تقارير وملفات إضافية

متى ترفع الولايات المتحدة السودان من «القائمة السوداء»؟ الإجابة «مكاتب حماس وحزب الله»

يبدو أن ثورة الشعب السوداني ضد الرئيس السابق عمر البشير والإطاحة به وبدء مسيرة التحول الديمقراطي ليست كافية للولايات المتحدة الأمريكية كي ترفع الخرطوم من قائمة الدول الراعية للإرهاب، فما الذي تريده واشنطن من الإدارة السودانية الجديدة كي يتم ذلك؟

موقع ميدل إيست آي البريطاني نشر تقريراً بعنوان: «رئيس الوزراء السوداني يتحرك ضد الجماعات الإرهابية في محاولة لإنهاء العقوبات»، تلمس فيه الإجابة عن السؤال.

بات رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك في وقتٍ سابق من هذا الشهر، ديسمبر/كانون الأول، أول قائد للبلاد يزور واشنطن منذ عام 1985 في ظل محاولته حذف بلاده من قائمة الولايات المتحدة للدول الراعية للإرهاب.

وأثناء زيارة حمدوك التي استمرت 5 أيام، أعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو أنَّ البلدين يعتزمان بدء تبادل السفراء بعد انقطاع دام 23 عاماً.

وبعد الزيارة التي تمت قبل أكثر من ثلاثة عقود من جانب الرئيس السوداني آنذاك جعفر النميري، الذي حضر لقاءً مع الرئيس الأمريكي رونالد ريغان في البيت الأبيض، تدهورت العلاقات بين البلدين بشدة بعدما ضرب انعدام الاستقرار والانقلابات العسكرية البلد الإفريقي.

وتسبب صعود عمر البشير إلى السلطة عام 1989 في تسميم العلاقات أكثر مع الإدارات الأمريكية المتعاقبة حتى عزله في أبريل/نيسان الماضي.

أُدرِج السودان عام 1993 على اللائحة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب (القائمة السوداء) بعدما استضافت الخرطوم زعيم تنظيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن وقيادات إسلامية متشددة أخرى من مناطق مختلفة من العالم، وفرضت الولايات المتحدة مزيداً من العقوبات الاقتصادية عام 1997 وضاعفتها عام 2007 بعد اندلاع الحرب الأهلية في دارفور.

وعلى الرغم من رفع الولايات المتحدة العقوبات على السودان في أكتوبر/تشرين الأول 2017، لم تشهد البلاد مردوداً كبيراً بسبب استمرار إدراجها على لائحة الإرهاب التي حالت دون إعادة البلاد للنظام المصرفي العالمي.

وفي محاولة لرفع العقوبات الأمريكية المتبقية، شنَّت أجهزة الأمن السودانية حملة ضد بعض المجموعات المحظورة في البلاد.

فكشف مصدر سوداني مقرب من مكتب حمدوك لموقع ميدل إيست آي البريطاني أنَّ الحكومة ستغلق مكاتب المجموعات الأجنبية التي تصنفها الولايات المتحدة جماعات إرهابية، بما في ذلك حزب الله وحركة حماس.

في غضون هذا، أعلن الجيش السوداني، الأسبوع الماضي، أثناء زيارة حمدوك للولايات المتحدة، إلقاء القبض على ستة مواطنين تشاديين ينتمون لحركة بوكو حرام النيجيرية المتشددة على الحدود مع تشاد، وأنَّه جرى تسليمهم للسلطات التشادية.

وعند عودته من الولايات المتحدة، قال حمدوك إنَّ عملية رفع العقوبات المفروضة على السودان قد تستغرق بعض الوقت بسبب الإجراءات في الولايات المتحدة، لكنَّه أكَّد قائلاً: «إنَّنا نسير على الطريق الصحيح».

وبعد تصريح رئيس الوزراء بأنَّ «التعاون بشأن مكافحة الإرهاب عملية مستمرة»، قال إنَّه ومدير الأمن والمخابرات الوطنية السودانية، مصطفى دمبلاب، زارا مقر وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) والتقيا مديرتها، جينا هاسبل، خلال زيارة الولايات المتحدة.

أثَّرت العقوبات الاقتصادية التي فُرِضَت ضد حكومة البشير على الاقتصاد السوداني، ما أوجد صعوبات ساهمت في إطاحة الجيش الناجحة بالرئيس السابق في أبريل/نيسان الماضي بعد أربعة أشهر من الاحتجاجات المستمرة بطول البلاد.

وكان البشير وحزبه الذي بات محظوراً الآن، حزب «المؤتمر الوطني الإسلامي»، يُتَّهمان بدعم حماس وحزب الله وحركات إسلامية أخرى مُصنَّفة دولياً باعتبارها «جماعات إرهابية».

وقال المصدر السوداني الذي تحدث مع الموقع، وطلب عدم الكشف عن هويته: «ستغلق الحكومة مكاتب حماس وحزب الله وأي مجموعة إسلامية أخرى مُصنَّفة جماعة إرهابية ولها وجود في السودان، لأنَّ السودان لا شأن له في الواقع بهذه المجموعات، ومصالح السودان فوق كل شيء».

وأضاف: «في الواقع، لقد أخفوا وجودهم في السنوات القليلة الماضية، لكنَّنا لن نتساهل مع وجود أي شخص في المستقبل».

تواصل الموقع مع فيصل محمد صالح، وزير الإعلام السوداني والمتحدث باسم الحكومة، لكنَّه لم يرد على الاتصالات.

وذكر تقرير أمريكي عام 2016 عن سجل الدول في ما يتعلق بالإرهاب (Country Report on Terrorism): «تشير التقارير إلى أنَّ حكومة السودان توقفت عن تزويد حماس بأي دعم مباشر كما كانت تفعل في السنوات الماضية».

وكتب الدبلوماسي الأمريكي السابق كاميرون هدسون، الأسبوع الماضي: «حين بحثت الولايت المتحدة إبَّان حكم إدارة أوباما حذف السودان من لائحة الدول الراعية للإرهاب، كانت لا تزال هناك نقاط شائكة إضافية لم تُحَل حتى الآن إلا بصورة جزئية فقط».

وأضاف: «النقطة الأولى كانت تخلّي الحكومة عن دعم حماس وحزب الله، ولا يزال هذا الأخير يحتفظ بمكتب سياسي في الخرطوم»، وتابع: «ومع إغلاق هذا المكتب وتغيُّر الطبيعة الجذرية للنظام الإسلامي في السودان، يجب أن تكون الخرطوم الآن في موقعٍ أفضل لمعالجة مبعث خوف الولايات المتحدة».

وفي خطوة إضافية يمكن أن تساعد في إنهاء العقوبات على السودان، أعلنت الأمم المتحدة أيضاً خلال زيارة حمدوك أنَّها أرسلت وفداً من وكالات متعددة بين يومي 3 و5 ديسمبر/كانون الأول لتقييم قدرة السودان الحالية على استخدام بيانات المسافرين واكتشاف المقاتلين الإرهابيين الأجانب واعتراضهم.

وقال رئيس الوفد رافي غريغوريان، الذي يدير مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب: «تستحق السلطات السودانية الإشادة لتوجيهها الدعوة لهذه المهمة وترتيب المشاركة النشطة لكل المعنيين في هذا التقييم. لقد وجهوا رسائل قوية وثابتة تعبِّر عن مدى التزامهم».

وأضاف: «عند تطبيق برنامج السفر في مجال مكافحة الإرهاب التابع للأمم المتحدة بصورة صحيحة، فإنَّ بإمكانه أن يساعد السودان على الوفاء بالتزاماته بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2396 وإظهار استعداده أن يكون شريكاً موثوقاً ويُعوَّل عليه في مكافحة الإرهاب الدولي».

انطلق برنامج السفر في مجال مكافحة الإرهاب، الذي ينفذه مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، في مايو/أيار الماضي، ويضم عدداً من الهيئات، بما في ذلك عدة وكالات تابعة للأمم المتحدة، والمنظمة الدولية للطيران المدني، والشرطة الدولية (الإنتربول).

يعتقد المحلل السياسي السوداني محمد أحمد شقيلة أنَّ التقدم الذي تحرزه الحكومة الانتقالية السودانية في السيطرة على حركة وتمويل المنظمات المُصنَّفة جماعات إرهابية ضروري كي تتمكن الإدارة الأمريكية من المضي قدماً في رفع العقوبات المتبقية.

وقال شقيلة، أستاذ العلاقات الدولية، لموقع ميدل إيست آي إنَّ الإدارة الأمريكية لا تركز الآن إلا على مكافحة الإرهاب، في حين يتطلَّع الجانب السوداني للمساعدة الاقتصادية، ورفع العقوبات الاقتصادية، وتطبيع العلاقات.

وأضاف: «يبدو أنَّ الجانبين اتفقا على الرفع التدريجي للعقوبات مقابل المساعي السودانية في محاربة وضبط حركة وتمويل الجماعات الإرهابية».

وتابع: «أعتقد أنَّها ليست صفقة سيئة؛ لأنَّ الرفع التدريجي للعقوبات يأخذ بالحسبان أيضاً أنَّ الرفع الكامل للعقوبات في هذه المرحلة» من شأنه «كذلك تسهيل حركة وتمويل الجماعات الإرهابية».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى