آخر الأخبارتقارير وملفات

الإنسانية الكذبة الكبيرة والديمقراطية ليست أخلاقية بالضرورة: اسألوا أطفال غزة!

تقرير إعداد 

سمير يوسف

رئيس المنظمة

يواصل الغرب دعايته بأنه الراعي الرسمي الأول لحقوق الإنسان في العالم، إلا أن تجارب تلك الدول مع العرب والمسلمين تظل كاشفة عن أنها خدعتهم بهكذا شعارات، وأكدت أن حقوق الإنسان كلمات يتاجر بها الغرب، ولا يطبقها إلا على شعوبه، بحسب مراقبين.
ولا دليل أكبر من حرب الإبادة الدموية التي تشنها الآلة العسكرية الإسرائيلية منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي على قطاع غزة، بسلاح ودعم مادي وسياسي أوروبي وأمريكي، وآخرها السبت، باستخدام واشنطن حق النقض الفيتو لرفض مشروع قرار بمجلس الأمن الدولي لوقف الحرب وفرض الهدنة.
وبدا الانحياز الأوروبي والأمريكي للاحتلال الإسرائيلي لافتا، بزيارة كبار المسؤولين الأوروبيين والأمريكيين لتل أبيب، وبينهم المستشار الألماني أولاف شولتس، والرئيس الأمريكي جو بايدن، ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، وغيرهم، لإعلان دعمهم إسرائيل.
لن نعرف ما هي أبعاد المعاناة، مهما كثّفنا معناها قبل أن نشهد آلام الأطفال في غزة. قبل أن نرى دموعهم ونحيبهم وصراخهم وانهياراتهم وخوفهم وجوعهم وعطشهم وقلقهم من الصواريخ والموت المتلاحق.
قبل أن نشاهد ونسمع عبر شاشات الهواتف والتلفزيون الأصوات المدوية للقصف والانفجارات، وهي تعصف بأرواحهم، تاركة آثارها العميقة على ووجوههم وفي أرواحهم. هم يعيشون حالة الهلع ولا يعرفون إن كانوا سيبقون على قيد الحياة بعد دقيقة واحدة من تلك التي يعيشونها.
إن غزة اليوم لا تشبه غزة، التي عرفناها في الماضي. لقد اختفت معظم معالمها وقتل الآلاف من سكانهم وأغلبهم من الأطفال والنساء. ومن بقي من أطفالها يردد بقناعة واستسلام: نحن هنا لا نكبر نحن نبقى صغاراً.

غزة المحاصرة من إسرائيل ومصر منذ 17 سنة

غزة، هذا القطاع الصغير والمكتظ بالسكان في جنوب فلسطين، شهد أبشع المجازر وأعنفها عبر التاريخ. وكان أطفاله الأبرياء هم ذبائح الصراعات الدموية. هؤلاء الصغار قصفت أرواحهم وعقولهم ومستقبلهم قبل أن يبدأ.
نعم إننا نشهد اليوم إبادة جماعية لسكان غزة على مرأى من عالم وحشي، وظالم وشرس. عالم لا يعرف الرحمة.


أطفال غزة إنهم بشر مثلكم

إن أطفال غزة ليسوا “حيوانات بشرية”، كما وصفهم سليل الاحتلال المتحدث الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي أفخاي أدرعي!

هؤلاء الأطفال هم نور الأرض وملحها وقرابينها وتاريخها

أما الحيوانات البشرية فهم أولئك الذين يقتلون. أولئك الذين تحجرت قلوبهم وماتت ضمائرهم وتنجست أرواحهم. أولئك الذين يمتهنون الذبح وتستهويهم الدماء المتلاشية.
أولئك الذين يدافعون عن القتل ويبررونه ويشرعون القوانين لخدمة أجنداتهم السياسية ويجعلون منها دمى متحركة في أيدي الأقوياء.

المظاهرات ممنوعة على شعوب الدول العربية بأوامر من الملوك والرؤساء

هكذا خرجت مئات المظاهرات في مدن مختلفة حول العالم تطالب بوقف إطلاق النار. لقد تجمعت الحشود لمساندة أطفال غزة، وكانت معظم شعاراتها: لا للقتل.. لا للتعذيب.. لا للتهجير.. لا للدمار. ولكن أغلبها ووجِهَ بالقمع والاعتقالات، خصوصاً في أوروبا “الديمقراطية”!
إن حرية الرأي تلك القيمة التي تغنى بها الغرب وصدرها للشعوب الأخرى ما هي إلا خدعة ماكرة أو كذبة شنيعة أو وهم مر. نعم لقد كذبوا علينا حين علّمونا أن الحرية كامنة في بلاد الآخرين.
أكثر من إثنين مليون فلسطينى من غزة لا يجدون الطعام ولا الماء ولا الدواء ومصر ليس بإمكانها أن تدخل المساعدات لأنها شريكة فى الحصار

أين الجريمة في المطالبة بإيقاف النار ” القتل والقتال”؟

أين الجريمة في مساندة حقوق الأطفال في غزة، كما في أوكرانيا وكل بلدان العالم؟ إن أطفال فلسطين لا يطالبون سوى بأدنى حقوقهم: حقهم في الطعام، والشراب، والنوم، والسلام. حقهم في أن يكبروا في أحضان أهاليهم. لقد يتمتهم الحروب المتتالية، وجاءت الحرب الأخيرة بضربة قاضية. هم اليوم يواجهون نقصًا حادًا في كل الخدمات الأساسية. لم تصلهم معظم المساعدات التي مرت من معبر رفح، ولا أحد يعرف أي “عفريت” سرقها. قد يكون نفس العفريت، الذي سرق الأرض منذ 75 سنة!
ولكني لا أرغب في الكتابة إلا عن الأطفال. ولا أعرف من أين أبدأ فكل قصة أشد إيلاماً من الأخرى.

الحبر والدماء لأطفال غزة

الحبر والدماء“، ليس عنوان فيلم تراجيدي اجتاح مؤخراً صالات السينما ولا مسرحية بائسة ولا رواية بائسة لكاتب سوداويّ نكد. إنه عنوان حرفيّ للحياة التي يعيشها أطفال غزة. لقد قرر أهالي الأطفال، كتابة أسماء صغارهم في أماكن مختلفة على أجسادهم. وذلك كي يتعرفوا عليهم إن ضاعت أشلاؤهم. فهم يرغبون بالتأكد من أن ذلك الطفل هو صاحب هذه الرجل، وتلك الطفلة هي صاحبة هذا الذراع. وبعدها يجمعون الأطراف ويدفنون أشلاء أبنائهم، وهم على يقين من أنهم ليسوا أمام بقايا جثة غريبة.

هل هناك ألم  وحزن أكبر من ذلك الألم  والحزن ؟!

نعم هناك. وذلك في كل مرة يمد الطفل يده وهو يدرك بأن اسمه يكتب حتى لا يضيع من أهله في لحظة الموت. لقد فتحوا أياديهم الصغيرة وهم مبتسمون وكأنهم صادقوا الموت وألفوه.
وكيف لا يألفوه وهم يرونه يرفرف حولهم، بسخرية وشماتة، في كل لحظة ومع كل نفس يأخذوه. يرونه يرتسم على كل وجه وفوق كل بيت، وكنيسة، وجامع، ومستشفى.
لقد انتشر مؤخراً على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو لطفلة صغيرة وهي تصرخ بعد أن تفحصت جثة: إنها أمي أنا أعرفها من شعرها. أمي لماذا ترحلين. أنا لا أعرف كيف أعيش من دونك!
وفيديو طفل صغير لا يزيد عمره عن الثلاث سنوات، هو الناجي الوحيد في عائلته، كان وجهه ملطخاً بالغبار. راح يرتجف من رأسه حتى أخمص قدميه. وعندما حاول الطبيب طمأنته، انفجر بالبكاء. وكأن دموعه شلالات تتدفق بقوة بعد احتباسها لزمن طويل. صورته هزت كل من يحمل في قلبه ولو ذرة واحدة من الإحساس.
إن أصوات الأطفال في غزة هي وحدها قادرة على أن تهزّ الليل، هي وحدها تصدح الآن في الظلام وتحاول أن تتوسد الأمل على الأرض المحروقة. إنها أصوات الصمود والإرادة. فبالرغم من كل الآلام والدموع، إلا أن الأطفال هناك يصرّون على الحياة يضحكون ويلعبون ويرقصون فوق الركام بين صاروخ وآخر.

TOPSHOT – Palestinian children receive food at a UN-run school in Rafah, on the southern Gaza Strip on October 23, 2023 amid ongoing battles between Israel and Hamas militants. (Photo by MOHAMMED ABED / AFP)

فكيف نتجاهل أصواتهم؟

وكيف نمتنع عن مساندتهم، والتحدث باسمهم رغم كل المضايقات؟

إنهم ليسوا مجرد أرقام إحصائية أو أخبار عابرة. إنهم أرواح تنتظر الفرصة للعيش بكرامة وأمان.

لنحمل قلوبنا معهم،

ولنقف جميعًا كشعوب وأفراد مع الأطفال في غزة،

ليس فقط بكلماتنا وصلواتنا وتدويناتنا،

بل بالعمل الفعلي والمساهمة في توفير الدعم والمساعدة التي يحتاجونها.

فلنكن صوت الحق، ولنضىء الأمل في النفق المظلم،

ولنشجع على السلام والتفاهم بدلاً من العنف والصراع.

يمكننا أن نكون جميعنا جزءًا من هذا التغيير،

لأن «الحبر والدماء» يجب أن يتحولا إلى أمل وعمل من أجل السلام وتحقيق العدالة.


“انحياز غربي ضد الفلسطينيين فى غزة”

تعهدت إدارة بايدن بتقديم العتاد والسلاح للاحتلال ، فيما حركت وزارة الدفاع حاملة الطائرات “يو إس إس جيرالد آر فورد”، وطراد صواريخ “تيكوندروغا”، و4 مدمرات صواريخ “آرلي بيرك”، لشواطئ غزة.
وزاد “البنتاغون” أسراب الطائرات المقاتلة من طراز إف-35، وإف-16، وإف-15، وإيه-10، فيما كشفت الخارجية الأمريكية، السبت، عن بيع إسرائيل بشكل طارئ 14 ألف طلقة دبابة ومعدات بـ106.5 ملايين دولار.
وفي 16 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، قال وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان ليكورنو، إن بلاده تقدم دعما استخباراتيا لاحتلال.
وفي 15 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أكدت دول الاتحاد الأوروبي (27 دولة) على “حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها”، فيما أدانت حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، واصفة “طوفان الأقصى” بالهجمات الإرهابية.
وفي 13 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أعلن رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، إرسال سفينتين حربيتين وطائرات هليكوبتر وطائرات مراقبة لتقديم “دعم عملي” لإسرائيل وضمان “الردع”.
وتعهد وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس من تل أبيب بدعم الاحتلال بكل ما يحتاجه، كما وضعت برلين منذ 12 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، طائرتين مسيرتين حربيتين من طراز “هيرون تي بي” تحت تصرف الاحتلال.

‌قال جيسون لي، وهو مدير منظمة “أنقذوا الأطفال” الخيرية في الأراضي الفلسطينية، إن “غزة أصبحت مقبرة للأطفال”، مع مقتل أو إصابة “أكثر من 400 طفل كل يوم”.

“الأرقام مروعة، ولا يزال العديد من الأطفال معرضين لخطر جسيم مع استمرار العنف في غزة”.

وبدم بارد قتل الاحتلال بدعم السلاح الأمريكي والأوروبي أكثر من 20 ألف شهيد، منهم 8 آلاف طفل و6200 امرأة، في حين ارتفع عدد الجرحى إلى 52 ألفا و600 جريح، بجانب تدمير كامل للبنية الأساسية بالقطاع، وهدم آلاف المنازل والمدارس والمشافي.
وهو الوضع الكارثي الذي وصفه المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، بقوله إن “ما يجري في غزة جحيم على الأرض“، منتقدا تسامح المجتمع الدولي مع الهجمات الإسرائيلية على القطاع.
“خذلان الربيع العربي”
كما دعمت دول أوروبا وأمريكا الارتدادات التي حدثت ببلدان الربيع العربي، والانقلاب في مصر على أول تجربة ديمقراطية حقيقة شهدتها البلاد وأول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا الراحل محمد مرسي، بل وتركته والآلاف من أنصاره قيد الاعتقال حتى توفي بمحبسه 17 حزيران/ يونيو 2019، دون تحقيق أو عقاب.
وفي ليبيا، دعم الغرب وأد الثورة الليبية وغض الطرف عن انقلاب اللواء خليفة حفتر على حكومة الوفاق الليبية المعترف بها دوليا في طرابلس عام 2015.
كما مررت تلك الدول انقلابا ناعما في تونس قاده الرئيس قيس سعيد 25 تموز/ يوليو 2021، على البرلمان المنتخب والشرعي بالبلاد وأعاد ثورة الياسمين إلى ما قبل تفجرها عام 2011.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى