آخر الأخبارالأرشيف

وسط تراجع الحريات بالكويت، “العيب في الذات الأميرية” تهمة قانونية تلاحق الكويتيين

أصدرت محكمة الجنايات الكويتية أمس الثلاثاء حكمًا بالسجن ثلاث سنوات بحق الشيخ عبد الله السالم الصباح لإدانته بتهمة “العيب بالذات الأميرية” وانتقاد أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح، وأفراد آخرين من الأسرة الحاكمة، كما حكمت المحكمة بتغريمه مبلغ مالي يُعادل 16.500 دولار أمريكي كتعويض عن الأضرار التي لحقت بأحد أبناء الأسرة المالكة المشاركين في الحكومة.

حيث يشغل أبناء الأسرة المالكة أغلب المناصب الأساسية في الحكومة الكويتية التي انتقدها الشيخ عبد الله.

العيب في الذات الأميرية” تهمة خاصة بالمحاكم الكويتية، آخرها كانت أول أمس عندما أدانت بها محكمة “التمييز” الكويتية نائبين سابقين معارضين وعضو في مجلس الأمة (البرلمان )، فقضت بحبسهم سنة و8 أشهر في حكم نهائي غير قابل للطعن عليه.

الكويت حبست في الأشهر الأخيرة عددًا من الناشطين السياسيين المعارضين لحكم الأمير بنفس التهمة، حيث تذكر المعارضة الكويتية أن السلطة الكويتية حركت دعاوى ضد 200 ناشط سياسي ومغرد خلال السنتين الماضيتين في قضايا سميت بـ “المساس بالأمير” و “المشاركة في تظاهرات غير مرخصة” و”اقتحام مرافق عامة”، ورغم عدم وجود إحصائية توضح عدد الذين اتهموا بـ “العيب بالذات الأميرية” على وجه التحديد إلا أنه وفق منظمات حقوقية كويتية فقد تم تسجيل 8 حالات لأشخاص أدينوا في قضايا حرية الرأي والتعبير منذ 1962 وحتى 2006، لكن العدد ارتفع بين عامي 2012 و2013 إلى 200 شخص، وإذ أخذ بعين الاعتبار الذين أدينوا بتهمة الإساءة إلى دول أخرى أو إلى المذاهب الدينية أو إلى المسؤولين، فسيصل العدد إلى 250 شخصًا.

فالكويت تلك الدولة التي ليس لديها أحزاب سياسية بالمعنى المتعارف عليه، بدأ فيها الشباب ينتظمون في كتل سياسية رافعين مطالب معيّنة مثل إعادة تحديد دوائر التصويت في 2006، وإبعاد رئيس الحكومة السابق عن السلطة (الذي قدّم استقالته في 2011)، ومع ثورة الربيع العربي قام الشباب الكويتيون خلال عام 2012 بمظاهرات كبرى وطالبوا بمقاطعة الانتخابات البرلمانية، وتبرز من بين شخصيات المعارضة في الكويت أسماء مثل: مسلم البراك، عضو البرلمان سابقـًا، الذي أصبح رمزًا للمعارضة، جمعان الحربش، عضو الإخوان المسلمين وطارق المطيري، رئيس الحركة الديموقراطية المدنية.

اعتداء

قضايا متكررة

لم يكن الحكم الأخير بحبس المعارضين فلاح الصواغ وخالد طاحوس وعضو المجلس المبطل بدر الداهوم بتهمة “العيب بالذات الأميرية والتطاول على مسند الإمارة، وتقليص صلاحيات الأمير”، هو الحكم الأول ولا يتوقع أن يكون الأخير، فقد سبق أن حكمت محاكم كويتية على عدة نشطاء معارضين ونواب سابقين بأحكام متفاوتة، ففي مارس الماضي، وبسبب تغريدات للمغرد حماد العجمي عبر حسابه الشخصي على “تويتر”، قضت محكمة كويتية عليه بالحبس المشدد “عامين “، وغرامة 2000 دينار (7000 دولار) لوقف تنفيذ الحكم، بتهمة التطاول على الذات الأميرية ومسند الإمارة.

كما قضت محكمة الجنايات الكويتية في يناير الماضي بسجن الناشط والمغرد عبد الله فيروز 5 سنوات مع الشغل والنفاذ وإبعاده عن البلاد بعد تنفيذ الحكم، بعد إدانته بذات التهمة، وقضت محكمة كويتية في 3 فبراير/ شباط 2013 بسجن المدون الكويتي علي محمد العجمي، بالسجن خمس سنوات، وهي العقوبة القصوى بتهمة إهانة أمير البلاد عبر ” تويتر”.

سجن نساء

سارة إدريس يسارا

 

لم تخص تهمة “العيب في الذات الأميرية” الرجال فقط بالكويت، فقد صدر حكم قضائي بحبس الناشطة السياسية سارة إدريس لمدة عام و8 أشهر بتهمة “العيب في الذات الأميرية “، وكانت إدريس أول امرأة يصدر بحقها مثل هذا الحكم حيث أيدت محكمة الاستئناف حكم أول درجة بحبس إدريس بسبب تغريدات لها عبر موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”.

كما قضت محكمة كويتية في وقت سابق بتخفيض سجن المغردة هدى العجمي من 11 سنة إلى 5 سنوات مع الشغل والنفاذ، بتهمة العيب في الذات الأميرية، وكانت محكمة الجنايات قضت في 10 يونيو/ حزيران الماضي بسجن المغردة 5 سنوات بتهمة “الطعن في مسند الإمارة”، و5 سنوات أخرى بتهمة “التحريض على قلب نظام الحكم”، وعامًا واحدًا بتهمة “العيب في الذات الأميرية”.

مظاهرة للمعارضة الكويتية – أرشيف

مادة قانونية

تنص المادة 25 في قانون أمن الدولة الكويتي أنه “يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز خمس سنوات كل من طعن علنًا أو في مكان عام، أو في مكان يستطيع فيه سماعه أو رؤيته من كان في مكان عام عن طريق القول أو الصياح أو الكتابة أو الرسوم أو الصور أو أية وسيلة أخرى من وسائل التعبير عن الفكر في حقوق الأمير وسلطته، أو عاب في ذلك الأمير، أو تطاول على مسند الإمارة”، وبذلك تجرم المادة التعدي على سلطات الأمير وحقوقه والتعرض لذاته، أو التطاول على مسند الإمارة.

وطالبت المعارضة الكويتية ومنظمات حقوق الإنسان بإلغاء هذه المادة التي يحاكم بمقتضاها العشرات من المغردين على الإنترنت ونواب المعارضة السابقين إلا أن المحكمة الدستورية في الكويت رفضت في ديسمبر/ كانون الأول الماضي الطعن على المادة 25 من قانون أمن الدولة الكويت. ورأت المحكمة أن اعتبار أن هذه المادة تتناقض مع مبدأ حرية الرأي لا أساس له، وبالتالي أقرت بدستوريتها.
كما اعتبرت المحكمة في منطوق الحكم أنه لا يمكن اعتبار الأمير الذي هو في أعلى منصب في البلاد مثل أي فرد آخر، وأكدت أن الفشل في حماية الأمير يعرض وحدة البلاد واستقرارها للخطر.

الحريات تراجعت

في مقر الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان، حذرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” من تراجع الحريات بالكويت، بسبب ارتفاع أعداد المدانين في قضايا الرأي الذين بلغ عددهم خلال العامين الماضيين 250 شخصًا.

وقال ممثلو المنظمة في المؤتمر الذي عقد بمناسبة إصدار التقرير العالمي 2014، لتقييم ممارسات وأحوال حقوق الإنسان في أكثر من 90 بلدًا أن
الخلافات السياسية بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بالكويت شلت المؤسسات، وجمدت التشريعات الجديدة، وذكر نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في “هيومن رايتس ووتش” نديم حوري، إن السلطات الكويتية انقضت بقوة القانون على حرية الرأي والتعبير خلال العام الماضي، وقال حوري إنه على مدار العام الماضي صعد المسؤولون من ملاحقة الأشخاص الذين ينتقدون الحكومة، حيث حركت الحكومة الكويتية دعاوى ضد ما لا يقل عن 29 شخصًا كانوا قد عبروا عن آرائهم على موقعي التواصل الاجتماعي “فسيبوك” و”تويتر” أو في مدونات، أو في التظاهرات.

وتؤكد باحثة الكويت في “هيومن رايتس ووتش” بلقيس والاي أن الحكومة الكويتية لم تغير سياستها تجاه المدونين رغم العفو الأميري بحق البعض منهم، وقالت واللي أن تقرير المنظمة الخاص بالكويت أظهر أن الخلافات السياسية المتكررة بين الحكومة والبرلمان أدت إلى شلّ المؤسسات السياسية وتجميد تمرير أغلب التشريعات الجديدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى