تقارير وملفات إضافية

انعكاسات مقتل سليماني على لبنان.. هل يلجأ حزب الله للحريري لإنقاذ لبنان من التحول لإيران جديدة؟

انعكاسات مقتل سليماني على لبنان متعددة، فحتى لو تجنب حزب الله الرد على اغتياله من لبنان فإن اغتيال مهندس التوسع الإيراني في المنطقة قاسم سليماني يرخي بظلاله على المشهد اللبناني المتشابك والمعقد، وخاصة تشكيل الحكومة.

سليماني الذي خرج من بيروت لدمشق ثم وصل محطته الأخيرة في بغداد كان بمثابة القائد الأعلى لحزب الله، القوة المهيمنة على لبنان.

 والحزب الذي يتعاطى مع الانتفاضة الشعبية كمحاولة للانقلاب على قوته وحضوره ومساهمة أمريكية لتقليص دوره في الساحة اللبنانية يدرك أن ما قبل الاغتيال ليس كما بعده.

 ما قبل اغتيال الرجل كان الحديث عن أن حزب الله سلم بالأمر الواقع، وتقبل خسارته لسعد الحريري كغطاء سني يحتاج حزب الله له في هذه المرحلة الدقيقة.

 كان الحزب يدرك أن الحريري لم يعد رجل المرحلة بالنسبة لحلفائه الإقليميين كالسعودية، والدوليين كفرنسا والولايات المتحدة،  وأن الحريري بدوره فهم الشيفرة وقرر الخروج من اللعبة حتى ينجلي غبار المعركة الأمريكية – الإيرانية.

ولذا قرر الحزب أن يمضي قدماً بتسهيل صعود حسان دياب نحو سلم نادي رؤساء الحكومات، على الرغم أن دياب تلقى سهام مباشرة من بعض حلفاء حزب الله كالوزير سليمان فرنجية، الذي غرد قائلاً أن حكومة دياب هي حكومة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل. 

ولقد بادرت قيادات محور ما يعرف بمحور الممانعة لاحتواء المشكلة وتواصلت مع فرنجية، خشية أن يذهب الرجل في اتجاه عدم إعطاء الثقة في حال أبصرت الحكومة النور.

لكن الخلاف انتقل من بيت فرنجية إلى  دياب نفسه، الذي يشكو من محاولات الوزير جبران باسيل السيطرة على قرار الرجل ودوره وصلاحياته.

حاول باسيل إقناع حزب الله بضرورة الإبقاء على بعض الوزراء في الحكومة، معتبراً أن المرحلة لا تحتمل تغييب الحزبيين بشكل مباشر عن طاولة مجلس الوزراء.

مانع حزب الله في هذا التوجه وبرره بخشية أن تقوم باقي الأطراف بإعادة الوجوه ذاتها للمشهد، ما يعني استفزازاً مباشراً للناس وإعادة الزخم لمشاهد الساحات الممتلئة، والمطالبة بإسقاط الحكومة مرة أخرى، في ظل انهيار مالي وحصار اقتصادي وامتناع الدول عن دعم لبنان. 

يقول مصدر على احتكاك مباشر بملف تشكيل الحكومة لـ «عربي بوست » أن تشكيل الحكومة من الأساس تفصيل أقل من ثانوي، فقد جرى تكليف من لون واحد (تحالف 8 آذار الموالي لحزب الله)، والتأليف حكماً سيكون من لون واحد، وبالتالي كان يُفترض أن تتشكّل الحكومة في الأسبوع الأول الذي تلا التكليف، وأمام ما جرى في المنطقة والمخاطر المترتبة على حدث اغتيال سليماني، يُفترض أن تذوب آي عقَد سريعاً والذهاب إلى تأليف حكومة فوراً. ولكن على رغم صغر هذا الأمر، فإنّه يبدو أكبر من أن يخترق بعض العقليات المهترئة التي تتعامل مع تأليف الحكومة بذات النفس الأناني والاستئثاري الذي اتُّبع مع تشكيل الحكومات السابقة.

وقال المصدر إن العقلية التي تدير عملية التشكيل عبّرت عن نفسها بإصرارها على أن تبيح لنفسها ما تحرّمه على غيرها، وعلى فرض توازن معيّن وأكثريات لمصلحتها حصراً داخل الحكومة الجديدة، وعلى أسماء مقترحة للحقائب الوزارية يُقَدّمون كاختصاصيين، فيما هم في حقيقتهم حزبيّون مقنّعون.

 على جانب قوى 8 آذار تؤكد مصادر أن تأخر الإعلان عن تشكيل الحكومة ليس مرتبطاً بما يحدث في المنطقة، بل هو بسبب عملية التفاوض التي وصلت إلى نهايتها، مع بقاء بعض العقد من دون حلّ.

وترى المصادر نفسها أن هناك قراراً لدى جميع فرقاء الأكثرية النيابية بمن فيهم «حزب الله» والتيار الوطني الحر ألا تؤثر التطورات الإقليمية على الوضع السياسي الداخلي، وتحديداً على مسار تشكيل الحكومة، وهذا ما بدا خلال خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله الذي لم يعلن في خطابه أنه سيستخدم الساحة اللبنانية للرد على اغتيال سليماني. 

لكن مصادر أخرى واكبت عملية تشكيل الحكومة أكدت أن دياب تواصل مع قيادة حزب الله، لوضعهم في صورة العقد التي تتمثل بإصرار الوزير باسيل على تسمية بعض الوزراء وأنها قد تؤخر تشكيل الحكومة.

لكن حزب الله لم يعر اهتماماً لدياب لكونه في حالة صدمة بعد اغتيال سليماني، ما أوحى لدياب أن الحزب غير مهتم حالياً بتشكيل حكومة، وترك البلد أمام الفراغ، ما يحرج الرجل بعد أن وعد أنه سينهي عملية ولادتها خلال فترة قصيرة.

يؤكد أسعد درغام النائب في كتلة لبنان القوي (التي يتزعمها الوزير جبران باسيل) لعربي بوست، على ولادة حكومة قريبة، وأن التيار الوطني الحر لن يشارك بها بوجوه حزبية، وأنه سمى مجموعة أسماء من الاختصاصيين باعتباره شريكاً أساسياً في اللعبة السياسية.

ويشدد على أن اغتيال قاسم سليماني لن يؤثر عن شكل الحكومة ومضمونها، فهي بحسب درغام حكومة اختصاصيين، وحزب الله تنازل كثيراً لمصلحة «أن يمشي البلد».

ويرفض درغام تسمية الحكومة بحكومة حزب الله والتيار الوطني الحر، لكون القوى السياسية الأخرى امتنعت عن المشاركة فيها لحسابات خاصة بها.

ويقول منير الربيع، الصحفي والمحلل السياسي لعربي بوست إن الاتجاه الأساسي بالنسبة لحزب الله وجبران باسيل كان تشكيل الحكومة وفق ما يشتهيان، ووفق ما تقتضيه مصلحتهما.

وورأى أن باسيل يعتبر أنه لا بد من الرهان على هذه الظروف لاستعادة ما خسره جراء استهداف الحراك له.

وقال إن باسيل فرض الشروط التي يريدها في عملية تشكيل الحكومة، بالحصول على الثلث المعطل، واشتراط بقاء مستشاريه في الوزارات التي قد لا يتسلمها تياره. ما يعني العودة إلى ممارساته السابقة، مدعوماً بجو إقليمي حليف. 

الطارئ الوحيد الذي دخل على المشهد هو اغتيال قاسم سليماني، والذي أخذ بنظرة عامة وكأنه قابل لتفجير المنطقة، وسيفرض متغيرات في الشرق الأوسط ومن ضمنها لبنان.

ويبدو أن اللهجة التصعيدية غلبت على  المساومات والتسويات الخاصة بتشكيل الحكومة بانتظار الردّ الإيراني. 

وبعد تهديد الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، اتجهت الأنظار نحو ما سيفعله الحزب ردّاً على اغتيال سليماني. وكانت الأسئلة الأساسية تتركز حول فرص تشكيل الحكومة بعد تبدّل الظروف والمعطيات. 

كانت القراءة الموضوعية تفيد أن من مصلحة الحزب تشكيل الحكومة  برئاسة حسان دياب.

وستكون حكومة حزب الله لكن بغطاء تكنوقراط قابلة للتسويق الخارجي.

 إلا أن هناك معطيات تغيرت على ما يبدو، دفعت القوى العاملة على خطّ تشكيل الحكومة إلى التريث، على الرغم من أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كان يستعجل التشكيل سريعاً.

الثابت الوحيد حتى الآن أن حزب الله سيستخدم مواقف أمينه العام بالرد على مقتل سليماني في عملية الإحكام على اللعبة السياسية، وهنا تصبح الحكومة مجرد تفصيل صغير. 

لكن من الواضح أن الحزب وباسيل يريدان الإمساك بها. ولتبرير تسييسها، يريدان أن يعود طرح حكومة تكنوسياسية، تضم كل القوى السياسية، ويكون الحزب في الوقت ذاته قادراً على فرض رؤيته عليها. 

فحكومة اللون الواحد لن تحظى برضا المجتمع الدولي، وستكون سهلة الاستهداف في الداخل.

 تبقى الغاية بالنسبة إلى الحزب هي الوصول إلى تسوية وتفاهم بعد كل هذا التصعيد، بشرط أن تكون التسوية بأفضل الشروط.

 لا يريد الحزب الذهاب إلى أي مغامرة لا يتحملها لبنان ولا بيئته الحاضنة ولا حتى الوضع الإقليمي المتأزم في ظل صعود ترمب.

 فرصة الربح الأساسية هي في السياسة وليس في أي معركة. هنا يأتي اغتيال سليماني في إطار محاولة أمريكية لفتح مرحلة جديدة في المنطقة، ولكون سليماني الممثل الشرعي لمرحلة صعود نجم إيران في المنطقة واستفاد من عهد أوباما لزيادة التوسع وجب التخلص منه لإعادة رسم اتفاقات جديدة.

 لكن لا شك أن طهران وحلفاءها يريدون الاستفادة سياسياً إلى أقصى الحدود مما جرى، لإعادة رسم وجودها في المشهد اللبناني.

 يرسل الحزب رسائل باتجاه تيار المستقبل، عله يرضى بالعودة لفكرة حكومة وحدة وطنية عنوانها الرئيسي تجنيب لبنان تبعات تحولات وتسارع الأحداث في المنطقة.

وهذا ما يرفضه النائب السابق مصطفى علوش (رئيس المكتب السياسي لتيار المستقبل).

وأكد علوش لـ «عربي بوست»  ألا عودة للوراء بموضوع مشاركة المستقبل بحكومة تكنوسياسية.

 فالحريري بحسب علوش أمهل القوى السياسية مدة كبيرة للقبول بصيغة التكنوقراط.

 لكن علوش يؤكد أن حزب الله يسعى مع حليفه جبران باسيل لإشراك الجميع بقبول فكرة سيطرتهما على الدولة وقرارها السيادي.

ويؤكد علوش مجدداً ألا أحد يمكنه تحمل تبعات مغامرات الحزب ولا حتى بيئته الحاضنة.

ويرى علوش أنه برغم كل محاولات حزب الله تجميل صورة حسان دياب، فإنه فشل فشلاً ذريعاً، فالرجل خارج الإجماع السياسي والاجتماعي وحتى ضمن بيئته السياسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى