منوعات

عصابة مخدرات أخطر من إل تشابو.. يشتهر أعضاؤها بترك أكوام الجثث ملقاة بالشوارع ومعلقة بالجسور

في الظلام، يتجهز الفريق في هدوء، ويرتدون خوذاتهم ويجهزون
معداتهم. يحمل العملاء الفيدراليون مدقّات الجدران وقواطع الأسلاك والأسلحة
الثقيلة ويصعدون سيراً على الأقدام فوق تلة في أحد شوارع كاليفورنيا السكنية
المتألقة تحت أعمدة الإنارة. ثم يحوِّل العملاء خط سيرهم إلى المنزل المستهدف.

صاح أحد الضباط وهو يضرب
الباب الأمامي: “الشرطة! لدينا مذكرة تفتيش. الشرطة! مذكرة تفتيش”. ثم
سمعنا صوت ثلاثة انفجارات مدوية عندما كانت القوات تقتحم الباب الأمامي، حسب تقرير
وكالة The Associated Press الأمريكية.

بعد لحظات، خرج أحد الأعضاء
البارزين بعصابة “خاليسكو الجيل الجديد” مكبلاً بالأصفاد.

في غارات صباح الباكر، 11
مارس/آذار، انتشر العملاء الفيدراليون في أنحاء الولايات المتحدة، في ذروة
التحقيقات التي استمرت ستة أشهر بهدف تفكيك الطبقة العليا من عصابة خاليسكو الجيل
الجديد وعلى أمل الاقتراب من إلقاء القبض على زعيمها، أحد أكثر المجرمين المطلوبين
في الولايات المتحدة. وهناك مكافأة قدرها 10 ملايين دولار مرصودة لإلقاء القبض على
نيميسيو أوسيغيرا “إل منشو”.

 تسيطر العصابة على ما
بين ثلث وثلثي سوق المخدرات في الولايات المتحدة. وهي عصابة عنيفة جداً، يشتهر
أعضاؤها بترك أكوام من الجثث ملقاة في الشوارع ومعلقة على الجسور في المكسيك،
وتنتشر بسببهم المقابر الجماعية في مدينة غوادالاخارا المكسيكية. ويحملون البنادق الآلية والقنابل اليدوية علانية،
واستخدموا ذات مرة قاذفات صواريخ لإسقاط طائرة هليكوبتر عسكرية مكسيكية.

 ألقت إدارة مكافحة
المخدرات القبض على أكثر من 600 شخص خلال العمليات التي استمرت الشهور الأخيرة،
وصادرت أكثر من 15 ألف كيلوغرام من الميثامفيتامين وما يقرب من 20 مليون دولار
أمريكي بموجب مذكرات تفتيش وإحضار. وألقت القبض على حوالي 250 شخصاً يوم الأربعاء.

 قالت ويندي وولكوك،
العميلة الخاصة المسؤولة عن وحدة العمليات الخاصة في إدارة مكافحة المخدرات:
“إل منشو ورفاقه يفترسون المدمنين، ويغيرون على المدن الصغيرة حيث يمكنهم فرض
سيطرتهم وغزو هذه المدن الصغيرة. يعدون زبائنهم بالأمل، ولا ينشرون سوى
اليأس”.

 بالنسبة للولايات
المتحدة، تأتي مكافحة العصابة المكسيكية الأسرع انتشاراً والأكثر عنفاً في قمة
الأولويات. يعتقد مسؤولو إنفاذ القانون أن العصابة لديها منافذ توزيع مخدرات في
لوس أنجلوس ونيويورك وشيكاغو وهيوستن وأطلنطا. كما يُعتقد أنهم منتشرون في 24
ولاية مكسيكية من أصل 32 ولاية.

على عكس العصابات الأخرى،
لا تتردد عصابة “خاليسكو الجيل الجديد” في مهاجمة قوات الشرطة ودوريات
الجيش بشكل مباشر وهي مسؤولة عن أكثر الهجمات دموية ضد قوات إنفاذ القانون في
المكسيك. في سبيل القضاء على خصومها، ارتكبت العصابة أعمال عنف في منتهى القسوة.

 قال بيل بودنر،
العميل الخاص المسؤول عن المكتب الميداني لإدارة مكافحة المخدرات في لوس أنجلوس:
“نزعتهم للعنف جزء كبير من شخصيتهم، إنهم منظمة في غاية العنف، ومسلحة جيداً،
ولكن ما زاد النيران اشتعالاً هو المخدرات الاصطناعية”.

تمكنت وكالة The
Associated Press من الوصول بشكل حصري إلى إحدى الغارات خارج لوس أنجلس ومركز
القيادة الوطني. في كاليفورنيا، استعد الفريق المكوّن من عشرة أعضاء تقريباً
للهجوم على هدفهم في الصباح الباكر من يوم الأربعاء. فتشوا المنزل، وهو مبنى فخم
على الطراز الاستعماري الإسباني معلق به ثريا كبيرة في الردهة، وتنتشر أشجار
النخيل في الباحة الأمامية، وفتشت القوات السيارات، ومن بينها سيارة لكزس سوداء،
في الممر، ولم تُطلق أي أعيرة نارية.

 ألقت القوات القبض
على فيكتور أوتشوا، 34 عاماً، بتهم تتعلق بالمخدرات. وزعمت إدارة مكافحة المخدرات
أنه يدير مخبأ عصابة المخدرات. وظل رهن الاعتقال في زنزانة بمقاطعة لوس أنجلوس حتى
الأربعاء، ولم يتضح بعد إن كان لديه محامي دفاع.

 في مركز القيادة داخل
مبنى حكومي في شمال فيرجينيا، جلس مجموعة من عشرات المحللين والعملاء خلف شاشات
الكمبيوتر داخل غرفة الاجتماعات التي تحولت إلى مركز قيادة. وبينما كان العملاء
يقرعون الأبواب في مختلف أنحاء البلاد، كانت الهواتف ترن في مركز القيادة وسجّل
المحللون عدد الاعتقالات وكمية المخدرات التي صادرتها القوات في سجلاتهم الورقية.

 أدخل المحللون تلك
المعلومات على شاشة كمبيوتر إدارة مكافحة المخدرات بينما عالج محللون آخرون أرقام
الهواتف والعناوين والأسماء المستعارة التي وجدتها القوات داخل المنازل التي جرى
تفتيشها.

 اجتمعت العميلة
الخاصة المسؤولة عن العمليات الخاصة مع فريقها أمام خريطة حرارية، تتوهج عليها
النقاط الحمراء وتصبح أكثر قتامة مع كل عمليات اعتقال جديدة، ظهرت أولاً في تكساس،
وكاليفورنيا ونيوجيرسي، وبحلول التاسعة من صباح الأربعاء، وصلت أعداد المقبوض
عليهم إلى أكثر من 60 شخصاً.

أكبر عملية في تاريخ مكافحة
المخدرات

وقال بريان بينزكوسكي، مساعد المدعي العام ورئيس القسم الجنائي بوزارة العدل، إن هذه
العملية هي “الأكثر شمولاً حتى الآن في تاريخ جهود وزارة العدل من أجل تمزيق
وتفكيك وتدمير عصابة “خاليسكو الجيل الجديد” في نهاية المطاف”.

خلال العقود الماضية كانت
عصابات المخدرات المكسيكية تجني ثرواتها بشكل أساسي من تجارة الماريغوانا، إلا أن
سيطرتهم تبددت على هذا السوق مع تقنين القنب على مستوى عشرات الولايات الأمريكية.

 الآن، تحوَّلت
العصابات إلى الإتجار في “الميثامفيتامين” و “الفينتانيل”، وتبيعه بما يقرب من 14 ضعفاً من تكلفة تصنيعه وتُغرق به
شوارع الولايات المتحدة، مما يزيد من أزمة التشرد وإدمان المواد الأفيونية، ويتركون
وراءهم درباً آخر من الجثث نتيجة الجرعات الزائدة.

تأسست عصابة خاليسكو عام
2010، من جناح عصابة سينالوا في مدينة غوادالاخارا الغربية. وكانت في البداية متخصصة في إنتاج الميثامفيتامين مثل معظم
عصابات المخدرات المكسيكية، ولكنها توسعت إلى الإتجار في العديد من المخدرات
الأخرى مثل الفينتانيل والكوكايين والهيروين.

يقود العصابة أوسيجيرا، الذي أسقط حراسه ذات مرة طائرة هليكوبتر عسكرية مكسيكية لمنع
اعتقاله. وخلال الأسابيع الأخيرة، وجّه المدعون اتهامات ضد ابنه، نيميسيو
أوسيغيرا، المعروف بـ “إل منشو”، وابنته، جيسيكا جوهانا أوسيغيرا.

 يقول مسؤولون إنه
أخطر من ملك المخدرات المكسيكي الشهير وفنان الهروب خواكين “إل تشابو”
غوزمان، الذي كان زعيماً لعصابة سينالوا وأدار عمليات مخدرات ضخمة نشرت القتل
والفوضى لأكثر من عقدين.

 قال بودنر: “أعتقد
أن التهديد الذي يشكله إل منشو وعصابة خاليسكو الجيل الجديد أخطر حالياً. لأنه، في
رأيي، عندما أُلقي القبض على إل تشابو أو في الوقت الذي كان نوعاً ما في ذروته،
إذا جاز التعبير، كانت عصابة سينالوا مقسمة ومنكسرة بعض الشيء”.

يرى بودنر أن إل تشابو كان
أكثر تألقاً وظهوراً، ولكن إل منشو عصابة خاليسكو يرون أن أعمالهم في المخدرات
مجرد أعمال تجارية.

 أضاف بودنر:
“لديهم انضباط أكبر. إنهم لا يعيشون بالضرورة حياة فارهة وصاخبة بالحفلات، بل
الأمر لديهم يتعلق بأعمال تهريب المخدرات والسيطرة عليها، وهذا ما يجعلهم أكثر
تخويفاً”.

كما تشتهر عصابة خاليسكو
أيضاً بالأساليب المتحدية الغريبة، مثل التجول في شاحنات تحمل حروف “CJNG” التي تشير إلى
اسم العصابة، أو نشر مقاطع فيديو يظهرون فيها بأزياء عسكرية وأسلحة ثقيلة. وفي
الوقت الذي تقول فيه المكسيك إنها لم تعد تركز على اعتقال أباطرة المخدرات، أقدمت
الحكومة المكسيكية على تسليم ابن أوسيغيرا واحتجزت بعض رفاقه.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى