لايف ستايل

ابتعد عن طريقة مشاهير السوشيال ميديا وصورهم.. هذا هو السفر الحقيقي

في كل مرة يأتي فيها الصيف تكتظ مواقع
التواصل الاجتماعي بصور مشحونة ومختلفة توثق أجمل لحظات السفر لأشخاص قرروا مشاركة
جانب ما من حياتهم الشخصية الذي يكشف كم هم سعداء، وكم هو جميل السفر وتغيير
الموقع والمكان، السؤال الذي ينتابني في كل مرة: هل كل هذه الحشود واعية بالسفر
وتعرف معناه أم هو مجرد سفر للأجساد الممشوقة لإعطائها فرصة التقاط صور جديدة لها
في جانب آخر من العالم؟

الأمر أشبه بمفهوم الحرية، حسب رأيي، يعني
في بعض الأحيان يكون المسجون أكثر حرية من السجان نفسه فقط لأن عقله حر والجسد
وباعتباره «حقيبة سفر» مكبل وعاجز عن السمو والارتقاء عاجز عن الوصول الى الحرية
التي تحدث فوضى ثم فكرة، ما أريد قوله ليس كل إنسان سافر هو حقاً سعيد، ويفهم
الوجهة وحيثياتها، وليس كل شخص قابع في مكانه لكن يشاهد فيلماً وثائقياً، يسمع
موسيقى، يعطي فرصة لكاتب لإعطاء وجهة نظر جديدة بقراءة كتابه، ليس هذا الشخص بأقل
متعة ممن حزم أمتعته وشدّ الرحال نحو بلد جديد.

ما أودّ التحدث عنه هو تحرير فكرة السفر المسقطة التي تفرض علينا بصور مواقع التواصل الاجتماعي أن نعتبر كل من سافر مثقفاً، ونفترض أنه تعرف على حضارات جديدة، وأن نتصور هذا السفر تعميقاً لذاته وملامسة لروحه.

أظن أنه حان الوقت لنعطي الروح اهتماماً
أيضاً ونفهم أن ما نراه هو مجرد وجهة نظر أحدهم يريد أن يسقطها، وأن يجعل من الصور
كلمة، ومن الكلمة ملكة لا يمتلكها غيره.

أتحدث إلى الكتومين غير المبالين بمعرفة
غيرهم، هل سافروا أو لا هل قضوا إجازة رائعة أو لا الأشخاص المنشغلين بالتحليق
بذواتهم من عالم الى عالم آخر، وكل ما يهم هو امتنانهم وإيمانهم بدرجة المعرفة
والوعي الذي هُم بصدد شد الرحال نحوه.

السفر إن لم يكن روحياً فلا يمكن أن ألفظه،
لا أحمل خلفية ما على كل من ينشر صوره أو يسافر، فأنا أيضاً أسافر وأشارك صوري،
لكن أريد أن أذكر أن الكتاب قادر على أن يحلق بك، والوثائقي قادر أن يحرضك على
التفكير، والموسيقى ستجعلك تشعر بصقيع روسيا رغم حر إفريقيا.

السفر من أكثر المواضيع الشيقة التي نستطيع
التحدث عنها، لأنها بوابة التقاء الناس وخلق فرص، لننظر الى جمال العالم بخلفية
ننتمي لها ونحملها معنا، عسى أن تصافح من نلتقي به في طريقنا نحو الوجهة، لكن
المهم أن نعطي الروح حقها في رحلتنا هذه، ونفهم أنها هي جوهر وأساس هذا السفر،
وهذا ما يجعلني أعود إلى نقطة البداية، وأقول إن «الجسد حقيبة سفر» لا غير،
ويجعلني في نفس الوقت مصممة ومثابرة على الإعلاء وتمجيد مكانة العقل الذي يمثل
القلب النابض للروح.

سافروا وأطلقوا العنان لأنفسكم لكي تلامس
أرواحكم كل بقاع الأرض، فالعمر مجرد مطية لا غير، هذا ما أدعو كل القراء إليه،
وهذا ما سوف أشيد به دوماً؛ لأن بقاءكم في نفس المكان لن يحرك شيئاً إلا الوقت
الذي هو جزء منكم وأنتم جزء منه، لكنه بصدد الضياع منكم ما دمتم قابعين جسدياً
وخاصة روحياً في نفس المكان.

يمكنكم أن تسافروا وأنتم قابعون في نفس
المكان والزمان، فقط أطلقوا العنان لمخيلتكم وحرضوا ذواتكم على الإيمان بعمق السفر؛
لأنه يحدث التغيير، ويحرض على التفكير بجعل هذه الجملة ثابتة دوما وأبداً «في بعض
الأحيان يتطلب الأمر السفر بعيداً لنجد أشياء قريبة».

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى