آخر الأخبارتحليلات

حمام دم في غزة وحفلة جنون يقيمه نتنياهو وحكومة اليمين المتطرف

إسرائيل تستهدف العزل من المدنيين في غزة بقطع الماء والكهرباء والغذاء والوقود

تقرير بقلم الإعلامى

هشام محمود

عضو مجلس الإدارة بمنظمة “إعلاميون حول العالم”

ليست مجرد حرب وليسوا مجرد مقاومين.. إذ تعيد الأيام سيرتها لسنوات المجد وأفضل فصولها في تاريخ الأمة مستعيدة زمن القائد العظيم خالد بن الوليد، فمنذ فجر السبت أعاد أبطال القسام وإخوانهم من الفصائل الفلسطينية للأذهان البطولات المذهلة لسير أجدادهم في صدر الإسلام.. بأسلحة بدائية ليس من بينها صواريخ الباتريوت ولا سلسلة طائرات أف 16 وشقيقاتها يذهلون العالم ويعيدون الالتفات للسنن الكونية الماضية في خلق الله. أن هناك مخططا واضحا لخدمة أهداف الاحتلال القائمة على تصفية الأراضي الفلسطينية المحتلة من أصحاب الأرض وسكانها، وإجبارهم على تركها ودفعهم للخيار ما بين الموت تحت القصف الإسرائيلي، أو النزوح خارج أراضيهم.

أن صمت المجتمع الدولي عن كل هذه الجرائم التي ترتكب في حق الشعب الفلسطيني، يتنافى تماما مع الشعارات الوهمية التي ترفعها دائما بدفاعها عن قضايا الشعوب، والامتثال للقوانين الدولية والقرارات الشرعية التي أثبتت حق الشعب الفلسطيني والاعتراف بملكيته لأرضه.

أمعنت تل أبيب في التنكيل اليومي بالفلسطينيين، وغضت غالبية دول العالم كما أوضح طلعت إسماعيل في “الشروق”، الطرف عن الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على المسجد الأقصى، والتنكيل اليومي والحصار وجرائم القتل واحتجاز عشرات آلاف الأسرى الفلسطينيين في السجون والمعتقلات، وأطلقت إسرائيل يد المستوطنين ليعيثوا فسادا، تحميهم حكومة يمينية متطرفة تضم وزراء يجاهرون بأن «العربي الصالح» هو العربي الميت، ماذا كان ينتظر الجميع بعد ذلك؟ انشغل العالم بالحرب الروسية الأوكرانية، والصراع الخفي والمكشوف بين الغرب عموما والولايات المتحدة، خصوصا مع الروس، لتستغل إسرائيل المشهد لتدعيم أركان وجودها، وتوسيع دائرة الاعتراف بها عربيا، وممارسة فعل التطبيع جهارا نهارا، لتحقيق حلم القيادة الإسرائيلية للمنطقة، بلا ثمن، فقط الحصول على مكاسب مجانية، بمباركة أوروبية وضغوط ورعاية أمريكية. وضعت غزة تحت حصار مميت، واقتحمت القوات الإسرائيلية جنين ونابلس وبلدات فلسطينية عدة في الضفة الغربية، واعتدى غلاة اليهود المتطرفين على المصلين المسيحيين في كنائس بيت لحم، والعمل على التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى، ومنع المصلين المسلمين من الوصول إليه، وتهجير الفلسطينيين من القدس المحتلة وهدم منازلهم، وكلما اشتكى هؤلاء لا يجدون سوى المزيد من الممارسات القمعية الإسرائيلية، القائمة على القتل والحصار وفرض الأمر الواقع، وتسويق الأوهام للعرب عن سلام زائف.

مدعومة بتواطؤ غربي مُخجل ومشين، وبصمت عربي وإسلامي مهين، أطلقت إسرائيل العنان لحملة مسعورة على غزة، تعيد الى الاذهان حروب الابادة الجماعية التي شنتها عصابات هاجاناه وأراجون وشتيرن ضد الفلسطينيين العزل ابان الانتداب البريطاني.
الحملة، التي تأتي في اعقاب عملية “طوفان الاقصى” التي اثبتت أن الدولة الصهيونية نمر من ورق، وأن كل سرديات “القوة التي لا تقهر” وأجهزة الاستخبارات التي تسمع بدبيب النملة في الصخرة الصماء ليست الا من قبيل الحرب النفسية الطويلة، شملت ضرب حصار مجرم براً وبحراً وجواً على قطاع غزة، بل وقطع الماء والكهرباء والغاز وامدادات الطعام عن سكانه بهدف تجويعهم وقتلهم عطشاً، فيما تواصل مقاتلاتها قصف الاخضر واليابس وكل ما يتحرك على الارض، في مشهد يندى له جبين الانسانية، وسيبقى وصمة عار تلاحق المجتمع الدولي طويلاً.
ففي حين أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الرئيس الأميركي جو بايدن، أمس، أنه مضطر لاجتياح قطاع غزة برياً، وادعى أنه لا ينوي التفاوض مع حركة “حماس” بشأن الرهائن، مشدداً على أن إسرائيل تستعد لحرب طويلة وغير مسبوقة، تحركت حاملة الطائرات “يو إس إس جيرالد آر فورد” نحو شرق البحر المتوسط، باتجاه المنطقة الجنوبية من إسرائيل، في تطور يرى مراقبون ان من شأنه قلب موازين المعركة، وقال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن: إنه أمر بتحريك حاملة الطائرات ومجموعة من القطع البحرية، من بينها مدمرة صواريخ، لتعزيز قوة الردع الإقليمي.
ووفق ما أفاد موقع “واللا” الإسرائيلي، أكد نتانياهو خلال اتصال هاتفي مع بايدن أنه لا يمتلك خيارات سوى الرد بقوة، قائلاً: إن “الشرق الأوسط لا يجب أن يظهر الضعف، ولذلك يجب أن ترد إسرائيل بقوة ضخمة”، بينما لم يحاول الرئيس الأميركي إقناع نتانياهو بالعدول عن خيار العملية البرية، وأكد نتانياهو أن إسرائيل لا تملك خياراً سوى اجتياح غزة، وذلك وفقاً لما أكدته ثلاثة مصادر أميركية مطلعة على محتوى المكالمة.

سمعة إسرائيل فى الطين إذا كان لديها سمعة؟

يوم السبت الماضي، والكلام ما زال لعماد الدين حسين، أصيبت إسرائيل في أعز ما تملك وهو الوهم بأنها قوة غير قابلة للاختراق أمنيا ومعلوماتيا واستخباراتيا. فى المقابل أثبتت المقاومة أن لديها قدرة هائلة على التخطيط والتمويه والتضليل. الخسارة الكبرى أيضا لسمعة السلاح الإسرائيلي الذي يتعامل معه كثيرون في المنطقة وخارجها، على أنه الأفضل والأحسن على كل ما عداه، ويتهافت عليه العديد من الدول التي تخوض معارك أهلية أو ثنائية، وحينما يعجز هذا السلاح عن التصدي لوسائل عسكرية غاية في البدائية، فهي إهانة لا تمحى، وستؤثر كثيرا على سمعته وعلى الإقبال عليه. خسرت إسرائيل معنويا بصورة لا يمكن تخيلها الآن. فحينما يتم اقتحام مواقع عسكرية بمثل هذه السهولة واقتياد الجنود المستوطنين أسرى وهم شبه عرايا، ويتم تجريسهم في مواكب في شوارع غزة فهو أمر يضرب معنويات الإسرائيليين في الصميم، وأظن أن هذه المشاهد المذلة سوف تطاردهم لسنوات طويلة، وربما إلى أن يتم تحرير الأرض الفلسطينية بالكامل. خسرت إسرائيل اقتصاديا بصورة لا يمكن تصورها أيضا، فهي أنفقت أكثر من مليار دولار على بناء السلك والجدار العازل مع غزة، لكن تم اقتحامه في دقائق، وكأنه من ورق. وخسرت اقتصاديا من ضرب بنيتها التحتية، وخسرت بورصتها كثيرا وسوف تخسر أكثر حينما نطالع الكشف النهائي لنتائج المعركة. خسرت إسرائيل بشريا بصورة لم تحدث منذ حرب 1973، فلم يسقط مثل هذا العدد من الخسائر البشرية في صورة قتلى وجرحى منذ 50 عاما، ناهيك عن الأسرى. مهما كان العدوان الإسرائيلي الآن، أو في المستقبل باطشا ومدمرا لغزة والضفة، فإن قدرة العدو على البلطجة ومحاولات تهويد المسجد الأقصى، والتفكير جديا في احتلال الضفة وحصار غزة قد تزعزع بصورة جوهرية..
من حقنا الفرحفي غضون ذلك، قررت إسرائيل فرض حصار كامل على قطاع غزة، يشمل حظر دخول الغذاء والوقود، وفق ما ذكر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، فيما أمر وزير الطاقة إسرائيل كاتس شركة المياه الوطنية بقطع إمدادات المياه عن القطاع فورا.
وأعلن غالانت أنه أمر بفرض حصار مطبق على غزة، قائلا في بيان متلفز: “نفرض حصاراً كاملاً على قطاع غزة، لا كهرباء، لا طعام ولا ماء ولا غاز… كل شيء مغلق”. وتزامن موقف غالانت مع إعلان متحدث جيش الاحتلال تعبئة نحو 300 ألف من جنود الاحتياط، واصفا عملية الاستدعاء بأنها الأكبر في تاريخ إسرائيل خلال فترة زمنية قصيرة.
وفي ظل تواصل الاشتباكات لليوم الثالث، أكدت إسرائيل أن عدد قتلاها “لا يمكن استيعابه وأكبر بكثير مما تم إعلانه”، وأعلنت كتائب القسام استهداف مواقع جيش الاحتلال بقذائف الهاون، كما كشفت للمرة الأولى عن إدخالها للخدمة منظومة دفاع جوي محلية الصنع، قائلة: إنها استخدمت منظومة دفاع جوي محلية الصنع من طراز “متبر1” استخدمتها في التصدي لطائرات إسرائيل، بينما نقلت القناة “12” الإسرائيلية عن مصدر كبير بجيش الاحتلال قوله إن عدد قتلى إسرائيل “لا يمكن استيعابه وأكبر بكثير مما تم إعلانه”، مضيفا: إن السلطات الإسرائيلية تشتبه بوجود نفق تحت الأرض يصل قطاع غزة بإحدى البلدات الجنوبية للبلاد، وأن ذلك ساهم في الهجوم الذي أسفر عن قتلى كثر.
وفيما أكدت الولايات المتحدة مقتل تسعة أميركيين في عملية “طوفان الأقصى”، وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي: “نواصل مراقبة الوضع عن كثب، ونبقى على اتصال مع شركائنا الإسرائيليين، وخاصة السلطات المحلية”، اتجهت حاملة الطائرات “يو إس إس جيرالد آر فورد” نحو شرق البحر المتوسط، باتجاه المنطقة الجنوبية من إسرائيل، وقال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إنه أمر بتحريك حاملة الطائرات ومجموعة من القطع البحرية، من بينها مدمرة صواريخ، لتعزيز قوة الردع الإقليمي.
من جانبها، ذكرت وكالة “أسوشيتد برس” أن فورد أحدث حاملة طائرات تابعة للبحرية الأميركية وأكثرها تقدمًا، وتحمل نحو خمسة آلاف بحّار، بالإضافة إلى طائرات حربية وطرادات ومدمرات، في استعراض ليس له مثيل للقوة، ونظرا لذلك، فإنه من المفترض أن تكون جاهزة “للرد على أي شيء”، بما في ذلك منع وصول أسلحة إضافية إلى “حماس” والمراقبة.
بدورها، اعتبرت مجلة “ناشيونال ريفيو” تحريك حاملة الطائرات تطورا لوجستيا وديبلوماسيا لم يسبق له مثيل، قائلة إنه لا توجد قوة فتاكة في العالم أكثر من “فورد”، نظرا لامتلاكها الأدوات والبحارة والفرصة لإحداث تغيير عظيم في تأمين المنطقة، وتحذير جيران إسرائيل من أي عمل متهور، بحسب المجلة.

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن مقتل إيلي غيسنبرغ أحد كبار الضباط في وحدة “شطيت 13” الإسرائيلية في الاشتباكات بمحيط غزة، بينما قال المتحدث جوناثان كونريكوس إن إسرائيل لا تسيطر بالكامل على أراضيها على طول الحدود مع غزة،
إلى ذلك، ألقت عملية “طوفان الأقصى” بظلالها السلبية على البورصات العالمية وكبدت البورصات الخليجية خسائر بنحو 19.9 مليار دولار خلال جلسة الأمس، حيث جاءت بورصة أبوظبي في المقدمة بخسائر 10.4 مليار دولار، بينما خسر سوق دبي 4.2 مليار دولار، كما خسر سوق الكويت ملياري دولار.
وهبط الشيكل الإسرائيلي إلى أدنى مستوى منذ ثمانية أعوام تقريبا مقابل الدولار الأميركي، وانخفض في أحدث التعاملات الآسيوية نحو 3 في المئة مقابل الدولار إلى 3.9581، وتفاقمت خسائر مؤشرات بورصة تل أبيب إلى نحو ستة في المئة بعد أن فتحت على انخفاض أربعة في المئة، فيما تراجعت أسعار السندات الحكومية بنسبة تصل إلى ثلاثة في المئة.

إسرائيل تستهدف المدنيين العزل في غزة بقطع الماء والكهرباء والغذاء والوقود

غالانت يدعي أن الحرب الإسرائيلية هي “حرب من أجل وجودنا في المنطقة، وإذا لم نجبِ الثمن الكامل، سنفقد الردع وسيشكل أعداؤنا من حولنا خطرا على وجودنا”، وكاتس يقول إن وقف الإمدادات سيستمر حتى انتهاء الحرب

ادعى وزير الأمن الإسرائيلي، يوآف غالانت، خلال مداولات في مقر القيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلي، اليوم الإثنين، أن الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة هي “حرب من أجل وجودنا في المنطقة، وإذا لم نجبِ الثمن الكامل، سنفقد الردع وسيشكل أعداؤنا من حولنا خطرا على وجودنا”.

وقال غالانت إنه “أوعزت بفرض حصار مطلق على قطاع غزة. لن يكون هناك كهرباء ولا غذاء ولا وقود. كل شيء مغلق”، ما يعني أن حرب إسرائيل ستستهدف بالأساس السكان المدنيين في قطاع غزة، وليس حركة حماس أو فصائل أخرى والمقاتلين المسلحين.

وتابع أنه “لن نتمكن من منع جميع الأحداث واستهداف أي مخرب، لكن سنجبي ثمنا لم يتوقعوه ونعيد الردع. ولذلك ستكون هنا خطوات لم نشهد مثيلا لها أبدا. وسوف نجتث هذا التهديد مهما كان الثمن” الذي ستدفعه إسرائيل في إشارة إلى جرائم حرب سترتكبها.

وأضاف غالانت أن الحرب على غزة “ستستمر لأسابيع طويلة، إن لم يكن أكثر من ذلك، لكنها ستنتهي بانتصار دولة إسرائيل”.

كذلك أعلن وزير الطاقة الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أن إسرائيل تسعى من حربها إلى استهداف المدنيين في غزة.

وقال كاتس إنه أوعز لشركة المياه الإسرائيلية “مكوروت” بأن تقطع على الفور تزويد المياه للسلطة الفلسطينية في قطاع غزة.

فداحة الثمن الذى يناسب الجريمة

من المؤكد أن كل شيء سيستمر على هذا النحو إلى الأبد. وأضاف: «لقد نجح عدة مئات من المسلحين الفلسطينيين في اختراق السياج الحدودي، وغزوا إسرائيل بطريقة لم يتخيلها أي إسرائيلي، وأثبتوا أنه من المستحيل سجن مليوني إنسان إلى الأبد، دون دفع ثمن باهظ». والحقيقة أن الحديث الدائر في إسرائيل وفي كثير من الأوساط الأمريكية لا يرى إلا هدم غزة ومحوها من الوجود، ويستخدم لغة انتقامية بدائية، هدفها فقط عقاب أهلها، أو كما قال ليفي إن «إسرائيل تعاقب غزة منذ عام 1948 دون توقف للحظة واحدة. 75 عاما من التنكيل. وإن التهديدات الحالية تثبت أمرا واحدا فقط: أننا لم نتعلم شيئا. أن الغطرسة موجودة لتبقى، حتى بعد أن دفعت إسرائيل ثمنا باهظا». يقينا، معضلة ما يجري في القطاع وفي مجمل الأراضي الفلسطينية المحتلة أن إسرائيل ومعها القوى الكبرى الداعمة لها، لم تتعلم دروس الماضي والحاضر، وأن التفسير الأساسي لفهم هجوم غزة هو سياسات الاحتلال التي انتقلت من سياسة قهر شعب والتنكيل به، إلى شطبه تماما من كل الحسابات وإلغاء وجوده، كما تفعل حكومة نتنياهو المتطرفة. لا يمكن أن تقضي على حل الدولتين ببناء المستوطنات في الضفة الغربية، وبتمزيق أوصالها، وأن تدنس المقدسات الدينية، وأن تقتل الأطفال في جنين، وأن تأسر الآلاف وتنتظر ورودا من الشعب الفلسطيني!

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى