تقارير وملفات إضافية

أبرز الدول المرشحة للاستفادة من انحسار كورونا.. بلد عملاق يخطط لوراثة الصين وآخرون صنعوا معجزات مجهولة

بينما ما زال الناس في أرجاء العالم يدفنون ذويهم الذين قتلوا جراء فيروس كورونا، فإن هناك العديد من الدول التي تستعد لجني المكاسب، وتتنافس على أن تكون أكثر الدول استفادة من انحسار مرض كورونا.

قد يكون من باب المعلوم بالضرورة أن الصين هي أكثر الدول استفادة من انحسار مرض كورونا، فهي حاصرت المرض تقريباً قبل معظم دول العالم، ورفعت الإغلاقات حتى أن ووهان موطن المرض الأصلي أصبحت الآن وجهة سياحية مفضلة للصين وشواطئ هونغ كونغ يشغلها السياح، بينما أغلب الشعوب الأرض قابعة في منازلها.

كما أن الصين لديها ملاءة مالية قوية، وقدرات إنتاجية عالية خاصة في المجال الطبي في وقت ما زال العالم يعاني من الإغلاقات.

ولكن ما يحد من استفادة الصين من مرحلة ما بعد كورونا، أو مرحلة انحسار المرض، أنه يبدو أن هناك قراراً أمريكياً، وقد يكون غربياً بتحجيم هذا البلد، ومنعه من الاستفادة من المرض الذي كان سبباً في انتشاره.

ورغم استبعاد أن يكون هناك طلاق تام بين الاقتصادات الغربية والصين، فإنه من المؤكد أنه في عالم ما بعد كورونا سيكون هناك مزيد من  التنافس الأمريكي الصيني، والأهم محاولة غربية جادة لتقليل تداخل واعتماد الاقتصادات الغربية على الصين، بعدما وجد قادة الدول الغربية أن توفير الكمامات لشعوبهم يتطلب أحياناً تملق الدولة الصينية وقيادتها (حدث هذا فعلياً مع حكومة ولاية ويسكونسن الأمريكية).

ولذا فتحت ظلال الصراع الغربي الصيني ستظهر في الأغلب قائمة أكثر الدول استفادة من انحسار مرض كورونا.

في المعركة ضد الفيروس التاجي، تقدم اليابان و”اقتصادات النمور” الأربعة للعالم “معجزة آسيوية جديدة“، حسب وصف البعض.

إذ تعد معدلات الإصابة والوفيات المنخفضة نسبياً في اليابان وهونغ كونغ وسنغافورة وكوريا الجنوبية وتايوان شهادة على الاستثمار في البنية التحتية للصحة العامة والشفافية والمجتمعات التي تعطي الأولوية لمصالح المجموعة.

فهناك أرقام مذهلة سجلتها هذه الدول الخمس في مواجهة المرض.

فقد أُعلن عن 384 حالة وفاة فقط من جراء كوفيد- 19 حتى 14 أبريل/نيسان 2020، على الرغم من أن عدد سكانها مجتمعة 215 مليوناً.

هذا معدل وفاة وإصابة أقل بكثير من دول مثل الصين والولايات المتحدة وأيضاً الدول الأوروبية.

تعد المعدلات المنخفضة نسبياً لعدوى Covid-19 ومعدلات الوفيات المنخفضة جميعها مزيجاً من أنظمة الصحة العامة والطبية الجيدة؛ مع مجتمعات منفتحة ومتسامحة، حيث يمكن أن تنتقل الأخبار السيئة إلى أعلى سلسلة القيادة بسلاسة؛ إضافة إلى طبيعة المجتمعات المتماسكة، التي يمتلك فيها الناس إحساساً قوياً بالتضامن وهم على استعداد للتضحية بما في ذلك الالتزام بالتباعد الاجتماعي، وارتداء الأقنعة، والخضوع للحجر الصحي.

ومن المحتمل أن تعزز دول مثل كوريا الجنوبية وتايوان وحتى فيتنام التي نجحت في السيطرة على الفيروس مكانتها على مستوى العالم، وستصبح أكثر صلة بالتطورات الاقتصادية والاستراتيجية لا فقط في آسيا، ولكن على المسرح العالمي.

وقدمت الدول الثلاث المساعدة الطبية لعدد من البلدان، بما في ذلك الولايات المتحدة. كما تعاونت تايوان وواشنطن في إجراء أبحاث وتطوير لقاح لإيجاد علاج للفيروس.

نجاح هذه الدول يخفف من رواية أن الحكومات الاستبدادية في وضع يمكنها من السيطرة على الوباء بشكل أفضل، وهي حجة تحاول بكين دفعها.

أما تجربة فيتنام فيثبت أن النجاح ليس مقصوراً على الدول الغنية.

فقد أثبت نجاح فيتنام أن الموارد مفيدة، لكنها ليست ضرورية للتعامل مع حالات مثل الأوبئة.

فحتى مع الموارد الضئيلة مثلما حدث مع فيتنام وبعض جيرانها الآخرين، فقد قيّدت دول الآسيان (تضم دول جنوب شرق آسيا) عدد الحالات، ويعزى ذلك إلى الاستجابة في الوقت المناسب من قبل القيادات.

وتمكنت فيتنام أيضاً من تخفيف الإغلاق وفتح أعمال تجارية معينة.

أدى النجاح المبكر لهذه الدول في تخفيفها قيود الإغلاقات قبل معظم دول العالم.

كما أن هذه الدول لا تعتمد على السياحة بشكل كبير، التي تعد أكثر القطاعات تضرراً من الأزمة وآخر القطاعات التي ستتعافى منها، ما يقلل من خسائرها.

إضافة إلى امتلاك هذه الدول شركات كبيرة، وهي التي تظهر عادة متانة في مثل هذه الأزمات.

كما أن هذه الدول بقدر تضررها من الحرب بين الصين والغرب، فإنها توفرت لها فرص كبيرة في حال توجهت الشركات الغربية لإيجاد مواطن بديلة لاستثماراتها في الصين، وتمثل فيتنام تحديداً منافساً قوياً للصين في مجال استقبال الاستثمارات الأجنبية بفضل انخفاض أجور عمالها مع وجود نظام اجتماعي صارم ومنضبط على غرار بكين (كلاهما محكوم بحزب شيوعي)، ويتوقع أن تكون من أكثر الدول استفادة من انحسار مرض كورونا وكذلك نجم صاعد في عالم ما بعد كورونا خاصة في صناعة مثل الهواتف المحمولة.

ولكن مشكلة هذه الدول الأساسية هي أن اقتصاداتها تعتمد على التصدير وبالتالي فإنها ستتأثر بمدى تعافي الدول الأخرى.

منطقة جنوب أوروبا، هي التي تحملت العبء الأكبر من الأزمة الحالية، وستظل تعاني أكثر من غيرها حتى بعد انحسار الفيروس.

إذ تعتمد دول مثل اليونان وإيطاليا بشكل كبير على السياحة ولا تزال تعاني من الآثار المستمرة لانهيار ديون منطقة اليورو على مدى العقد الماضي، بما في ذلك برامج التقشف التي تركت أنظمة الرعاية الصحية الخاصة بها غير مستعدة للوباء.

في المقابل فإن هناك دول أوروبية أخرى لديها نقاط قوة خفية.

فالاقتصاد الذي يضم الكثير من الشركات التي يمكنها تقديم خدماتها رقمياً، وحيث يمكن للموظفين العمل من المنزل، يجب أن يكون مرناً نسبياً.

ويشير الاقتصاديون إلى أن أهم سياسة اقتصادية لأي بلد هي السيطرة على الفيروس. وهذا يعطي ميزةً للدول التي لديها قادة فعالون وأنظمة رعاية صحية جيدة التجهيز.

تبدو ألمانيا صامدة بفضل التمويل الحكومي القوي وانخفاض البطالة وشبكة الأمان الاجتماعي الواسعة.

تمكّنت الحكومة من وضع حزمة تحفيز قوية دون تعريض التصنيف الائتماني للبلاد للخطر. لديها أسرَّة مستشفيات للعناية الحادة أكثر من أي دولة أخرى في أوروبا، وفقاً للبيانات التي جمعتها Oxford Economics.

لكن ألمانيا دخلت الأزمة بنمو ضعيف، وصانعو السيارات والآلات معرضون بشدة لاختلالات سلسلة التوريد والقيود المفروضة على الاتصال الاجتماعي.

إذ لا يمكنك العمل من المنزل في خط تجميع مرسيدس-بنز.

أدت عمليات إيقاف التشغيل من قبل أرباب العمل الكبار مثل فولكس فاغن ودايملر إلى رد فعل متسلسل بين الموردين، وارتفاعاً في البطالة.

كما أن سلعاً مثل السيارات الفاخرة التي تمثل أهمية خاصة في ألمانيا، هي من أوائل الأشياء التي يتخلى عنها الناس، عندما يتعرضون لأزمات أو حتى في مراحل التعافي.

نعم، سيطر صانعو السيارات في ألمانيا على قطاع السيارات الفاخرة، لكن الفيروس كشف اعتمادهم على المبيعات في الصين، كما أن الولايات المتحدة سوق مهم لهم للغاية.

هولندا موطن للعديد من الشركات الكبيرة، وكذلك مكاتب المحاماة والمحاسبين والاستشاريين الذين يخدمونهم، وذلك بفضل قوانين الضرائب المواتية.

يجب أن يكون معظم موظفي هذه الشركات قادرين على العمل من المنزل.

في الواقع، الكثير يفعل ذلك بالفعل حالياً. إذ يعمل حوالي 14% من الهولنديين من منازلهم.

لكن هولندا لديها نسبة كبيرة من الشركات الصغيرة، وصناعة الطيران المتضررة بشدة هي مؤسسة رئيسية في البلاد.

ويعد سخيبول، خارج أمستردام، أحد أكبر المطارات في أوروبا ومركزاً رئيسياً لشركة الخطوط الجوية الفرنسية الخطوط الجوية الهولندية، التي خفضت الخدمة بنسبة 90% وطلبت المساعدة الحكومية.

قد تكون فرنسا أقل عرضة إلى حد ما من جيرانها لتداعيات كورونا الاقتصادية.

فالتصنيع ليس مهماً للاقتصاد كما هو الحال في ألمانيا، ونسبة الشركات الصغيرة والعاملين لحسابهم الخاص أقل من إيطاليا أو هولندا.

ويعمل العديد من الفرنسيين لدى شركات كبيرة، والتي يجب أن يكون لها فرصة أفضل في النجاة من الأزمة.

والمفارقة أن السياحة تعتبر جزءاً صغيراً من الاقتصاد بشكل مدهش، حتى إذا بدا أن باريس واحدة من أبرز الوجهات السياحية في العالم.

كما يمكن أن يكون ميل الحكومة الفرنسية الذي يُنتقد بشدة للتدخل في شؤون الشركات ميزة الآن، حيث إن هناك حاجة للقادة السياسيين لتنسيق الدفاع ضد الفيروس.

ولدى فرنسا بعض أفضل اتصالات الإنترنت في أوروبا.

يبلغ عدد سكان دولة البلطيق الصغيرة 1.3 مليون نسمة، وهي أحد أكثر الاقتصادات ديناميكية في منطقة اليورو. كان النمو العام الماضي أكثر من 4%، والبطالة أقل من 5%، والديون الحكومية ضئيلة، ما أتاح مجالاً كبيراً للتحفيز المالي.

تُعرف إستونيا كواحدة من أكثر الدول ذكاءً في مجال التكنولوجيا في العالم، ومن المحتمل أن تكون ميزة كبيرة لأن التفشي يدفع النشاط الاقتصادي عبر الإنترنت. تمت كتابة برنامج Skype في تالين.

يقع بولت، وهو عبارة عن سكوتر كهربائي، وخدمة توصيل تتحدى أوبر، هناك.

ولكن مع انتشار الفيروس، يجب أن تهتم إستونيا أيضاً بحماية أولئك الذين لم يشاركوا في الطفرة: أكثر من خمس السكان يعيشون في فقر.

لدى تركيا ميزات نسبية كبيرة في مواجهة الفيروس، أبرزها ارتفاع نسبة الشباب في البلاد، وكذلك قوة قطاعها الصحي، والبلاد تعتبر ثالث دولة في العالم في مجال السياحة العلاجية.

كما أن لديها بنية صناعية قوية بما في ذلك صناعات طبية.

وعدد حالات الإصابات في تركيا كبير، ولكن نسبة الوفيات قليلة، ولا مشكلة في المستشفيات.

وعلى عكس معظم الدول الأوروبية لم تغلق تركيا الاقتصاد حتى لو فرضت قيوداً على الحركة مرتبطة بفئات وأوقات معينة.

ويعني ذلك أن القاعدة الإنتاجية التركية جاهزة للعمل في حال فتح الأسواق الخارجية.

وتوقع رئيس جمعية رجال الأعمال والصناعيين المستقلين الأتراك “موصياد”، عبدالرحمن قاآن، أن تكون تركيا مركز جذب عالمي بعد القضاء على فيروس كورونا.

وقال رئيس الجمعية غير الحكومية إن القطاعات التركية أتمت جميع أنواع الاستعدادات والبنى التحتية اللازمة للتحولات الجذرية التي سيشهدها العالم في مرحلة ما بعد كورونا وتهدف البلاد إلى التحول إلى مركز جذب على مستوى العالم، بعد القضاء على الوباء.

ولكن في المقابل فإن تركيا تعتمد بشكل كبير على التصدير لأوروبا (على سبيل المثال هي أكبر مصدِّر للسيارات لأوروبا)، ولذلك فعلى غرار الدول الآسيوية فإن عودة الاقتصاد التركي للعمل بكامل قوته يتطلب تعافي الأسواق الخارجية.

تشاهد الهند النزاع الأمريكي الصيني بسعادة لا تخفيها.

ويتوقع أن تكون الهند من أكثر الدول استفادة من انحسار مرض كورونا لأسباب عدة، من بينها هذا النزاع.

مع توقع بحث الشركات الغربية عن وجهة استثمارية جديدة تبني فيها مصانعها تبدو الهند منافساً جدياً للصين، بحجم صيني مقارب، وأجور أقل، وعمالة منضبطة وإن كان ليس بالمستوى الصيني، وبحث علمي وتعليم أثبت ذاته في العديد من المجالات لاسيما البرمجيات، وميزة إجادة اللغة الإنجليزية التي تفتقدها الصين.

وتعمل الهند على تطوير مجموعة من الأراضي تبلغ مساحتها مليوناً و140.611 فداناً في جميع أنحاء البلاد، لجذب الشركات التي تغادر الصين وتأتي إليها، وهذه المساحة ضعف مساحة دولة لوكسمبورغ تقريباً، حسب تقرير لوكالة Bloomberg الأمريكية.

اختارت الحكومة الهندية 10 قطاعات، هي الكهرباء والصناعات الدوائية والأجهزة الطبية والإلكترونيات والمعدات الثقيلة ومعدات الطاقة الشمسية وتعبئة الأغذية وقطاع المواد الكيميائية والمنسوجات، مجالاتِ تركيزٍ لتعزيز الإمكانات التصنيعية في البلاد.

وقد طلبت نيودلهي من سفاراتهل في الخارج تحديد الشركات التي تبحث عن خيارات للاستثمار. وتقول المصادر إن وكالة الاستثمار الحكومية، “استثمِر في الهند” Invest India، تلقت استفسارات من دول عدة، على رأسها اليابان والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية والصين، وأعربت تلك الدول عن اهتمامها بالانتقال إلى ثالث أكبر اقتصاد في آسيا.

إذ إن الهند ستتقدم إلى عالم ما بعد كورونا بمزايا هائلة، حسبما قال جايانت سينها رئيس اللجنة الدائمة المعنية بالتمويل في البرلمان الهندي.

ويرى البرلماني الهندي أنه لا بأس في زيادة العجز المالي وإنفاق الأموال، خاصة أن الأزمة حملت ميزات أخرى للاقتصاد الهندي منها، انخفاض أسعار الفائدة وأسعار النفط وأسعار السلع (مثل الفحم وخام الحديد) بشكل كبير.

يضيف: “كانت فاتورة استيراد النفط في الهند قريبة من 112 مليار دولار في السنة المالية الماضية، لذلك من المحتمل أن توفر البلاد بسهولة 50 مليار دولار على فاتورة استيراد النفط هذا العام، إذا استمرت المعدلات الحالية لعام آخر”.

ويقول: “إنه من المحتمل ألا يصاب سكان الهند الشباب بالمرض مثل كبار السن في البلدان المرتفعة الدخل”، وتابع: “ولدينا حكومة قوية ومستقرة مع القائد الأكثر شعبية في العالم”، حسب تعبيره.

وأردف قائلاً بفجاجة: “تتطلع جميع البلدان إلى تنويع سلاسل التوريد بعيداً عن الصين. باختصار، إنها فرصة ذهبية لبناء الهند الجديدة”.

ويقول: “بالإضافة إلى ذلك، فرغم عدم الاتفاق علمياً على تأثير الطقس على الفيروس، فإنه يبدو أن المناخ الحار وكذلك مستويات المناعة لدينا قد تمكننا من مكافحة الفيروس التاجي بشكل أفضل من البلدان الأكثر اعتدالاً”.

وأضاف: “إذا كانت القوى العاملة الشابة لدينا، إذا مارست البعد الاجتماعي المناسب، فسوف تمكن الهند من العودة إلى العمل بشكل أسرع بكثير من البلدان الأخرى”.

لذا يرى أن الهند أصبحت الوجهة الطبيعية للشركات العالمية التي تتطلع إلى بناء سلاسل توريد أكثر مرونة وتنويعها بعيداً عن كونها تتمحور حول الصين.  

ويقوم العديد من اللاعبين العالميين -في الصناعات التي تتراوح من الأدوية إلى قطع غيار السيارات والملابس- باستكشاف مواقع في الهند، حسب قوله.

ومن الولايات المتحدة وحدها، هناك تقارير عن أكثر من 200 شركة تتطلع إلى نقل عمليات التصنيع من الصين إلى الهند.

بالنسبة للبرلماني الهندي، فإن الهند خيار العالم في مرحلة انحسار كورونا.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى