لايف ستايل

قوانينها تمنع التبغ وتعاقب الصيّادين، وشعبها يستذكر الموت 5 مرات يومياً.. ماذا تعرف عن بوتان “السعيدة”؟

في منطقة تكثرُ فيها الجبال العالية المكدسة بالثلوج جنوبي آسيا، تقع دولة بوتان الصغيرة بحجمها والكبيرة بتفاصيل حياة شعبها، فهي واحدة من أكثر الدول سعادة في العالم رغم أن هناك الكثير من العادات والقوانين الغريبة فيها.

تقع مملكة بوتان وهي بلد غير ساحلي في الطرف الشرقي لجبال الهيملايا، ويحدها من أطرافها الجنوبية والشرقية والغربية الهند، بينما تقع الصين شمالها.

ويبلغ عدد سكانها نحو 750 ألف نسمة تقريباً، نحو 80% منهم يتبعون الديانة البوذية، بينما 20% الباقية من الهندوس ويستحدثون لغة الدزونكا.

يعتقد أن أصل كلمة بوتان مشتقة من اللغة السنسكريتية بو-ؤوتان والتي تعني باللغة العربية “الأراضي المرتفعة” كونها تحوي على الكثير من الجبال.

في حين عُرفت الدولة في السابق بعدّة أسماء منها لو-مون والتي تعني “بلاد الجنوب المظلمة” و لو-تسيندينيونغ أي “بلاد السند الجنوبية” و لو-مين-يونغ أي “البلاد الجنوبية ذات الأعشاب الطبيعية”.

وحالياً فإن الاسم الأشهر الذي يطلق عليها بعد بوتان هو بلاد التنين والأساطير.

كما قلنا سابقاً فإن نحو 80% من السكان هم يتبعون الديانة البوذية، لذلك هم نباتيين كون هذه الديانة تحرم أكل اللحوم

فبحسب النيرفانا سورتا، وهي أحد المصادر المقدسة لدى البوذيين، فإن البوذية تحرم أكل أنواع اللحوم وهي 10 (لحوم البشر، الفيلة، الخيول، الكلاب، الثعابين، الأسود، الفهود، النمور، الدببة، الضباع).

تعتبر بوتان أسعد بلد في آسيا وثامن أسعد بلد في العلم وفقاً لخريطة السعادة التي نُشرتها جامعة ليستر البريطانية سنة 2006.

وقد ابتكرت بوتان سياسة فريدة متعلقة بسعادة المواطنين، فهي أرض يسود فيها الفرح ويمنع دخول الحزن إليها، وتعتمد مكونات قياس السعادة على مستوى الصحة والتعليم والإسكان والاقتصاد.

لذلك يبرز موضوع السعادة كأحد أهم الأشياء التي تسعى بوتان لتكريسها في الشعب، إذ تؤمن الحكومة والشعب بالاستدامة وأهمية الحفاظ على الطبيعة، والتي تراها المملكة من أهم مقومات السعادة لدى الشعوب، وليس الثورة الصناعية، كما تسعى معظم بلدان العالم، ولا تقيس النجاح بالتطور التكنولوجي الذي يعتقد أهل بوتان أنه يقتل المزاج الجيد، ويقيسون النجاح بمؤشرات السعادة القومية الخاصة بهم.

بخلاف الكثيرين لا ينفر البوتانيون من الموت، فالموت وصوره وأشكاله تظهر في كل مكان هناك، وخاصة في صناعة تماثيل بوذا، حيث ستجد ألواناً وزخارف مروعة، ولا أحد حتى الأطفال، يظل بعيداً عن هذه الصور والأشكال، أو عن رقصات الطقوس التي يؤدونها والتي تجسد الموت.

ولدى شعب البوتان طقوس للموت، إذ يعلنون الحداد على الميت لمدة 49 يوماً، يمارسون خلالها التأمل والرقصات التي تساعد على التغلب على مشاعر الحزن والاكتئاب.

بينما يقول إريك واينر الصحفي في BBC إن سر سعادة الشعب البوتاني تكمن في أنهم يتأملون فكرة الموت خمس مرات يومياً حتى أصبح جزءاً من حياتهم.

وأحد التفسيرات الأخرى هو المعتقدات البوذية عميقة الأثر في أرجاء البلد، خاصة باعتقادهم في التناسخ أو عودة الروح في جسد آخر، وفقاً للمعتقدات البوذية.

فإذا اعتقدت بأنك ستُبعث من جديد لتحصل على فرصة أخرى في الحياة، ستكون أقل عرضة لترتعب من نهاية الحياة التي تعيشها الآن، وكما يقول البوذيون: لا ينبغي عليك أن تهاب الموت أكثر من خوفك من التخلص من ملابسك البالية.

من أجل تكريس مفهوم السعادة والحفاظ على الطبيعة فقد أصدرت مملكة بوتان في 2004 قانوناً يمنع بصورة تامة زراعة التبغ أو بيعه أو التدخين في الأماكن العامة، ويستثنى من ذلك السياح فقط، الذين يتعين عليهم دفع ضريبة كبيرة مقابل السماح لهم بإدخال 100 سيجارة فقط أثناء رحلتهم.

فإذا كنت تنوي السفر إلى بوتان فلن تتمكن من إدخال أكثر من 100 سيجارة معك، كما أن عليك أن تدفع ضريبة 100% على قيمة الشراء و100% للجمارك، بينما إذا كنت قادماً من الهند فلت تدفع سوى ضريبة الشراء فقط.

فيما إذا ضبط أحد الأشخاص وهو يبيع التبغ فسيتعرض لدفع غرامة مالية تقدر قيمتها بـ 225 دولاراً أمريكياً.

حتى قبل نحو 20 عاماً لم يكن التلفاز أو الإنترنت مسموحين في البلاد بتوجيهات من مؤشر السعادة القومية؛ والهدف هو حماية الإنسان والحيوان في البلاد، فلم يدخل التلفاز والإنترنت إلى البلاد حتى عام 1999.

ولأن شعب بوتان يعتبر أن الإنسان يستمد طاقته من محيطه بما فيه من أنهار ووديان وبحيرات، فإنه يهتم كثيراً بنظافة بلده، وهو سبب كاف لتقليل عدد السيارات، إذ يوجد نحو 57 سيارة لكل 1000 شخص، بحسب تعداد وسائل النقل بكل دولة.

كما يعيش في بوتان حيوان نادر هو التاكين وهو من فصيلة الأبقار، لذلك يعتبر اصطياده غير قانوني، وقد تصل عقوبته إلى حد الإعدام.

لا شكّ في أن وجود صورة التنين على علم مملكة بوتان، سيلفت انتباه أي أحد ويكفي لجعله واحداً من الأعلام الغريبة في العالم.

وقد تم وضع هذا العلم في عام 1969، وهو عبارة عن مستطيل مقسوم بشكل قطري إلى لونين هما الأصفر والبرتقالي، وفوقهما رمز التنين.

ويرمز الأصفر إلى التقاليد والسلطة المدنية للملك، فيما يمثل اللون البرتقالي التقاليد البوذية.

في حين يرمز التنين الأبيض إلى “تنين الرعد” الذي يرمز إلى النقاء الداخلي للإنسان.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى