كتاب وادباء

صمت القبور………

صمت القبور………

بقلم الكاتب والمحلل السياسى

حاتم غريب

حاتم غريب ————-

ماأصعب على النفس البشرية حين تسلب منها ارادتها وحريتها وتصبح كاألدمى لاروح فيها ولاحياة تلك النفس التى منحها الله حق الاختيار حتى فى عبادته والايمان به وبما انزل من عنده ولم يفرض عليها جبرا ايا من ذلك. لكن يبدو ان الامر يختلف كل الاختلاف فى النظام الحياتى الذى وضعه الكائن البشرى لنفسه فقد وضع نظاما بعيد كل البعد عن الدين والاخلاق ويقسم المجتمعات البشرية الى اسياد وعبيد يمتلك فيه الاسياد كل شىء بما فى ذلك مالايجوز تملكه وهو الانسان الذى يفترض انه ليس ملك نفسه فى الاصل انما ملك من صنعه وخلقه ونفخ فيه من روحه وهو الله عز وجل لكن هكذا يتعامل بنى البشر مع انفسهم يتسلطون على بعضهم البعض فمن يملك المال والقوة والنفوذ فله الحكم والسيطرة حتى لو كان لايملك الدين والاخلاق والضمير والقيم والمبادىء التى فطر عليها الانسان فكل ذلك لايعنى شيئا امام استخدام وسائل الحكم والتحكم التى تجعل منه لدى البعض الها او نبيا او رسولا او صحابيا جليلا كونه يملك فى يده كل مفاتيح القوة التى تتيح له فعل كل شىء رضاءا او جبرا على الضعفاء والمستضعفين فى الارض. فهؤلاء اى الاسياد هم من يسنون الدساتير والقوانين واللوائح لانفسهم قبل بقية الشعب فالشعب وبصفة عامة الوطن بكامله لايعنيهم فى شىء المهم مصلحتهم واجيالهم من بعدهم فالوطن والشعب بالنسبة لهم تركة تورث من جيل الى اخر بما فى ذلك المناصب والثروات فهم حينما يشرعون فى وضع قانون يضعون فى حسبانهم دائما قهر الشعب واذلاله وتقييد حريته وافقاره وليس قانون الخدمة المدنية وقانون الارهاب اللذان صدرا مؤخرا ببعيد عن ذلك لكن اللوم ليس على من قام باصدار هذه القوانين انما اللوم كل اللوم على من رضى بها ورضخ لها رغما عن انها تمسه فى لقمة عيشه وحريته لكن هيهات ان تحدث شعبا سلبت منه ارادته وعقله على مدى زمن طويل عن الحرية ولقمة العيش وهو لايدرى من امور دينه ودنياه شيئا فقد دخل فى غيبوبة لم يستفق منها بعد . لكن الاغرب من كل ذلك ان هؤلاء الصامتون صمت الاموات فى قبورهم كانوا يوما ما يخرجون كلما حرضهم على ذلك الفاسدين والمفسدين دعاة الخراب والدمار على رئيس حاول ان يبذل كل مافى استطاعته ان يجعل منهم احرارا كرماء فى وطن كريم حر لكن هناك من تلاعب بعقولهم ومشاعرهم وحرضهم على الخروج عليه بحجة انه خائن وانه سوف يخرب الوطن فاذا بهم يأتون بعد ذلك بمن يذيقهم الويل والثبور ويذيدهم فقرا على فقرهم وجهلا على جهلهم ومرضا على مرضهم وتخلفا على تخلفهم وهم صامتون اذاء كل مافعله ويفعله بهم وكأن الله قد سلطه عليهم جزاءا على تمردهم وتبطرهم على نعمة كانت بين ايديهم فاضاعوها بجهلهم وغبائهم وضعف ايمانهم….القوانين سيئة السمعة المجحفة تصدر واحدا تلو الاخر وهم لايبدون اعتراضا او تزمرا حتى لو حدث فيكون فى نطاق ضيق ويلومون فى ذلك القانون نفسه وليس الديكتاتور المستبد الذى وضعه فهم يحرصون دائما على عدم جرح مشاعره خوفا ورعبا منه ومن زبانيته . فالى متى هذا الصمت المريب والاستسلام والخنوع لحاكم ظالم مستبد جاهل فاشى ليس فى جعبته سوى القهر والذل والحرمان ولم يكن يوما فى تخطيطه النهوض بالوطن والمواطن بل على العكس تماما فقد اعلن حربا شعواء على الفقراء والبسطاء من افراد الشعب وميز بينهم وبين زبانيته ورجاله من العسكر والشرطة والقضاء الذين منحهم مميزات مادية ومعنوية وحصانة لم يكونوا يحلمون بها يوما ما فى عهود سابقة وفصل بينهم وبين الشعب وجعل منهم اسيادا عليه وهم عبيد يعملون ويكدون ويتعبون ويرهقون انفسهم لاجلهم ولاجل اسعادهم وراحتهم……وهذا كله نتاج الصمت…..صمت القبور.

…./حاتم غريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى