آخر الأخبار

حكام إيران يواجهون أزمة شرعية.. الغضب بسبب «الطائرة» ربما يدفع للعزوف عن المشاركة في انتخابات البرلمان المقبل

يواجه حكام إيران من رجال الدين خطر أزمة شرعية وسط تصاعد الغضب
الشعبي من طريقة تعامل بلادهم مع حادث تحطم طائرة ركاب، حيث احتاج الجيش ثلاثة
أيام للاعتراف بأنه نتيجة صاروخ إيراني أطلق بالخطأ.

ففي وسط غضب شعبي متزايد وانتقادات دولية، أدى اعتراف الحرس الثوري
الإيراني بالمسؤولية عن تحطم الطائرة إلى تبدد الوحدة الوطنية التي تجلت بعد مقتل
أكثر قادة البلاد نفوذاً في غارة أمريكية بطائرة مسيرة في العراق يوم الثالث من
يناير/كانون الثاني.

فيما تجمعت حشود ضخمة في شوارع المدن الإيرانية لتأبين قاسم سليماني
وهي تهتف «الموت لأمريكا».

لكن منذ تحطم طائرة الخطوط الدولية الأوكرانية الأربعاء، 8
يناير/كانون الثاني، في حادث قالت كندا والولايات المتحدة مبكراً إنه بسبب صاروخ
إيراني وإن كان بطريق الخطأ، اشتغلت وسائل التواصل الاجتماعي بانتقادات للمؤسسة
الحاكمة. وقتل جميع من كانوا على متن الطائرة وعددهم 176 في رحلة كانت متجهة إلى
كييف.

فيما لا يبشر هذا الوضع بالخير بالنسبة للانتخابات البرلمانية التي
تجرى في فبراير/شباط، عندما يسعى حكام إيران عادة إلى تحقيق إقبال كبير على
التصويت لإظهار شرعيتهم حتى لو لم تغير النتيجة أي سياسة كبرى.

لكنهم بدلاً من ذلك، يواجهون الآن موجة جديدة من السخط في أعقاب
الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي قتل فيها مئات الأشخاص في نوفمبر/تشرين الثاني.

فيما قال مسؤول سابق كبير طلب عدم نشر اسمه «إنه وقت حساس للغاية
بالنسبة للمؤسسة. يواجهون مشكلة مصداقية خطيرة. لم يخفوا الحقيقة فحسب، بل أساؤوا
إدارة الموقف».

فمنذ قيام الثورة الإسلامية في عام 1979، نجح رجال الدين في إيران في
التغلب على التحديات التي تواجه قبضتهم على السلطة. لكن هذا النوع من انعدام الثقة
بين الحكام والمحكومين الذي بدأ في احتجاجات عام 2019، ربما يكون قد تعمق الآن.

دانييل بيمان، كبير باحثي السياسة الخارجية في معهد بروكنجز لسياسة الشرق الأوسط علق على ذلك بالقول «ستكون هناك ضربة لمصداقية النظام على المدى القصير وهذا سيساعد في الضغط على النظام نتيجة المشكلات الاقتصادية والسياسية التي واجهها قبل المواجهة الأخيرة مع الولايات المتحدة».

من ناحية اخرى أظهرت لقطات مصورة على موقع تويتر محتجين في طهران
السبت 11 يناير/كانون الثاني، وهم يهتفون «الموت للديكتاتور» في
إشارة إلى الزعيم الإيراني الأعلى علي خامنئي. ولم يتسن لرويترز التحقق بشكل مستقل
من اللقطات. وأعقب ذلك انتقادات شديدة في إيران.

إلى ذلك أكدت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية اندلاع احتجاجات.

من جانبه قدم  الحرس الثوري اعتذاراً عن إسقاط الطائرة، قائلاً
إن الدفاعات الجوية انطلقت بالخطأ أثناء حالة تأهب قصوى. وكانت إيران تتوقع عمليات
أمريكية انتقامية بعد أن ردت على مقتل سليماني بإطلاق صواريخ على قاعدتين عراقيتين
تستضيفان قوات أمريكية.

مسؤول من المحافظين قال إنه لا ينبغي تحويل الخطأ إلى سلاح سياسي ضد
المؤسسة والحرس الثوري، وهي قوة موازية للجيش التقليدي تأتمر مباشرة بإمرة خامنئي
وتحمي النظام الديني.

في حين قال المسؤول الأمني ​​لرويترز «دعونا نتجنب القسوة
الشديدة. كان ذلك وقتاً حساساً وكان الجميع في حالة توتر. لا يمكنك تجاهل ما فعله
الحرس لحماية الأمة وهذه الدولة منذ قيام الثورة».

لكن خامنئي، الذي طالما استشهد بالإقبال على الانتخابات كإشارة على
شرعية نظام الحكم الديني، قد يجد الآن أن الإيرانيين ليسوا حريصين على إظهار
دعمهم.

هشام غنباري طالب جامعي في طهران  قال «لماذا يجب أن أصوت
لصالح هذا النظام. لا أثق بهم على الإطلاق. لقد كذبوا علينا بشأن تحطم الطائرة.
لماذا يجب أن أثق بهم عندما لا يثقون في الناس بما يكفي ليقولوا الحقيقة؟».

من ناحيتها تبذل الحكومة جهوداً مضنية بالفعل للإبقاء على دوران عجلة
الاقتصاد في ظل العقوبات الأمريكية المشددة على نحو متزايد التي فرضتها واشنطن بعد
انسحابها في عام 2018 من اتفاق طهران النووي مع القوى العالمية. وقد تقلصت صادرات
النفط الحيوية بشدة.

سنام وكيل، كبيرة الباحثين في برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مؤسسة تشاتام هاوس قالت «هذه المأساة لن تُنسى ولن يكون من السهل التغلب عليها بالنسبة للسكان الخاضعين للعقوبات والضغط ليس فقط من الخارج ولكن أيضاً من الدولة».

قالت سنام «يمثل هذا الحادث تذكيراً صارخاً بالافتقار الشديد
للحوكمة».

إلى ذلك نجا النظام الديني من تحديات أكثر حدة في الماضي، بما في ذلك
الحرب التي استمرت ثماني سنوات مع العراق في ثمانينيات القرن الماضي.

لكن قاعدة تأييده القوية، المتمثلة في الطبقات الفقيرة والشرائح
الدنيا للطبقة المتوسطة التي كانت الأكثر استفادة من دعم الدولة في الماضي، كانت
بين أوائل من خرجوا للشوارع في نوفمبر/تشرين الثاني في الاحتجاجات التي أشعلها
ارتفاع أسعار البنزين، وهي قضية حساسة بشكل خاص إذ يعتمد كثيرون على الوقود
الرخيص.

سرعان ما تحولت مطالب المحتجين إلى مطالب سياسية بما في ذلك دعوات
باستقالة الحكام وذلك قبل أن تسحق السلطات الاحتجاجات.

فيما تمثل معرفة أن القوات الإيرانية أسقطت الطائرة، سواء عن طريق
الخطأ أم لا، ضربة أخرى،  حيث غمرت تعليقات
الإيرانيين الغاضبة وسائل التواصل الاجتماعي. وشكا كثيرون من أن السلطات قضت وقتاً
في إنكار تحمل مسؤولية تحطم الطائرة أطول مما قضته في التعاطف مع أسر الضحايا.

راي تقية كبير الباحثين في دراسات الشرق الأوسط بمجلس العلاقات
الخارجية  قال «لقد كانت صدمة للجماهير. مرة أخرى يقتل النظام شعبه بلا
مبالاة».

أردف قائلاً «هذا يبدد الرواية الزائفة بالفعل بأن مقتل سليماني
قد وحد الشعب الإيراني وراء حكومته».

فضلاً عن التصويت لاختيار أعضاء البرلمان، ستشهد انتخابات 21
فبراير/شباط أيضاً اختيار أعضاء مجلس الخبراء، وهو هيئة دينية ستكون مسؤولة في
المستقبل عن اختيار خليفة لخامنئي البالغ من العمر 80 عاماً.

من ناحية أخرى لا توجد قيود على فترة ولاية خامنئي الذي يتولى موقع
الزعيم الأعلى منذ وفاة آية الله روح الله الخميني مؤسس الجمهورية الإسلامية في
1989.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى