تقارير وملفات إضافية

حصار وكورونا وكبت.. كيف ردَّ شباب إيران على القمع الحكومي بطريقتهم الخاصة؟

تشهد إيران وضعاً مأساوياً جراء تراكم الأزمات على البلاد، بداية من العقوبات الأمريكية مروراً بالقمع من قبل الحكومة وصولاً إلى تفشي فيروس كورونا والانهيار الاقتصادي.

وقد خلق هذا ثورةً صامتةً في إيران، قد تؤدي إلى حدوث تغيير قريب، حسب ما ورد في تقرير لمجلة National Interest الأمريكية. 

تخلَّل الغضب والحزن الشوارع الإيرانية لسنواتٍ، وتبدَّد الأمل منذ أمدٍ طويل.

لنأخذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي مثالاً على ذلك: في يومين فقط، قُتِلَ 6500 شخص في شوارع إيران على يد السلطات. 6500 جورج فلويد، حسب وصف المجلة الأمريكية.

تُظهِر صور المجازر إطلاق النار على غرار الإعدامات رمياً بالرصاص لمتظاهرين شبان خرجوا من أجل الحرية والوظائف. من بين القتلى كان هناك الشاب بويا بختياري، المهندس الكهربائي حديث التخرُّج الذي أُطلِقَ عليه النار بمدينة كرج في 16 نوفمبر/تشرين الثاني. ابتسامته الجميلة دفقت الدموع في عيون الملايين من الإيرانيين. لا أحد يعلم على وجه التحديد عدد الذين قُتِلوا في نوفمبر/تشرين الثاني، أو خلال الاحتجاجات التي اندلعت على الصعيد الوطني في 2018، إذ لم تقدِّم الحكومة قط أيَّ أرقامٍ صادقة. 

وفي الآونة الأخيرة، أسقط أفراد الحرس الثوري الإيراني طائرة الخطوط الجوية الأوكرانية التي كانت تقل الرحلة 753، خارج طهران، ما أسفر عن مقتل 167 شخص أغلبهم إيرانيون. وحتى الآن يرفض النظام تعويض عائلات الضحايا. 

ثم جاءت الجائحة، التي جلبت المزيد من الغضب واليأس لإيران، أيضاً بسبب أفعال النظام، أو تقاعسه عن الفعل. تُظهِر كافة الأدلة أن الحكومة علمت بفيروس كورونا المُستجَد في منتصف ديسمبر/كانون الأول 2019. لكن ظلَّت شركة ماهان إير المملوكة للدولة تطلق رحلاتها الجوية من وإلى مدينة ووهان الصينية، وغيرها من المدن حتى 15 فبراير/شباط.

ويقال إن الحكومة تتلاعب بأعداد الضحايا خلال الجائحة، إذ تقلِّل هذه الأعداد التي يُعتَقَد أنها بعشرات الآلاف، وتنشر قوات الأمن في المستشفيات للسيطرة على المعلومات. وخلال فبراير/شباط الماضي، دعا النظام الإيرانيين للخروج من أجل التصويت في الانتخابات البرلمانية دون كلمةٍ واحدة عن الحذر من انتشار الفيروس بينهم. ويرقد آلاف الإيرانيين الآن في قبورٍ بلا شواهد، بينما يشتعل الغضب والحزن في صدور عائلاتهم مجدَّداً. 

تجدر الإشارة إلى أن عدد مصابي كورونا في أمريكا أكثر من عشرة أضعاف الإصابات المعلنة في إيران، بينما نسبة الوفيات في أمريكا تبلغ 5.48% من الإصابات مقابل 4.73% في إيران.

كلُّ هذه الوقائع دفعت إيران إلى نقطة الغليان وإلى الانهيار الاقتصادي. كان مُعدَّل البطالة قبل الجائحة أكبر بكثير من مُعدَّل 15% الرسمي.

والآن، صار هذا المُعدَّل أكبر بالتأكيد. تقف الحكومة اليوم على الهامش، فهي غير مُجهَّزة أو غير مستعدة -أو كلاهما- لحماية مواطنيها وإنقاذ المرضى. وعلى رأس ذلك، يتوطَّن الفقر والجوع في الكثير من المناطق. لقد تلاشى الأمل، حسب وصف الصحيفة الإيرانية.

على هذه الخلفية المُروِّعة، يكافح جيلٌ جديدٌ من الإيرانيين ليبنوا حياةً لأنفسهم. إنهم لا يثقون في الحكومة.

كانت الهجرة إلى الغرب ممكنةً من قبل. ومع تبدُّد هذه الفرصة، يركِّز الشباب الإيرانيون على تحسين حياتهم، بينما الحكومة تقف حائلاً في هذا الطريق. 

يشتعل الغضب عبر البلاد، ورغم أنها رحلةٌ عويصة، تظلُّ الرموز الاجتماعية والسرديات الجماعية آخذةً في الظهور. تتشكَّل اليوم حركةٌ من أجل إيران جديدة. والشكل الذي تتَّخِذه لا يزال غير واضحٍ بصورةٍ كاملة، لكن الزخم يتجمَّع في الأفق، حسب تقرير الصحيفة الأمريكية. 

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى