آخر الأخبارتراند

أسطورة إنتهاء التمييز العنصري في أمريكا مجرد اضغاث أحلام

تحقيق بقلم الخبير السياسى والمحلل الإقتصادى

دكتور صلاح الدوبى

الأمين العام لمنظمة “إعلاميون حول العالم”

رئيس منظمة “إعلاميون حول العالم” فرع جنيف- سويسرا

رئيس اتحاد الشعب المصرى

“عضو مؤسس في المجلس الثوري المصري”

تمنيت عديد من المرات أن أكون بليد الإحساس لأحمي نفسي وعقلي وصحتي وضغطي من كل أسلحة الدمار الشامل التي تستخدمها العنصرية ولكنها تفتك فقط بالإنسان الذي حباه الله جهازا عصبيا يلتقط إشارات العنصريين ولو كانت نظرة وسني أو تغييرا طفيفا في لهجة الحديث أو ارتفاعا ملحوظا في نبرة الحديث تأخذ منحى التوجيهات والأوامر وليس التلاطف بين شخصين.

العنصرية كالسحلية الحرباء المتلونة تتلون وتتغير وتختفي وتظهر عشرات المرات، لكنها في ذات الوقت تحتاج لعين مدربة على متابعتها وأذن اكتملت فيها أجهزة استقبال فائقة الحساسية لالتقاط درجة ارتفاع وانخفاض الصوت أو طريقة الحديث، أو الكلمات ذات الخصوصية الشديدة التي لا يستخدمها دز البشرة البيضاء عندما يتحدث مع أحد مواطني بلده.

العنصرية مشاعر بالتفوق تختلط فيها كراهية متميزة وهي لا تمر على العقل إلا لماما، ولكنها قادرة على أن تستدعي الدين واللغة والتاريخ المزيف وإحصاءات كاذبة وحوادث فردية وجرائم قام بها أجانب ذوو بشرة سمراء لوحتها شمس الجنوب.

والعنصرية في العالم الغربى لا تصدق أن المسيح عليه السلام أسمر اللون ولم تلده أمه تحت جذع نخلة في باريس أو نيويورك، ولم يساقط عليها رطبا جنيا، فقد صنعت العنصرية المسيحية البيضاء في أوروبا، حتى أن جنوب أفريقيا في زمن التمييز العنصري، كان للبيض فيها مسيحهم الأبيض في كنيسة أنيقة في الأحياء الراقية لجوهانسبرج وكيب تاون وبريتونيا، وكان للفقراء السود مسيحهم الأسمر الذي يلجأون إليه في كنيسة نصف مهدومة يدخلها حفاة شبع عراة يتضورون جوعا، ويلوذون بالسماء من ظلم أهل الأرض.

العنصرية في العالم تجد نفسها، ولها عقل جماعي تحركه قوى خفية تستمد طاقتها من أحداث كل يوم وحكاياته وعناوين الصحف ونشرات الأخبار وتقارير الشرطة وتهويلات وكالة الأنباء، وبعد الحادي عشر من سبتمبر فتحت أوروبا ذراعيها لتلقي نفايات حملة الكراهية الأمريكية الموجهة ضد المسلمين والعرب. والعنصري تزداد قوة بصره أضعافا مضاعفة وهو يتابعك بعينين ملونين وأنت تتجول في سوبر ماركت أو تصف سيارتك لثوان معدودة في غير موقعها أو تتلعثم ولا تسعفك اللغة أمامه أو ترتكب خطأ بسيطا ويسيرا، فينظر إليك نظرة كأنها تحمل معها رؤوس الشياطين وكراهية مقيتة لهذا المتخلف القادم من كوكب آخر أو من العالم السفلي.

وسائل الإعلام فى العالم تؤجج نار العنصرية، وتلتقط الجرائم التي يرتكبها الأجانب ولو كانت في مكان مجهول وبدون شهود، وتقوم بتكبيرها وتحبيشها ووضع بهارات لغوية مستفزة عليها، ونقل كل الأخبار الأخرى من صدر الصفحة الأولى إلى الداخل ليتم وضع عناوين حمقاء تستجدي مشاعر التفوق في مواجهة هؤلاء الغرباء القادمين من.. هناك!
إنه التحالف الصامت والعقد غير الموقع بين الإعلام وبين العنصرية فتقرأ مثلا ” السلطات الفرنسية تعتقل أربعة من العرب الإرهابيين” ومعهم مواد كيماوية وخريطة للسفارة الأمريكية و”شابة إسرائيلية تلقى مصرعها بأيدي الفلسطينيين” “مسلم يقتل شقيقته للدفاع عن الشرف” و ” أب تركى يرفض زواج ابنته من شاب مسيحى” ومئات غيرها من العناوين التي تزيد العنصرية اشتعالا وتمنحها صكوك غفران على كل ما ترتكبه من جرائم استعلائية ضد الغرباء حتى لو كان هؤلاء الغرباء يحملون الجنسية الأوروبية ولا يفرقهم القانون عن المواطنين الآخرين في أي حقوق أو واجبات، هل جربت العيش في مجتمع يقاطعك كأنك شرقي نجس أو أجرب ينبغي أن يبتعد عنك الأوروبى في الترام أو المترو أو دار العرض السينمائي أو الكافيتريا؟

وبالرغم من نجاح الأمريكيين السود فى القضاء على العبودية والفصل العنصرى فإن مجتمعهم ما زال يعانى حتى اليوم من مظاهر متخلفة ومشاكل عديدة بالمعايير الأمريكية. وبعد نصف قرن على خطاب مارتن لوثر كينج التاريخى”عندى حلم” ما زالت الظروف إلا أن الظروف المعيشية الصعبة للسود فى أمريكا مازالت قائمة.

صحيح أنه لم يعد يحرم السود من دخول المطاعم ودور السينما المخصصة للبيض، وصحيح أنه أصبح منهم رؤساء مجلس إدارة شركات كبرى وأساتذة جامعيين وصحفيين لامعين، وأصبح منهم وزيرين للخارجية ومستشارة للأمن القومى ورئيسا للجمهورية. من هنا أعتقد بعض المهتمين بالشأن الأمريكى خطأ أن وصول أوباما لعرش البيت الأبيض عن طريق انتخابات حرة صوت فيها لصالحه ما يقرب من 42 مليون أمريكى أبيض أو ما يُعادل 72% من أجمالى الأصوات التى حصل عليها تعد دليلا كافيا لما وصل إليه المجتمع الأمريكى فى نضج يتجاهل معه لون البشرة وخلفية الشخص، واعتبر البعض أن أمريكا تشهد مرحلة ما بعد العنصرية.

إلا أن تكرار حوادث المواجهات بين رجال شرطة بيض فى الأغلب الأعم، وبين شباب أسود وما ينتج عنها من أعمال عنف ومواجهات مختلفة سواء كانت الحادثة مقرها مدينة فيرجسون بولاية ميسورى بوسط أمريكا، أو بضاحية ستاتين أيلاند خارج مدينة نيويورك فى الشمال الشرقى على سواحل الأطلنطى، أو فى شرق مدينة لوس أنجلوس فى قلب ولاية كاليفورنيا المطلة على المحيط الهادى، فقط تذكرنا بأن الطريق ما زال طويلا. ويعود طول الطريق لغياب أبسط قواعد «العدالة الاجتماعية» والمتمثلة فى كيفية توزيع الدخل وتخصيص الموارد وإتاحة الفرص وسياسة منصفة للعقاب والثواب.

وما أقصده بالفقر فى أمريكيا مثلا حصول عائلة مكونة من أربعة أفراد على أقل من 18.4 ألف دولار سنويا. كما يتعرض التلاميذ السود فى حالات الإخلال بالنظام لعقوبات أكثر صرامة من نظرائهم البيض، ويجد الكثير من التلاميذ السود أنفسهم في مدارس ضعيفة التجهيز. وتعكس بيانات قطاع الصحة أن معدل عمر الأمريكي الأسود أقل من نظيره الأبيض بـ6 سنوات. إلا أن الظلم المجتمعي يعبر عن نفسه بصورة أكثر وضوحا من خلال نظام العدالة ونظام المحاكم، حيث يتعرض السود أكثر من غيرهم لرقابة الشرطة في الأماكن العامة، كما أن احتمال الحكم عليهم بالإعدام يبلغ أربعة أضعاف احتمال الحكم على البيض في الجرائم المشابهة. ونسبة السود بالسجون الأمريكية تبلغ 43% رغم أن نسبتهم للسكان بلغ فقط 13%، ويسجن من الرجال السود مرة واحدة على الأقل في حياتهم. ولا تزال نسب الزواج المختلط نادرة بين السود والبيض وتبلغ فقط 0.06%. أما في الشق السياسي فبالإضافة للرئيس هناك عضوين سود بمجلس الشيوخ المكون من مائة عضو، وهناك 44 نائبا في مجلس النواب المكون من 435 عضوا أو ما نسبته 10%.

من الحوادث التي تُبرِز تأثير هذه الرؤى المغلوطة عن ذوي البشرة السوداء، حادثة إطلاق ضباط الشرطة النار على الطفل «تامير رايس»، الذي كان يبلغ من العمر 12 عامًا، وقتلته الشرطة بينما كان يلهو بلعبة على شكل مسدس في أحد المنتزهات.

ظن الضباط أن الطفل عمره 20 سنة، ويُظهر هذا مدى تأثرهم بالصور النمطية المنتشرة. وبناءً على ظنهم، قرروا استخدام القوة فورًا متسببين في مقتله.

أظهرت الإحصائيات أن عدد السود الذين قتلتهم الشرطة الأمريكية أكثر من ضعف القتلى البيض،  وفي عام 2016 وحده، قتلت الشرطة قرابة 6.66 شخص من كل مليون أمريكي ذي أصول إفريقية، مقابل 2.9 من كل مليون شخص أبيض، وبذلك يتضح تأثير العِرق في موقف الشرطي من المشتبه بهم.

ربما يفسر الفقر والبطالة وبعض المتغيرات الاجتماعية الأخرى هذه الأرقام، لكن المؤكد، بحسب المقال، أن التمييز العنصري يدخل كذلك في المعادلة. وتؤدي كل العوامل مجتمعةً إلى مزيد من العنف والجريمة في المجتمعات السوداء، ومزيد من الوجود الكثيف لرجال الشرطة، ومزيد من الصرامة في محاولة حفظ النظام.

لا يقف تأثير العنصرية عند نظام العدالة الجنائية بطبيعة الحال، بل يشمل جوانب أخرى كذلك، مثل عروض العمل السيئة التي يحصل عليها الأمريكيين السود، في هذا السياق إلى تجربة أرسل فيها الباحثون سِيَرًا ذاتية متطابقة إلى بعض جهات العمل، كان بعضها يحمل أسماء «سوداء» تقليدية وأخرى تحمل أسماء «بيضاء»، فلاحظوا أن السير الذاتية البيضاء تُقبل بنسبة 50% أكثر من السوداء.

أوضحت دراسة أخرى أن الأجر الذي يتقاضاه السود الحاصلون على الماجستير أو الدكتوراه يعادل بالكاد ما يحصل عليه البيض الحاصلون على درجة البكالوريوس.

تستمر إذًا سلسلة الفروقات العنصرية التي يفرضها المجتمع الأمريكي على مواطنيه ذوي الأصول الإفريقية في مختلف نواحي الحياة، وكأن عصر العبودية لم ينتهِ.

مرت قرون عديدة على الحقبات المظلمة فى تاريخ البشرية التى انتهكت فيها الحقوق الحريات وسادت فيها العبودية والتمييز العنصرى بين “البيض” و”السود”، إلا أن العنصرية فى الولايات المتحدة الأمريكية تظل ظاهرة تاريخية معقدة تأبى أن تنتهى رغم الحركات المدنية التى ناضلت لإنهاء التمييز والفصل العنصرى منذ الفترة التى تلت الحقبة الاستعمارية والتوسعية للأمم، فى مطلع القرن التاسع عشر، وحتى ستينيات القرن العشرين، والتى كان أبرز روادها “مارتن لوثر كينج”، و”روزا باركس”.

ورغم الإنجازات التى حققها رواد الحركة المدنية للقضاء على التمييز والفصل العنصرى فى المجتمع الأمريكى، الواقع على الأمريكيين الأفارقة – أى الأمريكيين من أصول أفريقية – والذين منحوا حقوقًا مدنية مساوية للمواطنين البيض بموجب قانون الحقوق المدنية الصادر فى العام 1965، إلا أن التمييز والعنصرية مازالا قابعين فى نفوس المواطنين “البيض” بالولايات المتحدة والذى يظهر جليًا فى حوادث القتل المتكررة لشباب سود، خاصة على يد رجال الشرطة.

شرطيان أمريكيان يقتلان شابًا أسود بـ20 رصاصة فى مارس 2018

وفى هذا الصدد، قتل شاب أسود فى السادسة والعشرين من عمره، بحوالى 20 رصاصة اطلقها رجال شرطة على موقف للسيارات لسوبر ماركت فى ولاية كاليفورنيا الأمريكية، وذلك حسبما أعلنت السلطات ومحاميه، اليوم الأربعاء.

وكان “ديانتى ياربر” – بدون سلاح – يقود سيارة أثناء ركنها فى موقف متجر وولمارت فى بارستو على بعد 185 كم شمال شرق لوس أنجلوس، وقال لى ميريت، محامى ياربر، إن السيارة كانت تقل 4 ركاب، بينهم شابة فى السادسة والعشرين من عمرها، تدعى ماريانا تافويا، جالسة فى المقعد الخلفى، وقد جرحت ونقلت إلى المستشفى، وهى حاليًا فى مرحلة النقاهة، وأضاف أن رجال الشرطة أطلقوا 30 رصاصة أصابت 20 شخصًا منها “ياربر” الذى لقى حتفه فى الحادث الذى وقع فى الخامس من أبريل، وينوى المحامى رفع دعوى على الشرطة خلال الأسبوع الجارى باسم عائلة ياربر، الذى كان أبًا لثلاث بنات تتراوح أعمارهن بين سنة و9 سنوات

وواقعة قتل الشاب الأسود “ديانتى ياربر”، تعيد إلى الذاكرة واقعة مماثلة فى الماضى القريب، وتحديدًا خلال شهر مارس الماضى، حيث هزت ولاية كاليفورنيا الأمريكية، احتجاجات واسعة بعد مقتل شاب أسود أعزل على يد الشرطة الأمريكية فى سكرامنتو عاصمة ولاية كاليفورنيا، ونزل المحتجون إلى الشوارع وأغلقوا طرفى طريق سريع أساسى، وذلك بعد مشاركة أعداد كبيرة منهم، فى جنازة الشاب الأسود ستيفون كلارك، الذى قتل برصاص الشرطة فى ساكرامنتو عاصمة ولاية كاليفورنيا، ولم يكن مسلحًا، وتحولت الجنازة فيما بعد إلى مسيرة حاشدة ضد عنف الشرطة الأمريكية.

وفى تلك القضية، أثار تسجيل مصور يظهر شرطيين وهما يطلقان وابلا من الأعيرة النارية على شاب أسود أعزل فى سكرامنتو عاصمة ولاية كاليفورنيا، حيث قالت الشرطة، إن الفيديو الذى صورته الكاميرات التى كانت مثبتة بملابس الشرطيين خلال المواجهة التى دارت،  أظهرت القتيل ستيفون كلارك، البالغ من العمر 22 عاما، وهو يمسك شيئا تبين فيما بعد أنه هاتف محمول، بينما أطلق الشرطيان عليه 20 عيارا ناريا.

وفى السياق ذاته، أعلن محامى أسرة ستيفون كلارك، الشاب الأسود الأعزب – الذى أردته الشرطة قتيلًا فى فناء منزله فى كاليفورنيا ليلًا – أن التشريح الخاص الذى أجرى بطلب من الأسرة، أظهر أن القتيل أصيب بـ8 رصاصات أطلقت عليه كلها من الخلف، ما يثبت أنه لم يكن يشكل أى خطر على من قتله.

وقال المحامى بنجامين كرامب، إن كل الرصاصات الثمانى التى أصيب بها الشاب البالغ 22 عاما، أتته من الخلف بدليل أنه لم يصب بأى رصاصة فى الجزء الأمامى من جسده، وأضاف أن التشريح أجراه الطبيب الشرعى المتقاعد الشهير بينيت أومالو، أظهر أن “4 رصاصات دخلت أسفل ظهر ستيفون، وواحدة دخلت طرف رقبته من جهة وخرجت من الجهة الأخرى وواحدة دخلت من خلف الرقبة، وواحدة دخلت من تحت ابطه وخرجت من الجانب الآخر، وأخرى اصابت الجهة الخارجية للساق”، فيما أوضح المحامى، أن ستيفون كلارك “هو ضحية جرائم القتل العبثية التى ترتكبها الشرطة فى ظروف مشبوهة أكثر فأكثر”.

التمييز العنصري .. الخطيئة الكبرى

من أهم أقوال “مالكوم أكس” الزعيم الأمريكي الأسود عن وضع الزنوج في أمريكا مقولته المشهورة “إن الأجانب يعيشون أحسن من السود في أمريكا”، هذه المقولة تجسد وضع أمريكا المتعددة الأجناس والأعراق والألوان والديانات من العنصرية والتفرقة والتمييز والفصل. فرغم الادعاءات والشعارات والتغني بالمساواة وعدم التفرقة على أساس اللون أو الدين فالواقع يقول عكس ذلك تماما حيث تظهر جليا المساحة الشاسعة فيما يخص الفرص بين البيض والملونين في مختلف مجالات الحياة. بعد مرور القرون والعقود والسنوات ورغم وجود على سدة الحكم رئيس أسود ما زالت أمريكا تعاني من العنصرية ورغم كل الشعارات والادعاءات والكلام المعسول فإن أمريكا تعاني من التمييز العنصري وتقول الأرقام إن نسبة البطالة في أوساط الزنوج أكثر منها في أوساط الفئات الاجتماعية الأخرى في المجتمع الأمريكي. يرى المحللون والمهتمون بهذه الظاهرة أن المؤسسين الأوائل اقترفوا خطيئة كبيرة عندما قننوا التمييز العنصري وعندما حاولوا استئصال والقضاء على الهنود – السكان الأصليين للبلد – وعندما استعبدوا السود. فما يحدث من حين لآخر من قتل وظلم في حق السود وأقليات أخرى ما هو في حقيقة الأمر إلا وجه آخر من حقيقة المجتمع الأمريكي الذي يلقب بمجتمع مزيج الأعراق والأجناس، لكن بسيطرة الأبيض ببشرته وأيديولوجيته وفلسفته وفكره المسيطر على مجريات الأمور في المجتمع.

العنصرية في الولايات المتحدة الأمريكية ظاهرة تاريخية معقدة، حيث تعود إلى الفترة التي تلت الحقبة الاستعمارية والتوسعية للأمم، ونتيجة للهجرات الجماعية من العديد من الدول الأوروبية والآسيوية والإفريقية ودول أمريكا اللاتينية في مطلع القرن التاسع عشر. كانت العنصرية والتمييز العرقي في الولايات المتحدة قضية رئيسية منذ الحقبة الاستعمارية وحقبة الرقيق. وكان القانون الأمريكي يعطي امتيازات وحقوقا للأمريكيين البيض لا تمنح للأمريكيين الأصليين والأمريكيين من أصل إفريقي والأمريكيين الآسيويين ومن أمريكا اللاتينية. وكما ضمن القانون للأمريكيين الأوروبيين مميزات في التعليم والهجرة وحقوق التصويت، والمواطنة، وحيازة الأراضي والإجراءات الجنائية بموجب القانون على مدى فترات من الزمن تمتد من القرن السابع عشر إلى الستينيات. وفي الوقت نفسه عانت الكثير من الجماعات غير البروتستانتية المهاجرة من أوروبا – لاسيَّما اليهود والأيرلنديين والبولنديين والإيطاليين – لقد تم حظر التمييز العنصري الرسمي إلى حد كبير في منتصف القرن العشرين، وأصبح غير مقبول اجتماعيا ومكروه أخلاقيا كذلك. ولكن ظلت السياسة العنصرية ظاهرة رئيسية، وتمثلت في عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية، واتخذت أشكالًا أكثر حداثة، وما زال يتجلى التقسيم الطبقي في فرص العمل، والسكن والتعليم، والقروض، والحكومة. كما أكدت عليه شبكة حقوق الإنسان في الولايات المتحدة، “التمييز يتخلل جميع نواحي الحياة في الولايات المتحدة، ويمتد إلى جميع المجتمعات المحلية”.

واستمر نضال السود في أمريكا حتى جاء اليوم الذي أصبح فيه أوباما الأسود رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية لكن العنصرية ما زالت متفشية سواء في عقول الناس وفكرهم أو في أفعالهم.

مقتل جورج فلويد.. فهل أمريكا على أبواب ثورة جديدة ضد العنصرية؟

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى