آخر الأخبار

بدء المشاورات لتشكيل حكومة لبنانية جديدة.. الأحزاب تسابق الزمن للإيفاء بالتعهد الذي أعطوه لماكرون

بدأ رئيس الحكومة اللبنانية المكلف مصطفى أديب، الأربعاء 2 سبتمبر/أيلول 2020، مشاوراته مع الكتل البرلمانية لتشكيل حكومة جديدة، غداة إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون انتزاعه تعهداً من القوى السياسية بإتمام المهمة خلال مدة قياسية أقصاها أسبوعان.

ضغط فرنسي كبير: وغادر ماكرون، الذي زار لبنان للمرة الثانية في أقل من شهر، صباح الأربعاء 2 سبتمبر/أيلول 2020 بيروت، بعد التوافق مع القوى السياسية على خارطة طريق، تتضمن تشكيل حكومة بمهمة محددة، مؤلفة من “شخصيات كفوءة” تلقى دعماً سياسياً وتنكب على إجراء إصلاحات عاجلة مقابل حصولها على دعم دولي.

أديب (48 عاماً) كان قد كُلّف الإثنين 31 أغسطس/آب 2020، قبل ساعات من وصول ماكرون بتشكيل الحكومة، وهو شخصية غير معروفة إجمالاً من اللبنانيين.

جاءت تسميته بعد نيله دعم أبرز القوى السياسية المتخاصمة، على رأسها تيار المستقبل برئاسة سعد الحريري وحزب الله ورئيس الجمهورية ميشال عون.

وكالة الأنباء الفرنسية قالت إن أديب بدأ الاستشارات غير الملزمة صباحاً في مقر إقامة رئيس البرلمان نبيه بري، جراء تضرر مجلس النواب في انفجار المرفأ، ويلتقي تباعاً الكتل البرلمانية، ولم يصدر عنه أي تصريح بعد في ما يتعلّق بصيغة الحكومة التي سيشكلها.

من جانبه، دعا رئيس كتلة حزب الله محمّد رعد بعد لقاء أديب إلى تشكيل “حكومة فاعلة ومنتجة ومتماسكة”، في وقت طالبت فيه النائبة بهية الحريري باسم كتلة المستقبل بالإسراع في تأليف “حكومة اختصاصيين”.

عادة ما يستغرق تشكيل الحكومة أسابيع أو حتى أشهراً، إلا أن الضغط الفرنسي بدا واضحاً، خصوصاً مع تعهد ماكرون بالعودة إلى بيروت في نهاية العام ودعوته الأطراف السياسية إلى اجتماع في باريس الشهر المقبل يُعقد بموازاة مؤتمر دعم دولي جديد، وفقاً لما ذكرته الوكالة الفرنسية.

الإنذار الأخير: ومارس ماكرون في بيروت ضغطاً كبيراً على القوى السياسية في ما اعتبره “فرصة أخيرة” لإنقاذ النظام السياسي والاقتصادي المتداعي، وأعلن في مؤتمر صحفي بعد لقائه مساء الثلاثاء تسعة ممثلين عن أبرز القوى السياسية، بينها حزب الله المدعوم من طهران، أن “الأطراف السياسية كافة من دون استثناء التزمت.. بألا يستغرق تشكيل الحكومة أكثر من 15 يوماً”.

كذلك كتب ماكرون في تغريدة الأربعاء وتوجه فيها للبنانيين، قال: “في لحظة مغادرتي بيروت، أود القول مجدداً وبقناعة: لن أتخلى عنكم”.

وأُعلن تنظيم مؤتمر دعم دولي جديد للبنان مع الأمم المتحدة في باريس في النصف الثاني من شهر تشرين الأول/أكتوبر المقبل، وكان المجتمع الدولي تعهد في مؤتمر نظمته باريس بعد أربعة أيام من انفجار المرفأ بتقديم 250 مليون يورو لدعم اللبنانيين على ألا تمر بمؤسسات الدولة المتهمة بالفساد.

في موازاة مؤتمر الدعم المرتقب، تم توجيه دعوات إلى مسؤولين لبنانيين للمجيء إلى باريس، لتقييم ما تم تحقيقه من خارطة طريق جرى الاتفاق عليها، وفق ماكرون الذي قال إنه سيوجه الدعوة أيضاً إلى “كل القوى السياسية”.

ماكرون أشار إلى أن “خارطة الطريق ليست شيكاً على بياض أُعطي إلى السلطات اللبنانية. إذا لم يتم الإيفاء بالوعود في تشرين الأول/أكتوبر، ستكون هناك عواقب”. وعما إذا كان ذلك يعني فرض عقوبات، لم يستبعد ماكرون ذلك، وقال “إذا تم فرض عقوبات، فسيكون ذلك بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي”.

ردود فعل: وأثارت زيارة ماكرون للبنان ردود فعل متباينة، بين مؤيد ومعارض، واعتبرت صحيفة “الأخبار” المقربة من حزب الله أن ماكرون تصرف “كما لو أنه مرشد الجمهورية اللبنانية في مئويتها. تحدث كمن يعطي الإنذار الأخير. إما أن تنفذ الحكومة المقبلة خريطة طريق وضعتها فرنسا من ألفها إلى يائها وإما لا مساعدات والانهيار آتٍ مع العقوبات”.

من جانبها، عنونت صحيفة “النهار” قائلة: “حكومة اختصاصيين على وقع مهلة ماكرون”، وكتب عماد الخازن على فيسبوك: “يحدثوننا عن السيادة وهم ينتظرون رئيس جمهورية أجنبية ليصرخ في وجههم ويهدّدهم حتى يعرفوا كيف يديروا البلد”.

بدورها سألت أولغا فرحات: “ما كان شعور المسؤولين أمس عندما سمعوا من الرئيس الفرنسي كيف يجب أن يتصرفوا إزاء شعبهم؟”.

وبدا واضحاً إصرار ماكرون، الذي يعرف أن رهانه السياسي في لبنان “محفوف بالمخاطر” على تحديد جدول زمني لإحراز تقدم، في وقت فقد فيه لبنانيون كثر ثقتهم بقدرة الطبقة السياسية على إحداث تغيير حقيقي، لما لذلك من تبعات على شبكة المصالح والمحسوبيات التي نسجتها على مر السنوات.

في هذا السياق، قال أستاذ العلوم السياسية في بيروت وباريس كريم بيطار للوكالة الفرنسية: “يدرك الجميع في لبنان أنه لم يعد لديهم ترف الوقت وهم على بيّنة من أنهم سيكونون عرضة لضغط متزايد من فرنسا ومن المانحين والمجتمع الدولي”.

بيطار أعرب عن اعتقاده بأنّ الضغط الفرنسي “قد يؤدي إلى إحداث شكل من التغيير على المدى القصير” في أداء المسؤولين الذين قد يحاولون “الإيحاء بأنهم قاموا بالجزء المتّرتب عليهم من الاتفاق لناحية إجراء إصلاحات تجميلية”. 

إلا أنه يُبدي شكوكاً إزاء “موافقتهم على إجراء إصلاحات هيكلية ومنهجية يحتاجها لبنان بشدّة؛ لأنها قد تعني نهايتهم”.

يُشار إلى أنه وفي موقف لافت، حذّر البابا فرنسيس، الأربعاء، من أن لبنان يواجه “خطراً شديداً” ولا ينبغي التخلي عنه.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى