منوعات

يحوّلك إلى كائنٍ أكثر لطفاً بعد تناول الطعام، ويجعل “طريقك مسدوداً” حين تكون حزيناً.. هكذا يخدعك دماغك أنت!

عندما تريد أن تحضر كتاباً ما على الطاولة بجوارك بينما أنت متعب؛ قد تشعر أن الطاولة باتت أبعد، لكن الطاولة ليست بالبعد الذي يصوره لك عقلك، فما يحدث ببساطة هو أن دماغك يخدعك.

ففي كتاب “الانطباع: كيف تُشكّل أجسادنا أدمغتنا Perception: How Our Bodies Shape Our Minds” الجديد يُوضّح الكاتبان، عالم النفس بجامعة فيرجينيا دينيس بروفيت والكاتب دريك باير، جميع الأساليب التي تخدعنا بها أدمغتنا مُشوِّهةً ما نلاحظه بناءً على حالتنا الجسدية والمزاجية وظروفنا. 

إذ يُناقش الكتاب لمركز العلوم بجامعة كاليفورنيا في بيركلي الكثير من الأمثلة والحكايات المثيرة عن خداع أدمغتنا لنا. وإليك القليل منها التي نقلتها مجلة Inc الأمريكية لإقناعك بأنّ عقلك يكذب عليك أكثر مما تدرك غالباً.

المسافات حقائق وليست آراء. هناك إجابة واحدة موضوعية صحيحة لسؤال “كم يبعد ذلك؟”، لكن إذا كُنت تفتقر إلى شريط قياس، فسوف يقوم عقلك بتقدير المسافة. ولا تتأثر تخميناتنا للمسافة بخطوط الرؤية والخبرة والعوامل المنطقية الأخرى فقط، بل تدخل مشاعرنا في عملية التقدير أيضاً.

إذ تقول جيل: “وجد الباحثون أنه إذا كنت تعاني من السمنة أو التعب، ستبدو المسافات أبعد”. والعكس صحيح أيضاً، إذا كنت تعتقد أنه من السهل الوصول إلى شيء ما، فسيبدو أقرب أو يسهل الوصول إليه أكثر مما هو عليه في الواقع.

وكتبت: “إذا كان لديك ما يوسع مدى وصولك -مثل أداة التقاط- فستبدو الأشياء أقرب إليك”. 

إذا احتجت في أي وقت للمثول أمام قاضٍ لإصدار حكم، ابذل قصارى جهدك للتأكد من جدولة جلسة الاستماع بعد الغداء. إذ تُظهر الأبحاث أنّ القضاة يكونون أقل تساهلاً أثناء جوعهم، وهم ليسوا الوحيدين الذين تتأثر تصوراتهم وأداؤهم بالطعام.

إذ كتبت جيل: “وجدت الدراسات كذلك أنّ الأشخاص الذين استمتعوا بكوبٍ كبير من عصير الليمون المحلى يميلون إلى أن يكونوا أكثر مساعدةً للآخرين. ويكون أداء الأطفال الذين يتناولون فطورهم أفضل في المدرسة، ومشاكلهم السلوكية أقل”. 

“الجوع” شيء حقيقي، وله تأثيرات حقيقية كبيرة على اتخاذ قراراتنا.

ليس الجوع وحده ما يؤثر على طريقة رؤيتك للعالم، فللمشاعر الأخرى أيضاً تأثير. على سبيل المثال، تُصرّح جيل: “يميل البشر الذين يستمعون إلى الموسيقى الحزينة إلى الاعتقاد بأن التّل يبدو لهم أكثر انحداراً، مقارنةً بأولئك الذين يستمعون إلى الموسيقى السعيدة”. 

أي بمعنى آخر يبدو العالم أكثر صعوبة حين تكون حزيناً.  

والعكس أيضاً صحيح. إذ تجعل الصحبة الجيدة العمل يبدو أكثر سهولة. وتُضيف جيل: “يظهر الأمر بصورة أخف حدّة حين تتوقع مشاركة حمل عبءٍ ثقيل مع شخص آخر (بعكس الوضع حين تكون وحيداً)، لأنّ مجرد التفكير في صديق يمكن أن يُقلل من انحدار التلال أمام ناظريك”. 

هل تتذكر “الفستان”، ميم الإنترنت الذى غزا شبكة الإنترنت ولم يستطع الكثير من الأشخاص حينها أن يجتمعوا حول ما إذا كان باللون الأبيض والذهبي أم الأزرق والأسود؟ 

What is the color of this dress?

I saw Blue and Black…. While there is some yellowish/gold tune around. But again I saw Blue and Black. pic.twitter.com/S9g3J2sBho

طبقاً لما تُوضّحه مقالة نشرها موقع Vox الأمريكي، لم يكن الخلاف حادثةً غريبة وفريدة من نوعها، بل دائماً ما نضع استنتاجات عن الألوان استناداً إلى الموقف الذي رأيناها فيه. 

حيث يمكن أن يُغيّر ما يُحيط باللون (أو ما نفترض نحن أنه يحيط باللون) من الظل الذي نراه. ويُمكنك فقط إلقاء نظرة على المثال التالي المُحيّر.

A moving square appears to change in color, though the color is constant. pic.twitter.com/phzLNgfIZy

أما في حالة “الفستان”، فمن المرجح أنّ أولئك الذين رأوا الفستان باللونين الأبيض والذهبي قد افترضوا أنهم ينظرون إليه في ضوء النهار. بينما الذين رأوه باللونين الأسود والأزرق افترضوا أنّ الفستان كان معروضاً تحت إضاءة المصباح الكهربي. 

هذا يعني أن كلا الفريقين عدل الضوء لا شعورياً، وكلاهما توصّل إلى نتائج مختلفة تماماً.

لنتجاوز ما هو أبعد من التوضيح الدقيق لمدى الغرابة التي يمكن أن يكون عليها العقل البشري، ستقدم هذه الأمثلة عبرةً وموعظة لنا جميعاً، فليس من الأسلم أن تفترض بأنّك قادر على معرفة الحقائق، مثل لون قطعة الملابس، حيث يمكن أن يغير مزاجك، وجسدك، والسياق المحيط بك من تصوراتك بشكلٍ جذري.

فما يبدو سهلاً في الصباح ربما يُصبح شاقاً بعد الظهيرة. وقد يكون اللون المثالي المُصمم لسطح المكتب قبيحاً عندما يُوضع على رف التخزين. لذا ينبغي أن تكون جميع هذه الأمثلة بمثابة تحذير من اتخاذ القرارات السريعة. 

ومع هذه العقول المخادعة، سيكون من الأفضل أن تنتظر لترى ما إن كان أي شيء يبدو مختلفاً في الصباح التالي، أو في شركة أخرى، أو بعد تناول وجبة خفيفة.

لطالما كان الانفتاح على تلقي المعلومات الجديدة والاعتراف بوقوعنا في الخطأ يُمثّل نصيحةً جيدة لعصور طويلة، بل إنه من الحكمة أن نتعلم المزيد عن الطرق التي تكذب بها أدمغتنا علينا من خلالها.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى