تقارير وملفات إضافية

الرد على مقتل سليماني سيحدد قدراته المستقبلية.. هل تختلف إدارة القائد الجديد لفيلق القدس للملفات الإقليمية؟

لم تمر سوى ساعات قليلة
على مقتل الجنرال قاسم سليماني بغارة أمريكية في العراق، حتى قام المرشد الأعلى
الإيراني آية الله علي خامنئي، بشكل سريع ومباغت، بتعيين العميد إسماعيل قآني، قائداً لفيلق القدس التابع
للحرس الثوري الإيراني.

إذ لم يتوقع البعض داخل
إيران تعيين خليفة لسليماني بهذه السرعة، خاصة أن منصب قائد فيلق القدس حساس
للغاية، ويحتاج إلى اختيار دقيق من أجل استكمال الطريق الذي بدأه سليماني.

لكن يبدو أن خامنئي أراد
أن يكون الأمر بهذه السرعة، لإيصال رسالة إلى الولايات المتحدة وجميع المراقبين
بأن مقتل سليماني لن يربك إيران، ولن يمنعها في استكمال خططها في المنطقة.

لكن هل يمكن بالفعل
للقائد الجديد أن يدير ذات الملفات التي كانت في يد قاسم سليماني بنفس الكفاءة،
مضافاً لها ملف الانتقام؟

وبالرغم من قلة المعلومات
عن القائد الجديد لفيلق القدس، وعدم ظهوره الإعلامي بشكل كبير، أو تصديره كبطل
شعبي مثلما فعلت المؤسسة السياسية الإيرانية مع الجنرال سليماني، إلا أن تاريخه مع
الحرس الثوري الإيراني لا يقل أهمية مقارنة بسلفه.

التحق قآني بالحرس الثوري في العشرينيات من عمره، وعمل
مع سليماني في قمع حركات التمرد الكردية في إيران مع بداية الثورة الإسلامية
الإيرانية عام 1979.

تنقّل قآني بين عدد من
المناصب المهمة داخل الحرس الثوري الإيراني طوال سنوات الحرب العراقية الإيرانية
في الثمانينات، وقاد عدداً من العمليات العسكرية الناجحة خلال تلك الحرب.

لكن في الوقت نفسه لا
يتمتع قآني بتميز، وتفرّد سليماني بين الأوساط العسكرية بالرغم من أنه طوال الوقت
كان على عكس سليماني يحاول التواجد في السياسة الداخلية الإيرانية، بالتصريحات
وانتقاد الإدارات المتوالية.

بجانب دوره في قيادة
العمليات العسكرية التابعة لفيلق القدس بالخارج، خاصة في أفغانستان وباكستان، تشير
المصادر الصحفية الإيرانية أنه لعب دوراً بارزاً في قمع الاحتجاجات الداخلية.

فقد تم تداول اسمه بكثرة أثناء الاحتجاجات الشعبية في مدينة مشهد، مسقط رأسه، عام 1992، والاحتجاجات الطلابية في طهران عام 1999، وذكر مراقبون داخل ايران أنه كان من أبرز المسؤولين عن حملات قمع تلك الاحتجاجات.

بحسب مصدر مقرّب من الحرس
الثوري، رفض الكشف عن هويته، فالجنرال قاسم سليماني في بداية الحرب في سوريا
استعان بالعميد قآني في أغلب العمليات الأولية، «كقائد ميداني موثوق
به».

وأضاف المصدر لـ
«عربي بوست»، أن قآني كان من أبرز المسؤولين عن إنشاء لواء
«فاطميون» المكون من الأفغان الشيعة، والذي قاتل بجانب القوات الإيرانية
في سوريا.

كان قآني المسؤول عن
تنسيق زيارة
بشار الأسد
الأخيرة والمفاجئة إلى إيران، في فبراير/شباط 2019، والتي تسبّبت في
إعلان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف استقالته، بسبب التجاهل الذي تعرّض له أثناء تلك الزيارة.

صرّح وقتها قآني بأنه هو
المسؤول عن كل شيء في تلك الزيارة، وأنه أخبر الحكومة، لكنها لم تبدِ أي اهتمام
للتعاون.

يُعرف قآني بأنه قائد
عسكري من الطراز الرفيع، ويشترك مع سليماني في فكرة ضرورة وجود القادة العسكريين
في الخطوط الأولى في المعارك الميدانية، وليس في الخلف.

وكما يتمتّع سليماني
بشعبية كبيرة بين المقاتلين الشيعية في البلدان التي تمتلك إيران بها نفوذاً
كبيراً، يتمتّع أيضاً قآني بشعبية وسط المقاتلين الأفغان بشكل خاص.

يرى قآني أن الحرس الثوري
الإيراني قوة لا يمكن مقارنتها بأي قوة عسكرية أخرى، وأن «فيلق القدس»
على وجه التحديد، استطاع الانتشار في مختلف أنحاء العالم، ولا بد من الحفاظ على
انتشاره بشتى الطرق.

يعتبر بعض المراقبين داخل
إيران أن قآني أكثر تشدداً من قاسم سليماني، وأكثر اندفاعاً في الميدان.

ووفقاً لمصدر مقرب من
الحرس الثوري الإيراني، فإن قآني كان دائم الارتجال في العمليات العسكرية أثناء
الحرب العراقية الإيرانية، ويمكن وصف الأمر بـ «التهور»، لكنه بحسب
المصدر نجح في أغلب الأوقات.

يقول الخبير الأمني
الإيراني أمير كاظم ربيعي لـ «عربي بوست»، إن الجميع يتوقّعون أن يُكمل
قآني خطط سليماني بالكامل، ولكن سيكون أمامه عقبات قليلة.

ويرى ربيعي أن أهم
العقبات التي تقف أمام قآني أنه لا يتمتع بالشعبية ولا الشخصية المحبوبة وسط آلاف
المقاتلين الشيعة كما كان سليماني.

أضاف: «سليماني نجح
في أن يحبه كل مقاتل من رجاله، ولكن بحسب تتبع مسيرة قآني فالرجل ليس على علاقة
إنسانية قوية بجميع رجاله».

في الوقت نفسه يرى ربيعي
أن خبرة قآني في عمليات فيلق القدس في أفغانستان وباكستان، التي يشرف عليها بنفسه،
من الممكن أن تزيد من توسع رقعة عمل قوة القدس، في الأشهر المقبلة.

يتوقع المقربون من الحرس
الثوري الإيراني، أنّ القائد الجديد لفيلق القدس سوف يولي اهتماماً أكبر من اهتمام
سليماني للجماعات المسلحة في فلسطين، نظراً للعلاقة الوثيقة التي تربطه بحركة حماس
الفلسطينية.

وهذا ما يجعل ربيعي يتوقع
أن يتبع قآني نهجاً أكثر تشدداً تجاه إسرائيل، وتكثيف العمليات العسكرية التي
تستهدف الأخيرة، من خلال الوكلاء الإيرانيين سواء في سوريا أو لبنان.

أما عن دوره المتوقع في
العراق، فيرى خبير أمني مقرّب من فيلق القدس، رفض الإفصاح عن هويته، أنّ العراق سيكون
المحطة الأصعب قليلاً أمام القائد الجديد. 

وقال في حديثه لـ
«عربي بوست» إن قاسم سليماني له وضع شديد الخصوصية في العراق، ولا يمكن
لأحد أن يصل إلى نفس مكانته، مهما كانت كفاءته.

لكنه في الوقت ذاته يرى
أن فترة وجود إسماعيل قآني كنائب لمدير الاستخبارات التابعة للحرس الثوري، وتعامله
مع المخابرات العراقية حتى وإن كان لفترة وجيزة، من الممكن أن تزيل العقبات.

بالرغم من تفاوت الشعبية
بين سليماني وقآني، فالأخير معروف بشكل جيد لدى المقاتلين الموالين لإيران في
الشرق الأوسط، وكونه نائباً لسليماني والظهور بجانبه في أغلب المعارك قد يكون له
تأثير قوي لضمان استمرارية نجاح فيلق القدس.

الجدير بالذكر أن قآني
يتمتع بدرجة كبيرة من القرب من الدائرة الخاصة بالمرشد الأعلى الإيراني آية الله
علي خامنئي، ويتّبع نفس النهج في الجوانب الأساسية للقيادة التي يوصي بها خامنئي
قادته على الدوام، واتَّبعها سليماني من قبل.

يقول الخبير الأمني ربيعي
إنّ الردّ العملي المتوقع لقآني على اغتيال قاسم سليماني هو الذي سيُحدد قدرة
الرجل المستقبلية، «ينتظر الجميع ثأر قآني لقائده وصديقه، نتوقع رداً حاسماً،
حتى وإن لم يكن سريعاً».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى