آخر الأخبار

وفاة الجاسوس الأمريكي الرئيسي في العالم العربي.. قصة المخبر الذي اخترق مكتب رئيس عربي

توفي جاسوسٌ أمريكي بارز كان كُلف بمهمات سرية في الشرق الأوسط، بينها الإشراف على مخبر رفيع المستوى في منظمة التحرير الفلسطينية، ونقل الأسلحة وغيرها من وسائل الدعم إلى المقاتلين الأفغان، الذين كانوا يقاتلون المحتلين السوفييت في الثمانينيات من القرن الماضي وفق تقرير The New York Times .

الجاسوس
الأمريكي فرانك أندرسون، توفي الإثنين 27 يناير/كانون الثاني 2020، في مدينة
ساراسوتا بولاية فلوريدا الأمريكية، عن عمر يناهز 78 عاماً.

تقول
زوجته دونا إيبي أندرسون إنَّ سبب الوفاة سكتةٌ دماغية. وكان أندرسون يعيش في
مدينة ساراسوتا، وقضى أواخر أيامه في إحدى دور الرعاية. 

خلال
عمله مع وكالة الاستخبارات المركزية، الذي استمر 27 عاماً، أصبح أندرسون الضابط
الأمريكي السري الرئيسي في العالم العربي، إذ شغل منصب رئيس محطة الوكالة في
بيروت. ترقَّى إلى منصب رئيس قسم الشرق الأدنى وجنوب آسيا في مديرية العمليات بالوكالة
-التي تُعَد فرعها السري- وأدار قسم الخدمات الفنية في الوكالة، وهو دورٌ مماثل
لشخصية “كيو” في سلسلة أفلام جيمس بوند. 

الجاسوس
في عرين ياسر عرفات،
عمل أندرسون في مهماتٍ خارجية بصفته رئيس
محطات الوكالة في بعض دول الشرق الأوسط، حيث شملت مسؤولياته الإشراف على مُخبِرٍ
رفيع المستوى في منظمة التحرير الفلسطينية.

عام
1970 تقريباً، فتح روبرت آيمس -وهو عميلٌ آخر في وكالة الاستخبارات المركزية- قناة
تواصل سرية مع هذا المُخبِر الذي كان يُدعى علي حسن سلامة، والذي كان يترأَّس قوة
الحرس الشخصي ووحدة مكافحة الاستخبارات والتجسُّس تحت قيادة ياسر عرفات، رئيس
منظمة التحرير الفلسطينية آنذاك. يُمكن القول، على أقل تقدير، إنَّ اتصالهما السري
كان حساساً من الناحية السياسية؛ فمنظمة التحرير الفلسطينية كانت مُصنَّفة ضمن
منظمات حرب العصابات العنيفة، فيما كان سلامة قد أعلن أنَّه إرهابي. 

كتب
المؤرِّخ الأمريكي كاي بيرد في كتابه The
Good Spy: The Life and Death of Robert Ames الذي صدر في عام 2014: “كان أندرسون
يعتقد أنَّ وكالة الاستخبارات المركزية خلقت الفرصة لاتفاقات أوسلو وجلبت
الفلسطينيين إلى المفاوضات بعدما كانوا مُستبعدين منها، بفضل زراعة مصادرها السرية
بعناية”.

تجدر
الإشارة إلى أنَّ اتفاقية أوسلو دعت إلى إقامة حكومة فلسطينية مؤقتة في قطاع غزة
ومدينة أريحا في الضفة الغربية، وانسحابٍ إسرائيلي نهائي، لكنَّ هذه العملية
انهارت بعد استئناف المواجهات مع إسرائيل، واستمرار الإسرائيليين في إقامة
مستوطنات في الضفة الغربية.

بعد
مقتل سلامة في عام 1979، على يد المخابرات الإسرائيلية، كتب أندرسون رسالة تعزية
إلى الابن الأكبر لسلامة، قال فيها: “وأنا في عمرك فقدت أبي، واليوم فقدت
صديقاً احترمته احتراماً أكبر من احترامي لرجالٍ آخرين. من ذكرى خسارتي في الماضي،
ومن آلامي التي أشعر بها اليوم أشاركك الألم، أعدك أن أحترم ذكرى والدك، وأنا
مستعدٌ لأكون صديقك”.

ووقَّع
على الرسالة بكلمة “صَديق”.

عام
1993، عندما كان إسحاق رابين، رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، وعرفات، يوقِّعان
اتفاق سلام في البيت الأبيض، كان أندرسون يُجري مراسمه الخاصة سراً. 

إذ
أخذ حافلةً من مقر قيادة وكالة الاستخبارات العامة، واصطحب العشرات من الضباط
والمحللين الذين كانوا حديثي التعيين إلى مقبرة أرلينغتون الوطنية لتكريم روح
آيمس، الذي قُتل في هجومٍ بشاحنة ملغومة على سفارة الولايات المتحدة في بيروت في
عام 1983.

أسلحة
لإسقاط الجيش الأحمر،
كان من بين مهامه حين كان رئيساً لفرقة
العمل المعنية بالوضع في أفغانستان والتابعة للوكالة في أواخر الثمانينيات، نقل
الأسلحة إلى المجاهدين المناهضين للشيوعية، الذين كانوا يقاومون الاحتلال
السوفييتي لأفغانستان.

يُذكَر
أنَّ السوفييت غزوا أفغانستان في ديسمبر/كانون الأول من عام 1979، وهو ما أدى إلى
نشوب صراع بالوكالة، استمرّ تسع سنوات، في فترة الحرب الباردة، أسفر عن مقتل ما
يصل إلى مليون مدني أفغاني وعشرات الآلاف من الجنود والمتمردين. وانتهى الصراع
بسحب القوات السوفييتية من البلاد في عام 1989، الذي انهار فيه الاتحاد السوفييتي.

غير
أنَّ الانسحاب ترك فراغاً، وأشعل حرباً أهلية.

في
أحد اللقاءات التي أجراها أندرسون مع مؤسسة National Security Archive الأمريكية وأذاعته شبكة CNN الأمريكية في عام 1997، قال متحدثاً عن
الاتحاد السوفييتي: “الكذبة التي كانوا يواصلون إقناع أنفسهم بها هي أنَّ كل
هذا كان يستحق العناء بطريقةٍ أو بأخرى، لأنَّ البنية العسكرية على الأقل كانت
سليمة، ولأنَّهم كانوا يدافعون عن دولتهم الأم الاشتراكية”. 

أضاف
قائلاً: “ما حدث في أفغانستان أنَّ هذه الكذبة قد فُضِحَت”، و
“كانت القضية الاستراتيجية الحقيقية هي أنَّ إلحاق تلك الهزيمة بالجيش الأحمر
ساعدنا بالفعل في تسريع سقوط إمبراطوريةٍ شريرة”.

تعليمه
ورحيل والده،
وُلِد فرانك راي أندرسون في الأول من فبراير/شباط من عام 1942، في شيكاغو.
وكان والده، المعروف أيضاً باسم فرانك يمتلك حانةً، وتوفي عندما كان ابنه في
الرابعة عشرة من عمره.

بعدما
خدم أندرسون في الجيش داخل الولايات المتحدة وفي كوريا الجنوبية من عام 1959 إلى
1962، حصل على درجة البكالوريوس من جامعة إلينوي في شيكاغو، وتخرَّج في كلية اللغة
العربية ودراسات منطقة الشرق الأوسط، التابعة لمعهد الخدمة الخارجية الأمريكي في
بيروت. 

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى