تقارير وملفات إضافية

هل التوصل إلى مصل سيقضي على كورونا؟ التجربة تقول لا

يقول كبار مسؤولي الصحة الأمريكيون إنهم يعملون بكدٍ لضمان إتاحة الدواء التجريبي رمديسيفير على نطاق واسع للمواطنين، بعدما أظهرت دراسة أنه يُقلِّل المدة اللازمة للتعافي لبعض مرضى فيروس كورونا المستجد.

ولكن لا تزال هناك تساؤلات كبرى حول آلية عمل دواء رمديسيفير، ومتى يمكن للحكومة إتاحته للجماهير، وما إذا كانت شركة Gilead لتصنيع الأدوية قادرة على مواكبة الطلب العالمي المتزايد على الدواء. إليكم النقاط المهمة التي يجب متابعتها بينما يُزاح الستار عن المزيد من البيانات عن هذا الدواء، بحسب تقرير لمجلة Politico الأمريكية.

تتعلق النتائج التي تصدَّرت عناوين الصحف، يوم الأربعاء 29 أبريل/نيسان، بتجربة أجريت برعاية المعهد الوطني الأمريكي للحساسية والأمراض المعدية الذي يديره أنتوني فوسي، الخبير الحكومي رفيع المستوى في الأمراض المعدية. 

وكشفت الدراسة التي شملت 1063 مريضاً أنَّ أولئك الذين تلقوا رمديسيفير تماثلوا للشفاء في وقت أقل بنسبة 31% مقارنة بأولئك الذين تلقوا البلاسيبو “الدواء الوهمي” -بمعدل 11 يوماً مقابل 15 يوماً في المتوسط. وتشير النتائج أيضاً إلى أنَّ المرضى الذين عولجوا برمديسيفير كانوا أقل عرضة للوفاة. وقال فينسنت راجكومار، طبيب في منظمة Mayo Clinic الأمريكية، إنَّ تأثير الدواء في هذه الناحية كان ضئيلاً للغاية لدرجة أنك ستحتاج إلى علاج 28 مريضاً برمديسيفير لإنقاذ حياة شخص واحد.

إضافة إلى ذلك، يحذر خبراء الصحة العامة منذ شهور من أنَّ العثور على دواء ناجح لفيروس كورونا المستجد لن ينهي الجائحة. لكنه سيسيطر على تفشي الفيروس ويُقلِّل الإصابات المتقدمة التي تحتاج للإيداع بالمستشفى، هو إجراء فحوصات على نطاق واسع وتطوير لقاح فعّال -وهو ما لن يحدث قبل عام على الأرجح- سيحد من الفيروس ويحد من دخول المستشفيات.

وفي هذا السياق، قال الطبيب جيفري غولد، عميد المركز الطبي لجامعة نبراسكا، والباحث الرئيسي في دراسة دواء رمديسيفير التي أُجرِيَت لصالح المعهد الوطني الأمريكي للحساسية والأمراض المعدية: “هذا ليس علاجاً سحرياً. لكن إذا جمعت بين ذلك والمزيد من الاختبارات، وتتبع اتصالات المصابين والقدرة على تحديد المرضى الأوائل.. كل ذلك يضيف بارقة أمل ويضيء لنا الطريق”.

كانت الطريقة التي أعلن بها المعهد الوطني الأمريكي للحساسية والأمراض المعدية نتائج الدراسة باعثة على الحيرة. 

إذ أصدرت شركة Gilead، التي تُصنِّع الدواء، بياناً صحفياً صباح الأربعاء، 29 أبريل/نيسان،  تقول فيه إنَّ التجربة حقَّقت هدفها الأساسي (على الرغم من أنَّ الشركة لم تشارك في إجراء التجربة). ثم بعد عدة ساعات، كشف الدكتور فوسي عن بعض البيانات للصحفيين في مؤتمر في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض.

لكن لا أحد خارج المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية أو شركة Gilead والمستشفيات التي أُجرِيَت فيها التجربة اطلع على البيانات الفعلية. ويتساءل بعض العلماء وخبراء الصحة عن سبب عدم إصدار البيانات المتعلقة بالدراسة بالتزامن مع إعلان النتائج.

من جانبه، قال هارلان كرومهولز، الأستاذ في كلية الطب بجامعة ييل: “لقد سمعنا الآن نتائج من دون أن تُتَاح لنا فرصة تقييمها. آمل أن تتوفر معلومات أكثر اكتمالاً وبيانات فعلية قريباً”.

لا يتخذ دواء رمديسيفير شكل أقراص. لكن يُعطى عن طريق الحقن الوريدي، ويجب على المرضى تناوله لمدة ما بين 5 إلى 10 أيام. وتقول شركة Gilead إنَّ البيانات التي أصدرتها يوم الأربعاء عن تجربتها الخاصة، التي لم تتضمن “مجموعة مراقبة”، تشير إلى أنَّ تناول جرعة لمدة 5 أيام يمكن أن تكون فعّالة بقدر الجرعات الأطول مدة. ومع ذلك، يتطلب إعطاء الدواء للمرضى أياً كانت فترة العلاج أطباء وممرضين ماهرين، ومعدات للحقن الوريدي وإمكانيات غير موجودة إلا في المستشفيات والعيادات لعلاج المرضى.

ومن ثم، تزيد هذه العوائق اللوجيستية من احتمالية أن يُمنَح دواء رمديسيفير أولاً إلى مرضى الفيروس ذوي الحالات المتقدمة والمستشفيات، على الرغم من أنَّ الشركة قالت إنَّ الدواء سيكون أكثر فعالية إذا أُعطِي في وقت مبكر من التقاط العدوى.

وكان براين أبراهامز، محلل في شركة RBC Capital، قد كتب في مارس/آذار: “من المحتمل أن تتسبب طريقة تناول الدواء من خلال الحقن الوريدي بإحالة العلاج لخدمة المرضى في المستشفيات، وللمفارقة هؤلاء هم الأقل استفادة من العلاج” الذي يقلل من كمية الفيروس في الدم.    

قد يكون المعهد الوطني الأمريكي للحساسية هو الذي أجرى أحدث التجارب عن رمديسيفير، لكن إدارة الأغذية والأدوية الأمريكية هي التي تختص بتقرير ما إذا كان العلاج سيُطرَح في الأسواق أم لا.  

لكن هناك عدد قليل من الخيارات المتاحة، إذا أراد المنظمون توصيل الدواء إلى الناس بسرعة. إذ يمكن لإدارة الأغذية والأدوية إصدار ترخيص للاستخدام في حالات الطوارئ، مثلما فعلت في العديد من اختبارات “كوفيد-19” وعقار هيدروكسي كلوروكوين الذي لم تُثبَت فعاليته بعد.

ويمكن أيضاً لإدارة الأغذية والأدوية إصدار موافقة سريعة، وهو أمر نادر لكنه ليس الأول من نوعه لدواء مدعوم بقدر صغير من بيانات التجارب السريرية؛ مما يشير إلى ثقة إدارة الأغذية في النتائج التي شهدتها، لكن العملية قد تستغرق وقتاً أطول من منح ترخيص استخدام في حالات الطوارئ.

من جانبه، قال المفوض ستيفن هاهن، لموقع Bloomberg، يوم الخميس 30 أبريل/نيسان، إنَّ إدارة الأغذية والأدوية “تعمل بسرعة البرق لتقييم النتائج. فهناك الكثير من العوامل التي تؤخذ بعين الاعتبار عند اتخاذ قرارات تنظيمية”.    

نظراً لأنَّ رمديسيفير لا يأتي في شكل أقراص بل محلول للحقن عن طريق الوريد، فإنَّ العملية التي تُصنِّع من خلالها شركة Gilead وشركاؤها في سلسلة التوريد العلاج أصعب وأكثر تعقيداً.  

وقال الرئيس التنفيذي لشركة Gilead، دانييل أوداي، إنَّ الشركة بدأت في تكثيف التصنيع في يناير/كانون الثاني. ووعد بالتبرع بمخزون الشركة الحالي من رمديسيفير، الذي يبلغ 1.5 مليون جرعة للاستخدام في التجارب السريرية أو برامج الاستخدام الرحيم.

لكن أبراهامز يُقدِّر أنَّ مخزون Gilead من رمديسيفير قد يكفي لعلاج 1.8 مليون مريض بحلول نهاية عام 2020؛ لأن نتائج التجربة التي أُعلِنَت يوم الأربعاء تُظهِر أنَّ دورة العلاج لمدة 5 أيام كانت بنفس فعالية دورة العلاج لمدة 10 أيام.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى