤون القانونية والدستورية، وعضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة متحدثًا إلى اللواء ممدوح كامل، مدير مكتب الرئيس السيسي؛ إذ طلب «كامل» التدخل في القضية؛ لإنقاذ الضابط المدان، وهو نجل عميد يدعى «عبد الفتاح حلمي»، من جانبه وعد شاهين بالتدخل والتحدث مع القاضي، وقد تم بالفعل الحكم على الضباط في القضية بسنة مع إيقاف التنفيذ.

براءة «قناص العيون»

«جدع يا باشا.. جت في عين الواد»، فيديو شهير أدان الضابط «محمد صبحي الشناوي»، الشهير بـ«قناص العيون»، والمتهم بإطلاق الأعيرة النارية على المتظاهرين في شارع محمد محمود بميدان التحرير، عقب قيام تظاهر مصابي الثورة ضد المجلس العسكري؛ للمطالبة بحقوقهم، والتي فقد فيها الناشط «أحمد حرارة» إحدى عينيه.

وقضت محكمة الجنايات بحبس المتهم ثلاث سنوات؛ لقيامه بإصابة خمسة مواطنين في أعينهم، إلا أن محكمة النقض ألغت الحكم، وقضت ببراءته، وما زال في الخدمة إلى الآن.

إخلاء سبيل ضابط دهس اثنين

قررت نيابة حوادث جنوب القاهرة الكلية، إخلاء سبيل ضابط شرطة دهس مواطنين بسيارته، أحدهما قُتل، بينما تم حبس الآخر؛ ووجهت له تهمة الشروع في سرقة هاتف محمول.

واعترض والد القتيل على التهم الموجه إلى ابنه، وتساءل: «كيف يفكر لص في سرقة ضابط يحمل سلاحًا»، كما اتهم ضابط الشرطة بمطاردة نجله بسيارته ودهسه حتى لفظ أنفاسه الأخيرة.

9- براءة ضابطين من هتك عرض 5 أحداث

تعود وقائع القضية إلى اتهام النيابة لضابطين في مركز شرطة كفر الشيخ باستعمال القسوة وهتك عرض خمسة أحداث في مركز شرطة كفر الشيخ، واتهم الأطفال كلًّا من «سعد أحمد سعد»، و«فؤاد محمود سعداوي»، بقيامهما بتجريدهم من ملابسهم، وإجبارهم على هتك عرض بعضهم البعض.

وانتهت القضية بقيام محكمة جنايات كفر الشيخ بتبرئة ضابطي الشرطة من التهم الموجهة إليهم؛ ونتيجة لغضب الرأي العام تم نقل مدير الأمن وحكمدار الداخلية خارج المحافظة.

البراءة من تهمة قتل 83 متظاهرًا

شهدت الإسكندرية في جمعة الغضب، مواجهات شرسة ضد ضباط الشرطة الذين استخدموا الرصاص الحي ضد المتظاهرين، وتداول النشطاء فيديو يظهر قيام ضباط شرطة بإطلاق النيران على المتظاهرين الذين حاصروا القسم، وقتل في نهاية اليوم قبل أن تسقط الإسكندرية بالكامل في أيدي الثوار نحو 83 متظاهرًا، وأصيب المئات.

وقضت محكمة جنايات الإسكندرية، ببراءة ستة من رجال وقيادات الشرطة، على رأسهم اللواء محمد إبراهيم، مدير أمن الإسكندرية الأسبق، واللواء عادل اللقاني، رئيس قطاع الأمن المركزي بالإسكندرية الأسبق، والمقدم وائل الكومي، وعدد من الضباط والمخبرين السريين في أحداث ثورة 25 يناير (كانون الثاني).

وقد أعلن قائد الانقلاب العسكري الجنرال عبد الفتاح السيسي أكثر من مرة أن ما حدث في يناير 2011 لن يتكرر في مصر، وأنه لن يحاسب ضابط لقتله مواطن. وفى محاولته لتوطيد أركان حكمه، أطلق قائد الانقلاب العسكري يد الشرطة والجيش معاً في قمع الشعب، فوصل عدد المعتقلين حوالي 60 ألف معتقل، فضلاً عن الانتهاكات غير المسبوقة لحقوق الإنسان. وأصبح العنف تجاه المواطنين أكثر شراسة وفجوراً. حيث أدى إلى استباحة أفرد الأمن لجسد وروح أي شخص، ليس فقط داخل أقسام الشرطة والسجون ومقار الاحتجاز، بل وفى الشارع أيضاً. واندفعت قوات الأمن في الانتقام لهزيمتها في 2011 بشكل عشوائي فراحت تبطش بالمواطنين على اختلاف انتماءاتهم وبغض النظر عن سن أو دين أو مرجعية فكرية أو سياسية.

كما أضافت الشرطة أساليب أخرى لإذلال وقمع المواطنين منها إطلاق النار الحي بشكل عشوائي، واغتصاب النساء داخل مدرعات الشرطة وأقسامها، والإخفاء القسري، ومنع العلاج عن المعتقلين. فضلاً عن ممارسة أساليب التعذيب المعتادة والموثقة من جانب منظمات حقوقية. وطالما استمرت المؤسسة الأمنية في ممارسة العنف والقمع وانتهاك حريات المواطنين لحماية أنظمة حكم فاسدة وباطلة، فليست هي شرطة وليس لها عيد. وسيبقى النضال من أجل الحرية والديموقراطية مستمراً في انتظار الموجة الثانية من ثورة يناير 2011، لتقتلع الظلم والقهر من جذوره ولينعم الشعب بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى