ثقافة وادب

يستيقظ المواطنون يومياً على أنغام «عزيزي الجنرال».. أشياء قد لا تعرفها عن الموسيقى في كوريا الشمالية

قد تشتهر كوريا الشمالية بإثارتها الجدل، وأنها دولة شمولية النظام، وعلى خلاف دائم بين عديد من القوى العالمية، والموسيقى في كوريا الشمالية أيضاً ليست بعيدة عن الجدل.

وبرغم كون كوريا الشمالية دولة اتُّهمت بأنها قائمة على نظام ديكتاتوري منغلق على العالم؛ فإنه لا يزال للموسيقى وجود ملموس، ومؤثر، وإن كانت هناك بعض الحقائق غير العادية عن الموسيقى هناك.

في عام 2012، انتشر عالمياً خبر زواج رئيس كوريا الشمالية كيم جونغ أون بري سول جو، وهي مغنية اشتهرت بأغانيها (الوطنية)، وكانت لها أغنية بروباغاندا شهيرة آنذاك تمدح فيها قوات الجيش الكوري الشمالي، بعنوان: «خطوات الجنود» Footsteps Of Soldiers.

ولكن في تقريرٍ نشره موقع مجلة بيزنس إنسايدر، في سبتمبر/أيلول عام 2012، بعنوان (كيم جونغ أون يحاول محو ماضي زوجته مغنية البوب)، أوضح فيه أن ري سول جو ليست فقط مغنية أغانٍ وطنية عسكرية، لكن لها عدة تسجيلات من موسيقى البوب Pop عندما كانت عضوة في فريق موسيقى بوب عُرف باسم أوركستر أونهاسو Unhasu Orchestra.

وأوضح التقرير أيضاً، أن السلطات الكورية الشمالية قامت بعملية واسعة لإعدام وتدمير كثير من تراث هذه الفرقة الغنائية بشكل قيل إنه (تطوعي)؛ للحفاظ على نقاء التراث الموسيقي الكوري الشمالي.

بحسب ما نشره موقع مجلة Vice الأمريكية، كل يوم، في السادسة صباحاً تعلو ميكروفونات في أماكن رئيسية من المدن تصدح بأغنية واحدة لا تتغير.

الأغنية الأيقونية تدعى «أين أنت، عزيزي الجنرال؟» والتي قامت بتأليفها وتلحينها هيون سونغ- وول Hyon Song-wol إحدى أشهر مغنيات كوريا الشمالية -حالياً تعمل في الحزب الكوري الحاكم- ومؤسسة فرقة الأوركسترا الكورية الشمالية المعروفة باسم Pochonbo Electronic Ensemble.

الأغنية الشهيرة تمزج بين الموسيقى الشعبية الكورية، والموسيقى الغربية، وبعض النغمات (سوفييتية الطابع)، واشتُقت قصتها من معركة شهيرة عام 1937 والتي قام فيها الزعيم الكوري الشمالي الأسبق كيم سونغ الثاني بقيادة بعض الفرق المسلحة للقتال ضد قوات الاحتلال الياباني قبيل اندلاع الحرب العالمية الثانية عام 1939.

وفي عام 1992، أمر الرئيس الكوري الشمالي السابق كيم جونغ إيل -والد الرئيس الحالي- بإذاعة الأغنية وترديدها كلما سنحت الفرصة، وفي كل مكان يستطيع شخص أن يرددها فيها، وبعدها صار الأمر الرئاسي بمثابة قانون غير مكتوب وأمر واجب النفاذ حتى اليوم.

وفقاً لما نشرته جريدة fortune، فإن إحدى الفرق الغنائية الشهيرة التي أمر بتكوينها الزعيم الكوري الشمالي الحالي، وأشرف عليها شخصياً، فرقة موران بونغ Moranbong؛ ليست بفرقة غنائية عادية. 

بخلاف الأغنيات الوطنية الحديثة الطابع التي رغب كيم جونغ أون في تطويرها؛ لوحظ أيضاً ابتعاد فتيات الفرقة عن ارتداء الأزياء الغربية، والتشبّه بموسيقى الكي بوب الكورية الجنوبية ذات الشعبية المتنامية؛ والتزمن جيداً بالأزياء عسكرية الطابع، وقصّات الشعر المميزة لدى ضابطات الجيش من الرُّتب العالية.

وبرغم ابتعاد الفرقة التي يريد رئيس كوريا الشمالية الترويج لها وتحديثها عن خفة ظل، وتنوع موسيقى الجارة الجنوبية ذات الشعبية العالمية؛ فإن هناك كثيراً من التحديثات التي أجرتها هذه الفرقة على الطابع الموسيقي التقليدي لكوريا الشمالية؛ ولكن كون مغنيات الفرقة من ضباط الجيش أمراً لا يزال يثير دهشة الجميع خارج كوريا الشمالية.

وفقاً لما نشرته صحيفة الغارديان البريطانية عام 2015، فإن السلطات الكورية الشمالية قامت بحملة واسعة تضمنت بحثاً منزلياً فردياً لمنازل المواطنين؛ بحثاً عن بعض الأسطوانات والتسجيلات الممنوعة من التداول والاستماع إليها، لأنها بحسب «الغارديان» تحتوى على أغنيات «حماسية» تثير مشاعر الجماهير، استخدمت منذ فترة طويلة، في أحد أفلام الأبطال الشعبيين المشابهين لشخصية روبن هود الثورية.

وبينما تنتشر هذه الحملات القمعية بغرض منع إثارة حماسة الجماهير؛ تنتشر في أرجاء كوريا الشمالية جيوب سرية لنوادٍ ليلية في مخابئ داخل منازل عادية يقوم فيها القائمي=ون عليها بعزل الصوت فيها، ولعب الموسيقى الصاخبة الشعبية K-Pop الشهيرة في كوريا الجنوبية؛ والتي تمنعها كوريا الشمالية منعاً باتاً؛ وهو ما يأتي بنا لأغرب تناقضات الحقائق في هذا التقرير.

كيم جونغ أون يمنع الكي بوب.. ولكنه معجب كبير بها!

وفقاً لتقرير USA Today المنشور في 2018، فإن الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون واحد من أكبر المعجبين بموسيقى K-Pop الكورية ذات الشعبية المفرطة.

ربما تكون هذه معلومة عادية، ولكن عندما نعلم أن السلطات -وعلى رأسها كيم نفسه- يمنع منعاً باتاً تداول والاستماع إلى موسيقى K-Pop في جميع أنحاء كوريا الشمالية؛ برغم انتشارها بشكل سري وبكثرة داخل كوريا الشمالية.

وبينما يرى الجميع هذا التناقض أمراً سلبياً، يأمل البعض أن تكون موسيقى K-Pop جسر التواصل بين البلدين المتخاصمين، اللذين لا تزال القطيعة بينهما قائمة إلى اليوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى