آخر الأخباراقتصاد

انقلاب النيجر وما نهبته فرنسا لسنين

البلد الغارق في الفقر رغم ثرواته

بقلم رئيس منظمة إعلاميون حول العالم

سمير يوسف

رئيس المنظمة

أبعدو أيديكم عن أفريقيا وعلى وجه الخصوص النيجر “فرنسا المستعمر القديم الجديد نهب ثروات أفريقيا على مر العصور، الولايات المتحدة ، أوروبا

فرنسا تعلن دعمها لجهود “إيكواس” بإنهاء الانقلاب بالنيجر

ما هي “إيكواس”؟

يطلق اسم “إيكواس” على المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، وبالفرنسية تسمى “سيدياو”، وهي تكتل يضم 15 دولة: النيجر، نيجيريا، مالي، بوركينا فاسو، السنغال، غانا، ساحل العاج، توغو، غامبيا، غينيا، غينيا بيساو، ليبيريا، سيراليون، بنين، والرأس الأخضر.

لا تتفق المجموعة على رأي واحد بشأن انقلاب النيجر، فقد خرجت مالي وبوركينا فاسو ببيان مشترك يعتبر أن أي تدخل عسكري ضد النيجر هو بمثابة “إعلان حرب” على البلدين أيضا، ورفضتا، بجانب غينيا كوناكري، الاشتراك في تطبيق العقوبات على نيامي.

القدرات العسكرية

تختلف القدرات العسكرية لجيوش الدول المكونة لـ”إيكواس”، عددا وعدّة وإمكانيات:

أي تدخل عسكري من “إيكواس” سيعتمد بشكل كبير على نيجيريا لإمكانياتها البشرية والعسكرية الكبيرة؛ حيث يتألف جيشها من 223 ألف فرد، فضلا عن امتلاكه طائرات ومقاتلات حديثة.

بجانب العوامل العسكرية، فإن لنيجيريا حدودا بطول 1600 كيلومتر مع النيجر.

الجيش السنغالي يبلغ تعداده 17 ألف مقاتل، وهو يحتل المرتبة رقم 125 على مستوى العالم، وأكدت وزيرة خارجية السنغال، عيساتا تال سال، أن بلادها ستشارك في التدخل العسكري.

بنين من الجارات الجنوبية للنيجر، يتكون جيشها من 5 آلاف فرد، وهي تحتل المرتبة 144 على مستوى العالم.

صرحت وزارة الخارجية الفرنسية، السبت 5 أغسطس/آب 2023، إن فرنسا ستدعم بقوة جهود المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) لإحباط الانقلاب العسكري في النيجر، وذلك بعدما لوّحت المجموعة باللجوء إلى الخيار العسكري، محددةً مهلة إلى يوم غدٍ الأحد إذا لم يتم التراجع عن الانقلاب الذي أثار تنديدات دولية.

وكالة رويترز أفادت بأن وزيرة الخارجية الفرنسية، كاترين كولونا، التقت اليوم السبت، مع رئيس وزراء النيجر، حمودو محمدو، وسفير النيجر في العاصمة الفرنسية باريس. 

كولونا كانت قد قالت في وقت سابق إن أمام المجلس العسكري في نيامي مهلة حتى غدٍ الأحد لتسليم السلطة، وإلا “فإن تهديد الدول الأعضاء في إيكواس بالتدخل العسكري يجب أن يؤخذ على محمل الجد”، وصرحت للإذاعة الفرنسية بأن “التهديد منطقي”.

ولم تحدد فرنسا ما إذا كان الدعم الذي تتحدث عنه سيشمل دعماً عسكرياً لتدخل “إيكواس” في النيجر.

كان القادة العسكريون الذين نفذوا الانقلاب في النيجر والذين يتولون السلطة الآن، قد أظهروا مواقف علنية واضحة لفرنسا؛ إذ قال المجلس العسكري في النيجر، الخميس 3 أغسطس/آب 2023 إنه ألغى عدداً من اتفاقيات التعاون العسكري مع فرنسا، بعد الإطاحة بالرئيس محمد بازوم. 

كذلك أعلن المجلس “إنهاء” مهمات سفراء البلاد لدى فرنسا والولايات المتحدة ونيجيريا وتوغو، وأكد أنه سيرد “فوراً” على أي “عدوان أو محاولة عدوان” ضد بلادهم من جانب المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إكواس).

يوجد لدى فرنسا ما بين ألف و1500 جندي في النيجر للمساعدة في مواجهة تمرد تشنه جماعات مرتبطة بتنظيمي القاعدة و”داعش” في المنطقة.

أثار الانقلاب في النيجر غضب فرنسا، وتعرّض رئيس جهاز المخابرات الخارجية الفرنسي للتوبيخ من الرئيس إيمانويل ماكرون بسبب فشله في توقع الانقلاب في الدولة الإفريقية، وفقاً لما نشرته صحيفة The Times البريطانية، الجمعة 4 أغسطس/آب 2023.

ماكرون قال إنَّ برنار إيمييه (64 عاماً)، مدير المديرية العامة للأمن الخارجي -وهي وكالة المخابرات الأجنبية الفرنسية- كان ينبغي أن يتوقع مخطط المجلس العسكري في النيجر للإطاحة بالرئيس بازوم.

رد إيمييه، السفير السابق في المملكة المتحدة، بأنه أصدر تحذيراً بشأن احتمال وقوع انقلاب هذا العام، لكن الحكومة تجاهلته.

يُرجع هذا الإصرار الجماعي على هذا النوع من التدخل إلى تنفيذا لأوامر فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية :

“إيكواس” تريد إنهاء الانقلاب في النيجر لوقف حمى الانقلابات المتنامية في غرب القارة، حيث إن عدة دول مؤهلة للحاق بركب غينيا ومالي وبوركينا فاسو ومؤخرا النيجر.

النيجر مركز وجود قوات فرنسا والولايات المتحدة وألمانيا، والتي تتولى مهام محاربة الجماعات الإرهابية في غرب إفريقيا.

نيجيريا والسنغال وغانا تقود تيار التدخل العسكري، والدبلوماسية النيجيرية تعمل بقوة على خلق مناخ ملائم لعملية التدخل، وأرسلت مندوبين إلى الجزائر وليبيا.

فرنسا ستدعم عملية التدخل من جانب “إيكواس” لأنه يخدم مصالحها.

الحكم الخفي والاحتلال غير المباشر: كيف تنهب فرنسا خيرات أفريقيا 

لم تخرج فرنسا من أفريقيا بإعلان استقلال الدول الأفريقية التي احتلتها لعقود، بل تحولت لاحتلال غير مباشر لا يزال مستمرًا إلى اليوم. ويتضمن النفوذ الفرنسي عبر العالم جزرًا في المحيط الأطلسي، والهادئ، والهندي وإقليمًا في شاطئ أمريكا الجنوبية، كما يضم جزءًا من أنتاركتيكا، 11 إقليمًا منها مأهول ونحو 5 جزر أو أرخبيلات غير مأهولة.

فضلًا عن الدول الأفريقية التي قبعت تحت وطأة الاحتلال الفرنسي، وتعاني جميعها من استغلال عسكري بشع، وتحتضن بعضها مراكز الموت وتغذي الأخرى العنصرية، وتشترك جميعها في استحواذ فرنسا على ثرواتها.

فدولة “غايانا” تقع في جنوب القارة الأمريكية مثالٌ حيٌ للاحتلال الفرنسي، الذي حوّلها لمراكز لنفي المعارضين لفرنسا وحلفائها، وحَوَت متحفًا لتعذيب العبيد، الذين أرسلتهم باريس لبناء مستوطنات لها.

و”المارتينيك” شرق بحر الكاريبي، موطن قصب السكر الذي سال له لعاب المحتل الفرنسي، فأباد شعبها لأجل تحويل أرضهم لمصدر دخل لفرنسا.

وتلك “بولينيزيا” حقل تجارب فرنسا النووية بعد الجزائر، حيث أجرت فرنسا 193 تجربة نووية في جنوب المحيط الهادئ شرقي أستراليا بين عامي 1966 و1996. وكانت فرنسا قد احتلت بولينيزيا منذ القرن السابع عشر الميلادي.

ولا يزال تاريخ 1960 يشهد تحويل فرنسا للشعب الجزائري حقلًا للتجارب النووية، ففجرت القنبلة الأولى هناك، تحت اسم “اليربوع الأزرق”.

 

ولا يزال الاحتلال الفرنسي مستمرًا بشكل غير مباشر تعكسه الأرقام المرتفعة لأرباح الفرنسيين من ثروات غيرهم!

ففرنسا تجني سنويًا 16 مليون يورو من ثروات السمك والسلطعون، وقواعدها العسكرية تنتشر في مستعمراتها القديمة أين تجري قيادة الهيمنة الفرنسية وجني الأرباح وإجراء الأبحاث السرية والرصد.

وها هي فرنسا بعد 4 قرون من الاحتلال المباشر تحكم قبضتها على واقع أفريقيا باحتلال غير مباشر.

ما هو الاحتلال غير المباشر؟

هو الاحتلال والسيطرة على بلد ما من خلف الستار سياسيًا واقتصاديًا، وتسخير البلاد المحتلة لنهب وسرقة ثرواتها بطريقة غير مباشرة، بل وبشكل يكفله القانون الوضعي.

وقد استخدمت  العديد من الدول الاحتلال غير المباشر مثل الهولنديون في جزر الهند الشرقية، والبرتغاليون في أنغولا وموزمبيق، والبلجيكيون في بوروندي، والفرنسيون في الجزائر وتونس، وهذه الدول تسمى التبعيات “المحميات”.

والاحتلال غير المباشر أخطر من الاحتلال المباشر؛ لأن المحتل سيواجه المقاومة والمعارضة في الاحتلال المباشر بينما لا يواجه المحتل غالبًا أي مقاومة للاحتلال غير المباشر، ثم أي حركة تريد الإصلاح السياسي فستنخرط في الحرب على الوكالة وتتحول الحرب إلى مواجهة بين أبناء البلد الواحد بمساعدة وتوصيات المحتل الذي لن يتحمل إلا القليل جدًا من الخسائر المادية والبشرية.

وقد أدركت دول أوروبا مثل فرنسا أهمية الاحتلال غير المباشر وطبّقته في أفريقيا، وحتى الآن فرنسا تحتل كثيرًا من الدول الأفريقية بشكل غير مباشر وهي تسرق ثرواتها وتراقب من يحكمها، فمثلًا؛ جاك فوكار كان مهندس الاحتلال الفرنسي في أفريقيا وله القدرة على تعيين ومراقبة وإقالة رؤساء أفريقيا بعد الاستقلال المعلن، ويراقب الرؤساء الأفارقة عن كثب.

ومن أعمال فوكار التي تؤكد ذلك؛ الإطاحة بمن يهدد مصالح فرنسا الخبيثة وأيضًا تثبيت من يساعد سياستها الهمجية في السلطة.

فقد قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في خطاب ألقاه أمام طلبة جامعة العاصمة البوركينابية واغادوغو: إن “جرائم الاستعمار الأوروبي في أفريقيا لا جدال فيها”. داعيًا إلى إرساء علاقة جديدة مع القارة السمراء.

وقال أيضًا: “إن الاستعمار الفرنسي كان خطأ جسيمًا ارتكبته الجمهورية”، وكان هذا اعترافًا تاريخيًا من الدولة الفرنسية.

ومع ذلك لا يزال جشع الاحتلال يقود فرنسا فحتى الآن سنة 2021 لاتزال فرنسا تقصف المدنيين العزّل في مالي بشكل متعمد ولا إنساني، وتستمر في سرقة ونهب ثروات بلادهم وبلاد أفريقية أخرى، ثم رغم اعتراف ماكرون بالمجازر والانتهاكات التي تسببت فيها بلاده لا يزال يتحدث عن حقوق الإنسان في أفريقيا!

ورغم إعلان بعض الدول الأفريقية ما يسمى “الاستقلال” من الاحتلال الفرنسي إلا أن واقع هذه البلاد أنها لا تزال تقبع تحت الاحتلال الذي تعرفه فرنسا بطريقة مختلفة بعد إقامة حكومات وكيلة غلب عليها الاستبداد والولاء لفرنسا.

فقد منحت فرنسا الدول الأفريقية التي احتلتها الاستقلال مقابل شروط واتضح حتى الآن أن بعض الشروط خطيرة جدًا ومن أهمها وضع نسبة 85% من مدخولات هذه الدول تحت مراقبة البنك المركزي الفرنسي، ووصف الرئيس الفرنسي السابق ديغول أنها نوع من المقابل للبنية التحتية التي يزعم احتلال الفرنسي تشييدها، وتشير التقارير أن فرنسا تجلب بموجب هذا الاتفاق قرابة 500 مليار دولار كل عام بينما يعيش الأفارقة تحت وطأة الفقر والجوع والأمراض والتخلف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى