تقارير وملفات إضافية

ولي العهد السعودي قد يتراجع عن طموحه.. إليك الثمن الذي قد يقبل به لأرامكو

شركة «أرامكو السعودية» ضخمة ومربحة جداً بلا شك، لكن ما قيمة أرامكوا الفعلية، وهل يتراجع ولي العهد السعودي عن تقييمه السابق لها بتريلوني دولار؟  

كان هذا واحداً من الأسئلة الكثيرة التي ظلت عالقة، حين أعلنت الشركة، أضخم منتج نفط في العالم، أمس الأول الأحد 3 نوفمبر/تشرين الثاني، أنها ستطرح جزءاً من أسهمها للمستثمرين.

وسيتحدد كل ما له علاقة بالطرح العام الأولي خلال الأيام والأسابيع المقبلة، بما في ذلك، حجم الحصة التي ستطرحها أرامكو للاكتتاب العام، وبأي سعر، بحسب ما ورد في تقرير لصحيفة  The New York Times الأمريكية.

وستدور أغلب الأسئلة حول قرارات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، صانع السياسات الأبرز في المملكة. وتعد أرامكو، التي يبلغ إنتاجها 10% من حجم إنتاج النفط عالمياً، محور الاقتصاد السعودي، وتسهم بالنسبة الأكبر من إيرادات المملكة.

وإلى الآن، يتحرك ولي العهد بحذر؛ إذ يسعى لإدراج أسهم الشركة في سوق الأسهم السعودية «تداول» فقط.

وأُرجِئَت عملية الإدراج في بورصات أجنبية، مثل نيويورك أو لندن، التي ستنطوي على مزيد من التعقيد والمجازفة، في حين يعتقد بعض المحللين أنَّ هذه الخطوة ربما لا تحدث أبداً.  

إلى جانب ذلك، يمكن للأمير محمد بن سلمان أن يتراجع عن طرح الأسهم للاكتتاب العام إذا تغيرت الظروف أو فشل في تحقيق الزخم المستهدف بين المستثمرين. وبموجب الموافقة التي منحتها هيئة أسواق المال السعودية، أمس الأول الأحد، تحظى الشركة بفترة ستة أشهر لإدراج أسهمها.

وفي الأسابيع الأخيرة، أصدر محللون تقييمات خاصة تشير إلى أنَّ عملية البيع لن تحقق التقييم المستهدف للشركة عند 2 تريليون دولار الذي حدده الأمير منذ أكثر من ثلاث سنوات. والآن بدأوا في ذكر هذه الأرقام علناً.

إذ قدَّر المحللون في شركة Bernstein الاستثمارية العالمية أنَّ «القيمة العادلة» لأسهم أرامكو تتراوح بين 1.2 تريليون دولار و1.5 تريليون دولار. وفي مذكرة للعملاء، أمس الإثنين 4 نوفمبر/تشرين الثاني، قال المحللون إنهم اعتمدوا في تقديراتهم على مقاييس مثل توزيعات الأرباح وتوقعات عوائد الشركة. 

وقال مصدر مُطلِع على عملية الطرح، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته لمناقشة بعض المحادثات الخاصة، إنَّ هناك دلائل على أنَّ ولي العهد السعودي يميل نحو قبول تقييم الشركة عند 1.8 تريليون دولار. ومن المتوقع صدور نشرة تحوي مزيداً من التفاصيل قريباً.

والأسئلة التي تدور حول قيمة الشركة، التي بدورها تؤثر في مقدار الأموال التي ستُدرِّها عملية البيع، هي تذكير بأنَّ هذا الطرح العام الأولي ذو حساسية سياسية بالغة.

إذ يُدرِج الأمير والمسؤولون التنفيذيون لشركة «أرامكو»، في البورصة، شركة لا تمثل فحسب شريان الحياة للاقتصاد السعودي، بل كياناً يقدسه السعوديون. وفي حال فشل طرح أرامكو في جذب اهتمام المستثمرين وانخفضت أسعار الأسهم عند بدء التداول، فيمكن لخيبة الأمل الناجمة عن ذلك أن ترتد على الأمير البالغ من العمر 34 عاماً، الذي يريد استخدام عائدات بيع حصة من أرامكو، لتمويل جهوده عالية المخاطر بتقليل اعتماد الاقتصاد السعودي على النفط والإنفاق الحكومي.

ويقول المحللون إنَّ الأمير بحاجة إلى أن يكون قادراً على اعتبار إدراج أرامكو نصراً

وعلى الرغم من أنَّ الشباب السعودي ومجتمع الأعمال يشيدان بالعديد من التغييرات التي تبناها ولي العهد، بما في ذلك السماح للنساء بقيادة السيارات وتسهيل زيارة السياح للمملكة، هناك سلبيات ضخمة تلطخ سجل الأمير.

إذ أثقلت الحرب الطويلة والمُكلِّفَة في اليمن كاهل المملكة. وهناك أيضاً الضرر الدائم الذي لَحِق بسمعة الأمير بسبب مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، على أيدي وكلاء سعوديين في مدينة إسطنبول التركية العام الماضي.

وفي إشارة إلى الأمير، علَّق بول ستيفنز، زميل بارز في منظمة Chatham House البحثية في بريطانيا «لن يقدر على تحمل هزيمة أخرى. إذ بدأ الناس بالفعل يشككون في كفاءته وأفكاره».

وقال ستيفنز وآخرون إنَّ استهداف تريليوني دولار عائدات من طرح أرامكو كان خطأً جسيماً، لأنه بذلك وضع معياراً يمكن أن يتسبب في الحكم بالفشل على أي تقييم إجمالي أقل من ذلك.

ومن الناحية الاستثمارية، تمتلك أرامكو نقاط قوة كبيرة.

 ففي عام 2018، كانت الشركة الأعلى ربحية في العالم، إذ سجلت صافي إيرادات بلغت 111 مليار دولار. ومن المتوقع أن يكون إجمالي أرباح هذا العام أقل بكثير نتيجة انخفاض أسعار النفط ومشاكل الإنتاج. وهنا، توقعت Bernstein أن تصل صافي إيرادات الشركة إلى 92.3 مليار دولار في عام 2019. لكن من المؤكد أنَّ الشركة ستظل آلة لإدرار الأموال بفضل تكاليف الإنتاج المنخفضة، التي تمنحها الريادة في هذا المجال.

وفي محاولة لجذب المستثمرين، تعهدت «أرامكو السعودية» مؤخراً بدفع توزيعات أرباح سنوية على مساهميها، لا تقل عن 75 مليار دولار حتى عام 2024. 

وفي هذا الصدد، قال نيل بيفريدج، المحلل في شركة Bernstein، إنَّ جاذبية الشركة ستعد في نهاية المطاف بمثابة رصيد أسهم «دفاعي» يسدد عائداً ضخماً من الأرباح. 

وقال إنَّ أرامكو، ومعها المستثمرون السعوديون، قد يسعون لجذب صناديق الثروة السيادية والمستثمرين الاستراتيجيين مثل شركات النفط الوطنية الأخرى.

وتظل أرامكو عُرضَة للتأثر بالبيئة السياسية المضطربة في المنطقة، كما اتّضح من هجمات سبتمبر/أيلول على محطتين مهمتين للشركة في بقيق وخريص. بالإضافة إلى ذلك يلاحظ محللو Bernstein أنه «لا يوجد ما يمنع» الحكومة السعودية من رفع معدلات الضرائب في المستقبل (مما يقلل الأرباح للمساهمين).

ومن المرجح أن تكون مثل هذه المخاطر هي السبب وراء تفضيل إدراج الشركة داخل السعودية، حيث سيكون المستثمرون على استعداد لضخ أموال في شركة يعتبرونها وكيلاً لبلدهم. وتقدم الحكومة حافزاً للمستثمرين السعوديين، الذين سيحصلون على أسهم إضافية -بحد أقصى 100 سهم- لكل 10 أسهم يشترونها من أرامكو إذا احتفظوا بها لمدة 180 يوماً على الأقل.

من جانبه، قال حسام الصالح، الذي يُقدِّم مشورات مالية للسعوديين في الرياض: «الناس يثقون في الشركة، وفي الطرح العام الأولي… فالأشخاص الذين لم يستثمروا في البورصة من قبل يسألون عن أرامكو والطرح العام الأولي» على الشبكات الاجتماعية مثل «تويتر» وغيره. 

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى