آخر الأخبار

اللبنانيون يلجأون إلى أساليب اتبعوها أيام الحرب الأهلية لمساعدة بعضهم بعد فشل السياسيين

سادت حالة من الذعر في إحدى مجموعات تطبيق واتساب التي عادةً ما تشارك في تنظيم الاحتجاجات في لبنان، وذلك عندما قال أحد الأعضاء إنه يعتزم قتل نفسه لأنه لا يستطيع توفير احتياجات أطفاله.

جاءت الاستغاثة اليائسة في أعقاب حادثة انتحار أب لطفلين كانت قد صدمت الجمهور، ودقت أجراس الإنذار حول مدى السوء الذي وصلت إليه الأوضاع الاقتصادية في لبنان.

كل ذلك دفع محمد شقير، واحد من العشرات الذين تضمهم تلك المجموعة إلى التحرك، ومن ثم أطلق طالب الهندسة المعمارية البالغ من العمر 23 عاماً مع أصدقائه حملةً تنادي بجمع التبرعات، من أجل ذلك الرجل وغيره من الذين يعانون. 

فمع فشل الطبقة السياسية المهيمنة على السلطة في لبنان، بإيجاد طريق للخروج من الأزمة التي تعصف بالبلاد، أخذ اللبنانيون يلجأون إلى ما فعلوه في حروب وأزمات سابقة، عبر الاعتماد على بعضهم بعضاً، وليس على الدولة.

نشر شقير وأصدقاؤه إعلاناً على وسائل التواصل الاجتماعي، وللتأكيد على شفافيتهم، أنشأوا جدول بيانات لتسجيل التبرعات وتتبع سبل إنفاقها، وفقاً لما ذكرته مجلة U.S. News الأمريكية، الأربعاء 25 ديسمبر/كانون الأول 2019.

مع دخول الحركة الاحتجاجية في لبنان شهرها الثالث، فإن الأضرار الاقتصادية تضرب الجميع بآثارها، فتسريح العمال في ازدياد، وتخفيض الرواتب أصبح أمراً سائداً، وعمدت البنوك إلى تقييد عمليات السحب، علاوةً على الارتفاع المستمر للأسعار على نحو سريع.

علاوةً على ذلك أخذ إحساس النشوة الذي ميّز الأيام الأولى من الاحتجاجات يتلاشى، ليحل محله إحساس عام بالكآبة.

يعلق شقير على ذلك بالقول: «وصلنا إلى وضع لا يستطيع فيه الناس شراء الطعام لأطفالهم أو دفع إيجار مساكنهم»، وأضاف أن صديقهم اليائس «قال إنه ليس لديه مال وما الذي فعلته الثورة لحل ذلك، وسأل لماذا لا يلتفت السياسيون إلينا». 

لقد تمكنوا من إقناعه بعدم قتل نفسه، ومع ذلك فقد رفض أخذ أي تبرعات، واستمر شقير ومجموعته في حملتهم، وتمكنوا من تقديم أموال وطعام وملابس إلى 58 عائلة حتى الآن هذا الشهر، وقد شملت تلك العائلات عائلة وصل بها الحال إلى الاعتماد على الشموع لأنهم لا يستطيعون الحصول على الكهرباء.

خلال السنوات الأخيرة، ومع تدهور الاقتصاد اللبناني، تحول الناس إلى طرق مألوفة لهم للتكيف ومواجهة تلك الأوضاع، مثل الجمعيات الخيرية في المساجد والكنائس، أو تقديم الدعم لبعضهم بعضاً، أو التجاوز عن الديون، إضافة إلى توزيع الطعام، وقد أخذت تلك الوسائل تنتشر شيئاً فشيئاً بالفعل.

أخذت الاحتجاجات تحث الناس على مزيد من تقديم المساعدة من خلال لفت انتباه الجماهير للمعاناة التي يمر بها كثير من الناس. 

هكذا انتشرت حملات جمع الطعام والملابس الشتوية وخطوط المساعدة للأشخاص الذين يعانون من ضائقة اقتصادية وظروف مؤثرة في كل مكان، وأسهمت روح أعياد الميلاد في التكثيف والدعوة إلى مزيد من تلك الحملات.

من ثم شرعت المتاجر في تقديم خصومات كبيرة، وأقامت صناديق للتبرعات بالملابس والمال،  وأخذت الإعلانات على شاشة التلفزيون تدعو اللبنانيين إلى تعبئة أكياس التبرعات بدلاً من حقائب السفر. 

حث إعلان آخر اللبنانيين في الشتات على العودة إلى بلدهم، وجلب «الأدوية والملابس والسلع المختلفة»، والتبرع بها، لأن «لبنان في حاجة إلى المساعدة».

عرضت بعض المطاعم أيضاً تقديم طعام مجاني، ووفرت المخابز الخبز مجاناً للفقراء، ونظم أحد مراكز اليوغا دروساً وخصص جزءاً من أرباحها للمحتاجين. 

بالإضافة إلى ذلك، أخذت مجموعات على تطبيق واتساب وصفحات انستغرام تنشر عناوين شركات صغيرة محلية للمتسوقين لشراء هدايا أعياد الميلاد منها.

رفع أحد المشاركين هذا الشعار «كلنا في هذا معاً»، وأنشأت مجموعة من مطوري المواقع تطبيقاً، يحمل اسم Khayyak (أخوك)، للتنسيق بين أولئك الذين يريدون المساعدة والمحتاجين إليها. يقول الإعلان المنتشر للتطبيق: «لا تفقد الأمل، لست وحدك».

هذه الجهود مدفوعة في جزء منها بروح المبادرة المشهورة ذاتها التي ساعدت اللبنانيين في التغلب على عديد من الأزمات السابقة، ليس أقلها حرب أهلية استمرت 15 عاماً، وعدة حروب مع إسرائيل دمرت البنية التحتية والاقتصاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى