آخر الأخبارتقارير وملفات

سؤال مدخلي لفهم ما معنى النظام ..او ما هو مفهوم النظام ؟

بقلم الإعلامى الجزائرى المناضل

رضا بودراع

عضو مؤسس فى منظمة “إعلاميون حول العالم

كيف يمكن لمنظومة الهيمنة ان تتحكم و تنقل هيمنتها الى كل مستويات النموذج من الاجهزة و الهياكل وصولا الى الطبقات الوسيطة و الفرد؟!

لفهم ذلك لابد ان نرجع بالذاكرة عميقا فنجد الامر هُندس بطريقة شيطانية دقيقة و اخذت هندسته ما لا يقل عن 400 سنة كما سوف نبين لانها لم تكن سهلة ابدا…
و سوف يجيب هذا النموذج الموضح في الشريحة على سؤال مهم دائما ما يطرح ” من يحكم؟ “

بقدر ما يظهر هذا السؤال بسيطا لكنه دائما ما اعجز و يعجز كبار السياسيين و الخبراء و رؤساء الاحزاب و حتى داخل النظام و المنظومة نفسها من يعجزه هذا السؤال و جوابه!!

وتبين الشريحة كذلك معنى النظام فدائما ما يقال النظام …النظام..
لكن لا احد يفسر معنى و ماهية النظام !
قد يعرفه البعض انه مجموعة من الاجهزة و الأدوات و الاجراءات التي تشغل مختلف الوسائط والوحدات الادارية…الخ
قد يكون ذلك التعريف التقليدي او قريب منه
لكن هذا النموذج سيبين ان النظام بما هو مبين في الشريحة هو العدو الاكبر الذي يجب محاربته و ذلك لكونه المشغل الاكبر لمنظومة الهيمنة و الخالق للمستويات الوظيفية الذي هو متجاوز للاجهزة (الامن ،الجيش ، القضاء .. و هذه هي اعمدة السلطة الفعلية )
كانوا يظنون ان النظام هو الهيكلة (الرئاسة و الحكومة و البرلمان ) و لكن لما فهموا ان هذه الاخيرة كلها يمكن ان تُشل و تسقط ومع ذلك يبقى النظام ساريا.
اصبحوا يرون ان هذا النظام يمكن ان يتخلى عن الهيكلة و يجددها و يتخلى عنها …ويجددها!!
اي انه بسقوطهم لا يسقط النظام .

قد يرى الناس ان النظام هو الاجهزة حتى اننا كنا نظن ان النظام هو السلطة الفعلية (الامن الجيش و القضاء) و سبب ذلك لاننا رأيناهم يعيدون الرسكلة و الهيكلة في زمن الحراك الاول والحراك الثاني الان

فالامن قد شل والقضاء كذلك و بقي الجيش وحده ، و هو الذي يعيد هيكلة الدولة الان من جديد ؛
اذن فالناس تعتقد ان الجيش (اعمدة النظام بشكل عام ) هو النظام …وهذا غير صحيح او قل غير دقيق .

فلو نتخذ سوريا او ليبيا او العراق مثالا فانه حتى مع تفكك الجيش يبقى النظام ساريا بدليل ان سوريا كلها سقطت -برئيسها و جيشها لكن السفارات و الاجور و غيرها شغالة و البلاد في حالة حرب و هذا ما يجعلنا نصعد لأعلى الشريحة واصل المعضلة اي وظيفة الدول الوظيفية و الدول الاقليمية التي يمكن قياسها بمصدر الطاقة الذي اذا ارتبط معه النظام اشتغل و بدأ في التحرك.
و من هنا نكون بدأنا في التقرب رويدا الى معنى النظام اذ انه ليس اشخاصا و لا هياكل ولا اجهزة التي يشغلها النظام لكنها ليست النظام في حد ذاته.

واذا نزلنا اسفل الشريحة سوف نرى ان المواطن البسيط و الفرد العادي يمكن ان يكون جزء من النظام و سوف نصل الى مفهوم انه عدو نفسه اي ان مفهوم العداء عندنا سيتغير .

فلنعد الان الى منظومة الهيمنة لما فككت الخلافة و صنعت مركزها الذي تتحكم به في العالم وجدت رقعة جغرافية ممتدة و كتلة ديموغرافية ممتدة كان عليهم التفكير في شكل الادارة ونظام تشغيله لكي تنقاد لها هذه الكتلة البشرية وكانت هندسة الدول و تطعيمها بنظام تشغيلها.
من هنا اصبحت الظاهرة الاستعمارية او قل الحملات الصليبية تمول من مصادر الدولة الوظيفية وليس من مصادر الدول المحتلة.
كما حدث في مصر لما استطاع 5000 انجليزي الهيمنة على مصر وتسيرها و استطاع عدد اقل منهم جمع مليون مصري لاحتلال السودان …

اذا يجب ان ننظر الى النظام من منظور مختلف .
اذا اوروبا خرجت من عصر الظلام الى عصر الانوار الدامية لكنهم ايضا فككوا قوة الكنيسة كمرجعية سياسية خشية العودة للظلام مجددا.
وفي نفس الوقت عرفت انها لتحكم و تقود يجب ان تكون لديها بنية فكرية قوية ، احتاجت الى 200 سنة لبناءها -من فلاسفة و حروب دينية و بسط نفوذ …الخ-
استطاعوا خلق البنية الفكرية و طرحوها كمنظومة قائدة ليست فقط منظومة حاكمة بل قائدة تنقاد لها الشعوبمنها الاشتراكية و اليبيرالية و الديموقراطية – و قادوا بتلك المنظومات الفكرية البلدان و الاقطاب المغنومة و الشعوب المسبية و قدرة بنيتهم الفكرية على التجدد و التخلق و الاستمرارية بعوامل التقنية والهيمنة هي من اهم نقاط قوتهم لكن الاخطر من ذلك الذي سيثبت الهيمنة هو انها يجب ان تنزل للواقع لتخضع على شكل بنية اجرائية و هذا ما سنفهمه ان البنية الاجرائية هي النظام ..
فالبنية الفكرية هي الافكار الحاكمة و استطاعت ان تقنع بها الشعوب الضعيفة و العقول المهزومة المولعة بتقليد الغالب.

بل و حتى الدول المنكسرة منها من شعوب قوية مثل اليابان و ايطاليا والمانيا و غيرها ، كانت شعوب لها امبراطوريات و حضارات لكن انكسرت فانقادت و لم تقاوم ، مثل ما قال احد جنرالات الانجليزي لما اخضعوا ايطاليا و الفاتيكان معها “انتهينا من بناء ايطاليا وبقي علينا بناء الايطاليين ” اي صناعة الشعب و التاريخ و الهوية المزيفة و رؤيته للكون فيربط وجوده بوجود هذه المنظومة …

اذا فقد احتاجت البنية الفكرية بنية اجرائية ثقيلة جدا لاخضاع تلك الجغرافيا الممتدة و الكتلة الديموغرافية المنتشرة ، احتاج عملها من 300 الى 400 سنة ،200سنة منها في صراع البيني ثم اذا استقرت البنية الفكرية و الاجرائية داخل بلدانهم.
كان قرابة القرنين من الظاهرة الاحتلالية و صولا الى منظومة الاحتلال و الوصاية و الاحتلال بالوكالة …
اي الدولة الوظيفية المستبدة فهي حلقة متصلة في بنية الاحتلال.

اذا استغرقهم ذلك حقبة اربعة قرونا لبناء هذا النظام و البنية الاجرائية القوية مثل النظام الفرنسي و الانجليزي حسب القوة المهيمنة عليك ؛ و قد وصلت الى منظومة التسلح و حتى المنظومة التربوية و حتى في اللغة التعليمية بل و اسوأ من ذلك طريقة التفكير بل حتى في النظام الاقتصادي و المالي مثال الفرنسي في دول الساحل و الامريكي عالميا.

اذا هذه البنية الاجرائية التي عملوا عليها و خلقوا بها نظام تشغيل يشغل نموذجين خطيرين في ادارة الاجهزة و ادارة الهياكل ايضا التي هي نموذج الحكم

و نموذج الادارة و منها خلق مفهوم الدولة العميقة لان ما يراه الناس كواجهة سياسية هي الهياكل لكن النموذج الاداري هو نموذج استعماري و له بنية اجرائية متعلقة بالبنية الفكرية الاستعمارية المتعلقة بمنظومة الهيمنة.

و سوف نرى هنا اننا جربنا المسار السياسي وفق قواعد ديموقراطية في الهياكل و اصطدمنا بسقف البنية الاجرائية و النظام الاداري الاستعماري و حتى لو تجاوزت ذلك السقف ستجد ان هناك سقفا اعلى منه و كذلك ما رأيناه في عدة تجارب سابقة منها تركيا و تونس و مع ذلك لم يستطيعوا الخروج من البنية الاجرائية ،
و حتى في الحركات الجهادية فقد اصطدموا مع الجيش و القضاء لكن لم يتم الامر ، لان الناس لم تعرف معنى البنية الاجرائية وطبيعة النظام التشغيلي الحاكم

الى هنا الموضوع يكاد يكون مفهوم لكن لماذا الناس غافلون عنه ؟؟
لان كل ما ذكرناه في المساحة المظلمة التي تعطي دائما قبلة الحياة للمنظومة للتشكل هذا ما سنتحدث عنه الان …
السؤال هنا من هو الذي يستميت للحفاظ على البنية الاجرائية اي نظام التشغيل للمنظمومة؟!
لما نتكلم عن الاجهزة فهي اجهزة حارسة للسلطة الادارية
و الدولة لها حامية و مستعدة لقتل شعب كامل من اجل بقاء البنية الاجرائية التي ترجع الى البنية الفكرية الراجعة الى منظومة الهيمنة
فتسمع قادات الجيوش العربية انهم مستعدون لقتل ٥ ملايين من الشعب لانقاذ نظام الجمهورية
يقصدون النظام التشغيلي المرتبط بمركز منظومة الاحتلال هذا اصبح واضحا.

لكن من الذي تقوم عليه البنية الاجرائية و تتخذه مدارا و مفعل لها ، و قد قلنا ان هناك نظام تشغيل ، يشغل ماذا ؟ يشغل المنظومة الشعبية المتكونة من الطبقة الوسيطة المرتبطة بنموذج الحكم و الادارة المرتبط اساسا بالبنية الاجرائية
فالطبقة الوسيطة هذا هي النسبة المنتفعة بالمصالح
وهي جزء من المجتمع لكن وجودها مرتبط ببنية النظام ويعتبرون سقوطه خطرا وجوديا ..لذلك يقفون ويستميتون ضد دعوات التغيير الجذري

فهي حتى لو سقطت الهياكل و الاجهزة يبقى مرتبطا بالبنية الاجرائية …لانه يرى ان سقوط النظام يولد فوضى و ان هناك ضياع مصالح ،
فمن ماذا تتكون الطبقة الوسيطة؟ فيها التجار و المعلمون و الاكاديميون و المربون يعني كل الطبقات الثقافية والمالية.. هذا كله مرتبط بهذه الاجراءات …

و لما تقول انني اريد تغيير هذا النظام يقاومون التغيير اكثر من الاجهزة كالجيش والامن لماذا ؟

اولا: لانهم لا يعرفون نظاما غيره
ثانيا : هذا ما يجعلهم يرون انه بغير هذا النظام تنشب الفوضي و النهاية و ضياع مصالحهم ، فيستمتون للحفاظ على النظام
وهذا ما يعطي الوقت والشرعية الزائفة للمستبد لاعادة البناء و اعادة التشغيل و اعادة الرموز ،

لما ينجحون كليا سيعيدون تشغيل النظام مع التقوية و التحديث بدستور جديد و مواد جديدة ،

اذا الذهاب الى المعركة الدستورية ليس اعادة بناء الحكم بل اعادة تقوية البنية الاجرائية المرتبطة بالبنية الفكرية الاستعمارية التي انشأتها منظومة الهيمنة و هذا ما يفسر وجود مواد تثبت الهيمنة اكثر مما كانت و يخلق معاني جديدة من الوظيفية من الاجهزة الى الهياكل الى الفرد ،

لهذا قلنا انه من يحمل النظام بعد الحراك ليس الرئاسة و لا الجيش و لا الامن الذي حمله هم الطبقة الوسيطة التي خافت ان تزول مصالحها
لانهم ارادوا حراكا غير مكلف .

و قوة هذه الطبقة الوسيطة في انها مرتبطة و مندمجة تماما مع النظام و هذه الطبقة هي مصدر رزق الشعب بعد الله تعالى بل و تصنع هالة للنظام ليرجع اليه الشعب لما لا يجد من يتبع فليس عندهم مشكلة و يظنون انه بتغييرهم للافراد فقد قاموا بالتغيير و انهم خرجوا من الهيمنة ..

فحتى لو ارادوا خدمة دين الله والبلد فلا يرى انه سيخدمه الا من خلال البنية الاجرائية التي وضعها المحتل
اذا فالطبقة الوسيطة ربطت الشعب بمخرجات البنية الاجرائية او قل بمخرجات النظام ،فالشعب ليس هذا اصله لكنه الان هو عالق بحبال متقطعة..
فهو بين الانتماء الحضاري ومنظومته القيمية وبين منظومة قيم اجرائية هندسها المحتل و الشعب يجد نفسه يقاتل لتبقى!!
وكان المفروض ان يستعمل قيم الانتماء الحضاري لهندسة نظامه التشغيلي المستقل الذي يدور على مركزه وليس على مركز بنية الاحتلال.

فمنظومة القيم الحضارية لم تخلق افكار تجديدية ولم تخلق له نظاما ، لكن بقي منها اثار متعلقة من انتمائه ، لهذا ترى الهجمة الشرسة على الهوية بالرغم من انها لم تخلق منظومة الاجراءات ولم تخلق النظام ، لكن اين التخوف …
فالنرجع للاعلى لنجد الجواب
، لقد احتاجوا 400 سنة لبناء ما بنوه لماذا ؟
لانهم اولا خرجوا من عصر الظلام
ثانيا لان الحروب بينهم انهكتهم
ثالثا لان الاراضي التي احتلوها ليست لهم
رابعا لانهم ليسوا شعوبهم ايضا
خامسا لان تلك الشعوب تملك مراجع ذاتية
لذلك احتاجوا لصناعة جيوش و هويات و تاريخ زائفين ، اذا لهذا احتاجوا كل ذلك الوقت …

لكن لو نقلب نحن النموذج و نعيد ربط الشعب بانتمائه الحضاري و منظومته القيمية فسنخلق بنية اجرائية منهما قوية ، فتخلق بنيتنا الاجرائية سبلا للقوة عند الطبقة الوسيطة التي سوف تخلق نوعا من الاستقلالية .

اذن فكل ما نملكه حقيقي و كله لنا ،اذ في مدة قصيرة نستطيع فعل ما فعلوه في قرون لاننا في بيتنا .

لهذا ترى الحرب الشرسة على المنظومة القيمية الان ، و هنا نرى ان العمل الاستراتيجي الذي نقوم به في الطريق الصحيح ،اخذنا سنوات و مازلنا نقوي في بنيتنا الفكرية و الان يجب العمل على البنية الاجرائية لان الناس لم تفهم اهمية البنية الاجرائية بعد ، فلو عندك برنامج تفصيلي فهو يحتاج الى بنية اجرائية تفصيلية و تلك البنية الاجرائية التفصيلية تحتاج الى بنية فكرية تفصيلية مرتبطة بالاجرائية وهي مرتبطة بالبنية الفكرية الكلية ، التي سميناها روح المشروع التحرري والحضاري ،
اذا هذا هو معنى النظام …في الواقع نحن الان نخلق النظام المستقل الذي سيدير الوحدة الحضارية المستقلة.

اذا اردت اعتماد البنية الاجرائية التي انشأتها الهيمنة بروح شيطانية لخدمة منظومة ربانية فهذا ليس له معنى ، و سوف تفشل و تجد نفسك في النهاية ان المنظومة الاجرائية قد ابتلعتك لان تيارها اقوى …

و سوف يجد هذا الجيل نفسه يجابه مركز بنية المنظومة الاستعمارية
و امام مراكز المظومة الغربية الامنية و المالية و العسكرية كذلك و المراكز التقنية اي الامم المتحدة واللوبيات باختصار واضح..

خلاصة الورقة : تبين انه كلما تمعنت في الشريحة من اعلاها الى اسفلها
تجد ان الهيمنة خلقت مستويات من الوظيفية على مستوى الفكرة و البنية الاجرائية و الهياكل و الاجهزة و الطبقة الوسيطة المحافظة التي هي ذاتها تحافظ على هذا السيستم وصولا الى الفرد الذي تخلق له معان من الوظيفية في قناعاته و بنيته و نظرته للكون و الواقع و كذا المستقبل و ايضا تنعكس في نظرته لوجوده كانسان بل و في نظرته بينه و بين الله سبحانه و تعالى.

والحل : يكمن في قلب الشريحة فتقوم بقلب النموذج لصالحكم ويتضح لك مسارات بناء نظامك الجديد .
وهذا واجب الوقت لهذا الجيل .

انتهــــــــى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى