لايف ستايل

الاتجاهات العلمية التي يمكن أن تشكل ملامح التقدم العلمي في العقد الجديد

إذا تأملنا سريعاً شكل التطور العلمي منذ أن بدأت الألفية الجديدة لوهلة بتأمل هادئ، فسوف يفاجئنا كمّ التطور العلمي الذي شهدته البشرية، ويمكن أن نشير إلى أبسط النقاط هنا بتأمل الهاتف الذي بين يديك الآن، فما بين منتصف العقد الأول إلى منتصف العقد الثاني من الألفية تطورت الهواتف الذكية من هواتف ذات شاشة ملونة صغيرة وأزرار بارزة إلى أجهزة شبه كاملة تعمل باللمس، فماذا نتوقع من التقدم العلمي في العقد الجديد؟

فعندما بدأ العقد الثاني من القرن الحالي  – 2010 إلى 2020- كانت رحلات الفضاء الخاصة بالكاد تنطلق من الأرض، وبحلول نهاية العقد هزم الذكاء الاصطناعي الناس في مجموعة من ألعاب الذكاء، وأصبحت شركة SpaceX المتخصصة في مجال مركبات الفضاء وإطلاقها اسماً مألوفاً، وأصبحت الأجنة البشرية المعدلة وراثياً حقيقة مثيرة للجدل.

من الواضح أن الكثير يمكن أن يحدث خلال عقد من الزمان، ولكن يجب أن يبدأ الابتكار في مكان ما. بناءً على ما يحدث الآن، وبحسب موقع مجلة Smithsonian الأمريكية، هذه أهم الاتجاهات العلمية التي يمكن أن تكون لها الصدارة في تشكيل ملامح التقدم العلمي في الأعوام العشر القادمة

سوف يشهد العقد القادم عدداً لا بأس به من البعثات الفضائية. فبرنامج Artemis، التابع لناسا، يهدف إلى الهبوط بأول امرأة على سطح القمر بحلول عام 2024 -من المرجح أن يُرحل هذا التاريخ إلى عام 2028- مع رحلات إضافية كل عام بعد ذلك، مما يمهد الطريق لبعثات مستقبلية إلى المريخ. 

ولن يهبط رواد الفضاء على سطح المريخ في هذا العقد، لكن هذا الصيف ستنطلق عربة استكشاف فضائية (التي تعرف بالمتجول أو Rover) جديدة إلى الكوكب الأحمر.

وفي عام 2024 أيضاً، تخطط اليابان لإرسال مسبار (MMX) إلى قمري المريخ، فوبوس وديموس. وسوف يهبط المسبار MMX على سطح القمر فوبوس. 

وسيجمع جهاز أخذ العينات المتصل بالمركبة الفضائية قليلاً من التربة ليعود بها إلى الأرض. وستهبط عربة استكشاف فضائي مرسلة من المسبار MMX أيضاً على القمر فوبس، ثم يتجه المسبار لاستكشاف ديموس قبل العودة إلى الأرض في عام 2029.

لن يكون المسبار MMX المركبة الفضائية الوحيدة التي تعيد عينات إلى الأرض. ستجمع بعثة Hayabusa 2 اليابانية عينات من ريوغو، وهو كويكب يُعتقد أنه يحتوي على مواد عضوية وبقايا ماء من وقت تشكل النظام الشمسي لأول مرة منذ حوالي 4.6 مليار سنة. 

قد تبدو فكرة مستقبل مليء بالسيارات الطائرة أشبه بالخيال العلمي النمطي، ولكن هذا العقد من الممكن أن يحلق بهذه الفكرة بعيداً عن الأرض.

إذ إن معظم المركبات الطائرة التي تُطور حالياً تشبه الطائرات الكبيرة بدون طيار التي تعمل بالكهرباء، والتي يمكن في الأغلب تشغيلها آلياً حتى لا يحتاج المشغل إلى رخصة طيار. لكن التفاصيل الأخرى تختلف من نموذج إلى آخر. 

في حين أن بعضها خيالي التصميم؛ فهي قابلة للتحول من السير بالعجلات إلى خروج الأجنحة منها والطيران بها، وهو ما يسمح لها بالانتقال من الطريق المفتوح إلى الطرق الهوائية. وتعمل اليوم معظم “السيارات الطائرة” وكأنها طائرات هليكوبتر.

لكن من الصعب تجاهل واقع السيارات الطائرة عندما يكون ميدان الصناعة والتكنولوجيا مليئاً بالشركات القادرة والمؤثرة، بما في ذلك Boeing و Porsche و Hyundai و Aston Martin و Rolls Royce والشركة الصينية Geely التي تملك أو تستحوذ على حصة في العديد من شركات السيارات. فحتى الجيش الأمريكي يتعاون مع شركات تصنيع المركبات الجوية الشخصية.

يتعلق جزء كبير من المستقبل بالكهرباء، وهو ما يعني أن التطورات في تكنولوجيا البطاريات ستكون حاسمة للابتكارات في العقد الجديد. فالجيل القادم من السيارات الكهربائية والألواح الشمسية والهواتف الذكية يتطلب إدخال تحسينات على عمر البطارية وطرق أكثر فاعلية ونظافة لإنتاجها بكميات كبيرة.

تحتوي جميع البطاريات على قطبين، كاثود وأنود، متصلين بالكهرباء السائلة التي تسمح بتدفق الأيونات بينهما. في بطاريات الليثيوم أيون، وهي أحدث التقنيات التي تعمل على تزويد الأجهزة بالطاقة بدءاً من الحاسوب المحمول إلى منتجات شركة Tesla، تكون معظم الأنودات عبارة عن غرافيت، لكن المهندسين يواصلون الاختبارات بمواد الكاثود المختلفة. 

تستخدم معظم الهواتف الذكية وأجهزة الحاسوب المحمولة اليوم كاثوداً من أكسيد الليثيوم كوبالت، وهو جيد في تخزين الطاقة ولكنه يكلف الكثير من المال، ولا يدوم طويلاً، وغالباً ترتفع درجة حرارته بسهولة. ومن الممكن تعريف العقد القادم بأنه عقد البحث عن كيمياء أفضل.

تواجه الحشرات والبرمائيات والطيور والمخلوقات من مختلف الأنواع حالة تدهور خطيرة بسبب مزيج من التهديدات، ولاسيما تدمير المواطن البيئية والتلوث وتغير المناخ. وقد حددت الأمم المتحدة نهاية العشرينات من القرن الحالي موعداً نهائياً لاتخاذ تدابير جادة لإنقاذ الحياة البرية.

وتستخدم مشاريع مثل Wildlife Insights، التي ترعاها جوجل ومؤسسة سميثسونيان جزئياً، تقنية السحاب والذكاء الاصطناعي لتحديد الحيوانات التي تظهر في الصور على مستوى الأنواع، وذلك حتى يتمكن العلماء من وضع خريطة بهذه الأنواع الموجودة في بيئة ما. 

وفي أماكن أخرى تجمع الشركات الناشئة مثل Conservation X المال لصنع أجهزة مثل أجهزة فحص الحمض النووي المحمولة، لمساعدة المسؤولين على تحديد العناصر المتداولة بشكل غير قانوني مثل قرون وحيد القرن أو حراشف آكل النمل الحرشفي، وفقاً لتقرير أعدته ليزا بالمر لمجلة Nature

ومولت المجموعة أيضاً برنامجاً يسمى ChimpFace، الذي يستخدم برنامج التعرف على الوجوه لمكافحة الاتجار غير المشروع بالشمبانزي عبر الإنترنت، من خلال تدريب خوارزمية على آلاف الصور من الشمبانزي.

وفقاً لبعض التقديرات سوف يحتاج الكوكب إلى إنتاج المزيد من الغذاء في السنوات الـ35 القادمة أكثر مما أنتج في تاريخ البشرية، وهو أمر سيؤدي بلا شك إلى إجهاد الموارد الزراعية.

بالرغم من أن المحاصيل المعدلة وراثياً كانت موجودة بشكل أو بآخر لآلاف السنين، فإن النباتات المهندسة تستعد لحدوث ثورة في العقد الجديد. فبعض المواد الغذائية التي جرى تعديلها مثل الأرز الذهبي -وهو نوع من الأرز الأبيض المصمم لمكافحة نقص فيتامين أ– قد تكون في طريقها للتوزيع في الأسواق قبل أن نبلغ ثلاثينيات القرن الحالي. 

ويجري أيضاً تطوير محاصيل مقاومة للحرارة، من الناحية النظرية، ستكون أفضل من نظيراتها، خاصة مع ارتفاع درجة حرارة الأرض.

ويحرص الباحثون كذلك على إعطاء الأولوية للتكنولوجيا التي قد تقلل من هدر الطعام، أو تقلل من اعتماد العالم على الأطعمة التي تحمل بصمات كربونية كبيرة، مثل اللحوم ومنتجات الألبان.

في السنوات السبعين الماضية، أنتج الإنسان أكثر من 8 مليارات طن من البلاستيك، ومعظمها لا يزال موجوداً حتى اليوم، وهو ما تسبب في دمار كبير للبيئة وصحة الإنسان. ولتجاوز مجرد إعادة الاستخدام وإعادة التدوير يلجأ الباحثون وصناع السياسات على حد سواء إلى التقنيات واللوائح البديلة.

تعمل الشركات على تطوير بدائل للصناعات البلاستيكية استناداً إلى مواد مثل ألياف الكتان والفطر وقواقع الجمبري. ويحاول آخرون تعديل التركيبات البلاستيكية الموجودة لجعلها أكثر قابلية للتحلل، وفقاً للأمم المتحدة

وهناك حاجة ماسة إلى ترقية تكنولوجيا إعادة التدوير نفسها: حوالي 9% فقط من البلاستيك في العالم يعاد تدويره، وفقاً لصحيفة The Economist. وإحدى القضايا الكبيرة التي نواجهها هي التلوث، الذي يرسل حوالي 25% من الأشياء التي نحاول إعادة تدويرها إلى مكب النفايات.

لا تزال الأمراض المعدية، بما في ذلك العديد من الأمراض التي يمكن علاجها، السبب الرئيسي للوفاة في البلدان منخفضة الدخل، ويرجع ذلك في جزء كبير منه إلى القدرة الضعيفة وغير المتناسقة على الوصول إلى موارد الرعاية الصحية. وفي محاولة لتبسيط التشخيص والعلاج، يتحول الباحثون بشكل متزايد إلى الأجهزة سهلة الاستخدام، التي يعمل بعضها بديلاً مبسطاً عن العيادات أو الأطباء المهنيين.

في جامعة كاليفورنيا بيركلي، طور العلماء تطبيقات للهواتف المحمولة يمكنها اكتشاف مسببات الأمراض في العينات البيولوجية. وزادت منظمة الصحة العالمية من تمويلها لمبادرات تعمل على زيادة إنتاج اللقاحات في البلدان المنكوبة بالأمراض. 

وبدأ الذكاء الاصطناعي في إحداث تقدم كبير في ميدان الأمراض المعدية، حيث ينشر علماء الحاسوب هذه التكنولوجيا للتنبؤ بتفشي الأمراض التي تنشأ من الحيوانات، ونأمل أن تخفف منها.

نظراً لتغير المناخ الناتج عن أنشطة بشرية في جزء كبير منه، كان العقد الماضي هو الأشد حرارة على الإطلاق. وبدون خفض حقيقي في انبعاثات الكربون، من المحتمل أن تؤول السنوات العشر القادمة إلى موجة جديدة من درجات الحرارة القياسية في العالم، وهو ما يعرض النظم البيئية الطبيعية والمجتمعات البشرية في جميع أنحاء العالم للخطر.

بدأ الاستهلاك العالمي للفحم يستقر مع تحول القوى العالمية إلى بدائل الطاقة النظيفة. فوفقاً لصحيفة New York Times، يتوقع الخبراء أن الرياح والطاقة الشمسية والطاقة الكهرومائية سوف تتفوق على الفحم بوصفه المصدر المهيمن للكهرباء في العالم بحلول عام 2030. 

وتتألق الطاقة الشمسية على وجه الخصوص مع إمكاناتها، لأن سعر حصاد طاقة الشمس يستمر في الانخفاض لأغراض تجارية وللأسطح السكنية على حد سواء. وإذا جرت التوقعات بالنسبة للطاقة الشمسية وتكلفتها على نحو جيد، فإن طاقة الشمس ستسهم في نحو خمس توليد الكهرباء في الولايات المتحدة بحلول بداية الثلاثينيات من القرن الحادي والعشرين، وفقاً لمجلة Forbes.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى