آخر الأخبار

أمريكا تفتح جبهة جديدة في صراعها مع إيران.. سوريا ورقة الضغط الجديد

يسافر أعلى المسؤولين الأمريكيين رتبةً في سوريا، وهو السفير جيمس جيفري، إلى بروكسل الأسبوع المقبل ليناقش فتح جبهةٍ جديدةٍ من الضغط الاقتصادي ضد النفوذ الإيراني في سوريا.

إذ شهدت الأصوات المُعادية لإيران في إدارة ترامب ارتفاع أسهمها، وانخفاضها، ثم صعودها مرةً أخرى خلال سلسلةٍ من المناوشات المتفجرة بين إيران وأمريكا في الأسبوع الأول من شهر يناير/كانون الثاني الجاري. حتى الرئيس دونالد ترامب نفسه تراجع عن خوض مواجهةٍ عسكريةٍ مباشرةٍ مع إيران. لكن وزير خارجيته الآن يستخدم الحرب في سوريا لشن حملةٍ أهدأ من «الضغط الأقصى» على إيران قبيل انتخابات الرئاسة الأمريكية القادمة هذا العام.

كان ترامب قد هدد بمهاجمة إيران عدة مراتٍ لاستخدامها القوة العسكرية استجابةً للعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.

وقال جيفري لصحفيين بوزارة الخارجية، أمس الخميس 23 يناير/كانون الثاني، إنه سيناقش مع نظرائه الأوروبيين قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين و «مسائل اقتصاديةً أُخرى تتعلق بمواصلة الضغط على نظام الأسد»، بحسب ما ذكر تقرير لمجلة National Interest الأمريكية.

ويُعَدُّ الرئيس السوري بشار الأسد أحد أقرب الحلفاء لإيران في العالم العربي. وكان نظامه على وشك السقوط بفعل ثورة 2011، لكنه تمكّن من النجاة بشن حربٍ أهليةٍ وحشيةٍ بدعمٍ كبيرٍ من القوات الإيرانية والروسية.

يفرض قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين، والذي مُرر كجزءٍ من ميزانية عام 2020 العسكرية، عقوباتٍ متعلقةً بحقوق الإنسان على عدة قطاعاتٍ من الاقتصاد السوري خاضعةٍ لسيطرة الأسد، وكذلك على حكوماتٍ تدعم إعادة البناء في سوريا وتدعم الجيش السوري.

كانت روسيا قد استخدمت حق الفيتو في مجلس الأمن الدولي مطلع يناير/كانون الثاني لتعطيل السماح بدخول مساعداتٍ إنسانيةٍ لسوريا عبر معبرين حدوديين تتحكم بهما الأمم المتحدة في محاولةٍ واضحةٍ لترسيخ سطوة الأسد. واستشهد جيفري بتلك الواقعة لتبرير «الاحتياج لبذل الكثير من الجهد» للضغط على الأسد.

يقول فيصل عيتاني، نائب المدير بمركز السياسة العالمية، الذي قدم مراراً ملخصاتٍ للحكومة الأمريكية: «يفضل المسؤولون في إدارة ترامب فرض العقوبات؛ لأنها آمنةٌ سياسياً وبالغة التدمير لإيران، وهناك حدودٌ بلا شك لما يمكن أن يحققه (أقصى ضغطٍ)، وتخميني أن الفريق يُدرك أن شن حربٍ على إيران وحلفائها الإقليميين لن يحظى بتأييدٍ محليٍّ ولا من الرئيس».

كان ترامب قد أقر مسبقاً مواجهةً عسكريةً مباشرةً مع القوات المدعومة من إيران في العراق، بلغت ذروتها باغتيال القيادي الاستخباراتي الإيراني الفريق قاسم سليماني في الثالث من يناير/كانون الثاني الجاري. ورداً على ذلك شنت إيران هجماتٍ صاروخيةً على قواتٍ أمريكيةٍ في العراق في السابع من الشهر نفسه، أدت إلى إصابة أكثر من 10 أفرادٍ من القوات الأمريكية، وحالت دون مزيدٍ من التصعيد من جهة ترامب.

واضطلع وزير الخارجية مايك بومبيو بدورٍ كبير في الضغط من أجل الدخول في مواجهةٍ عسكريةٍ مع إيران. وقد ورد أنه حمل على عاتقه شخصياً مسؤولية إنجاح اغتيال سليماني، وتدعم وزارته الجهود الرامية لتغيير النظام الإيراني.

جمع بومبيو كذلك فريقاً من النخبة يركزون على مجابهة النفوذ الإيراني في المنطقة. وحين تولى وزارة الخارجية في أبريل/نيسان 2018 لم يكن هناك مبعوثٌ خاصٌّ إلى سوريا، ولا مساعدٌ لوزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى. أوجد بومبيو المنصبين وعين من يشغلهما فيما كان يبني «أقصى ضغطٍ» ضد إيران، وأوجد مناصب جديدةً لتعيين فريقه فيها.

منحت إدارة ترامب منصباً للسفير مايكل راتني، المسؤول المرموق في وزارة الخارجية، والذي عمل على ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وعينته مبعوثاً خاصاً إلى سوريا عام 2017. واكتشف مكتب المحقق العام بينما كان يجري تحقيقاً في قضايا أخرى في وزارة الخارجية أن مسؤولين في الإدارة انتقدوا راتني في غيابه بوصفه «انهزامياً» يعتقد أن «سوريا قد ضاعت» وبأنه «لم يكن لطيفاً مع إسرائيل».

طُلب من راتني أن يترك مكتب شؤون الشرق الأدنى في ديسمبر/كانون الأول 2017. وظل منصبه شاغراً إلى أن انتقل المقدم جويل رايبورن إلى وزارة الخارجية في يوليو/تموز 2018 كواحدٍ من مجموعةٍ من العسكريين المتقاعدين المتولين لمناصب سياسيةٍ «بنية احتواء النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط». 

عين بومبيو كذلك ثلاثة خريجين من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى المتبني لنفس الاتجاه. وانضم جيفري والكولونيل ريتش أوتزن لفريق سوريا في أغسطس/آب 2018، وأصبح ديفيد شينكر مساعداً لوزير الخارجية لشؤون الشرق في يونيو/حزيران 2019.

ولم يكن منصب جيفري «الممثل الخاص لشؤون التسوية في سوريا» موجوداً قبل أن يعينه فيه بومبيو. فيما انتقل براين هوك، المسؤول الذي جرى التحقيق معه في إقالة راتني، إلى مكتب «المبعوث الخاص إلى إيران» المؤسس حديثاً في سبتمبر/أيلول 2018.

 يشعر فريق بومبيو المُشكَّل حديثاً أن إدارة أوباما قد «جرأت إيران على كسب الكثير جداً في العراق وسوريا بالذات» وفقاً لعيتاني.

دفع رايبورن القوات المناهضة لداعش بقيادةٍ كرديةٍ شمال سوريا للعمل مع الثوار المناهضين للأسد في منتصف عام 2019، فيما بحث فريق جيفري عن قوىً منفصلةٍ مناهضةٍ لإيران بقيادةٍ عربيةٍ جنوب سوريا. ويبدو أن خططهم فشلت في أكتوبر/تشرين الأول 2019، حين غزت تركيا سوريا بموافقةٍ أمريكيةٍ، والتفتت القيادات التركية للأسد طالبةً مساعدته.

وقالت دانا سترول، الزميلة في معهد واشنطن في حلقة نقاشٍ أمس الخميس 23 يناير/كانون الثاني: «إذا تكلمت مع مسؤولين من الفرع التنفيذي، سيقولون لك إن أهداف الولايات المتحدة في سوريا مازالت كما كانت منذ عامٍ» بما في ذلك إخراج القوات الإيرانية من البلاد، مع أن «تقليل القوات والنفوذ الأمريكي يفتح المجال أمام إيران».

وأضافت: «هنا أنا لا أرى أن الولايات المتحدة تملك حواراً صادقاً داخل الإدارة حول ما يمكن تحقيقه».

لكن وزارة الخارجية لم تيأس من محاولة دفع القوات الإيرانية خارج الأراضي السورية. وتبنت سياسةً أكثر عدوانيةً حتى قبل اغتيال سليماني.

قتلت القوات الأمريكية 25 عضواً في كتائب حزب الله، الميليشيا المدعومة من إيران في 29 ديسمبر/كانون الأول يُزعم أنهم قتلوا مترجماً أمريكياً اسمه نورس حميد في العراق.

وقال مسؤولٌ بارزٌ في وزارة الخارجية لصحفيين خلال مكالمةٍ جماعيةٍ غير مُعلَنة في 30 ديسمبر/كانون الأول: «من المهم الاعتراف بأن الهجمات لم تشن فقط في العراق، وإنما في سوريا كذلك».

أضاف مسؤولٌ ثانٍ: «يُظهر ذلك أننا قادرون على الرد ليس في العراق فقط، وإنما في أي مكانٍ نراه منطقياً. تلك سياسةٌ أمريكيةٌ ثابتةٌ، كررها الرئيس للكونغرس، ولمايك بومبيو، ولبقيتنا عدةً مراتٍ علانيةً، أن على كل القوات الموالية لإيران، بما فيها من وجهة نظرنا كتائب حزب الله، أن تغادر سوريا».  

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى