تقارير وملفات إضافية

صراع رجلي المخابرات.. كيف استعار آبي أحمد أساليب السيسي في أزمة سد النهضة؟

مفاوضات، ثم تهديد، ثم مفاوضات، ثم انسحاب.. أصبح هذا هو السيناريو المتكرِّر لأزمة سد النهضة، ويبدو واضحاً أن آبي أحمد، رئيس وزراء إثيوبيا، يتلاعب بالجانب المصري، وأن الأمر لا يرتبط بالخلاف بين البلدين فقط، ولكن بالوضع الداخلي الإثيوبي أيضاً.

عندما جاء آبي أحمد إلى رئاسة الحكومة الإثيوبية وسط إشادة دولية، وأحيانا عربية، كان أول رئيس وزراء جاء للسلطة من قومية الأورومو، كما أنه من أصول مسلمة تظهر في اسمه.

قوبلت شخصية الرجل بترحيب كبير، وربما متعجل حتى من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الذي جعل آبي أحمد يقسم باللغة العربية التي لا يفهمها، بأنه لن يؤذي مصر.

وحتى الدوائر اليسارية والإسلامية المعتدلة في مصر رحبت بالرجل كأنه مانديلا النيل.

ولكن الأغرب كان الترحيب الغربي برجل المخابرات العسكرية السابق، الذي جاء من مؤسسة حاكمة معروف عنها الاستبداد، وهو ترحيب وصل إلى ذروته بمنحه جائزة نوبل للسلام بعدما أبرم اتفاق سلام مع إريتريا، وحديثه عن إصلاحات سياسية لم يُنفّذ أغلبها.

في المقابل تم تجاهل الخلفية الأمنية للرجل، ولم تتريث لجنة نوبل قليلاً لترى موقفه من قضية سد النهضة، والنتيجة أن هذا الزعيم الحائز نوبل قدّمت بحقه شكوى في مجلس الأمن، وممارساته السياسية تهدد بحرب على ضفاف أطول نهر في العالم، وفي أفضل الأحوال فإنه سيتسبب في أزمة مياه لأقدم حضارة زراعية في التاريخ.

نجح آبي أحمد، القادم من عالم المخابرات، في أن يقدّم نفسه بوجوه ترضي الجميع، أو كشخصية حمالة أوجه.

فبدا قريباً للمسلمين المضطهدين في بلاده، بجذوره الإسلامية واسمه ذي الوقع العربي.

وبدا آبي أحمد للأورمو، أكبر مكون إثني في البلاد، أولَ زعيمٍ من أبناء جلدتهم يصل لحكم إثيوبيا.

ولكن الواقع أن الرجل الذي اعتنق المذهب البروتستانتي وُلد لأب مسلم له أربع زوجات، وأمه أمهرية مسيحية، ما يجعله أقرب إلى الثقافة الأمهرية الأرثوذكسية، التي تحكم إثيوبيا منذ ما يقرب من ألفي عام.

وقد كان عضواً في الحزب الأورومي، الذي كان جزءاً من الجبهة الحاكمة للبلاد منذ مطلع التسعينيات، وهي الجبهة التي كان يقودها حزب يمثل الأقلية التيغرانية الشمالية (تمثل نحو 5.9% من سكان البلاد)، بقيادة رئيس الوزراء الراحل ميليس زيناوي.

وبدا آبي أحمد للنخب الشمالية الحاكمة، لاسيما الأمهرية، الرجلَ الذي سيحافظ على وحدة الدولة التي لطالما تسيدوها، ويمكّنهم من إرضاء أو بالأحرى تهدئة مارد الأورومو الذي بدأ يستيقظ.

كما بدا لدول الجوار القائد القوي الذي سيصفّر مشكلات إثيوبيا الخارجية.

واعتبره الليبراليون والنشطاء في بلاده والغرب غورباتشوف إثيوبيا، الذي خرج من قلب النظام ليحول البلاد للديمقراطية دون أن تنهار، كما حدث للاتحاد السوفييتي.

والمفارقة أن أكثر من خُدع على ما يبدو من أقنعة آبي أحمد حمالة الأوجه هو الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الذي جاء من خلفية استخباراتية مثله، حتى إن السيسي جعل أحمد يقسم بالعربية التي لا يفهمها بأنه لن يؤذي مصر.

والمفارقة الأكبر أن السيسي عندما خرج لعالم السياسة جاء بمظهر حمال أوجه كآبي أحمد، جذب بواسطته الجميع لصفّه ليصعد على أكتافهم.

فالسيسي كان العسكري المتدين الذي سيحمي الشرعية بالنسبة لأنصار الرئيس الراحل محمد مرسي حتى 30 يونيو/حزيران 2013، والعسكري الوطني الزاهد في الحكم الذي سيطيح بالإخوان ليسلم السلطة لمعارضيهم بالنسبة لجبهة الإنقاذ، إلى أن فوجئوا باستئثاره بالسلطة لنفسه.

وكان بمثابة عبدالناصر الجديد بالنسبة للناصريين، إلى أن فوجئوا به يصل بالعلاقات المصرية الإسرائيلية إلى مستوى غير مسبوق.

وكان القائد الذي يحمي الخليج من التنمر الإيراني، عندما قال “مسافة السكة”، إلى أن بدأت حرب اليمن ولم يحرك ساكناً.

ولكن ماذا يريد رجل المخابرات الإثيوبية من مصر، ومن تقلباته من التفاوض إلى التهديد بالحرب.

مع أن رصد الخلافات بين الدول الثلاث بدقة أصبح صعباً في ظل جولات التفاوض المتقلبة بين التفاؤل والسجال المتبادل، ولكن يمكن استخلاص 3 نقاط خلافية بين البلدين.

من الواضح أن الخلاف الرئيسي لا يتعلق بالحصة الدائمة لمصر والسودان من النيل الأزرق، لأن سد النهضة مُقام بالأساس لتوليد الطاقة، وبالتالي يفترض أن حصة مصر والسودان ستعود إلى مستواها الطبيعي أو قريب منه عندما تستكمل عملية ملء السد، التي ستستغرق سنوات، ليتسنى لإثيوبيا توليد الطاقة الكهربائية منه.

كما قنعت مصر والسودان بأن عليهما تحمل انخفاض في حصتهما المائية خلال فترة ملء السد، ولكن مشكلتهما تتعلق بحصتهما في التخفيض في أوقات الجفاف.

أما نقطة الخلاف الثانية فهي آلية تحكيم المنازعات، حيث تريد مصر آلية محددة للتحكيم، قد تتضمن بالأساس طرفاً دولياً، ولكن إثيوبيا تريد التفاوض وسيلة لحل المنازعات.

وتظل نقطة الخلاف الجوهرية أن مصر تريد أن يكون أي تصرف في النهر بناء على اتفاق بين الدول الثلاث، بينما تعتبر إثيوبيا النيل الأزرق ملكاً لها ومسألة سيادية، مع تأكيدها على أنها لن تؤذي مصر، وكأنه تكرار بشكل آخر لمشهد قَسَم آبي أحمد بالعربية الذي لا يُسمن ولا يغني من جوع، وهو مبدأ من شأنه أن يفتح الباب لمزيد من المشاريع التي تقلل حصة مصر والسودان من مياه النيل، إضافة إلى احتمال قيام دول أخرى غير إثيوبيا بتنفيذ ذلك.

تظل النقطة الأكثر غرابة في سلوك رجل المخابرات الإثيوبية في تعامله مع مصر، هو تقلباته من إبداء الحميمية والاستعداد للتفاوض، إلى لهجة العداء الخشنة التي تتضمن التلويح بالملايين المستعدين للدفاع عن إثيوبيا، في وقت يندر أن تلمح فيه القاهرة إلى التحرك عسكرياً.

واللافت في هذا الصدد أن إثيوبيا دائماً ما تعلن قبولها للتفاوض، ثم تنسحب مع الاقتراب للتوصل لنتيجة، مثلما حدث في المفاوضات التي تمت بوساطة من الولايات المتحدة والبنك الدولي.

يبدو هدف آبي أحمد من هذه التقلبات مزدوجاً، فبالإضافة إلى أنه يضيع جهد القاهرة ووقتها في تفاوض لا طائل منه بينما يواصل العمل في السد، فإن التقلب بين التفاوض إلى التشدد القومي مفيد للرجل داخلياً، وقد يكون مرتبطاً بالأساس بالهدف الذي جاء من أجله الرجل، أو هدف من جاء به إلى السلطة.

يعد الوضع الإثيوبي السياسي والسكاني معقداً للغاية.

فإثيوبيا ليست قومية بالمعنى التقليدي، بل هي أمة متعددة الأعراق أشبه بالهند وإيران، حالة وسط بين الدولة والإمبراطورية تقودها في الأغلب قومية كبرى كالقومية الفارسية في حال إيران، ويجمعها خط ثقافي عام أو دين أو مذهب كالهندوسية في حال الهند والمذهب الشيعي في حال إيران والمسيحية الأرثوذكسية في حال إثيوبيا.

ولكن الوضع الإثيوبي أكثر إشكالية من الوضع الإيراني والهندي.

فتاريخياً القومية الأمهرية هي القائدة للأمة الإثيوبية، وكانت لغتها هي اللغة السائدة، ومذهبها المسيحي الأرثوذكسي أحد أبرز ركائز الدولة الحبشية، خاصة في مواجهة محيطها المسلم.

ولكن الواقع أن الأمهريين ليسوا أكبر قومية في إثيوبيا (يمثلون نحو 20% من السكان مقابل نسبة تتراوح بين 25% إلى 34% بالنسبة للأورمو)، والمسيحية، وبالأخص المسيحية الأرثوذكسية، لا تمثل الأغلبية على الأرجح.

إذ يمثل الأرثوذكس 43.5% بينما المسلمون 34% والبروتستانت 18.6% (هناك تقديرات بأن المسلمين أكثر من المسيحيين، ويعتقد أن نصف الأورومو من المسلمين).

والحكم الحالي في إثيوبيا الذي أسقط النظام الماركسي السابق لمينغستو هيلا ماريام يعد امتداداً لهذا النهج، مع اختلاف واحد أنه كان يقوده نخبة تيغرانية وهي قومية سامية شمالية أخرى غير الأمهرية، ولكن ليست بعيدة عنها، وتمثل امتداداً لهيمنة القوميات الشمالية في إثيوبيا على القوميات الأخرى (علماً أنها قومية صغيرة العدد).

ولكن هذه النخبة الشمالية واجهت قبل تولي آبي أحمد السلطة ذروة مخاوفها، وهو صحوة الأورومو.

كانت مشاكل إثيوبيا الداخلية البارزة دوماً مع إريتريا، الشعب ذي الأغلبية المسلمة والأقلية المسيحية، الذي كافح طويلاً لينال استقلاله، إضافة إلى الصوماليين في إقليم أوغادين الذي انتزعته أديس أبابا من غريمتها الصومال.

ولكن باقي القوميات الإثيوبية كانت نسبياً تحت طوع الحكم المركزي في أديس أبابا.

كانت الصومال المسلمة لوقت طويل العدو الذي تحتاجه الإمبراطورية لتوحيد شعوبها المتنوعة تحت راية الهوية الجامعة الأرثوذكسية.

هذه الهوية التي حاول الحكم المركزي التركيز عليها لم تستطع القضاء على حقائق التاريخ والديموغرافيا، وهي أن الأورومو هم أكبر مكون في البلاد (ولكن ليسوا الأغلبية)، وأنهم يعانون تهميشاً تاريخياً، ناهيك عن حقيقة ثانوية أخرى، وهي أن نحو نصفهم من المسلمين.

لم يكن الأورومو يوماً شعباً خفيض الجناح، فقد دخلوا الإمبراطورية الحبشية كفلاحين ورعاة غزاة، مستغلين فترات انشغالها بالحروب مع سلطنات الصومال، ليتمددوا من تخوم الحبشة الجنوبية إلى قلبها، مستوطنين هذه المناطق، ومبدلين هويتها القومية والإثنية.

وعندما سيطرت الإمبراطورية الحبشية عليهم، أصبحوا يمثلون أكبر مكون، ولكنهم باتوا مهمَّشين، وأخذوا دوراً ثانوياً من حيث المرتبة في التراتبية الحبشية التي تأتي الأولوية فيها للأمهريين والتيغرانيين، ولكن لم يعد هذا الوضع مقبولاً للنشطاء الأورومو.

وهنا ظهرت أهمية آبي أحمد، المنحدر من الأورومو، ولكنه جزء من النخب الحاكمة ذات الطابع الشمالي، رجل الأورومو المتأمهر (ذو صبغة أمهرية)، أوباما إثيوبيا، الذي يمنح الأورومو زوراً شعوراً بأنهم باتوا حكاماً للدولة مثلما فعل باراك مع زنوج أمريكا.

ولكن رغم الصبغة المانديلية (نسبة إلى نيلسون مانديلا)، التي تفترض أنه سيُبرم صلحاً بين شعوب إثيوبيا، فإن الأورومو مازالوا يطمحون لمزيد من إثبات الذات، وكل القوميات تزداد مطالبها في بلد قام على تراتبية تقهر القوميات الجنوبية لصالح القوميات الشمالية الحاكمة باسم الإمبراطورية.

كما أن آبي أحمد يريد تعزيز قوة الدولة المركزية، وتخفيف الطابع الإثني للسياسة.

فالتحول من الاستبداد الفيدرالي للديمقراطية المحتملة، حمل في طياته محاولة من آبي أحمد لتعزيز المركزية وإضعاف الشعور القومي.

ومع مجيء جائحة كورونا، أضيف مزيد من التأزم بتأجيل الانتخابات.

ويبدو أن صعود آبي أحمد كأول رئيس وزراء من الأورومو مازال لا يرضي هذه القومية التي تشهد ازدهاراً في الرغبة في التعبير عن الذات، يقابله قمع من قِبل السلطة، حتى إنه بعد فوزه بجائزة نوبل بأيام خرجت تظاهرات كبيرة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا ضده، قام فيها المتظاهرون بحرق كتاب “آبي أحمد”، الذي أعلن عن نشره عقب حصوله على الجائزة، كما رددوا هتافات تطالب بإسقاطه.

وتفيد تقارير بأن هذه المظاهرات جاءت تضامناً مع الناشط الإعلامي المعارض جوهر محمد، المدير التنفيذي لشبكة أورومو الإعلامية.

ومن هنا تظهر قضية سد النهضة باعتبارها وسيلةً لتوحيد البلد المنقسم في مواجهة عدو خارجي متوهَّم.

هذا العدو هو مصر، التي تُجسد كلّ نقيض للحبشة التقليدية التي يحاول آبي أحمد الحفاظ عليها، أو إعادة تقديمها بشكل حديث.

مصر بلد أبيض (من المنظور الإفريقي) في مواجهة إثيوبيا، أعرق بلد أسود (علماً أنه من الناحية العلمية أغلب شعوب إثيوبيا ليسوا زنوجاً وهم أقرباء بعيدين للشعوب العربية والأمازيغ والبجة).

بلد مسلم في مواجهة الحبشة، التي تشكل المسيحية ركناً رئيسياً لهويتها.

بلد ذو حضارة عريقة ومتقدم نسبياً بالمعايير الإفريقية، ولكنه يعاني من الإرهاق الحضاري والسياسي، في مواجهة إثيوبيا الإفريقية التي تحاول إزالة غبار الفقر والتخلف عن كاهلها لتنهض، مقدمةً نموذجاً يقول صانعوه إنه أشبه بالصين اقتصادياً (حتى بات البعض يلقبها بصين إفريقيا)، وصديق للغرب.

مصر البلد الذي يكدس آلاف الدبابات ومئات الطائرات، ولكنه عاجز عن استخدامها أمام الجيش الإثيوبي الأضعف تسليحاً بكثير، ولكنه الجيش المنحدر من الميليشيات المناضلة ضد الحكم السابق، والمتمرسة في الحروب غير التقليدية، والمتحصنة ببيئتها الجبلية التقليدية الشاهقة.

أقوى جيش في إفريقيا في مواجهة قوات مسلحة لديها تجربة في التنسيق بين الجيوش النظامية والميليشيات، والأخيرة أثبتت قدرتها مؤخراً على التحرش بمكر مع السودان الفاصل بين البلدين.

جيش إثيوبيا يُعوض قلة تسليحه بالتكيف مع الجغرافيا والأدلجة، في مواجهة واحد من أكبر جيوش العالم وأكثرها بيروقراطية في الوقت ذاته.

يفهم أبي آحمد أنه إذا كانت الجغرافيا الإثيوبية الهضبية والجبلية المعقدة تمثل أخطر تحدٍّ مادي أمام الحفاظ على وحدة البلاد، فإنها في الوقت ذاته هي أكبر سلاح يحميه ويوفر له التحصين، الذي يمكّنه من التحرش بمصر البعيدة وهو آمن من الرد.

فيُهدد بملء السد، ويصبح أمام شعبه المتباين المشارب البطلَ الذي كسر مصر، وتحرّش بالسودان، فيكسب مزيداً من النقاط في الداخل.

والمفارقة هنا أن الرئيس المصري يخوض معركة مشابهة في ليبيا. 

فيصور للمصريين أن حكومة الوفاق التي أعيتها محاولاتها السابقة للتقرب للقاهرة (السيسي نفسه استقبل السراج من قبل باعتباره رئيساً لليبيا) تُمثل خطراً وجودياً على بلاد النيل، أكثر من سد النهضة.

ويفتعل السيسي خطاً أحمر وهمياً وغير مسبوق في تاريخ مصر، ممتداً من الجفرة التي يسيطر عليها الروس إلى سرت، التي كان يسيطر عليها تنظيم داعش، وذبح بها 21 قبطياً عام 2015.

في سلوك يرى كثيرون أن هدفه هو صرف نظر المصريين عن أزمة سد النهضة، وعن تفشّي كورونا المجهول الحدود في البلاد، وتحويل الخلاف الأيديولوجي بين النظام والإخوان المسلمين (الذين جاؤوا بالسيسي لوزارة الدفاع) إلى مسألة أمن قومي، مَن يعارضه فيها خائن.

وبالنسبة لآبي أحمد، فإن سد النهضة وجائحة كورونا ورقتان في يده للخروج من مأزق الانتخابات التي تُعتبر نتائجها غير مضمونة تماماً، حتى بين الأورومو.

وهكذا سقطت المنطقة ضحية لمخططات رجال المخابرات السابقين، الذين اعتادوا على الهروب من الأزمات الحقيقية إلى أزمات مختلقة، أو ما يُسمى علمياً الإدارة بالأزمات.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى