تقارير وملفات إضافية

مقابر ترهونة الجماعية تطارد حفتر.. البابا يدعو للتحرك وهكذا يمكن إحالة القضية للجنائية الدولية رغم فيتو روسيا وفرنسا

تلقى قضية المقابر الجماعية في ترهونة التي اكتشفت بعد تحرير المدينة من القوات الموالية لحفتر اهتماماً دولياً متصاعداً بعد الكشف عن تفاصيل صادمة في القضية.

وعبر البابا فرنسيس يوم الأحد عن “قلقه وحزنه الكبير” مما يحدث في ليبيا بعد اكتشاف 8 مقابر جماعية في ظل الحرب الأهلية المستمرة بالبلاد.

وقال البابا فرنسيس في خطاب له “أحث الهيئات الدولية وأولئك الذين يتحملون مسؤوليات سياسية وعسكرية على العودة مجدداً باقتناع للبحث عن طريق نحو إنهاء العنف، يؤدي إلى السلام والاستقرار والوحدة في ليبيا”، حسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء الكاثوليكية.

ودعت الحكومة الليبية، الأحد، مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته كاملة وفق ميثاق الأمم المتحدة، وإحالة أمر المقابر الجماعية التي تم اكتشافها في مدينة ترهونة إلى المحكمة الجنائية الدولية.

جاء ذلك في رسالة وجهها وزير الخارجية الليبي، محمد سيالة، إلى مجلس الأمن، بحسب بيان للخارجية الليبية على صفحتها بفيسبوك، الأحد.

وأضاف سيالة في رسالته أن عدد المقابر، بعد الجرائم التي ارتكبتها ميليشيات اللواء المتقاعد الانقلابي، خليفة حفتر، في ترهونة، وصل حتى الآن إلى 11 مقبرة، تم دفن بعض أصحابها أحياء، وبينهم أطفال ونساء، في مشهد مروع يندى له جبين الإنسانية.

ودعا سيالة المحكمة الجنائية الدولية، مقرها في مدينة لاهاي الهولندية، إلى اتخاذ الإجراءات الضرورية والملحة للتحقيق في جرائم حفتر وميليشياته في ترهونة، وبذل الجهود لمحاسبة ومعاقبة مرتكبيها وقادتهم أمام القضاء الدولي، وضمان عدم إفلاتهم من العقاب.

وقال إن صمت المجلس وتجاهله لدعوات الحكومة الليبية السابقة إلى اتخاذ موقف حازم من العدوان على العاصمة طرابلس (غرب)، أدى إلى ما نراه اليوم من جرائم واكتشاف المقابر الجماعية في ترهونة.

وأعربت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا الخميس عن القلق من التقارير “المروعة” حول اكتشاف عدد من المقابر الجماعية معظمها في مدينة ترهونة غرب البلاد، والتي استعادتها قوات حكومة الوفاق، من قوات المشير خليفة حفتر.

وطالبت البعثة السلطات الليبية بإجراء “تحقيق سريع وشفاف” في التقارير عن ارتكاب حالات قتل خارج نطاق القانون.

وتحدثت عدة وسائل إعلام مقرّبة من حكومة الوفاق عن أن غالبية القتلى هم من أهالي المدينة.

وألقت هذه المصادر باللوم على ميليشيا الكاني أو الكانيات، وهي ميليشيا موالية لخليفة حفتر، قُتل عدد من قادتها قبل أسابيع في العمليات العسكرية. وقد اشتهرت هذه الميليشيا بأعمال قتل واسعة بالمدينة، وكانت على صلة في بداياتها مع حكومة الوفاق، إلّا أن علاقة الطرفين ساءت قبل إعلان خليفة حفتر حملته للسيطرة على طرابلس، بسبب محاولة “الكانيات” التغلغل في طرابلس.

ومن جانبه، أكد بوراوي البوزيدي، المشرف العام على مستشفى ترهونة العام، أنه تم اكتشاف أكثر من 160 جثة عقب انسحاب قوات حفتر من ترهونة، حسب ما نقلته وكالة فرانس برس، لكنه أشار إلى أن عدداً من الجثث كان موجوداً في المستشفى منذ شهور طويلة، دون أن يكشف إن كانت الجثامين تعود لمدنيين أو مسلحين.

وقال أحمد حمزة، من اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، إن جانباً من الاتهامات لقوات خليفة حفتر بالتسبّب في هذه المقابر صحيح، فـ “هناك قتل خارج القانون لمدنيين وأسرى حرب في المدينة”.

وتحدث عن أن أكثر من 60  جثة التي عُثر عليها في إحدى ثلاجات الموتى بمستشفى ترهونة تعود إلى مقاتلي قوات الوفاق، كما عُثر سابقاً في مستشفيات بطرابلس على جثث تعود لمقاتلي حفتر.

ويوضح أحمد أن الغرض من تحفظ كل جانب على جثث الطرف الآخر هو إجراء عمليات تبادلها لاحقاً بين الطرفين، كما وقع أكثر من مرة في معارك بالحرب الليبية، تحت رعاية الأمم المتحدة والهلال الليبي.

 ويتابع حمزة أن عدد الجثث في مدينة ترهونة خارج المستشفى قد يتجاوز 200 جثة، منها ما عُثر عليها مرمية في آبار سوداء، مؤكداً على أن الطرف الذي كان يسيطر على المدينة هو من يتحمل المسؤولية، إذ تمّ العثور سابقاً على جثث في منازل بمناطق في طرابلس كان جيش حفتر هو من يسيطر عليها، لذلك دعا المتحدث إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة لأجل متابعة هذا الموضوع.

 وممّا أثار الانتباه في كلمة رئيس الهيئة العامة للبحث والتعرّف على المفقودين، كمال أبو بكر، قوله إن هناك صعوبات جمة في جمع الجثث المدفونة، لأن بعضها كان مفخخاً من الداخل، فضلاً عن وجود ألغام قرب هذه الجثث لمحاولة قتل من يصل إليها.

وليبيا ليست عضواً في المحكمة الجنائية الدولية وبالتالي فإن المحكمة لا يمكن أن تحرك قضية بشأن ليبيا إلا بتحرك من قبل مجلس الأمن.

ولكن يمكن للدول الداعمة لحفتر أن تعرقل طرح المسألة في مجلس الأمن، خاصة فرنسا وروسيا العضوين الدائمين بمجلس الأمن لأن لديهما حق الفيتو.

ولكن هناك خياراً آخر بالنسبة لحكومة الوفاق.

فمن المعروف أن قضية ليبيا مطروحة أمام المحكمة الجنائية الدولية أصلاً منذ زمن الثورة ضد القذافي عام 2011، بناء على قرار مجلس الأمن، وواصلت المحكمة النظر في الانتهاكات في ليبيا بما في ذلك المنسوبة للمعارضة، كما تريد المحكمة القبض على سيف الإسلام القذافي لمحاكمته على الجرائم المنسوبة له.

وبالتالي يمكن إحالة قضية المقابر الجماعية في ترهونة إلى الجنائية للتحقيق فيها ضمن نشاطها الحالي بشأن ليبيا والذي لم يتوقف بل إنه سبق إن تابع جرائم منسوبة لرجال حفتر.

 وبعد إطلاق حفتر هجومه على العاصمة طرابلس، فإن المدعية العامة للـمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، عبرت عن أسفها لاستمرار العنف بسبب النزاع المسلح في ليبيا، لا سيما في طرابلس والمناطق المحيطة بها جراء الحملة العسكرية التي يشنها اللواء المتقاعد منذ قرابة السنة.

ولفتت إلى صدور مذكرات توقيف بحق متهمين بجرائم حرب، منتقدة في الوقت ذاته عدم تعاون مصر وحفتر في تسليم المتهمين للمحاكمة.

وتحدثت عن مذكرات توقيف صدرت بحق كل من التهامي خالد، المسؤول الأمني السابق بنظام القذافي، ومحمود الورفالي، الذي عمل كذلك ضمن الكتائب الأمنية لنظام القذافي، ولاحقاً ضمن قوات سلفية تابعة للواء خليفة حفتر.

ولفتت إلى أن مصر، حيث يُعتقد أن التهامي يعيش، لم تُنفذ أمر المحكمة الجنائية الدولية وتعتقل التهامي وتسلمه للمحكمة، وقالت إن اللواء خليفة حفتر كذلك لم يتعاون في عملية القبض على الورفالي وتسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية.

ولكن قضية المقابر الجماعية في ترهونة، يمكن أن تعزز متابعة المحكمة الجنائية الدولية للوضع الليبي وتنقله لمرحلة جديدة، فالحجم المحتمل لعمليات القتل الجماعي، قد يفتح الباب لتوجيه مزيد من اتهامات لأنصار حفتر بارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى