تقارير وملفات إضافية

خوفاً من كورونا.. السيسي يهرول من جديد لصندوق النقد، لكن الوضع هذه المرة قد يكون كارثياً على المصريين

جاءت موافقة صندوق النقد الدولي على إقراض مصر نحو 2.8 مليار دولار لتؤكد من جديدٍ حقيقة الأزمة الاقتصادية الكبيرة التي تعاني منها البلاد، خاصة مع تفشي فيروس كورونا، وارتفاع أعداد المصابين إلى أكثر من 12 ألف حالة.

وبحسب تصريحات الحكومة المصرية، فإن القرض الجديد سيسهم في احتواء الأثر الاقتصادي والمالي لجائحة كورونا.

يأتي ذلك فيما كشف مصدر مسؤول لموقع “ايكونومي بلس“، أن مصر تسعى حالياً للحصول على تمويلات خارجية بقيمة تتجاوز 9 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي ومؤسسات أخرى، بخلاف الـ2.8 مليار دولار التي حصلت عليها مؤخراً.

وقال المسؤول إن مصر تسعى للحصول على أكثر من 5 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، بموجب اتفاق إضافي للدعم والمساندة، و4 مليارات دولار من مؤسسات أخرى.

وتثير هذه القروض المخاوف من وضع الاقتصاد المصري ومقدار تأثره سلباً نتيجة أزمة تفشي وباء كورونا، ومدى تأثير ذلك على المواطنين.

الخبير والمحلل المالي محمد خراجة قال في تصريحات لـ”عربي بوست”، إن السبب الرئيسي وراء هذا القرض هو تراجع احتياطي النقد الأجنبي في البنك المركزي المصري.

وأضاف: “سنسمع قريباً بعد تسلُّم هذا القرض تصريحات مسؤولين عن ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي بعد إضافة القرض الجديد إليه”.

وأكد خراجة أن “هذا الانخفاض في احتياطي النقد الأجنبي نتج عن خروج رؤوس أموال أجنبية من مصر، وأيضاً لتغطية واردات حكومية من السلع الأساسية، بالإضافة إلى تراجع حاد في تحويلات المصريين بالخارج”.

ووفق بيان من البنك المركزي المصري، فإن تحويلات المصريين العاملين بالخارج أظهرت ارتفاعاً خلال شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط 2020 بمقدار 1.3 مليار دولار، لتصل خلالهما إلى نحو 5.2 مليار دولار، مقابل نحو 3.9 مليار دولار خلال نفس الشهرين من العام السابق، وهو ما يوضح أهمية هذه التحويلات.

وأشار خراجة إلى أنه خلال الشهور القادمة، سيحدث ضغط على الدولار في مصر، ولن تستقبل مصر تحويلات من النقد الأجنبي بالأرقام السابقة نفسها، نتيجة تراجع  تدفقات النقد الأجنبي في مصر التي تعتمد فيه بشكل أساسي على عائدات السياحة التي توقفت تماماً، وانخفاض عائدات قناة السويس نحو 10% نتيجة توقف حركة التجارة العالمية، وتراجع تحويل أموال المصريين في الخارج.

وكشف رامي أبو النجا، نائب محافظ البنك المركزي، أن “حجم المَحافظ الأجنبية التي خرجت من مصر بسبب أزمة فيروس كورونا، بلغت نحو 17 مليار دولار”.

وقال إن “الحزمة التمويلية التي يتم بحثها مع صندوق النقد الدولي لن تقل عن 5-6 مليارات دولار بخلاف التمويل الطارئ الذي حصلت عليه مصر بقيمة 2.8 مليار دولار” .

وشدد على أن استقرار سعر الصرف كان نتيجة لاستخدام جزء من الاحتياطي لإتاحة السيولة وسط خروج من الأجانب.

وقال: “استخدمنا 8 مليارات دولار من الاحتياطي النقدي الأجنبي خلال مارس/آذار وأبريل/نيسان”، مؤكداً أن”التمويل الطارئ سوف يخفف الضغوط الفورية على ميزان المدفوعات ويحفز مزيداً من التمويل من خلال المؤسسات الأخرى”.

وكان البنك المركزي المصري قد أعلن أن “الاحتياطي الأجنبي لمصر سجَّل نحو 37.037 مليار دولار في نهاية أبريل/نيسان 2020، مقارنة بـ40 مليار دولار في نهاية مارس/آذار 2020، بتراجعٍ قدره نحو 3.1 مليار دولار، وهي موارد لتغطية احتياجات السوق المصري”.

ولفت خراجة إلى أن جائحة كورونا في مصر لا تستدعي تخصيص هذا القرض لمواجهتها، فلم تقم الحكومة المصرية مثلاً بإنفاق المزيد لشراء أسرَّة جديدة للمرضى، أو استيراد كمامات واقية أو مستلزمات طبية، ولم تقم حتى بتعويض العاطلين عن العمل تعويضاً يستحق مقابل غلاء المعيشة الذي تعاني منه مصر، حتى قبل كورونا.

وأشار إلى أن مواجهة تراجع النقد الأجنبي لا تتطلب الاستدانة من صندوق النقد، فمن المعروف أن مستويات هذا الاحتياطي في جميع دول العالم مرنة، تزداد أحياناً وتنقص أخرى.

وقال: “ليس من الضرورة الاقتراض لسد هذا التراجع، والذي سيدفع ثمنه الأجيال القادمة، خاصةً أن مصر تعتمد على الاقتصاد الريعي، وليس الإنتاجي”.

ويرى خراجة أن إدارة الأزمة في مصر بسبب كورونا ستضاعف من الضغوط على الأجيال القادمة، وليس الجيل الحالي.

فقد قفز الدين الأجنبي على مصر من 46 مليار دولار في يونيو/حزيران 2014، إلى 112 مليار دولار في ديسمبر/كانون الأول 2019، وبعد القرض الجديد قد يصل إلى 120 مليار دولار. هذا بالإضافة إلى الدين الداخلي الذي قفز من 1800 مليار جنيه في يونيو/حزيران 2014 إلى 4400 مليار جنيه في ديسمبر/كانون الأول 2019، “فهذه دوامة من الاستدانة لن نخرج منها طالما نعتمد على الاقتصاد الريعي وليس الإنتاجي”، على حد تعبيره.

ورغم ما صرحت به الحكومة المصرية من أن هذا القرض ليس مرتبطاً بأي اشتراطات من صندوق النقد، فإن خراجة يؤكد لـ”عربي بوست” أن “هذا غير صحيح، فهذه المؤسسات الدولية لا تقر مثل هذه القروض إلا باشتراطات ووفق أدوات معينة، كما أننا لم نسمع تصريحاً رسمياً من مسؤولي الصندوق بأن هذا القرض وما يليه من قروض ليس من دون شروط”.

ومن جانب آخر أكد مصدر مسؤول بالبنك المركزي في تصريحات لبوابة أخبار اليوم، أن “القرض سيتم استخدامه لتلبية احتياجات المجتمع وتعويض خسائر الاقتصاد من تراجع السياحة نتيجة انتشار فيروس كورونا المستجد عالمياً وتوقف حركة السياحة والطيران، وكذا تعويض تراجع الصادرات، وانخفاض الاستثمار الأجنبي، وتباطؤ الاقتصاد والنمو”.

وأوضح مصدر خاص يعمل مستشاراً في وزارة المالية المصرية، لـ”عربي بوست”، أن العالم كله تأثر بجائحة كورونا، و”لن ندفن رؤوسنا في الرمال ونقول، إننا على ما يرام، فالمكاشفة والمصارحة في هذه الأزمة أفضل الطرق للعلاج”.

وأضاف أن هذا القرض حصلت عليه نحو 40 دولة حول العالم، “وهو تقريباً يمثل حصتنا إلا قليلاً من الصندوق، وسوف نستغله أفضل استغلال، لدعم الموارد الاستراتيجية لمصر في المرحلة المقبلة، ولن يتحمل أعباءه المواطن؛ إذ إنه بفائدة ميسَّرة تكاد لا تُذكر”.

وتابع: “نحن نعمل في المرحلة المقبلة، على تفعيل دور الصناعة المصرية، وتوفير مستلزمات الإنتاج محلياً، حتى لا نقع في أزمة مقبلة، وهناك خطة تعدها الحكومة في هذا الإطار”.

وكشف مصدر مسؤول في اتحاد الصناعات المصرية لـ”عربي بوست”، عن مخاوفه من عودة السوق السوداء للدولار، في ظل الضغوط عليه خلال الأيام القادمة.

وقال: “أعتقد أن هذا أحد الأسباب التي دعت مصر إلى اللجوء للصندوق؛ لتغطية السحب على الاحتياطي النقدي”.

واستدرك قائلاً إن “هذه الأزمة تعطينا درساً مهماً، فيجب على الحكومة ألا تعتمد بعد ذلك على الاقتصاد الريعي، مثل السياحة وقناة السويس، إذ إن هذا النوع لا يبني اقتصاد دولة، فإذا حدثت أزمة دولية مثل جائحة كورونا التي نعاني منها، فقد تأثر الاقتصاد بشكل كبير، فمثل هذا النوع من الاقتصاد يتأثر بالتقلبات العالمية”.

واختتم بالقول: “أتمنى ألا تتدخل الحكومة في المرحلة المقبلة فيما يخص الاحتياطي النقدي وسياسة إدارة العملة”.

ويرى حسين عبدربه، رئيس تحرير جريدة “البورصة” المصرية، أن الدولة ستحافظ على سعر الدولار ثابتاً خلال المرحلة المقبلة، وحتى لا تحدث سوق سوداء، فإن قرض الصندوق سيحمي الاحتياطي من النقد الأجنبي من أي مفاجآت قد تؤدي إلى  ذلك.

وأوضح مصطفى شاهين، الخبير الاقتصادي، في تصريح لـ”عربي بوست”، أن هناك ضغطاً فعلياً على الدولار مقابل الجنيه، لكن مستوى ارتفاع أو انخفاض الدولار متوقف على استمرار مصر في الاقتراض.

وأكد أن الحصول على هذه القروض هو بهدف تسديد الديون، والحفاظ على مستوى الجنيه المصري الآن أمام الدولار، وليس لأي شيء آخر.

لكن إذا توقفت مصر عن الاستدانة، فسيرتفع الدولار أمام الجنيه مرة أخرى، وإذا استمرت في الاقتراض، فسيظل الدولار على ما هو عليه الآن، وخروجاً من هذا المأزق، فقد تلجأ مصر إلى عملية تعويم جزئي مرة أخرى للدولار.

وأوضح عبدربه أن انخفاض إيرادات الدولة بسبب حالة الإغلاق الدولية أدى إلى تأثر الميزانية المصرية، وزاد الإنفاق بقطاعات معينة وانخفض في أخرى، فمثلاً تعد السلع الاستراتيجية التي تستوردها هي الأكثر تأثراً في الميزانية الجديدة، فمصر تستورد ما قيمته 60% من احتياجاتها من الزيوت، و45% من القمح، هذه السلع سيصبح الطلب عليها كبيراً على مستوى العالم بسبب أزمة كورونا، وسترتفع أسعارها؛ ومن ثم ستضطر مصر إلى توجيه جزء كبير من الإنفاق عليها ودعمها، حتى لا تضطر إلى رفع أسعارها داخلياً.

وبحسب عبدربه، فإن الميزانية الجديدة ستتجه إلى بنود المستلزمات الصحية، “نحن في مصر لم نكن نوليها اهتماماً ونستوردها بشكل كبير، ولكن في ظل الأزمة الحالية سيزيد الإنفاق عليها من الميزانية الجديدة”.

ويستخلص عبدربه أن “الحكومة المصرية ستضطر إلى محاولة التوفيق بين ما هو متاح لديها من أموال للإنفاق واحتياجاتها الضرورية، لذا بدأنا نسمع تصريحات المسؤولين المصريين عن ترشيد الإنفاق في المرحلة المقبلة”.

وفق ما صرح به وزير المالية المصري محمد معيط، نجد تناقضاً بين ما قاله في بداية أزمة كورونا بمصر من عدم تأثر موازنة الدولة بهذه الجائحة، وما قاله يوم الخميس 14 مايو/أيار، عن تأثر هذه الموازنة بجائحة كورونا.

وقال: “أزمة كورونا سبَّبت تداعيات وأعباء كبيرة على خطط الدولة لمعدلات النمو والتنمية، بالإضافة إلى تراجع إيرادات الخزانة العامة”.

وأضاف أن “إيرادات الخزانة العامة للدولة انخفضت بنحو 75 مليار جنيه، منها 65 مليار انخفاضاً في الحصيلة الضريبية”.

وأوضح أن العجز الكلي في الموازنة سيصل إلى 7.9% نتيجة تداعيات الوضع الراهن، وإجراءات مواجهة فيروس كورونا، مقابل 7.2% عجزاً كان مستهدفاً قبل الوباء”.

وتوقع وزير المالية انخفاض معدل النمو لـ4.2% بدلاً من 6% نمواً كان متوقعاً، بانخفاضٍ نسبته 1.8% بما قيمته 175 مليار جنيه.

ووسط هذه القروض التي تقترضها مصر بمليارات الدولارات، إلا أن الأزمة ليست فقط في فجوة الاحتياطي من النقد الأجنبي.

بحسب دراسة للمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، فإن “التأثيرات الاقتصادية الناجمة عن أزمة  فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) من المرجح أن تؤدي إلى خسائر اقتصادية فادحة للاقتصاد المصري، تتمثل في إمكانية تراجع الناتج المحلي الإجمالي على المستوى القومي بنسبة تتراوح بين 0.7% و0.8%، بما يوازي 36 إلى 41 مليار جنيه مصري.

ومن المرجح أن تنخفض دخول الأسر المعيشية، لا سيما بين الشرائح الفقيرة، خاصة إذا علمنا أن المصادر الثلاثة للعملة الأجنبية بمصر والتي تتمثل في تحويلات المصريين بالخارج، وعائدات قناة السويس، والسياحة، تمثل 14% من الناتج المحلي الإجمالي، كل هذه المصادر توقفت الآن”.

ورغم تصاعد مصر بين الاقتصاديات الناشئة، ورغم قرب تحقيق برنامج الإصلاح الذي أُطلِق عام 2016 النتائج المرجوة منه، فإن الدراسة تؤكد “توقف هذا التقدم من جراء تفشي  فيروس كورونا”.

ورغم تدني أعداد حالات الإصابة بالعدوى التي تم الإبلاغ عنها في مصر بشكل نسبي في الوقت الحالي مقارنة بمثيلاتها في عديد من البلدان الأخرى، فمن المتوقع أن ينجم عن تباطؤ الاقتصاد العالمي تداعيات مناوئة حادة على الوضع في مصر.

وتُؤكد النتائج النهائية للدراسة إمكانية تعرض الاقتصاد المصري لتأثيرات جديرة بالاعتبار طوال الأشهر التي تشهد استمرار الأزمة، تصل إلى خسائر تقديرية في الناتج المحلي الإجمالي، بنسبة 0.8% بشكل شهري، في ظل تفشي كورونا بشكل حاد.

وتضيف الدراسة أنه من المرجح أن يؤثر هبوط الإيرادات العامة المتحصل عليها من رسوم العبور في قناة السويس على الموازنة الحكومية، وسوف يؤثر تراجع التحويلات المالية على معدل استهلاك الأسر المعيشية من السلع الاستهلاكية بما يُفضي إلى تضرر قطاعات إنتاج السلع الوسيطة.

ولا يقتصر التأثير الناجم عن تراجع الإنفاق السياحي فحسب على الفنادق والمطاعم ومشروعات سيارات الأجرة والعاملين في مجال الإرشاد السياحي، وإنما يمتد أيضاً إلى صناعات تجهيز ومعالجة الأغذية وقطاع الزراعة.

وتُشير التقديرات التي خلصت إليها الدراسة، إلى أن غياب السياح في حد ذاته قد يتسبب في خسائر شهريةٍ قدرها 26.3 مليار جنيه مصري، أو ما يوازي 1.5 مليار دولار. وبناء على ذلك، تُشكل الخسارة الحادثة في عائدات السياحة نحو ثلثي التأثير التقديري الكُلي.

ورغم ما تعلنه الحكومة المصرية من خسائر تعرضت لها نتيجة انخفاض عائدات مالية بالجنيه المصري بسبب إغلاق أنشطة خدمية تدر عائداً على الاقتصاد المصري مثل وحدات تراخيص المرور أو مكاتب الشهر العقاري، أو إيرادات كانت ستأتي من قطاعات مثل السياحة والطيران بعد توقفها.. هل يعني ذلك أن تضطر الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد أو جهات دولية أخرى؟

يعلق ممدوح الولي على هذا الأمر، قائلاً: “ليس توقف هذه الإيرادات يدعو إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي، فقد حققت وزارة المالية وفورات نتيجة انخفاض سعري الفائدة والنفط، كما أن إجراءات التيسير لقطاع الأعمال في دفع مستحقات الضرائب والتأمينات، كانت عبارة عن تأجيل للسداد للمستحقات أو تقسيط لها، وليس إسقاط أي منها، ما عدا الضريبة العقارية على نشاط السياحة فقط، وكان أمامها بدائل أخرى لزيادة الموارد، مثل تحصيل المتأخرات الضريبية من أصحاب المهن الحرة، والمتأخرات الضريبية الكبيرة والتي تتجاوز 80 مليار جنيه”.

ويتساءل الولي: “إذا كانت الحكومة متعثرة مالياً، فكيف قامت بخفض ضريبة الدمغة على التعامل في البورصة، ودفع البنك المركزي 20 مليار جنيه لمساندة البورصة، وكذلك تخصيص كل من البنك الأهلي وبنك مصر معاً ثلاثة مليارات جنيه لمساندة البورصة، رغم أنها استثمار مالي لا يضيف لإنتاج السلع والخدمات، وقللت من رسوم الخدمات في البورصة التي تحصلها الجهات الحكومية؟”.

وبحسب وزير المالية المصرية، فقد تم إنفاق 40 مليار جنيه من الـ100 مليار التي وجه بها الرئيس عبدالفتاح السيسي لمواجهة أزمة فيروس كورونا خلال الفترة الماضية.

وأوضح أنه تم إنفاق 5.1 مليار جنيه مخصصات إضافية للصحة، و5 مليارات لوزارة التموين لتوفير السلع والاحتياجات الاستراتيجية، و10 مليارات جنيه للمقاولين والموردين، و10 مليارات جنيه للسياحة والطيران.

وأشار إلى أنَّ “تأثر الإيرادات سلباً جاء لتوقف عدد من القطاعات الاقتصادية، منها قطاع الطيران الذي انخفضت الضرائب المحصلة على التذاكر فيه نتيجة لوقف حركته عالمياً، مع تأجيل سداد بعض المستحقات الضريبية”.

لكن الخبير الاقتصادي ممدوح الولي له رؤية مغايرة هنا. فهو يرى أن ما تم صرفه منها حتى الآن يكاد يقتصر على وزارة الصحة فقط.

وأضاف: “ما قاله وزير المالية من أرقام تم صرفها من هذا المبلغ فيما يخص التموين، فهو مخزون كان سيتم استيراده من الموازنة العادية، وما يخص دعم الصادرات، فهي مبالغ مستحقة متأخر سدادها منذ سنوات”.

وأوضح أن ما شاهدناه مؤخراً، هو مجرد مِنح إعانات من صندوق الطوارئ بوزارة القوى العاملة تقل عن 100 مليون جنيه، سبق اقتطاعها من أجور الجهات المستفيدة لصالح الصندوق، مما يعني إجمالاً قلة ما تم إنفاقه من هذا المبلغ المخصص لكورونا.

وكان من تداعيات أزمة كورونا على الاقتصاد المصري، بالإضافة إلى ما سبق، أن الحكومة المصرية أُجبرت على مراجعة موازنتها الجديدة، وباعتراف وزيرة التخطيط المصري فقد أظهرت المؤشرات الأولية لموازنة العام المالي المقبل، والسيناريوهات التي أعدتها وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، بشأن مدى تأثير أزمة كورونا خلال الفترة المقبلة، أظهرت وجود انعكاسات سلبية على أغلب تلك المؤشرات.

وأوضحت الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، أن معدل النمو الاقتصادي الذي كان من المستهدف تحقيقه بنهاية العام المالي الحالي، يصل إلى 5.6% أي بنهاية شهر يونيو/حزيران المقبل، لكن وبسبب الأزمة الحالية، من المتوقع أن يصل إلى 5.1% في أفضل الحالات، مع تباطؤ نمو الربعين الثالث والرابع إلى 5.2% و4% على التوالي.

وأضافت أن الأزمة ستؤثر على معدل نمو الاقتصاد في العام المالي المقبل، الذي يبدأ في يوليو/تموز 2020 وينتهي في يونيو/حزيران 2021.

ومن المتوقع تحقيق معدل نمو اقتصادي 4.5% خلال العام المالي المقبل، في حال انتهاء أزمة تفشي فيروس كورونا، بنهاية شهر يونيو/حزيران المقبل، ولكن في حال استمرار الأزمة لمنتصف عام 2021/2020، فسينخفض معدل النمو المستهدف إلى 3.5%.

أما عن كيفية إدارة الحكومة المصرية لميزانيتها الجديدة في ظل تأثرها بوباء كورونا، وكيف ستعوض الخسائر التي نجمت عن توقف بعض الخدمات، فيقول حسين عبدربه رئيس تحرير صحيفة “البورصة” المصرية، إن آثار وباء كورونا الاقتصادية على مصر كشفت أن الاعتماد على الاقتصاد الريعي ليس حلاً.

وأضاف لـ”عربي بوست”، أنه “مع أول أزمة عالمية اتسعت الفجوة التمويلية التي نعتمد عليها، فمصر تعاني أصلاً من فجوة تمويلية حتى ما قبل كورونا، أما في ظل هذه الأزمة فقد زادت وتعقدت المشكلة، وظهرت بنود إنفاق في موازنة الدولة لم تكن تتوقعها”.

وهو نفس ما ذهب إليه الخبير الاقتصادي محمد خراجة، من أن القرارات التى اتخذتها الحكومة حتى الآن بهدف تعافى الاقتصاد المصري، ولجوءها إلى الصندوق مرة ثانية لن يكونا حلاً للأزمة.

وأوضح أن المشكلة الاقتصادية الكبرى التي تواجهها مصر الآن هي توقف المصانع، بسبب توقف الاستيراد، فمصر تستورد نحو 8% من مستلزمات الإنتاج والمواد الخام من الصين، و”المخزون الذي كان لدينا انتهى؛ ومن ثم سيؤدي ذلك إلى توقف الإنتاج والتصدير، والحل أن تبدأ الحكومة المصرية في تصنيع وانتهاج اقتصاد السلع الوسيطة”، على حد تعبيره.

ويؤكد الخبير الاقتصادي مصطفى شاهين الكلام السابق نفسه، فالمشكلة ترجع إلى اعتماد مصر على الاقتصاد الريعي وليس الإنتاجي، فتجاهلت مثلاً المصانع المغلقة وتقدَّر بنحو 2000 مصنع، وتجاهلت أيضاً الإنتاج الزراعي، الذي كان في وقت من الأوقات سلة العالم الغذائية.

وتابع: “اتجهت مصر إلى الإصلاح المالي فقط وتجاهلت عوامل أخرى مهمة، كان من الممكن أن تتفادى من خلالها الأزمة الحالية بدلاً من الاقتراض الذي لا نهاية له”.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى